الاثنين، 27 نوفمبر 2023

الرقابة الإدارية على تنفيذ قانون المالية

 

الرقابة الإدارية على تنفيذ قانون المالية
غير محين

من إعداد الطلبة:

 👈 فاطمة أدوار      

👈  وفاء مقبول     

👈  عزيز حسني   

👈  أحمد بلخدوش 

👈  حفيظ مينو     







مـقـدمــــــــــــــة

نظرا لأهمية المال العام وتأثيره القوي على مستوى الدولة بمجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونظرا لما تحتله الوظيفة الرقابية على تنفيذ قانون المالية مكانة استراتيجية في مجال تدبير الشأن العام المحلي وحمايته، ارتأى المشرع المغربي احاطته (المال العام) بنوع من الحماية، تحسبا لما قد يتعرض له من تبذير أو اختلاس أو سوء تدبير، لأن ظاهرة الفساد المالي لطالما كانت ملازمة للتصرف المالي على مر التاريخ، فإنها تطورت مع التطور العلمي والتقني لأساليب التدبير الاداري والمالي، لذا كان لزاما من الرقابة للتأكد من أن تنفيذ الميزانية قد تم على أكمل وجه.

يتميز الوضع الرقابي بالمغرب بالتعدد والتنوع، ويستمد هذا الوضع أسسه من عهد الحماية التي بادرت آنذاك إلى القيام بمجموعة من العمليات لتحديث النظام المالي، خاصة من خلال تبني الميزانية العامة، وإحداث خزينة عامة واحدة وإدخال آليات رقابية عصرية، ومن الاستقلال إلى اليوم تعددت وتنوعت أدوات التدخل الرقابية للدولة لتتفاعل مع العمل الاداري في كل حلقات مسلسل العملية الادارية، بحيث لم تعد من مساحة إدارية إلا وتخضع لنوع أو انواع من المراقبة.

لقد عرفت المراقبة الإدارية على تنفيذ الميزانية العامة بالمغرب في السنوات الأخيرة عدة إصلاحات تندرج في إطار نهج استراتيجية ناجعة لبناء ثقافة محاسباتية فعالة ومستمرة، تنبني بالأساس على تحديد الأهداف، وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الشفافية، الدمج، والقيادة.

و إذا كان تصنيف أشكال الرقابة العليا على الأموال العمومية، بالاعتماد على مبدأ فصل السلط، يقوم عادة على التمييز بين ثلاثة أصناف من الرقابة: الرقابة الادارية و الرقابة السياسية و الرقابة القضائية، فإننا سوف نتوقف بالدراسة و التفصيل عند الصنف الأول و هو الرقابة الإدارية باعتبارها رقابة داخلية تمارسها الجهة التنفيذية بنفسها من خلال مراقبتها الماليين الذي يخضعون لها في التبعية الادارية، والهدف من الرقابة المالية الداخلية هو التأكيد من مطابقة تحصيل الايرادات وصرف النفقات للأهداف المقررة مسبقا، و محاولة الكشف عن الانحرافات و الأخطاء والتحري لمعرفة أسبابها و اتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة  تصحيحها.

فالرقابة الإدارية للجهاز التنفيذي تغطي في آن واحد أنشطة الدولة، وتعتمد في ذلك على آليات للضبط والمراجعة، منها ما هو سابق على تنفيذ العمليات المالية المدرجة في الميزانية ومنها ما هو لاحق على التنفيذ كلها أساليب أوجدها المشرع للمحافظة على المال العام. 

من هنا سنحاول من خلال عرضنا استكشاف إلى أي حد تمكنت الترسانة التشريعية الموضوعة رهن إشارة المسؤولين عن مختلف مراحل تنفيذ الأموال العمومية في تحقيق النجاعة والفعالية المرجوين في مثل هكذا عمليات التي تؤطر عمل المتدخلين في عمليات تنفيذ قوانين المالية من تحقيق هدف الفعالية والنجاعة، وهل تمكن من تجاوز الإكراهات التي تعرفها عملية تدبير المالية العمومية وما النقائص الملحوظة في ذلك؟ وإلى أي حد ساهمت الرقابة الادارية على المال العام في تكريس متطلبات التدبير المالي العمومي الناجع؟






بحث حول: الرقابة الإدارية على تنفيذ قانون المالية


من اعداد الطالبتين فاطمة أدوار و وفاء مقبول، والطلبة عزيز حسنى ، أحمد بلخدوش، وحفيظ مينو



المبحث الأول: أجهزة ومساطر تنفيذ قانون المالية

المطلب الأول: الأجهزة المكلفة بتنفيذ قانون المالية.

الفرع الأول: توزيع مهام التنفيذ بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين

الفقرة الأولى: الآمرون بالصرف:

أولا: التعريف:

ثانيا: الاختصاص:

ثالثا: المسؤولية:

الفقرة الثانية: المحاسبون العموميون:

أولا: التعريف:

ثانيا: الاختصاص:

ثالثا: المسؤولية:

الفرع الثاني : الفصل بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين

الفقرة الأولى: القاعدة العامة:

أولا: تقسيم المهام :

ثانيا: وحدة الصندوق :

ثالثا: سهولة المراقبة :

رابعا: محاربة كل انواع الغش:

الفقرة الثانية: الاستثناءات الواردة على القاعدة

أولا: ممارسة المحاسب العمومي لبعض المهام المنوطة بالآمر بالصرف:

ثانيا: ممارسة الآمر بالصرف لبعض المهام الموكولة للمحاسب العمومي:

ثالثا: المحاسب بحكم الواقع:

الفقرة الثالثة: الانتقادات الموجهة للقاعدة:

المطلب الثاني : مسطرة صرف النفقات وتحصيل الديون.

الفرع الأول: مسطرة صرف النفقات

الفقرة الأولى: الالتزام بالنفقة:

الفقرة الثانية: تصفية النفقة:

الفقرة الثالثة: الأمر بدفع النفقة:

أولا: شكل الأوامر بالصرف:

ثانيا: آجال الأمر بدفع النفقات:

ثالثا: تأشيرة المحاسب على الأوامر بالصرف

الفقرة الرابعة: أداء النفقة:

الفقرة الخامسة: النفقات الممكن أداؤها دونما أمر سابق بصرفها:

الفرع الثاني: مسطرة تحصيل الديون

الفقرة الأولى: التصفية:

الفقرة الثانية: الأمر بإصدار المداخيل:

أولا: أوامر مداخيل جماعية تتخذ شكل:

ثانيا: أوامر المداخيل الفردية تتخذ شكل

الفقرة الثالثة: التحصيل:

أولا: إجراءات التحصيل الرضائي

ثانيا: إجراءات التحصيل الجبري

v   الإنذار

v   الحجز

v   البيع

v   الإكراه البدني

 


المبحث الثاني: أجهزة للرقابة الإدارية

المطلب الأولالمراقبة التراتبية على نفقات الدولة

الفرع الأول : شروط وكيفيات ممارسة المراقبة التراتبية

الفقرة الأولى: الشروط والاجراءات:

الفقرة الثانية: صلاحيات الامر بالصرف لممارسة المراقبة التراتبية

الفرع الثاني: تجليات التخفيف في مسطرة المراقبة التراتبية

المطلب الثاني: إجراءات رقابة المحاسب العمومي.

الفرع الأول: المراقبة على مستوى مرحلة الالتزام بالنفقات:

الفرع الثاني: المراقبة على مستوى مرحلة الأداء.

الفرع الثالث: الاستثناءات الواردة على مرحلة الالتزام ومرحلة الأداء.

الفرع الرابع: تقييم رقابة المحاسب العمومي.

المطلب الثالث  المفتشية العامة للمالية وهيئتها

الفرع الأول: اختصاصات وتقنيات المفتشية العامة للمالية وهيئتها

الفقرة الأولى: اختصاصات وتقنيات المفتشية العام للمالية

الفقرة الثانية: هيئة التفتيش العام للمالية

أولا: المفتش العام للمالية:

ثانيا: مفتش المالية من الدرجة الممتازة:

ثالثا: مفتش المالية رئيس البعثة:

رابعا: مفتش المالية:

الفرع الثاني: مسطرة التفتيش العام للمالية.

الفقرة الأولى: غياب الاستقلالية

الفقرة الثانية: المساس بقاعدة السرية

الفقرة الثالثة: غياب سلطة الزجر

الفرع الثالث: حدود عمل المفتشية العامة للمالية

خاتمــــة

 









المبحث الأول: أجهزة ومساطر تنفيذ قانون المالية

المطلب الأول: الأجهزة المكلفة بتنفيذ قانون المالية.


تدخل الميزانية بعد اعتمادها من طرف البرلمان وإصدار الملك الأمر بتنفيذها من خلال ظهير يتم نشره بالجريدة الرسمية مرحلة التنفيذ ، فتقوم الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية بتحصيل الإيرادات ودفع النفقات المدرجة فيها ، وفق إذن السلطة التشريعية لها بالإنفاق ضمن الحدود الإنفاقية المقدرة، وبجباية الضرائب وفقا للقوانين، حيث ينتهي هذا الإذن بانتهاء السنة المالية أو الدورة المالية .
ولا تثير عمليات التنفيذ مشاكل معينة طالما كانت النفقات والإيرادات المقدرة دقيقة ومطابقة للواقع ، إذ تتسم العمليات المالية الحكومية حينئذ بالمرونة والانتظام ، اما إذا تبين خلال التنفيذ أن تقديرات معدي الميزانية للنفقات والإيرادات يشوبها الخطأ فإنه يتعين في هذه الحالة مواجهة المشاكل الناجمة عن سوء التقدير. 

الفرع الأول: توزيع مهام التنفيذ بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين

هي مهام يتقاسمها، كل في المجال الذي يخوله له القانون، الآمرون بالصرف والمحاسبون العموميون، حيث يقومون بالعمليات الإدارية والمحاسبية التي يتطلبها استخلاص الموارد المستحقة لفائدة خزينة الدولة وأداء الديون المترتبة على ذمتها وفق ما أشار إليه الفصل الثالث من المرسوم الملكي المتعلق بسن المحاسبة العمومية من خلال تأكيده :
" تناط العمليات المالية العمومية بالآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين."

الفقرة الأولى: الآمرون بالصرف:

أولا: التعريف:

من هو الآمر بالصرف؟ يعرف المرسوم الملكي رقم 66-330 المتعلق بسن المحاسبة العمومية الآمر بالصرف فيقول: «يعتبر آمرا عموميا بالصرف للمداخيل والنفقات كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية لرصد، أو إثبات، أو تصفية، أو أمر باستخلاص دين ،أو أدائه .
فالآمر بالصرف إذن هو شخص معين أو منتخب يمارس إلى جانب مهامه الأساسية مهام تتعلق يتعلق بتدبير الموارد والنفقات التي تتصرف فيها الهيئة التي يرأسها. 

والآمرون بالصرف المؤهلون لإنجاز عمليات تتعلق بتنفيذ مالية الدولة هم:

- الوزراء وهم آمرون بالصرف رئيسيون (بحكم القانون) 
- الآمر بالصرف المعين(رؤساء بعض مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، بعض المدراء العامون.

يخول القانون للآمرين بالصرف في إطار سياسية عدم التركيز الإداري امكانية تفويض في إمضائهم (دون تفويض الاختصاص أو  السلط) أو يعينون تحت مسؤوليتهم آمرين بالصرف ثانويين حيث يعتبر العمال ورؤساء المصالح الخارجية بخصوص الاعتمادات المفوضة إليهم من طرف الوزارات المعنية، كما أوجب القانون تعيين آمرين بالصرف ثانويين بالنسبة لكل مصلحة تسيرها الدولة بصفة مستقلة.

ويجيز القانون إمكانية تعيين آمرين بالصرف مساعدين من اجل الحلول محا الآمرين بالصرف المفوضين او الثانويين.

يعتمد الآمرون بالصرف ومساعدوهم لدى المحاسبين المكلفين بالمداخيل والنفقات التي يكلفون بإنجازها. 


ثانيا: الاختصاص:

يتولى الآمر بالصرف إنجاز العمليات ذات الطابع الإداري اللازمة لاستخلاص المداخيل عبر تصفية الموارد المالية التي نشأ للدولة الحق في استخلاصها واستصدار الأمر بالمداخيل المترتبة عنها. وصرف الاعتمادات من خلال قرار خلق النفقة والالتزام بها وتصفيتها ثم إصدار الأمر بتصفيتها وأدائها.
يعتبر الآمر بالصرف بمثابة الشخص المؤهل قانونيا للإنفاق العام فلا يمكن صرف أي مبلغ مالي من ميزانية الدولة دون تدخله..

ثالثا: المسؤولية: 

يعد الآمر بالصرف مسؤولا عن القرارات التي أشر عليها أو اتخذها أو نفذها منذ تاريخ تسلمه لمهامه إلى غاية انقطاعه عنها، حيث يكون مسؤولا بصفة شخصية عن :

 احترام قواعد الالتزام بالنفقات وتصفيتها والأمر بصرفها.
 احترام النصوص التنظيمية الخاصة بالنفقات العمومية.
 احترام النصوص المتعلقة بتدبير شؤون الموظفين والأعوان.
 أوامر التسخير التي استعملوها فيما يخص أداء النفقات العمومية .
 احترام القواعد المتعلقة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها.
 تحصيل الديون العمومية الذي قد يعهد إليهم عملا بالنصوص التشريعية الجاري بها العمل.
 التقيد بقواعد تدبير شؤون ممتلكات الهيئة العمومية بصفتهم آمرين بقبض مواردها وصرف نفقاتها.

يتعرض الآمر بالصرف في حالة عدم الالتزام بهذه القواعد للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية إضافة للعقوبات التي من الممكن أن يقرها المجلس الأعلى أو الجهوي للحسابات في حقه.
يمكن للآمر بالصرف أن يطلب من رئيس الحكومة إعفاءه من هذه المسؤولية شريطة وجود ظروف قاهرة من جهة وعدم وجود منفعة شخصية ناتجة عن هذه الأفعال من جهة أخرى.


الفقرة الثانية: المحاسبون العموميون:

أولا: التعريف:

يعتبر محاسبا عموميا كل موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات المداخيل أو النفقات أو تناول السندات إما بواسطة أموال وقيم معهود إليه بها وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها أو مراقبتها. 
ينقسم المحاسبون لفئتين:

 الفئة الأولى : 
تتضمن محاسبي الخزينة العامة يتوزعون حسب التسلسل الاداري:
الخزان العام للمملكة، الخازن الجهوي، الإقليمي أو خازن العمالة، محصل الجهة، القباض، القباض الجماعيون، الوكالات المحاسبية للسفارات والقنصليات.
 الفئة الثانية:
تشمل المحاسبون الخصوصيون كمحاسبي الجمارك، محاسبي التسجيل والتنبر، محاسبي المحافظة العقارية وكتاب الضبط بالمحاكم ومحاسبي البريد.
الى جانب هذين الفئتين يوجد محاسبون عموميون بحكم الواقع (يقومون بدون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات)


ثانيا: الاختصاص:

تتحدد اختصاصات المحاسب العمومي في: 

 التكفل بأوامر المداخيل التي يسلمها الآمرون بالصرف والديون المثبتة بعقدة أو رسم ملكية أو سند آخر يكون محفوظا لديهم والقيام باستيفائها وكذا استخلاص الحقوق نقدا .
 أداء النفقات إما بأمر صادر من الآمرين بالصرف المعتمدين وأما بعد الاطلاع على السندات التي يقدمها الدائنون وأما من تلقاء أنفسهم وكذا الإجابة على التعرضات والتبليغات الأخرى.

إلى جانب ذلك فإن المحاسب العمومي يمارس نوعا من المراقبة القبلية على العمليات الإدارية التي ينجزها الآمر بالصرف وذلك من خلال التأكد من التطبيق السليم للمساطر الواجب اتباعها قبل القيام بعملية الأداء كما يقوم بمسك محاسبة المنظمة العمومية المعتمدة لديه.


ثالثا: المسؤولية: 

يعتبر المحاسبون العموميون للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها، ماعدا في حالة إصدار أمر بالتسخير بكيفية مشروعة عن الآمر بالصرف، مسؤولين شخصيا وماليا في حدود الاختصاصات المسندة إليهم بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل عما يلي :
المحافظة على الأموال والقيم المعهود إليهم بحراستها .
وضعية الحسابات الخارجية للأموال المتوفرة التي يراقبونها أو يأمرون بحركاتها .
القبض القانوني للمداخيل المعهود إليهم بتحصيلها .
مراقبة صحة النفقة فيما يتعلق بإثبات العمل المنجز وصحة حسابات التصفية ووجود التأشيرة المسبقة للالتزام والتقيد بقواعد التقادم وسقوط الحق والطابع الإبرائي للتسديد .
الأداءات التي يقومون بها.

ويعتبرون فضلا عن ذلك، مسؤولين عن التحقق مما يلي :
صفة الآمر بالصرف. 
توفر الاعتمادات .
صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها.
تقديم الوثائق المثبتة التي يتعين عليهم طلبها قبل أداء النفقات، تطبيقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

 
ثالثا: المسؤولية: 

يعتبر الأعوان المحاسبون للمؤسسات والمقاولات العمومية الخاضعة للمراقبة المالية للدولة مسؤولين شخصيا وماليا عن أعمال المراقبة المقررة صراحة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل أو في التعليمات الخاصة الصادرة عن وزير المالية والتي يمارسونها على القرارات التي أشروا عليها، وذلك قصد التأكد مما يلي :
 تقديم المستندات القانونية التي تثبت حقوق الدائن والعمل المنجز .
 تسديد النفقة إلى الدائن الحقيقي .
 التأشيرة المسبقة للمراقب المالي إذا كانت ضرورية .
 تحصيل المداخيل المعهود إليهم به بمقتضى النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
ويتعين عليهم فضلا عن ذلك وعند الاقتضاء التأكد من الإدلاء بأمر تسخير صادر بكيفية مشروعة عن إدارة الهيئة المعنية.
يتعرض المحاسب في حالة عدم الالتزام بهذه القواعد والضوابط للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية، فهو مسؤول عن تعويض الأموال والقيم الضائعة أو الناقصة وتغطية العجز الذي سببه إضافة للعقوبات التي من الممكن أن يقرها المجلس الأعلى أو الجهوي للحسابات في حقه في ميدان التحقق من الحسابات المقدمة من طرفه.
يمكن كذلك للمحاسب العمومي أن يطلب من وزير المالية إعفاءه من المسؤولية على سبيل الإحسان شريطة وجود ظروف قاهرة من جهة وعدم وجود منفعة شخصية ناتجة عن هذه الأفعال من جهة أخرى.

 
ثالثا: المسؤولية: 

أنواع مسؤوليات المحاسب العمومي .
تتعدد أنواع المسؤوليات التي تقع على عاتق المحاسب العمومي فمنها ما هو مدني وجنائي وأيضا ما هو إداري وشخصي.
المسؤولية المدنية : 
يعتبر المحاسب العمومي مسؤولا مسؤولية مدنية نتيجة إخلاله بالتزامه الذي أدى إلى إلحاق الضرر بشخص آخر وإفقار ذمته ، والمسؤولية التي تقع على المحاسب العمومي في هذا الشق هي مسؤولية تقصيرية وليست عقدية لكونه أخل بإلتزام قانوني.
المسؤولية الجنائية : 
يعتبر المحاسب العمومي مسؤولا جنائيا عندما يحدث ضررا يصيب المجتمع لارتكابه عمل تحرمه النصوص القانونية الجنائية المنصوص عليها بالقانون الجنائي وخاصة قسم الاموال.
المسؤولية الادارية : 
ويكون المحاسب متابعا إداريا لكونه ارتكب هفوة تستوجب تأديبه داخل اطار العقوبات التأديبية المنصوص عليها بقانون الوظيفة العمومية.
المسؤولية الشخصية : 
تعتبر المسؤولية الملقاة على عاتق المحاسب العمومي مسؤولية شخصية يتحملها المحاسب وحده دون ان يتضامن معه شخص آخر ، أنه لا يمكن تشطير المسؤولية.


الفرع الثاني : الفصل بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين

تخضع مسطرة تنفيذ استخلاص الموارد المستحقة لفائدة خزينة الدولة وأداء النفقات المترتبة على ذمتها إلى قاعدة جوهرية يكرسها قانون المحاسبة العمومية ألا وهي مبدأ الفصل بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي غير أن هذه القاعدة ليست عامة، بل ترد عليها بعض الاستثناءات.
ويمكن التمييز بين الأشخاص الذين ينفذون العمليات المالية العمومية إلى إداريين ومحاسبين، فالفئة الأولى التي تسمى بالإداريين أو الآمرين بالصرف تقوم بالتنفيذ الإداري، أي أنهم يتدخلون على مستوى التنفيذ الإداري، والفئة الثانية تسمى بالمحاسبين، وهم الذين توكل لهم عملية إنجاز التنفيذ الحسابي للمال العمومي، وعلاقة المحاسب بالآمر ليست علاقة تسلسلية أو رئاسية بل رقابية.
الفقرة الأولى: القاعدة العامة:
يكرس المرسوم الملكي رقم 330.66  بتاريخ 13 محرم 1387 الموافق 21 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية في فصله الرابع هذه القاعدة إذ ينص على أنه ": لا يجمع بين مهام آمر بالصرف ومهام محاسب ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات مخالفة لذلك." فبذلك لا يمكن لأي طرف أن يمارس مهام الآخر.


الفقرة الأولى: القاعدة العامة:

أولا: تقسيم المهام :

قانون المحا سبة العمومي ي فرق بوضوح ما بين تسيير الميزانية وتسيير الأموال فتسيير اعتمادات الميزانية من مهام الامرين بالصرف في حين ان تسيير الأموال مهمة المحاسبين العموميين بممارسة سلطة الصندوق واعتبارا من هذا الفصل في المهام فإن كل العمليات المالية العمومية من ايرادات ونفقات عمومية تتضمن مجموعتين من الاعمال , الاولى اعمال ادارية وقانونية وتقنية تدخل ضمن اختصاص ومهام الامر بالصرف. أما أعمال تسخير الاموال العمومية فهي اعمال محاسبية من اختصاص المحاسب العمومي.
ومن هذه التقسيمات تضمن اساسا كون الذي يعطي الامر ليس هو نفسه الشخص الذي ينفذه اذ من الممكن ان المحاسب يرفض في بعض الحالات تسديد نفقة معينة
 ثانيا: وحدة الصندوق :
 كل الاموال العمومية توضع في الصندوق واحد تحت مراقبة وزارة المالية، وعلى هذا الاساس نجد ان كل المحاسبين العموميين هم تحت وصاية ومراقبة ومتابعة واحد ألا وهي وزارة المالية ويعود لها الامر في قبول اعتماد المحاسبين العموميين وترقيتهم وكل ما يتعلق بمسارهم الوظيفي وذلك استنادا للمادة 34 من القانون 90-21 في حين نجد الامرين بالصرف يخضعون لقوانين اساسية مختلفة كما نجدهم اما يعينون او ينتخبون كما ان هم يخضعون لسلطات مختلفة ومتعددة. وحدة الصندوق تسمح بالخصوص لوزارة المالية بالرقابة الدائمة على تنفيذ العمليات المالية العمومية، كما يسهل عليها جمع المعلومات المالية عن طريق مركزية العمليات فهي مكلفة في نفس الوقت بعمليات التحصيل والدفع وكذلك حفظ الاموال العمومية. فقدان الثقة بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي يؤدي لتقوية الرقابة القبلية على عمل الآمر بالصرف.


ثالثا: سهولة المراقبة :

 كل امر بالصرف نجده مرافق بمحاسب عمومي محدد الذي يتولى مراقبة اعمال الامر بالصرف لأنه يتوفر على كل المعلومات المتعلقة بالميزانية المخصصة للهيئة المعنية , وفي الواقع الرقابة متبادلة بين الامر بالصرف والمحاسب العمومي لذا تسهل مراقبة الهيئات الخارجية بمجرد المقارنة بين الحساب الإداري للأمر بصرف والمحاسبة المالية للمحاسب العمومي.

رابعا: محاربة كل انواع الغش:

  بعد إ قرار ان الشخص الذي يلتزم بالنفقة ليس هو الشخص المكلف بدفعها او الذي يقرر الايراد العمومي ليس هو الشخص المكلف بتحصيل لذلك فإن مبدأ الفصل جعل من الصعب تحويل الاموال عن غير الوجهة المخصصة لها او سرقتها او استعمالها في غير محلها.

الفقرة الثانية: الاستثناءات الواردة على القاعدة

إن تطبيق مبدأ الفصل حرفيا على أرض الواقع يتسبب في العديد من الصعوبات ويضع العراقيل التي غالبا ما تحول والسير العادي للمرفق او الهيئة العمومية، بالخصوص ما تعلق الأمر بآجال الدفع التي تطول في غالب الاحيان بسبب الاجراءات التي يمليها تطبيق هذا المبدأ مما دفع المشرع الى قبول بعض استثناءات الواردة على هذا المبدأ اذ نميز نوعين من الاستثناءات.

 النوع الأول: يتعلق بممارسة المحاسب العمومي لبعض المهام المنوطة بالآمر بالصرف.
النوع الثاني: يتعلق بممارسة الآمر بالصرف لبعض المهام الموكولة للمحاسب العمومي كما تم الإقرار باستثناء ثالت يتجلى في المحاسب بحكم الواقع.

أولا: ممارسة المحاسب العمومي لبعض المهام المنوطة بالآمر بالصرف:

ويتعلق الأمر بمجموعة من المداخيل والنفقات التي تكون لها طابع استعجالي أو ذات مبالغ متواضعة، حيث تسند الى القباض والمكلفين بالأداء للقيام بها لحساب المحاسبين العموميين طبقا لشروط ،ويقتصر دور القباض والمكلفين بالأداء المفوضين على عمليات الصندوق، أي يحددها وزير المالية تسلم الأموال وأدائها تحت الإشراف المباشر للمحاسبين المعتمدين وتندرج ضمن نفس السياق مهمة المؤيدين المفوضين الذين تنحصر مهامهم في تسلم التسبيقات التي يمنحها إياهم المحاسبون العموميون قصد أداء أجور بعض الأعوان التابعين لنفس المصلحة. 

ثانيا: ممارسة الآمر بالصرف لبعض المهام الموكولة للمحاسب العمومي:

ويتعلق الأمر أساسا بمجموعة من الموارد الضريبية، حيث يقدم الملزمون بها التصريح ودفعها الى المحاسب العمومي دون تدخل من الآمر بالصرف، ويدخل ضمن هذا الصنف الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة. أما في مجال التحملات فيتعلق الأمر بمجموعة من النفقات التي يتم تأديتها من طرف المحاسبين العموميين دون إصدار أمر بأدائها من طرف الآمر بالصرف ، وتحدد لائحة هذه النفقات من طرف وزير المالية ويمكن أن تتغير حسب الحالات والظروف، ومن بين هذه النفقات تلك التي لها طابع متكرر كالمعاشات المدنية والعسكرية وأجور ورواتب الموظفين العموميين ومنح الطلبة ونفقات الدين العمومي.. إذ يقوم المحاسبون بتأديتها بموجب شهادة الأداء المدعمة بالأوراق اللازمة والمثبتة للمستفيد ودون أوامر الأداء من الآمرين بالصرف.

ثالثا: المحاسب بحكم الواقع:

ممارسة مهمة المحاسب بحكم الواقع استثناء يرد على مبدأ الفصل بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين بحكم الواقع وليس بحكم القانون فالمحاسب بحكم الواقع هو كل شخص يقوم دون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات أو يتناول قيما تهم منظمة عمومية بصرف النظر عن المقتضيات الجنائية المعمول بها. 
قد ينتج هذا الوضع عن سوء نية كما قد ينتج عن جهل بالنصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.

الفقرة الثالثة: الانتقادات الموجهة للقاعدة:

رغم الأهمية التي يكتسيها مبدأ الفصل بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين في إطار الأنظمة المحاسباتية المعاصرة فإنه لم يسلك من انتقادات الفقه المالي خاصة في النقاط التالية:

عدم ضمانه فعليا لرقابة فعالة على تدبير المال العام.
البطء والتأخر في الانجاز وتأخر إجراءات التنفيذ.
فقدان الثقة بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي يؤدي لتقوية الرقابة القبلية على عمل الآمر بالصرف.
المطلب الثاني : مسطرة صرف النفقات و تحصيل الديون.
يقتضي تنفيذ الميزانية العامة اتباع إجراءات مسطريه تضمنها المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية وأطرها المشرع بكافة الضمانات التي تضمن الحفاظ على المال العام

الفرع الأول: مسطرة صرف النفقات

يتطلب صرف النفقات العامة اجراء أربع أنواع من العمليات هي: 
الالتزام بالنفقة، 
تصفية النفقة 
الامر بدفع النفقة، 
أداء النفقة 
العمليات الثلاث الأولى ترتدي طابع إداريا ويتولاها الامر بالصرف، بينما العملية الأخيرة هي عملية حسابية ويقوم بها المحاسب العمومي. وتتميز مساطر تنفيذ النفقة بكونها شديدة التعقيد وجامدة.


الفقرة الأولى: الالتزام بالنفقة:

الالتزام بالنفقة بحسب الفصل 33 من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية هو العمل الذي تحدث او تثبت بموجبه المنظمة العمومية بينما يترتب عنه انه الواقعة التي تنشئ تحملا في ذمة الدولة، ومثال لذلك القرار القاضي بتعيين موظف التعاقد بشأن استئجار عقار مناقصة على المتعهد.. 
هذا الإجراء يجعل الدولة مدينة للموظف بدفع الراتب وللمالك بدفع قيمة الايجار وللمتعهد بسداد قيمة الصفقة او المناقصة.
والالتزام بالنفقة قرار اداري يتولاه الامر بالصرف في حدود الترخيصات الواردة في القانون المالي ووفقا للمقررات والإعلانات او التأشيرات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة.

الفقرة الثانية: تصفية النفقة:

يقصد بتصفية النفقة تدقيق النفقة، أي التأكد من حقيقة الدين وحلول موعد استحقاقه وحصر المبلغ الواجب اداءه. وتجري عملية التصفية بعد الاطلاع على السندات التي تثبت الحقوق المكتسبة للدائنين ورتب الدين في ذمة الدولة وتختلف الأوراق والوثائق المثبتة للنفقة باختلاف أنواع النفقات. وفيما يلي امثلة عن الوثائق والمستندات المثبتة لبعض مقترحات الالتزام بالنفقات كما حددها قرار وزير المالية والخوصصة رقم 1670.03 الصادر في 19 غشت 2003.
المنح الدراسية بالمغرب والخارج.
التوظيف بناء على شهادة.
الصفقات بالانتقاء المسبق.
نزع الملكية من اجل المنفعة العامة بناء على الاتفاق بالتراضي.
الفقرة الثالثة: الأمر بدفع النفقة:
بعد تصفية النفقة يتعين على الامر بالصرف ان يصدر امره الى المحاسب لدفع دين النفقة.
والامر بالدفع او الصرف، كما نص على ذلك الفصل 01 من المرسوم الملكي المتعلق بالمحاسبة العمومية، “هو العمل الاداري الذي يحتوي طبقا لنتائج التصفية على الامر بأداء دين المنظمة العمومية.

أولا: شكل الأوامر بالصرف:

تتخذ الأوامر بالصرف شكل سندات الحوالات للأداء، ويتضمن البيانات التالية:
تعيين الآمر بالصرف، الادراج في الميزانية، السنة الاصلية للدين، هوية الدائن، مبلغ موضوع النفقة، تاريخ اصدار الامر بالصرف، الرقم الترتيبي الخاص بالآمر بالصرف و كل المعلومات والوثائق التي تقتضيها الحاجة.
ويصدر سند الأداء، بالنسبة للأوامر بالصرف والحوالات التي تباشر لفائدة منظمة عمومية، لصالح المحاسب المكلف بداخيل المنظمة المعنية. وفيما عدا ذلك فان الامر بالصرف و حوالات الاداء تسلم، تحت مسؤولية الامر بالصرف، للمستفيدين مقابل ابراء.
ويجوز للآمر بالصرف، في حالة رفض الدائن تسلم سند الأداء او الأداء نفسه، ان يكلف المحاسب بايداع مبلغ الأداء في صندوق الإيداع و التدبير شريطة اطلاع الدائن على ذلك عن طريق رسالة مضمونة مع اشعار بالتوصل.

ثانيا: آجال الأمر بدفع النفقات:

تطبيقا للأصول والقواعد المرعية في النظم المالية المعاصرة، وخاصة قاعدة السنوية، فقد حدد المشرع تاريخا اقصى للإصدار الأوامر بالصرف الممكن التأشير عليها، برسم سنة مالية معينة، في 20 دجنبر من نفس السنة بالنسبة لنفقات الموظفين. كما حدد تاريخ 22 من كل شهر كموعد اقصى للأمر بأداء النفقات الخاصة بشهر معين.

ثالثا: تأشيرة المحاسب على الأوامر بالصرف

عندما ينتهي الآمر بالصرف من وضع الأوامر بالدفع او الحوالات يقوم، بمساعدة المصالح المتخصصة، بجمعها وتحليلها في ورقات للإصدار ويوجهها للمحاسب المكلف بالتسديد للتأشير عليها.
ويتعين على المحاسب المكلف بالأداء ان يرجع مختلف سندات الأداء، المؤشر عليها او غير المؤشر عليها، الى الامر بالصرف في اجل لا يتجاوز 5 أيام بالنسبة للسندات المتعلقة بنفقات الموظفين، و10 أيام بالنسبة للسندات الأخرى.
وللمحاسب ان يحتفظ، في حالة التسديد عن طريق التحويل، بالسندات المقبولة للأداء.

الفقرة الرابعة: أداء النفقة:

أداء او دفع النفقة عمل محاسبي بموجبه يقوم المحاسب المكلف بالتسديد //الخازن العام بالنسبة للنفقات المؤدات في الخارج// بتسليم مبلغ الدين المستحق للدائن وتبرئة ذمة الدولة منه.
ولا يتم الأداء في الأصل الا بعد انجاز العمل او حلول اجل الدين او صدور المقرر الفردي بتحويل اعانة او منحة. الا انه يجوز منح أقساط او تسبيقات للمستخدمين والممونين والمقاولين ضمن مسطرة خاصة.

الفقرة الخامسة: النفقات الممكن أداؤها دونما أمر سابق بصرفها:

نص المشرع بصفة استثنائية على إمكانية صرف المحاسب العمومي لبعض النفقات دون تدخل الامر بالصرف لإصدار امر سابق بالأداء ونجد مثال ذلك النفقات المتعلقة بتسديد المنح الجامعية الى الطلبة المغاربة بالخارج. 
النفقات المتعلقة بتحويل نصيب الدولة في القرض المشتركة المنصوص عليها في المادة 3 من القانون 94.13 المتعلق بصندوق النهوض بتشغيل الشباب الصادر بالظهير رقم 1.94.282 مؤرخ في 25 يوليوز 1994.
المصاريف المترتبة على نزول طائرات القوات الجوية الملكية ووحدات اسطول البحرية الملكية النفقات التالية المتعلقة بالملحقين العسكريين لدى البعثات الدبلوماسية المغربية بالخارج.
- نفقات التسيير: 
نفقات الاستثمار 
النفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومي.
- نفقات التجهيز:

الفرع الثاني: مسطرة تحصيل الديون.

يتطلب الشق المتعلق بالمداخيل في الميزانية العامة اتخاذ ثلاثة اجراءات، هي: التصفية، اصدار الامر بالمداخيل، والتحصيل.

الفقرة الأولى: التصفية:

تصفية المداخيل عمل اداري يتولاه عادة الامر بالصرف، وبموجبه يتأكد من حقيقة الواقع والعمليات التي تترتب عنها مداخيل وحقوق لفائدة الدولة مثل عمليات البيع والشراء، والحصول على أرباح او مكاسب او ناتج الاستغلال، والقيم بعمليات الاستيراد والتصدي، وممارسة بعض الأنشطة وغيرها.
كما ترمي عملية التصفية الى التطبيق السليم للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في الميدان المالي والضريبي.
وفي ضوء عناصر التصفية السابق بيانها يصار الى تحديد مبلغ الديون التي نشا للدولة حق في استيفائها. 

الفقرة الثانية: الأمر بإصدار المداخيل:

الارادات القابلة للاستخلاص هي الارادات التي اجيزت جبايتها بموجب القوانين المعمول بها.
وتعتبر إجازة الموارد اجراء ملزما، لا  ترخيصا، يتوجب بمقتضاه على الامرين بالصرف والقابض والجباة المؤهلين للتحصيل قبض جميع الإيرادات المأذون بها. كما انها غير تحديدية باعتبار ان الجهات المكلفة بالتحصيل غير مقيدة بتقديرات المداخيل المقررة في القانون المالي ويجوز لها تجاوزها كلما كان ذلك ممكننا. ويتولى الامر بالصرف، في حالة عدم وجود اجراء مخالف يقره وزير المالية اصدار امر بالمداخيل بخصوص كل دين تمت تصفيته من ديون الدولة.
وتختلف اشكال الأوامر بالمداخيل باختلاف طبيعة ونوعية المداخيل، غير انه يمكن تصنيفها ضمن مجموعتين هما: 

أولا: أوامر مداخيل جماعية تتخذ شكل:

جداول او قوائم إيرادات بالنسبة للضرائب والرسوم،
سجلات الحراسة بالنسبة لمداخيل وعائدات أملاك الدولة،

ثانيا: أوامر المداخيل الفردية تتخذ شكل

جداول وقوائم إيرادات فردية او سندات مداخيل.
التصريح للجمرك
مستخرجات سجلات الحقوق الثابتة بالنسبة لحقوق التسجيل والتمبر.
مستخرجات الاحكام وقرارات العجز.

الفقرة الثالثة: التحصيل:

تخضع إجراءات تحصيل الديون العمومية لمقتضيات القانون رقم 15.97 الصادر الامر بتنفيذه الظهير رقم 1.01.75  بتاريخ 3 ماي 2000 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية.
ويقصد بتحصيل واستخلاص الديون العمومية، طبقا للمادة 1 من مدونة تحصيل الديون العمومية، مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف الى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين الجاري بها العمل او الناتجة عن احكام وقرارات القضاء او من الاتفاقيات. متشمل الديون العمومية، الضرائب والرسوم  المستحقة لفائدة الدولة والحقوق والرسوم الجمركية وحقوق التسجيل والتمبر والرسوم المماثلة ومداخيل وعائدات أملاك الدولة وحصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة والغرامات والادانات النقدية وكافة الديون الأخرى المستحقة لفائدة الدولة او الجماعات المحلية او المؤسسات العمومية باستثناء الديون ذات الطابع التجاري المستحقة لفائدة هذه الأخيرة.

أولا: إجراءات التحصيل الرضائي

تميز التشريعات المنظمة لمساطر تحصيل الديون العمومية بين التحصيل الرضائي والتحصيل الجبري فالتحصيل الرضائي يكتفي بتدبير مسطرة الديون العمومية بمبادرة من الملزم أو المدين الذي يتولى تلقائيا أداء الدين المترتب عليه داخل أجل الاستحقاق. بانصرام أجل الاستحقاق دون الدفع الفعلي للدين تنقضي مسطرة التحصيل الرضائي. 
ثانيا: إجراءات التحصيل الجبري
يجوز للمحاسب العمومي مباشرة مسطرة التحصيل الجبري عند انصرام أجل الاستحقاق دون الدفع الفعلي للدين. حينها تجيز له القيام بكل الإجراءات اللازمة وخاصة إجراءات المتابعة لضمان استخلاص المبالغ الموضوعة على عاتق المدين وذلك بالتنفيذ على ممتلكاته. ونظرا لخطورة هذه الإجراءات على هذا المركز القانوني للمدين أو الملزم عمل المشرع على فرض جملة من الشروط لضمان حقوق بعض هذه الشروط مسبقة التي تقضي لعدم إمكانية مباشرة التحصيل الجبري قبل ارسال آخر إشعار للمدين دون صوائر أو في غياب قائمة اسمية، بمثابة ترخيص، صادر عن الرئيس المباشر للمحاسب المكلف بالتحصيل، تبين هوية وموطن المدين.
لقد أقر المشرع درجات من المتابعات يتعين على المحاسب تنفيذها حسب الترتيب الوارد في القانون:

ثانيا: إجراءات التحصيل الجبري

الإنذار

ويهدف الى انذار المدين بوجوب أداء الدين في أجل محدد تحت طائلة تنفيذ الحجز يتم تبليغ الإنذار من طرف مأموري التبليغ والتنفيذ للخزينة أو أي شخص منتدب لذلك أو بواسطة وسائل أخرى يقررها القانون وبعد مضي أجل ثلاثين يوما من تاريخ الاستحقاق يمكن مباشرة مسطرة الحجز ويترتب على الإنذار قطع التقادم.

- الحجز

تسمح المسطرة للمحاسب العمومي المكلف بالتحصيل بناء على ترخيص من رئيسه المباشر بإيقاع الحجز على الأثاث والأمتعة والمحاصيل والثمار العائدة للمدين طبقا لأحكام المسطرة المدنية بهدف منعه من التصرف في تلك الممتلكات إلا أن المشرع رغبة منه في حماية المدين أورد في المادة 46 من مدونة تحصيل الديون العمومية لائحة من الممتلكات غير قابلة للحجز ويتعين أن يتضمن محضر لتنفيذ الحجز وصف الأمتعة المحجوزة وتحديد تاريخ البيع وتعيين حارس غير أن عمليات الحجز يمكن إيقافها إذا عبر المدين عن رغبته في تسديد الدين. كما يمكن للمحاسب الحجز على حسابات المدين عن طريق إعمال مسطرة الإشعار لدى الغير الحاجز.

البيع

يمكن للمكلف بالتحصيل، أو المدين المحجوز عليه، أن يشرع في بيع الأشياء المحجوزة، بناء على ترخيص من الرئيس المباشر للمحاسب المكلف بالتحصيل، بعد مضي أجل ثمانية أيام أو 30 يوما ابتداء من تاريخ الحجز غير أن هذا الأجل يمكن تخفيضه باتفاق مع المدين إذا خيف فساد الأشياء المحجوزة مثلا.
عند عدم كفاية بيع المحجوزات المنقولة التي أتينا على ذكرها لاستخلاص الدين يمكن كذلك القيام، طبق مساطر استثنائية بحجز بيع العقارات، والأصول التجارية ،والسفن، والسيارات.

الاكراه البدني

يمكن للمكلف بالتحصيل إذا لم تمكن طرق التنفيذ على أموال المدين الى نتيجة يمكن للمحاسب المكلف بالتحصيل ان يتابع التحصيل الجبري بواسطة الاكراه البدني، بمعنى رفع طلب الى المحكمة الابتدائية للحكم بالحرمان من الحرية ضد المدين الذي لم يثبت عسره وضد كل مدين ثبت افتعاله الاعسار. واعتبارا لخطورة المسطرة على حرية وحياة المدين فقد احاطها المشرع بجملة من الشروط التي تقيد وتحد من استعمالها. وتظهر الممارسة ان الإدارة ناذرا ما ترخص للقابض اللجوء الى مسطرة الاكراه البدني. فمن جهة لا يمكن طلب تنفيذ الاكراه البدني الا بعد استنفاذ كل درجات التنفيذ الجبري السابقة ومن جهة أخرى يمنع مباشرة المسطرة في العديد من الحالات تم التنصيص عليها في المادة 77 وهي:

مبلغ الدين لا يتجاوز 8000 درهم.
 اذا كان السن يقل عن  18 سنة او يزيد عن 60 عاما.
 عند ثبوت عسر المدين،
 اذا كان المدين امرأة حامل،
 اذا كان المدين مرضعة وذلك في حدود سنتين ابتداء من تاريخ الولادة،
وتقتضي المادة 78، في نفس السياق، بعدم جواز اللجوء الى الاكراه البدني في حق الزوج وزوجته في ان واحد ولو من اجل ديون مختلفة. وكيفما كان الامر فالحكم بالحبس لا يرتب اسقاط الدين. ولكن لا يمكن اعتقال المدين مرة أخرى بسبب نفس الدين. وتحدد مدة الحبس بحسب مبلغ الدين. 







المبحث الثاني: أجهزة للرقابة الإدارية.

ينص مرسوم 1978 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة المالية، ان هذه الاخيرة تتألف علاوة على ديوان الوزير، من الادارة المركزية والمصالح الخارجية، وتتألف الادارة المركزية من الكتابة العامة والمفتشية العامة للمالية واثنا عشر مديرية. كما تقوم هذه المفتشية العامة للمالية بمراقبة مالية الدولة والجماعات المحلية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها ، ولا سيما الظهير الشريف رقم 1.59.269 الصادر في 17 شوال 1379 ( 14 أبريل 1960) المتعلق بالمفتشية العامة للمالية .
اذن تعتبر جزءا من الادارة المركزية وهيئة عليا لمراقبة المال العام، يتمتع اعضاؤها بنظام قانوني يوفر لهم الظروف الملائمة لمراقبة تنفيذ الميزانية والاموال العمومية. وبالمقابل تتوفر ايضا الوزارات الاخرى على هيئات للمراقبة والتفتيش تعمل تحت السلطة الرئاسية المباشرة للوزير المعني بالأمر وغالبا ما تدعى مفتشيات عامة تقوم بالصلاحيات المخولة اليها بمقتضى القوانين المحددة لاختصاصات وتنظيم الوزارات التي تنتمي اليها. فمهام هذه المفتشيات تنحصر في المراقبة الداخلية للمصالح المركزية والخارجية، وكذا بعض المؤسسات الخاضعة لوصاية هذه الوزارات، في حين ان المفتشية العامة للمالية خلافا لهذه الهيئات، تمارس اختصاصات واسعة تشمل الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، وهي بذلك جهاز مركزي يمتد نشاطه إلى كل القطاعات العمومية في كل أنحاء المجال الترابي مما أكسبها مكانة هامة في النظام الرقابي العام هذا من جهة.
من جهة أخرى فإن المحاسب العمومي أيضا يضطلع بدور مهم في مراقبة مدى الالتزام بالنفقات، والرقابة خلال مرحلة الأداء، لذا سنعالج هذا المبحث من خلال مطلبين أساسيين  هما: إجراءات رقابة المحاسب العمومي. ورقابة المفتشية العامة للمالية وهيئتها.

المطلب الأول: إجراءات رقابة المحاسب العمومي.

الفرع الأول: المراقبة على مستوى مرحلة الالتزام بالنفقات:

يقوم المحاسب العمومي بمراقبة المشروعية من خلال التأكد من أن مقترحات الالتزام بالنفقات مشروعة بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي. كما يقوم بالمراقبة المالية للتأكد مما يلي:
✓توفر الاعتمادات والمناصب المالية
✓ صحة العملية الحسابية لمبلغ الالتزام الذي يضم مبلغ النفقة وفوائد التأخير ومبلغ مراجعة الأثمان عند الضرورة
✓الإدراج المالي للنفقة
✓مجموع النفقة التي تلتزم الإدارة المعنية بها طيلة السنة التي أدرجت خلالها الانعكاس الذي قد يكون للالتزام المقتر ح على استعمال مجموع اعتمادات السنة الجارية
والسنوات اللاحقة وتتم المراقبة المالية المشار إليها أعلاه في إطار التنزيلات المالية لقانون المالية أو ميزانيات مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة، أو عند الاقتضاء، برامج استعمال الحسابات الخصوصية للخزينة.
كما تتم مراقبة الالتزام بالنفقات:
✓إما بوضع التأشيرة على مقترح الالتزام بالنفقات
✓إما بإيقاف التأشيرة على اقتراحات الالتزام بالنفقات وإعادة ملفات الالتزام غير المؤشر عليها إلى المصلحة الآمرة بالصرف من أجل تسويتها
✓إما برفض تأشيرة معلل.
وتتحدد أجال وضع تأشيرة المحاسب العمومي على الالتزامات بالنفقات بالتأشيرة أو إيقافها أو رفضها في اثني عشر يوم عمل كاملة بالنسبة لصفقات الدولة وفي خمسة أيام عمل كاملة بالنسبة للنفقات الأخرى، وتحتسب هذه الآجال ابتداء من تاريخ إيداع مقتر ح الالتزام بالنفقة. 
إذا رفض المحاسب العمومي التأشيرة. وتمسكت المصلحة الآمرة بالصرف بمقتر ح الالتزام الذي تقدمت به. أحال الوزير المعني بالأمر الخازن العام للمملكة لنفي أو تأكيد هذا الرفض.
فإذا نفى الخازن العام للمملكة رفض التأشيرة، أمر المحاسب العمومي بالتأشيرة على مقترح الالتزام بالنفقات. وإذا أكده، جاز للوزير المعني أن يلتمس تدخل رئيس الحكومة. في هذه الحالة، يجوز لرئيس الحكومة تجاوز رفض التأشيرة المذكورة بمقرر ما عدا إذا كان الرفض معللا بعدم توفر الاعتمادات أو المناصب المالية أو بعدم التقيد بنص تشريعي.
- لجنة الصفقات، إذا كان مقترح الالتزام بالنفقات ناتجا عن صفقة أو اتفاقية أو عقد مبرم لحساب الدولة.
- لجنة يرأسها الأمين العام للحكومة أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض وتتألف من ممثلي الوزير المعني بالأمر والوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالوظيفة العمومية والخازن العام للمملكة إذا كان مقترح الالتزام بالنفقات ناتجا عن قرار يتعلق بموظفي وأعوان الدولة.

الفرع الثاني: المراقبة على مستوى مرحلة الأداء:

يجب على المحاسب العمومي، قبل التأشير من أجل الأداء أن يقوم بمراقبة صحة النفقة وذلك بالتأكد من:
صحة حسابات التصفية
وجود التأشيرة القبلية للالتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة
الصفة الإبرائية للتسديد
كما أن المحاسب العمومي مكلف بالتأكيد من:
إمضاء الأمر بالصرف المؤهل أو مفوضه
توفر اعتمادات الأداء
الإدلاء بالوثائق والمستندات المثبتة للنفقة والمنصوص عليها في القوائم المعدة طرف الوزير المكلف بالمالية، بما في ذلك تلك التي تحمل الإشهاد بتنفيذ الخدمة من طرف الأمر بالصرف أو الأمر بالصرف المساعد المؤهل.
فإذا لم يعاين المحاسب العمومي أية مخالفة فإنه يقوم بالتأشير وتسديد أوامر الأداء.
غير أنه، إذا ما عاين وقت قيامه بالمراقبة، مخالفة للمقتضيات السالفة الذكر فعليه إيقاف التأشيرة وإرجاع أوامر الأداء غير المؤشر عليها مرفقة بمذكرة تعليلية بشكل قانوني تضم مجموع الملاحظات التي أثارها إلى الأمر بالصرف بغرض تسويتها.
وتحدد آجال وضع التأشيرة أو رفضها من طرف المحاسب العمومي في خمسة أيام بالنسبة للنفقات الخاصة بالموظفين، وفي خمسة عشر يوما بالنسبة للنفقات الأخرى تحسب من تاريخ توصل المحاسب العمومي بورقات الإصدار وأوامر الأداء.
إلا أن الملاحظ من المرسوم رقم2.07.1235 صادر في 5 ذي القعدة 1429 الموافق ل4 نوفمبر 2008 المتعلق بمراقبة نفقات الدولة ، الجريدة الرسمية رقم 5682 الصادرة يوم الخميس 13 نونبر 2008 وجود بعض الاستثناءات على بعض النفقات المؤدة بدون سابق أمر بالصرف وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 35 من المرسوم الملكي رقم 330-66 بتاريخ 10 محرم 1387 (21 أبريل 1967) بسن نظام عام للمحاسبة العمومية والتي لا تعرض للتأشيرة عند مراقبة الالتزام بالنفقات ولا تخضع لمراقبة المشروعية بالنظر إلى الأحكام التشريعية والتنظيمي  ة ذات الطابع المالي المنصوص عليها في المادة 3 من المرسوم رقم 2.07.1235 . فإذا أوقف المحاسب العمومي تطبيق أداء النفقة وطلب الأمر بالصرف، كتابة وتحت مسؤوليته صرف النظر على ذلك، باشر المحاسب العمومي الذي لم يعد مسؤولا عن ذلك، التأشير لأجل الأداء وأرفق معا لأمر بالصرف أو الحوالة نسخة مذكرة ملاحظاته وكذا الأمر بالتسخير، وذلك باستثناء الحالات التي كان رفض الأداء فيها طرف المحاسب العمومي معللا ب:
- عدم وجود الاعتمادات أو عدم توفرها أو عدم كفايتها
- عدم توفر الصفة الإبرائية للتسديد
- عدم وجود التأشيرة القبلية للالتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة

الفرع الثالث: الاستثناءات الواردة على مرحلة الالتزام ومرحلة الأداء:

استثنى المشرع من مراقبة الالتزام ومراقبة الأداء صفقات الدولة بما في ذلك سندات الطلب، والاتفاقيات والعقود المبرمة في إطار البرامج والمشاريع المستفيدة من أموال المساهمة الخارجية المقدمة في شكل هبات تطبيقا لاتفاقيات ثنائية.
الفرع الرابع: تقييم رقابة المحاسب العمومي:
إذا كانت رقابة المحاسب العمومي على الأوامر التي يصدرها الآمرون بالصرف تعتبر ذات أهمية بالغة خاصة على مستوى الإنفاق بالنظر إلى طابعها الوقائي الذي يحول دون وقوع الأخطاء، إلا أنها تتخللها بعض السلبيات التي تقلص من فاعليتها، ونذكر من أهمها:
- التأخير في تنفيذ الأوامر المتعلقة بالنفقات :
إن مراقبة الشرعية الشكلية التي يقوم بها المحاسب العمومي على الأوامر الصادرة عن الآمرين بالصرف في مجال النفقات قد تؤدي إلى التأخير في تنفيذ هذه الأوامر الشيء الذي يتنافى مع متطلبات الحكامة، التي تستلزم حدا معينا من السرعة والمرونة في التنفيذ، ومن جهة أخرى قد يؤدي هذا التأخير إلى التأثير سلبا على جلب الاستثمار وذلك بالنظر إلى الخسائر التي قد تلحق المستثمر بسبب المدة التي تستغرقها عملية أداء حقوقه.
-إمكانية تجاوز الآمر بالصرف لرفض التأشيرة من طرف المحاسب العمومي:
يطر ح هذا الإجراء المسمى بحق التسخير رغم محدودية استعماله إشكالية على مستوى تفسير النصوص القانونية والتنظيمية المالية بين مصالح الآمر بالصرف لتنفيذه تحت مسؤوليته قد ترى فيها مصالح الخزينة تجاوزا للإجراءات المنصوص عليها، الأمر الذي يؤثر سلبا على السير العادي للمصالح الإدارية المرتبطة بها.


المطلب الثاني : المراقبة التراتبية على نفقات الدولة :

• تعتبر المراقبة التراتبية صيغة مخففة لمراقبة الالتزام بالنفقات التي جاء بها المرسوم رقم 2.07.1235 الصادر في 4 نوفمبر2008  المتعلق بمراقبة نفقات الدولة ؛
• تكمن أهمية هذا الإجراء في كونه يندرج في إطار تفعيل مقاربة جديدة لتدبير الميزانية المبنية على النتائج. فعلى هذا الأساس تم اتخاذ عدة إجراءات تدريجية  من بينها:
(1)-إصلاح تدبير النفقات العمومية عبر تبسيط  والتخفيف من  المساطر التي تثقل تنفيذ قوانين المالية بصفة عامة والنفقات العمومية على وجه الخصوص  
(2)-تطوير أنظمة المعلومات من أجل التدبير المندمج للميزانية وللنفقة بإحداث نظام التدبير الالكتروني للميزانية ونظام التدبير المندمج للنفقات GID
• وفي إطار إصلاح نظام مراقبة النفقات تم إدماج مصالح مراقبة الالتزام بالنفقات ومصالح الخزينة العامة للمملكة ابتداء من سنة 2006 وذلك بموجب المرسوم رقم 2.06.52 الصادر في 14 من محرم 1427 (13 فبراير 2006) القاضي بإلحاق مراقبة الالتزام بنفقات الدولة بالخزينة العامة للمملكة وتخويل اختصاصات المراقب العام للالتزام بالنفقات إلى الخازن العام للمملكة في أفق دعم ثقافة المحاسبة البعدية. 
• وتلت هذه الخطوة التي انصبت على تقليص عدد المتدخلين خطوة أخرى تمثلت في صدور المرسوم رقم 2.07.1235 الصادر في 4 نوفمبر 2008المتعلق بمراقبة نفقات الدولة ليعهد بصلاحيات هامة  إلى المصالح الآمرة بالصرف كانت تقوم بها سابقا مصالح مراقبة الالتزام بالنفقات في إطار المراقبة المسبقة على مقترحات الالتزام بالنفقات ،  بحيث أصبحت  المراقبة المسبقة على الالتزام بالنفقات ومراقبة الأداء ، ابتداء من 2012 ،موضوع تخفيف يدعى مراقبة تراتبي de la Dépense  Contrôle Modulé   ، وذلك وفق شروط محددة ومنهجية تدرجية تستهدف تطبيق مبدأ الميزانية بالنتائج الذي يرتكز بالأساس على المراقبة البعدية بشكل يخفف عبئ مراقبة الالتزام بالنفقات التي يمارسها المحاسب العمومي على مقترحات الالتزام للأمر بالصرف كما يخفف في نفس الوقت من ثقل مهام ومسؤوليات المحاسب العمومي.
• شرعت وزارة المالية ، ابتداء من فاتح يناير 2012 ، بكيفية متدرجة في تطبيق هذا النوع من المراقبة المخففة وفق شروط وكيفيات تم التنصيص عليها في المرسوم السالف الذكر نفصلها فيما يلي : 

الفرع الأول: شروط وكيفيات ممارسة المراقبة التراتبية

 الفقرة الأولى: الشروط والاجراءات الأولية :

– يمكن تطبيق المراقبة التراتبية للنفقات بقرار للوزير المكلف بالمالية بالنسبة للمصالح الآمرة بالصرف المستوفية للمعايير المطلوبة وبعد تقييم كفاءتها التدبيرية بإجراء عملية افتحاص تنجزها المفتشية العامة للمالية أو الخزينة العامة للمملكة أو أي جهاز للتفتيش أو المراقبة أو أية هيئة مراقبة أو افتحاص معتمدة لهذه الغاية بقرار للوزير المكلف بالمالية؛ 
• تجرى عملية الافتحاص بمبادرة من وزير المالية أو بناء على طلب الوزير المعني على أساس النظام المرجعي للافتحاص المحدد سلفا بقرار للوزير المكلف بالمالية 
ينصب الافتحاص على ما يلي :
كفاءة التدبير المالي ؛ 
الكفاءة في تنفيذ النفقات ؛
-كفاءة المراقبة الداخلية ؛
الكفاءة التدبيرية للمعلومات. 

الفقرة الثانية: صلاحيات الامر بالصرف لممارسة المراقبة التراتبية

يقتضي هذا النوع من الرقابة المخففة من المصالح الآمرة بالصرف أن تتوفر على نظام مراقبة داخلية يمكنها : 
في مرحلة الالتزام التأكد من : 
• ‌أ.   مشروعية   بعض النفقات المزمع الالتزام بها ، من حيث مطابقتها  للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي  ، غير تلك المحددة في  المادة 13 ؛ 
• ‌ب.  مجموع النفقة الملتزم بها  طيلة سنة الإدراج ؛ 
• ‌ج.  انعكاس الالتزام على استعمال مجموع الاعتمادات برسم السنة الجارية والسنوات اللاحقة. 
في مرحلة الأمر بالصرف التأكد من : 
أ.     توفر الاعتمادات ؛ 
‌ب.  وجود التأشيرة القبلية للالتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة ؛ 
‌ج.   عدم الأداء المكرر لنفس الدين. 
الفرع الثاني: تجليات التخفيف في مسطرة المراقبة التراتبية
• لممارسة المراقبة التراتبية للنفقات على نفقات المصالح الآمرة بالصرف ، ومع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في المادتين 9 و11 من المرسوم ، يقوم المحاسب العمومي ، في مرحلة الالتزام ، بالتأكد من : 
• توفر الاعتمادات والمناصب المالية ؛ 
• صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام ؛ 
• الإدراج المالي للنفقة؛ 
• المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي بالنسبة لمقترحات الالتزام بالنفقات المتعلقة بما يلي : 
• ‌قرارات التعيين والترسيم وإعادة الإدماج وتغيير الدرجة ومغادرة الخدمة الخاصة بموظفي وأعوان الدولة ؛ 
• ‌العقود الأصلية للإيجار والعقود التعديلية المرتبطة بها ؛ 
• ‌نفقات الموظفين المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 10 أعلاه، على أن يفوق مبلغها عشرة آلاف (10.000) درهم ؛ 
• ‌نفقات المعدات والخدمات التي يفوق مبلغها مائة ألف (100.000) درهم؛ 
• ‌الصفقات والعقود الملحقة والقرارات التعديلية المرتبطة بها والتي تفوق قيمتها ، مأخوذة بشكل منفصل ،أربعة مائة ألف (400.000) درهم وكذا الصفقات التفاوضية مهما كان مبلغها ؛ 
• ‌العقود المبرمة مع المهندسين المعماريين المتعلقة بالصفقات المشار إليها في الفقرة من هذه المادة ؛ 
• الاتفاقيات وعقود القانون العادي التي يفوق مبلغها مائتي ألف (200.000) درهم.        
• -احتفاظ الامر بالصرف بالوثائق والمستندات المتعلقة بملفات الالتزام بالنفقات   
تتكون ملفات الالتزام بالنفقات غير الخاضعة لمراقبة المشروعية بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي من بطاقة إرساليات وفق النموذج المحدد بمقرر للوزير المكلف بالمالية، بهدف وضع التأشيرة والتحمل المحاسبي. ويحتفظ الآمر بالصرف المعني بالوثائق والمستندات المرتبطة بملفات الالتزام بالنفقات.
• تخفيف على مستوى الآجال : 
•  تحدد آجال وضع تأشيرة الالتزام من لدن المحاسب العمومي أو رفضها أو إبداء ملاحظاته في :   
• - عشرة (10) أيام بالنسبة لصفقات الدولة؛ 
• - و أربعة (4) أيام بالنسبة لباقي النفقات



المطلب الثالث: رقابة المفتشية العامة للمالية وهيئتها

الفرع الاول: اختصاصات وتقنيات المفتشية العام للمالية

الفقرة الأولى: اختصاصات وتقنيات المفتشية العام للمالية

تشكل هيئة التفتيش العام للمالية أحد أهم مديريات الوزارة المكلفة بالمالية، وهيئة بين وزارية بالنظر لطبيعة اختصاصاتها الشاملة، وتتميز بمركزية مفرطة في تنظيم هياكلها، غير ان امتداد نشاطها الرقابي على مستوى التراب الوطني يدعوا إلى التفكير في العمل على تنظيم مصالحها بأسلوب لا مركزي حتى تتمكن من أداء عملها بفعالية أكثر. لهذا يجب العمل على خلق معادلة بين التنظيم الجهوي والمركزي لهيئة التفتيش العام للمالية بالمغرب، والرفع من الوسائل المادية والبشرية حتى لا تشكل عائقا أمام تطور هذه الهيئة التي تضطلع بدور متميز في النظام الإداري المغربي. وهكذا فهي تتولى:
- مراقبة مصالح الصندوق والمحاسبة لدى المحاسبين العموميين وموظفي الدولة والجماعات المحلية بشكل عام.
 - مراقبة تسيير المحاسبين والتأكد من قانونية العمليات المسجلة في حسابات الآمرين بالمداخيل والنفقات العمومية وكل متصرفي الدولة.
- القيام بافتحاص المشاريع العمومية الممولة من طرف الهيآت الأجنبية كالبنك الدولي للإعمــار والتنــــمية"، والبنك الإفريقي للتنمية، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية. وتتبنى المفتشية في هذا الإطار مقاربات جديدة تتماشى مع تلك المعمول بها على الصعيد الدولي.
وتخضع تدخلات المفتش العام للمالية لبرنامج سنوي مصادق عليه من طرف وزير المالية. وتطرأ بعض التعديلات على هذا البرنامج حسب المهام المستعجلة والطارئة التي تفرض نفسها . كما أن البرنامج السنوي المذكور يأخذ بعين الاعتبار طلبات التدخل المعبر عنها من طرف مختلف الوزارات المعنية.
الفقرة الثانية: هيئة التفتيش العام للمالية
ما لاشك فيه أن المفتشية العامة المالية تحتل مكانة هامة ومتميزة في منظومة الرقابة الداخلية على تنفيذ الميزانية العامة ؛كهيأة عليا التفتيش تتألف من مفتشي المالية الذين يجعلون تحت إشراف مفتش عام يخضع مباشرة لنفوذ وزير المالية.
ويخضعون النظام الأساسي لهيئة التفتيش العام للمالية ويتوزعون على درجات هم:
المنصب السامي المفتش العام المالية. 
درجة مفتش للمالية من الدرجة الممتازة 
درجة مفتش المالية رئيس بعثة، 
درجة مفتش للمالية 

الفقرة الثانية: هيئة التفتيش العام للمالية

أولا: المفتش العام للمالية: يمكن أن يعين في منصب مفتش عام للمالية، مفتشو المالية من الدرجة الممتازة الذين قضوا ست سنوات على الأقل من الخدمة الفعلية بهذه الصفة وذلك في حدود 10 سنويا من عدد المناصب المقيدة في الميزانية المخصصة لمفتشي المالية من الدرجة الممتازة. ويتم التعيين في هذا المنصب وفقا للإجراءات المقررة للتعيين في المناصب ألعليا، ويكون قابلا للتراجع عنه ولا يمكن ان يترتب عليه الترسيم في هذا المنصب. ويتم تحديد عدد المفتشين العامين للمالية بقرار يصدر عن وزير المالية وتؤشر عليه السلطة الحكومية المطلقة بالشؤون الإدارية» ويعين من ,ينهم واحد يعهد إليه بالإشراف على تسيير مصالح المفتشية العامة للمالية.
ثانيا: مفتش المالية من الدرجة الممتازة: يمكن باقتراح من المفتش العام المكلف بالمفتشية العامة المالية أن يعين بصفة مفتش للمالية من الدرجة الممتازة مفتشو المالية رؤساء البعثات الذين قضوا ما لا يقل عن خمس سنوات في الخدمة الفعلية هذه الصفة. وتم الترقية من رتبة إلى أخرى في درجة مفتش الالية من الدرجة الممتازة كل سنتين. ويعين المعنيون بالأمر في الرتبة الأولى من الدرجة ويحتفظون في حدود سنتين بالأقدمية المكتسبة في رتبتهم القديمة إذا وقع تعيينهم في رقم استدلالي معادل.
ثالثا: مفتش المالية رئيس البعثة: يمكن باقتراح من المفتش العام المكلف بالمفتشية العامة المالية أن يعين بصفة مفتش للمالية رئيس بعثة مفتشو المالية الذين قضوا ما لا .يقل عن خمس سنوات في الخدمة الفعلية بهذه الصفة. وتم الترقية من رتبة إلى أخرى في درجة مفتش المالية من الدرجة الممتازة كل سنتين ويعين المعنيون بالأمر في الرتبة الأولى من الدرجة ويحتفظون في حدود سنتين بالأقدمية المكتسبة في رتبتهم القديمة إذا وقع تعيينهم في رقم استدلالي معادل.
رابعا: مفتش المالية: يوظف مفتشو المالية بعد النجاح في مباراة تفتتح في وجه المترشحين من غير الموظفين البالغين من العمر 30 سنة على الأكثر في تاريخ إجراء المباراة، من بين الحاصلين على دبلوم الدراسات العليا المعمقة أو دبلوم الدراسات العليا المتخصصة أو شهادة الماستر أو شهادة الماستر المتخصص في التخصصات القانون أو الاقتصادية أو التدبيرية أو الاجتماعي، أو إحدى الشهادات أو الدبلومات المحددة طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

الفرع الثاني: مسطرة التفتيش العام للمالية.

يشمل الاختصاص الرقابي للمفتشية العامة للمالية خلافا للمتفشيات العامة للوزارات جميع الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والمشاريع الممولة من طرف هيئات جهوية أو دولية والجمعيات المستفيدة من دعم عمومي، كما أنها تنصب على الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين. وتجري هذه الرقابة وفق برنامج أشغال التفتيش الذي يحدده وزير المالية، بناء على اقتراح من المفتش العام للمالية واعتبارا لطلبات التحقيق التي يتقدم بها الوزراء الآمرون بالصرف أو تقدمها مصالحهم الخصوصية. ويجوز للمفتش العام خارج نطاق هذا البرنامج أن يأمر بإجراء تحقيق يراه مفيدا شريطة إخبار وزير المالية بذلك. 
وتماشيا مع المقاربة الجديدة للتدبير العمومي المرتكزة على نجاعة الأداء تعتمد المفتشية العامة للمالية مجموعة من التقنيات الرقابية التي ترتكز على اختيار المرافق الإدارية العمومية وقاعدة المباغتة والمراقبة المادية في عين المكان، ثم قاعدة التقرير المضاد. ويظهر ذلك بشكل أساسي من طبيعة المهام المسندة اليها المتعلقة بتدقيق وتقييم القدرات التدبيرية للآمرين بالصرف بغية تقليص الرقابة القبلية وتدعيم الرقابة البعدية. وتدقيق العمليات المنجزة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة مع المفتشية العامة للإدارة الترابية. تم تدقيق أداء الأجهزة المسيرة في إطار المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية القائمة على شمولية الاعتمادات. وإنجاز دراسات ذات طابع مالي وتقييم البرامج والسياسات العمومية للتأكد من مدى بلوغ الأهداف المرسومة ومقارنتها بالنتائج المحققة والقيام بطلب من الحكومة أو وزارة الاقتصاد والمالية، بتقييم السياسات العمومية ذات الطابع المالي أو الميزانياتي، بالإضافة إلى مراقبة الشركات والنقابات والجمعيات المستفيدة من الدعم المالي المنظمات العمومية، وعليه فإن التحقيقات المفتشية العامة المالية تتعصب على ثلاث جوانب أساسية هي مشروعية العمليات المدرجة في حسابات المصالح الخاضعة للتحقيق ومطابقتها للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، والإنجاز المادي للخدمات المقدمة والأشغال المنجزة والتوريدات المسلمة ثم تقييم النتائج المحققة ولمقاربتها بالأهداف المرسومة والوسائل المستعملة. 
وأثناء إجراء التحقيقات يحق لمفتشي المالية الاطلاع على جميع الوثائق والمستندات واجراء جميع الأبحاث والتحريات وطلب الإيضاحات التي من شأنها أن تساعدهم على القيام بمأموريتهم. فإذا ثبت للهم أثناء التحقيق، وجود اختلالات خطيرة يتوجب عليهم إشعار المفتش العام والسلطة التأديبية التي يتبع لها المحاسب فورا بذلك، وفي هذه الحالة فإنه يجوز للوزير المسؤول عن هذا الموظف أن يوقفه عن العمل باقتراح من المفتش العام للمالية لمدة لا يجب أن تتجاوز شهرا واحدا إلا أنها لا تحول دون متابعته وفقا للمسطرة العادية للتأديب . وفى أعقاب الانتهاء من عملية التحقيق يتعين على المفتش المالي توجيه تقرير يتضمن الإثباتات التي باشرها إلى الموظف الذي استهدفه التفتيش، ويجب على هذا الأخير أن يرد كتابة على هذا التقرير خلال خمسة عشر يوما الموالية لتسليم التقرير المذكور، وللمفتش العام بعد تلقيه لأجوبة الموظف أن يبدي ملاحظاته في حال وجودها ثم تمكين كل من وزير المالية والوزير التابعة إليه المصلحة التي جرى حوطا التحقيق من التقرير النهائي قصد أتخاد القرار الحاسم في حق الموظف المعنى. 

الفرع الثالث: حدود عمل المفتشية العامة للمالية

رغم الامكانيات والسلطات الواسعة التي تتمتع بها المفتشية العامة والتي تسمح لها بالتدخل في كل العمليات المرتبطة بتدبير الاموال العمومية ، وتنظيم اوجه الانفاق العام في سائر الإدارات والمرافق العمومية فان جملة من العوائق والعوامل المعاكسة أفضت الى تحجيم فعلي لدورها على المستوى العملي وانحساره الى الحد الذي حصرها في مجرد أداة للتحري ترتبط بحملات زمنية مؤقتة، وتقارير متناثرة على فترات ولا تخلو أحيانا من مسحة دعائية، مما جعلها تفتقد المقومات الحقيقية للجهاز الرقابي الفعال كما هو متعارف عليه. فما هي إذن هذه العوائق التي تحد من عمل المفتشية العامة للمالية.

الفقرة الأولى: غياب الاستقلالية

إن تبعية المفتشية العامة لوزارة المالية، قد يؤدي لا محالة إلى تقزيم دورها الفعلي في مراقبة هذه الوزارة والمصالح التابعة لها، مما يؤثر على دورها في التأكد من أن المشروع المالي والعاملين فيه يسيرون في الاتجاه المرسوم، والبحث عن الانحرافات والأخطاء ومعالجتها، ومنع الفساد والتلاعب بالمال العام، الذي قد يصيب هذه الوزارة أو المصالح التابعة لها.
الفقرة الثانية: المساس بقاعدة السرية
خول المشرع المغربي لوزارة المالية اختصاص تحديد نظام عمل المفتشية العامة للمالية، بعد اقتراح يتقدم به المفتش العام، ويكون بذلك قد أقر في نفس الوقت مراقبة تنفيذ العمليات المالية المتعلقة بوزارته، وهذا يعتبر مسا بقاعدة السرية التي يجب أن تخضع لها جميع المصالح والمؤسسات العمومية دون استثناء، فوزير المالية هنا يصبح مقررا لخطة التفتيش فيما يخص وزارة المالية وكذلك موضوعا للمراقبة، مما يستحيل معه على قاعدة المباغتة، مادام هو الذي سيسمح بإدراج أو عدم إدراج وزارته أو المصالح التابعة له لمراقبتها. كما تمنح هذه التبعية لوزارة المالية درجة متفوقة على باقي الوزارات، فهي التي تحدد المصالح والوزارات الممكن إدراجها في لائحة التفتيش، لهذا يحظى وزير المالية بمكانة قوية أمام باقي الوزراء كآمرين بالصرف رئيسيين.
فهذا الدور المزدوج لوزير المالية باعتباره آمرا بالصرف لوزارة المالية، وكذلك هيئة متحكمة في جهاز التفتيش المالي، يؤثر على المفتشين أثناء مزاولتهم لمهامهم، ويجعل من رقابتهم لهذه الوزارة شكلية وبعيدة عن الهدف والإطار القانوني الذي حدد اختصاصات ومهام المفتشية العامة للمالية.
إن هذا الدور الذي يتمتع به وزير المالية في مقابل هذا الجهاز يعد نقطة سلبية في مساره، مما يستوجب على المشرع أن يرفع عليه هذه الوصاية، ويقوم بإلغاء علاقة التبعية الإدارية بين المفتشية العامة للمالية ووزارة المالية، كما وقع بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات.

الفقرة الثالثة: غياب سلطة الزجر

لقد سلك المشرع المغربي، نهجا مغايرا عن الذي اتخذه المشرع الفرنسي، فيما يخص مسألة تمكين هذا الجهاز من اتخاذ الإجراءات العقابية والزجرية في حق الخارجين عن القواعد القانونية، بحيث أن التشريع الفرنسي يسمح للمفتشين بحق توقيف المحاسب العمومي إذا أضر بالمال العام، أما فيما يخص التشريع المغربي فإنه يكتفي في مثل هذه الحالات بإحالة محضر المفتشية العامة الذي يدين الموظف أو المراقب إلى الجهة المختصة، والمتمثلة في الرئيس الإداري المعني لمطالبته بتوقيفه، ويختص الوزير باتخاذ القرار المناسب في حق المخل بالمساطر القانونية المتبعة في مادة تنفيذ العمليات المالية.
فإذا عدنا إلى الفصل الخامس من ظهير 14 أبريل 1960 المنظم للمفتشية العامة للمالية، نجده يفيد بأنه في حالة مخالفة جسيمة يرفع المفتش تقريره إلى المفتش العام، وللجهة التي تتوفر على السلطة التأديبية في حق المحاسب، وبالتالي يمكن استصدار عقوبات في حق المخل بتنفيذ العمليات المالية، إلا أنه وفي نفس الوقت نجد أن النص قد سكت عن بيان المسطرة الواجب اتباعها في حق الآمرين بالصرف في حالة مخالفتهم للقانون وللمشروعية.
والجدير بالذكر أن حرمان المفتشية العامة للمالية من سلطة الزجر والعقاب واكتفاءها في أقصى الحالات باقتراح التوقيف المؤقت في حق المحاسب العمومي المخطئ، والذي لا يتعدى شهر شريطة موافقة السلطة الرئاسية، ِيؤثر بدوره على المراقبة التي يقوم بها المحاسب العمومي على الآمر بالصرف الرئيسي، ويجعله متخوفا من هذه المراقبة التي قد تطاله في يوم من الأيام، والعقوبات الزجرية التي قد تلحقه من الآمر بالصرف الرئيسي في حالة رفضه التأشيرة على أوامره. فالمحاسب يحس رغم مبدأ الفصل بين الآمرين بالصرف والمحاسبين، أنه تحت رحمة الآمر بالصرف في حالة وقوعه في الخطأ أو المخالفة، لهذا فهو نفسيا مرتبط به وتابعا له.

خاتمــــة

إن الانتقادات الموجهة لأساليب المراقبة ليست مختلفة عن تلك الموجهة لإجراءات الإعداد والمصادقة على ميزانية الدولة، لأنه في الواقع تعد الانتقادات التقنية والإدارية انعكاسا للموقف السياس ي نظرا للتدخل بين مسطرة الميزانية والبنيات السوسيو-اقتصادية والسياسية التي تشكل محيط تدبير المالية العمومية، إذ يؤاخذ من وجهة نظر سياسية على مساطر وأساليب الإعداد والتصويت والمصادقة والمراقبة على تنفيذ الميزانية العامة طابعها غير الديمقراطي، والذي يتجاهل الفئات المهنية المعنية بالمالية العامة، كالملزمين بالضريبة الذين لا يتم إشراكهم في أي مراحل تدبير الميزانية، خصوصا وأنها تشكل الإطار الذي يرسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
وإذا كانت الانتقادات السياسية في حق الإجراءات الحالية لمسطرة الميزانية تكتسي أهمية بالغة ومؤثرة، فإنها لا تخفي الصعوبات والحدود القانونية المرتبطة بطبيعة النظام السياسي والاقتصادي المكرس لهيمنة السلطة التنفيذية من خلال الاختصاصات الواسعة المترتبة عن القوانين المؤطرة للتنظيم الموازي والرقابي، والمرتبطة كذلك بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتق القائمين على تنفيذ الميزانية وما تشكله من ضغط نفس ي وعملي في مجال التأديب المتعلق بالشؤون المالية.
كما أن تعدد أنظمة ومساطر المراقبة الإدارية في محيط يتسم بالفساد الإداري والبيروقراطية وضعف تأطير الموارد البشرية يشكل حدودا تنظيمية وإدارية لتفعيل هذه المراقبة.
أخيرا تعاني المراقبة الإدارية أيضا من عوائق تقنية تترتب عن أسلوب الميزانية الذي يشكل بدوره عائقا لمراقبة فعالة، نظرا للبنية التقليدية لهذه الأخيرة والتي تعتمد على التقسيم الكلاسيكيين وهي بنية لا تقدم إطارا موحدا لاستغلال مجمل معلومات الميزانية وتقدير انعكاس ذلك على النشاط الاقتصادي.


المراجع 

الرقابة الإدارية على تنفيذ المالية العامة من إعداد الطلبة: أمال شحامة، الحسين بوعلام، سامي باز والرواكب، 2019 – 2020
الرقابة اإلدارية على تنفيذ قانون المالية من إعداد الطلبة: فاطمة الزهراء بودلال، سلرة غزيل، توفيق بوخريص، 2021 – 2022
القانون التنظيمي رقم 13-130 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 62-15-1 صادر في 14 من شعبان 1436 (2 يونيو 2015) لقانون المالية.
المرسوم الملكي الملكي رقم 330-66 بتاريخ 10 محرم 1387 (21 أبريل 1967) بسن نظام عام للمحاسبة العمومية كما تم تغييره وتعديله
ظهير شريف رقم 62-15-1 صادر في 14 من شعبان 1436 (2 يونيو 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية.
مرسوم رقم 112-11-2 صادر في 20 من رجب 1432 (23 يونيو 2011) في شأن المفتشيات العامة للوزارات.
قرار لرئيس الحكومة رقم 13-70-3 صادر في 21 من ربيع الأول 1435 (23 يناير 2014) بتحديد عدد الموظفين المكلفين بمهام التفتيش بالمفتشية العامة للمندوبية السامية للتخطيط المستفيدين من التعويضات المخولة لرئيس قسم ورئيس مصلحة.
قرار للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة رقم 13-2556 صادر في 5 شوال 1434 (13 أغسطس 2013) بتحديد عدد الموظفين المكلفين بمهام التفتيش بالمفتشية العامة لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة.
قرار لوزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة رقم 13-2555 صادر في 10 جمادى الأولى 1434 (22 مارس 2013) بتحديد عدد الموظفين المكلفين بمهام التفتيش بالمفتشية العامة لوزارة الاتصال.
منشور رئيس الحكومة رقم 2018/9 بتاريخ 7ماي 2018 بشأن إحداث وحدة لتتبع التقارير التي تنجزها المفتشيات العامة للوزارات
منشور رئيس الحكومة رقم 2011/8 بتاريخ 25 غشت 2011 بشأن تفعيل دور المفتشيات العامة للوزارات













ليست هناك تعليقات:
كتابة التعلقيات