الأحد، 10 نوفمبر 2024

وحدة: منازعات الوظيفة العمومية بحث حول: دعوة الإلغاء

 



الماستر المتخصص: تدبير الموارد البشرية والمالية للإدارة

وحدة: منازعات الوظيفة العمومية

بحث حول: دعوة الإلغاء

تحت إشراف:

الدكتورة نجاة خلدون

من إعداد الطلبة :

 

عبد الغني جرف

عبد الله بومهدي

حفيـظ مينــو

 

 

السنة الجامعية: 2024 / 2025

 

مقدمة:

 

دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة هي دعوى قضائية ترمي إلى المطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري لكونه معيبا أو مشوبا بعيب من عيوب عدم المشروعية المعروفة، وتدخل هذه الدعوى في إطار مساءلة الدولة والسلطات العمومية، عما تقوم به من أعمال وإجراءات، خاصة إذا كان من شأنها إلحاق ضرر بالأفراد. وهذه المساءلة كانت من قبل مستحيلة، بل ولا يسوغ تصورها حتى على المستوى النظري، لأنها كانت تتنافى مع فكرة سيادة الدولة وقرينة السلامة العامة والنظام العام ... إلى غير ذلك من المبادئ والأفكار التي تضفي على شخصية الدولة وقراراتها صبغة الهيبة (والقدسية) أحيانا.

 

غير أن هذه النظرة لم تعد تتلاءم مع تشعب وتعدد مجالات أنشطة الدولة، إذ أصبحت تمارس مجموعة هائلة من الأعمال التي كانت في الأصل متروكة للأفراد، مما زاد في نسبة احتكاك الدولة بالأفراد، وحصول مزيد من الأضرار، فاتسعت مهام ومسؤوليات الإدارة، علما أنه كلما زادت الأعمال زادت الأخطاء.

 

وهكذا أصبح بديهيا أن يبحث الفقه في النظريات والأسباب التي استند إليها من قبل للقول بعدم مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تتسبب فيها للأفراد إلى القول حاليا بمساءلتها ومقاضاتها حول الأضرار التي تلحقها بالأغيار من خلال قراراتها وأعمالها ... ومن ثم أصبح بإمكان كل متضرر من نشاط الإدارة الحق في رفع دعوى ضد الدولة طالبا إلغاء القرار الإداري - مصدر الضرر - بسبب تجاوز السلطة، أو ما كان يسمى بالشطط في استعمال السلطة. ومن هذا المنطلق يعتبر بعض الفقه دعوى الإلغاء دعوى موضوعية، أي ترمي في طبيعتها إلى مخاصمة قرار إداري لا مخاصمة شخص بعينه بحيث تهتم بالموضوع دون الشخص، غير أن فقهاء آخرين يرون أن دعوى الإلغاء لا تخلو من الطابع الشخصي، خاصة وأن المدعي يسعى وراء حقوق شخصية أضر بها القرار الإداري المطعون فيه. لذا يرى طرف ثالث أنها دعوى مختلطة.

 

فما هي دعوى الإلغاء؟ وما هي مميزاتها؟   وماهي أسباب وشروط رفع هذه الدعوى؟

 

للأجابة على هذه الإشكالية سنتطرق للموضوع من خلال مبحثين، الأول سنتحدث فيه عن تعريف دعوى الإلغاء وتطورها التاريخي، وفي المبحث الثاني ستناول مميزات دعوى الإلغاء، أسباب وشروط قيامها.


 


المبحث الأول: تعريف دعوى الإلغاء وتطورها التاريخي

§       المطلب الأول: تعريف دعوى الإلغاء:

§       المطلب الثاني: الإطار التاريخي لدعوى الإلغاء:

المبحث الثاني: مميزات دعوى الإلغاء، أسباب وشروط قيامها

§       المطلب الأول: مميزات دعوى الإلغاء

§       المطلب الثاني: أسباب قيام دعوى الإلغاء.

الفرع الأولى: مخالفة القانون.

الفرع الثاني: عدم الاختصاص.

الفقرة الأولى: عدم الاختصاص النوعي.

الفقرة الثانية: عدم الاختصاص الزمني.

الفقرة الثالثة: تجاوز السلطة.

الفرع الثالث: عيب إساءة استعمال السلطة.

الفقرة الاولى: الانحراف في استعمال السلطة.

الفقرة الثانية: التعسف في استعمال السلطة.

الفرع الرابع: عيب الشكل.

الفرع الخامس: انعدام التعليل.

الفقرة الاولى: الخطأ المادي (الفعلي).

الفقرة الثانية: الخطأ القانوني.

الفقرة الثالثة: خطأ في التكييف.

§       المطلب الثالث: شروط رفع دعوى الإلغاء.

الفرع الأول: شروط متعلقة برافع الدعوى.

الفقرة الأولى: الأهلية.

الفقرة الثانية: الصفة.

الفقرة الثالثة: المصلحة.

الفقرة الرابعة: طبيعة الدفع بانعدام المصلحة.

الفرع الثاني. شروط متعلقة بموضوع الطعن.

الفقرة الاولى: قرارات لا تخضع لرقابة القضاء.

الفقرة الثانية: طبيعة القرار القابل للطعن.

الفرع الثالث: شروط متعلقة بالمسطرة.

الفقرة الأولى: التظلم الإداري.

الفقرة الثانية: الطعن الإداري.

الفقرة الثالثة: الاستئناف.

الفرع الرابع: الشرط المتعلق بانعدام الطعن الموازي.

المبحث الأول: تعريف دعوى الإلغاء وتطورها التاريخي

 

من خلال هذا المبحث سنحاول معالجة نقطتين في المطلب الاول تعريف دعوى الإلغاء وفي المطلب الثاني التطور التاريخي لدعوى الالغاء.

 

المطلب الأول: تعريف دعوى الإلغاء:

تعتبر دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة دعوى قضائية ترمي إلى المطالبة بإلغاء وإعدام القرار الإداري لكونه معيبا أو مشوبا بعيب من عيوب عدم المشروعية المعروفة.

كما يمكن دعوى الإلغاء بأنها الوسيلة القضائية التي تمكن القاضي من مراقبة عمل الإدارة وإلغاء قراراتها غير المشروعة. وتعد أهم الدعاوى القضائية وأكثرها قيمة من الناحية النظرية والعلمية ، كما تمثل حماية هامة للأفراد وحرياتهم وتمنع خروج الإدارة من أحكام القانون. بموجب دعوى الإلغاء يكون للقاضي أن يفحص مشروعية القرار الإداري ، فإذا تبين انحراف القرار الإداري للقانون حكم بإلغائه ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك فليس له أن يقوم بتعديل القرار الإداري المطعون فيه أو استبداله بغيره .

ويقصد أيضا بقضاء الإلغاء قيام القاضي بإبطال القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارة فيها إذا أصدرت مخالفة لمبدأ المشروعية ، أو هو تقرير مدى اتفاق أو مخالفة القرار المطعون فيه للقواعد القانونية ، فإذا كان مخالفا لها يقرر القاضي إبطاله دون أن يتعدى ذلك إلى بيان المركز القانوني للطاعن أو تقرير سحب أو تعديل القرار المعيب أو إصدار قرار آخر محله كما هو حال السلطات التي يتمتع بها القاضي في الدول الأنجلوسكسونية فسلطة القاضي في قضاء الإلغاء تنحصر في إبطال القرار الإداري المعيب دون أن يبين للإدارة الحل السليم، أو القرار الواجب اتخاذه بشكل صريح. وتوصف دعوى الإلغاء بأنها دعوى القانون العام لأنها تعد من النظام العام، إذ يمكن توجيهها ضد أي قرار بدون نص خاص وإذا استبعدت فإن القاضي يحاول التغلب على ذلك بتفسير القانون.

 

 

المطلب الثاني: الإطار التاريخي لدعوى الإلغاء:

 

عرف التنظيم القضائي المغربي أول إصلاحاته بعد الاستقلال بإنشاء المجلس الأعلى بمقتضى ظهير رقم 1.57.223 الصادر في 27 شتنبر 1957 بكل غرفه ، وأهم غرفة ميزت هذا المجلس الغرفة الإدارية غير أن تأسيس المجلس الأعلى لم يكن ثورة قضائية لأنه لم يأتي بأي تغيير على صعيد النظرة القضائية المعمول بها ، فهو من جهة يعتبر محكمة نقض في جميع القضايا حتى الإدارية ، ومن جهة ثانية تعتبر غرفته الإدارية محكمة إلغاء بالنسبة للقرارات الصادرة عن السلطات الإدارية ، كما حددت الغرفة الإدارية اختصاصاتها بموجب الفصل 17 من الظهير المذكور مهمتين أساسيتين كالتالي:

 

1.    النظر في دعاوى الإلغاء المرفوعة ضد المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية ابتدائيا و انتهائيا.

2.    النظر في طلبات الطعن بالنقض المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عن مختلف المحاكم في دعاوى المسؤولية الإدارية المرفوعة على جهات إدارية والتي تلحق ضرراً بالأفراد.

 

ونشير كذلك إلى أن دعوى الإلغاء المرفوعة أمام محكمة النقض معفاة من الرسوم القضائية وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 56 من ظهير 27 شتنبر 1957 وخلال مرحلة 1974 استند الإصلاح القضائي على مبدأ أساسي هو تقريب القضاء من المتقاضين وتقرر في ظله تسهيل مساطر الطعن في مجال دعوى الإلغاء فجعل الطعن الإداري الذي يسبق الطعن القضائي اختياريا بعد أن كان في المسطرة القديمة إجباريا بحيث أمكن للمتقاضي أن يرفع في نفس الوقت طعنا قضائيا وطعنا إداريا ولم يعد ينتظر جواب الإدارة الصريح أو الضمني كما كان عليه الأمر قبل الإصلاح القضائي لسنة 1974، وأخيرا جاء القانون المحدث للمحاكم الإدارية 41.90 الصادر في 10 سبتمبر 1993 والذي وضع ضمن اختصاصات المحكمة الإدارية النظر في طلبات الإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة والتعويض معا لدرجة أولى على أن يقع استئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى مع مراعاة الاستثناءات المقررة ضمن المادة 9 من نفس القانون.

 

وقد كان آخر إصلاح عرفه المغرب منذ الاستقلال إلى الآن فيما يتعلق دائما بدعوى الإلغاء ، إحداث محاكم استئناف إدارية بموجب القانون رقم 80.03 بتاريخ 14 فبراير 2006 والتي عهد إليها بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها ما لم تكن هناك مقتضيات مخالفة.

 

وبهذه المقتضيات ينزع اختصاص البث في أحكام المحاكم الإدارية في يد محكمة النقض كدرجة استئنافية على أن المادة 19 من نفس القانون أبقت اختصاص المجلس الأعلى بوصفها جهة استئنافية في القضايا المسجلة أمامها قبل دخول قانون 80.03 حيز التنفيذ وتكون القرارات الصادرة في هذا الشأن غير قابلة للطعن


 

المبحث الثاني: مميزات دعوى الإلغاء وأسباب وشروط قيامها

 

المطلب الأول: مميزات دعوى الإلغاء

 

بغض النظر عن الاتجاهات والاختلافات الفقهية، فإن دعوى الإلغاء تتميز بمجموعة من السمات أهمها:

ا - تقبل بمجرد توفر شرط المصلحة لرافعها، في حين يشترط توفر حق شخصي بالنسبة لدعوى التعويض، والحق الشخصي ليس هو المصلحة الشخصية، فقد تكون إزاءها دون توفر حق شخصي، في حين يتعذر عادة تصور حق شخصي دون وجود مصلحة.

 

ب - يقتصر القاضي في حكمه بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه عند التحقق من عدم مشروعيته والأضرار التي يلحقها بالطاعن فلا يطال الحكم التعويض عن الأضرار، بل ولا يأمر بإرجاع الأمور إلى وضعها قبل صدور القرار الملغى، ولكن يكتفى بالقول ببطلان القرار. والإدارة عادة تستجيب لنية المدعي والأثر الطبيعي للقرار، فتقوم بتنفيذ مقتضيات الحكم، وإلا سبب عدم تنفيذها في ضعف مصداقيتها وفي إقامة دعوى أخرى أمام القضاء الشامل.

ج - إنها الدعوى الأساسية التى تحتاط منها الدولة، لأنها المحك الفعال والمعيار القويم لحماية المشروعية في دولة القانون. إذ يحق لأي فرد كيفما كانت درجته ووضعيته الاجتماعية، أن يسائل ويقاضي الإدارة في شأن بعض تصرفاتها التي ألحقت به ضررا، فيطلب إلغاءها. مما يحفز الإدارة على التروي والضبط والتخطيط ودراسة مشاريعها من جميع الجوانب تجنباً لكل ما شأنه أن يجعلها في مواجهة القضاء.

 

د - تصبح الأحكام الإدارية مصدرا حقيقيا للقانون في حالة انعدام وجود نص أو قاعدة دقيقة في الموضوع يسترشد بها القاضي، ويدخل هذا في إطار قاعدة حجة الأمر المقضي، أو السوابق القضائية التي تتخذ فيما بعد وسيلة يحتج بها، وبتراكم هذه الاجتهادات القضائية يغتني القانون الإداري وينمو.

 

المطلب الثاني: أسباب قيام دعوى الإلغاء.

 

ويشترط لقبول الطعن بالإلغاء، بسبب التجاوز السلطة، أمام المحكمة الإدارية أن يكون القرار المطعون فيه معيبا بعيب من عيوب المشروعية، التي هي : مخالفة القانون. عدم الاختصاص، عيب إساءة استعمال السلطة، عيب الشكل، انعدام التعليل، ويكفي وجود أحد هذه العيوب للقول بعدم مشروعية القرار، وبالتالي الحكم بإبطاله. وحتى يتضح كل من هذه الأوجه تخصص لها فقرة توضيحية.

 

الفرع الأولى: مخالفة القانون.

 

يلاحظ بادئ ذي بدء أن أوجه الطعن تدخل عامة في إطار مخالفة القانون، إلا أنه قد درج الفقهاء على فهم هذه العبارة باعتبارها تتعلق بعيب في محل أو موضوع القرار الإداري. فمحل القرار الإداري القاضي بفصل موظف هو قطع تلك الصلة التي تربطه بالإدارة، ومحل قرار الترقية هو وضع المعني بالأمر في درجة أو رتبة مهنية أعلى. ونكون إزاء ما يسمى بخرق القانون في حالة صدور قرار إداري من شخص أخطأ في تفسير القاعدة القانونية أو في تأويلها أو حتى في تطبيقها، فيكون قراره مخالفاً لقاعدة قانونية صريحة، كأن يصدر قراراً فورياً يفرض على المعنيين بالأمر العمل طيلة أيام الأسبوع، في حين أن القانون يخولهم الراحة الأسبوعية، أو أن يرشح موظفا للترقية باعتباره أقدم، ثم يتبين أن هناك موظفاً آخر أقدم منه.

ومن جهة أخرى، على مصدر القرار أن يحترم تسلسل القرارات التي تعلوه درجة وترتب عادة كما يلي : الدستور الاتفاقات الدولية، القانون، مراسيم القوانين، المراسيم ،القرارات الوزارية المشتركة بين الوزارات، وقرارات السلطة المحلية. وهكذا نلاحظ أنه كلما كان مصدر القرار في رتبة أو مسؤولية أدنى، فرض عليه احترام قواعد قانونية أكثر عدداً وأعقد شكلا.

ولا يقتصر مبدأ احترام القانون على القواعد المكتوبة، بل يتجاوزها إلى ضرورة احترام المبادئ القانونية العامة والأخلاق الحميدة، والمقدسات الدينية والوطنية، والحقوق المكتسبة، وحجية الشيء المقضي به والمسطرة القضائية، وحقوق الدفاع ... إلى غير ذلك.

 

الفرع الثاني: عدم الاختصاص.

من أهم سمات دولة القانون في العصر الحاضر مبدأ الفصل بين السلطات، بحيث تختص كل سلطة بمجال معين في استقلال تام على مستوى سلطة القرار، وفي تنسيق وتكامل على مستوى التنمية الشاملة والإنجازات المشتركة وفي هذا الإطار نشير أن اختصاص رجل الإدارة يتحدد مكانيا وزمانيا وموضوعيا، وفقا لاختصاص الجهة التي ينتمي إليها. وكل مخالفة لذلك تجعل القرار معيبا بعيب عدم الاختصاص، خاصة وأن بعض الفقهاء يعتبر أن مسألة الاختصاص تدخل في النظام العام، لأنه هو من أهم المقومات التي تخلق التوازن والضبط. لذا أصبح من البديهي والقانوني الدفع، في أية مرحلة من مراحل الدعوى، بعدم الاختصاص، بل للقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه دون طلب من الأطراف وصور عدم الاختصاص متعددة: عدم الاختصاص النوعي والزمني وتجاوز السلطة.

 

الفقرة الأولى: عدم الاختصاص النوعي.

يقصد به صدور قرار إداري من شخص ليس له الحق في ذلك لعدم وجود تفويض في الإمضاء مثلا، أو في السلطة أو في التسيير... بأن تطاول موظف على اختصاص موظف آخر عن خطأ عمدي أو غير عمدي، كأن تصدر الإدارة نصوصاً جعلها الدستور من أعمال السلطة التشريعية أو القضائية، أو أن يتطاول رئيس إدارة على عمل يعتقد أنه من اختصاصه بينما يتبين العكس، فقد قضى المجلس الأعلى مثلا بأن وزير الشغل والشؤون الاجتماعية قد تطاول على اختصاص لجنة الصلح والتوفيق، عندما اعتقد أنه قام بتسوية نزاع بين نقابة عمال النقل ونقابة أرباب النقل، وهذه التسوية لم ترض إحدى النقابتين مما خولها حق إثارة مسألة الاختصاص، وكأن تمارس السلطة المحلية مهام الجماعة، ما لم يكن هناك نص يسمح بذلك. كما ألغي قرار وزير الفلاحة الصادر بحل إحدى الجمعيات، علما أن مثل هذا الإجراء من اختصاص السلطة القضائية، طبقا للظهير المتعلق بالحريات العامة.

وتجنبا لكل إحراج يجعل الإدارة معه متهمة بإصدار قرارات مشوبة بعيب عدم الاختصاص، تلجأ إلى التفويض في الإمضاء أو في بعض السلطات ليصبح الشخص المعني بالأمر مؤهلا للقيام بمجموعة من المهام كانت من قبل من اختصاص سلطة أعلى.

 

الفقرة الثانية: عدم الاختصاص الزمني.

يقصد به الاختصاص المقرر لمدة معينة، أي الذي يبتدئ من تاريخ معين وينتهي بزوال الصفة مثلا أو المهمة أو في تاريخ محدد، كتمثيل الإدارة في حظيرة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء محدود المدة. فالموظف الذي خول له إصدار قرارات في مجال معين، يفقد هذه السلطة بصفة فورية بمجرد صدور قرار بقبول استقالته، أو بإقالته أو بتغيير مهامه... إلخ. فلو أصدر قراراً مؤرخا بعد ذلك، فإنه يكون معرضا للإبطال. ومن جهة أخرى لا يسوغ للإدارة تطبيق قرار أو نص انتهى أجل العمل به، أو لم يحن الوقت للعمل به مما يجعل قرارها باطلا وغير قابل للتنفيذ.

 

الفقرة الثالثة: تجاوز السلطة.

ويتجلى في كون فرد لا ينتمي أو لم يعد ينتمي للإدارة وليست له الصفة لاتخاذ تدابير ولكنه مع ذلك يتخذها فيلحق ضرراً بالأغيار، فمثل هذا القرار يعتبر لاغيا وغير ذي قيمة ولا يحتج به، وأمثلة ذلك كثيرة كأن يطلي أحد الملاك من تلقاء نفسه حافة الرصيف المقابل لمنزله باللونين الأبيض والأحمر ليمنع وقوف السيارات أمام مسكنه، فإن هذا التدبير يعتبر لاغيا وغير ذي أثر قانوني ولا يلزم أصحاب السيارات.

 

الفرع الثالث: عيب إساءة استعمال السلطة.

 

يرتبط هذا العيب أساسا بنفسية ونوايا و حوافز ودوافع مصدر القرار. ومن هنا تتجلى صعوبة مراقبة وتبيان عدم المشروعية، لأنها لا تكتسي صبغة ذات مظهر خارجي بل تروم إلى معرفة الغايات المراد تحقيقها، التي كثيراً ما تكون خفية يصعب استجلاؤها، وبالتالي الطعن في شأنها. ويتلخص عيب إساءة استعمال السلطة في مجالين أساسيين هما: الانحراف في استعمال السلطة التعسف في استعمال السلطة.

الفقرة الاولى: الانحراف في استعمال السلطة.

يتعلق هذا العيب بركن الهدف الذي تروم الإدارة تحقيقه بواسطة قرارها، وقد ينحرف عن الهدف الأساسي للعمل الإداري الذي يتجلى في تحقيق المصلحة العامة بمكوناتها الثلاثة التي هي الأمن العام الصحة العامة، السكينة العامة.

فقد يتجلى الانحراف في استعمال السلطة في إحلال منفعة خاصة محل منفعة عامة، كأن يرمي القرار إلى تحقيق غايات ذاتية أو سياسية خاصة، فيختار رئيس الإدارة مثلا للترقية من سلم إلى أعلى شخصا قريبا إليه نسبا، أو ينتمي إلى حزبه أو غير ذلك.. في حين هناك أشخاص يفوقونه رتبة ودرجة وأقدمية ومؤهلات مهنية، وبهذا يكون القرار معيبا بالانحراف في استعمال السلطة، ومثل هذه الحالة كثير.

أما الانحراف عن المصلحة أو الغاية المحددة بالذات، فيظهر في كون القرار الإداري - رغم ما يهدف إليه من تحقيق مصلحة عامة - يهدف إلى تحقيق مصلحة غير داخلة ضمن أهداف الإدارة، كأن ترفض الترخيص لشخص بفتح  دار للسينما، رغبة منها في بوار الأرض المجاورة لها، حتى تشتريها بثمن بخس، باعتبار أن فتح سينما في تلك المنطقة سيساهم في ارتفاع ثمنها.

أما الانحراف عن الإجراءات في سلوك الإدارة فيتجلى في سلوك الإدارة طريقة غير قانونية لتحقيق مصلحة عامة، كأن تلجأ إلى الاستيلاء على عقار بدل أن تتبع مسطرة نزع الملكية التي تتطلب إجراءات معقدة ومدة أطول، أو كأن تصدر الإدارة قراراً في حق تاجر يقضي عليه بأداء غرامة بتهمة الزيادة غير المشروعة في الأسعار، في حين أن التهمة الحقيقية كانت هي الغش في السلع الغذائية. ولكن الإدارة تجنبت هذه التهمة الأخيرة. نظراً لما تتطلبه من إجراءات وما تخوله للمتهم من ضمانات كالخبرة.

 

الفقرة الثانية: التعسف في استعمال السلطة.

إن فكرة التعسف في استعمال السلطة جد دقيقة ومرنة، بحيث يتعذر في غالب الأحيان إثبات وجود تعسف الإدارة، وذلك لعدم وجود حدود واضحة ومحددة لنطاق تصرفاتها، وبالتالي متى نكون إزاء تعسف في استعمال السلطة وذلك خارج فكرة الانحراف التي تتسم بشيء من الوضوح، مثال ذلك إذا أصدرت الإدارة في حق موظف عقوبة إدارية تتجاوز في نظره الخطأ المنسوب إليه، فليس هناك معيار يضع لكل خطأ عقاباً إدارياً معيناً، يفرض عليها التقيد به.

وخارج نطاق التأديب الإداري، هناك ما يسمى بانعدام الملاءمة بين القرار والشروط والظروف الموضوعية التي تقترن به بحيث يمكن إثارتها لتبيان ما يشوب القرار من عيوب تجعله غير ملائم زمانا أو ظروفا ....

 

الفرع الرابع: عيب الشكل.

 

قد يشترط المشرع صراحة أو ضمنا اتباع شكل معين أو إجراءات محددة للقيام بعمل إداري، كالنشر الذي يستلزم تلقائيا صدور القرار كتابة. وقد يشترط لصدور القرار استشارة جهة معينة، أو مراعاة قيود زمنية.

ومن أهم الشكليات ما يسمى «التسبيب» أي ذكر الأسباب التي حدث بالإدارة إلى اتخاذ قرار معين، وقد يثير القضاء هذه المسألة تلقائيا، دون انتظار إثارتها من الطرف الآخر. وقد قضت الغرفة الإدارية في أحكام عديدة بضرورة احترام ومراعاة شكليات إصدار قرارات إدارية، فألغتها بسبب ذلك، كأن يتطلب الأمر استشارة لجنة دون أخرى، أو صدور عقوبة أشد من التي صدرت عن اللجنة المتساوية الأعضاء، دون أخد موافقة رئيس الحكومة، أو إصدار قرار في حق موظف مع عدم تمكينه من الاطلاع على الأفعال المنسوبة إليه، وبالتالي الدفاع عن نفسه أمام اللجنة المختصة... الخ، والمقصود هنا في اعتبار التسبيب عنصراً شكليا من حيث الوجود لا من حيث طبيعة ومصداقية التسبيب ومدى جدارته التي تدخل ضمن العوامل الموضوعية.

وبالتالي فالمقصود هنا لا يتعدى أن على الإدارة أن تعلل قراراتها من جهة، وأن تراعي المسطرة الإدارية عند إصدارها.

 

الفرع الخامس: انعدام التعليل.

 

يعتبر السبب أحد أركان القرار الإداري التي ينبغي أن يؤسس عليها، وهو يتعلق بالظروف الواقعية والقانونية التي يرتكز عليها، بصفتها مبررات موضوعية صرفه، تستوجب إصدار القرار الإداري. ولا يهم ما إذا كان السبب يشكل عيبا مستقلا ومتميزا عن باقي العيوب، أم يتداخل مع عيب الشكل أو الموضوع. ولكن المهم هو بحث الصور التي يتخذها السبب كأحد عيوب القرار الإداري: فقد ينحصر في تبيان الوجود أو عدم الوجود الفعلي للسبب (الخطأ الفعلي)، أو في مدى شرعية السبب على الصعيد القانوني (الخطأ القانوني)، أو في مدى جدارة التقدير للوقائع المنسوبة باعتبارها سبباً معتمداً (للتكييف القانوني للسبب) لإصدار القرار الإداري.

 

الفقرة الاولى: الخطأ المادي (الفعلي).

يفضي إلى القول بوجود أو عدم وجود الفعل المنسوب إلى المتهم، فقد تصدر الإدارة قراراً في حق شخص على أساس أنه ارتكب خطأ معينا، ثم يثبت أن ذلك محض افتراء، ولا أساس له من الصحة، مما يجعل المحكمة تصدر حكما بإلغاء القرار لعدم الوجود الفعلي لركن السبب. وهذا يحفز الإدارة على تعزيز قراراتها ومذكراتها الجوابية بأسباب وتوضيحات موضوعية، وتدعمها بجميع الوثائق المفيدة والقرائن المثبتة، بحيث إذا لم تجب اعتبر القاضي أنها موافقة على الطعون التي قدمها الطاعن.

ومن الصيغ التي تؤكد ضرورة مراعاة الوجود الفعلي للسبب، ما يرد مثلا على لسان المجلس الأعلى : «(...) يتبين من دراسة أوراق الملف أن الأسباب المقدمة ضد الطاعن، لتبرير فصله عن العمل من أجل قصور مهني، ومعارضته لرؤسائه وعرقلته لحسن سير المرفق، ترتكز على وقائع غير صحيحة ماديا ..».

 

الفقرة الثانية: الخطأ القانوني.

وقد ينتفي الوجود القانوني للسبب، فنكون إزاء خطأ قانوني، كأن يتبين أن الإدارة أسندت قرارها بالعزل أو التوقيف أو سحب الرخصة أو إغلاق محل تجاري.... على كون المعني بالأمر قد قام بأعمال محظورة قانونا. ولكن بعد التحري والبحث وإجراء الخبرة، يتضح أن الأعمال الخارجة عن القانون المنسوبة إلى المعنى بالأمر، لا ينص القانون على العقوبة نفسها التي أصدرتها الإدارة، فيكون بالتالي تفسيرها أو تطبيقها للقاعدة القانونية متسما بالشطط في استعمال السلطة.

أما إذا كنا أمام خطأ إداري حقيقي ارتكبه موظف، وأصدرت الإدارة في حقه عقوبة إدارية، في إطار التأديب والانضباط، فإنه يتعذر البت فيما إذا كان القرار الإداري يتناسب أو لا يتناسب مع طبيعة وظروف الخطأ، لعدم وجود شبكة تحدد لكل خطأ إداري عقوبة معينة، مما يخول الإدارة سلطة تقديرية واضحة عند ثبوت الخطأ قانونيا وتأكد السبب.

 

الفقرة الثالثة: خطأ في التكييف.

يتناول النزاع المتعلق بالتكييف القانوني للوقائع، تقدير مدى العلاقة الموجودة بين الخطأ المرتكب والتفسير المعطى له، فارتكاب أي خطأ مهما كانت خطورته لا يؤدي إلى إصدار عقوبة إدارية مماثلة، فعصيان أوامر الرئيس ليس هو التدخين بالإدارة. فحتى لو كان الخطأ موجوداً واقعيا، ومعترفا به من لدن المتهم أو الطاعن، فإن التكييف القانوني لهذا الخطأ قد تحمله الإدارة أكثر مما يحتمل، وتغلو في تقديره، مما يجعلها تصدر في حق المعني بالأمر عقوبة إدارية أشد، في حين قد لا يؤدي مثل ذلك الخطأ إلى صدور أي حكم لكونه لا يشكل أي ضرر على سير الإدارة.

وهذا ما يبرر تدخل القضاء لرقابة التكييف المحدد للوقائع من لدن الإدارة، إلا أن هذه الرقابة تواجهها مشكلات دقيقة عندما يكون الموضوع ذا طابع تخصصي، أو ناتجاً عن دراسة ميدانية، عن أعمال لجنة متخصصة... يتعذر معها على القاضي - لعدم تخصصه - أن ينظر في طبيعة التكييف للوقائع موضوع النزاع، وقد يؤدي مبدأ الرقابة هذا إلى حضور القاضي جميع الإجراءات والأعمال الإدارية لحمايتها من التكييف الخاطئ للوقائع، وهذا أمر مستحيل.

 

المطلب الثالث: شروط رفع دعوى الإلغاء.

لكي يستطيع القضاء الإداري، المرفوعة إليه الدعوى، النظر والبت فيها، لابد ان يستوفي الطلب أربعة شروط أساسية تحت طائلة البطلان سنتطرق لها في هذا المطلب وهي:

شروط متعلقة برافع الدعوى الطاعن الفرع الأول

شروط ترتبط بموضوع الطعن؛ الفرع الثاني

شروط متعلقة بالمسطرة؛ الفرع الثالث

الا تكون للطاعن دعوى موازية في الفرع الرابع.

 

الفرع الأول: شروط متعلقة برافع الدعوى.

يشترط على رافع دعوى أمام محكمة إدارية ما يشترط عموما في هذا المجال، وأهم هذه الشروط هي: الأهلية، الصفة المصلحة، فقد ورد في الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية أنه «لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه»، بل يعتبر توافر هذه الشروط مجتمعة من النظام، إذ على القاضي أن يراعيها ويثيرها، حتى ولو لم يطلب ذلك من أطراف الدعوى، فلا يسوغ إذن الدعوى أن تسلك طريقها الإجرائي ما لم تتوفر الشروط المذكورة في أجل يحدده القاضي.

الفقرة الأولى: الأهلية.

إن شرط الأهلية لا يثار عادة في القضاء الاداري، إلا في حالات نادرة، إلا على أساس أن ركن الأهلية متوفر حتما بالتبعية إذ أن الانتماء إلى أي سلك من أسلاك الوظيفة العمومية لا يتحقق دون توفر الأهلية. كما أن الشخص المتضرر من أي قرار إداري يرفع عادة دعوى وهو متمتع بالأهلية الكاملة، وكيفما كان الحال، فإن أهلية التقاضي شرط لازم وتتمثل في عدة عناصر أهمها: بلوغ السن القانونية لرشد (20 سنة)، أو سن التوظيف المعمول بها وهي 18 سنة، مع الخلو من موانع الأهلية، كالجنون والعته والغفلة والسفه والحجر ...

وفي حالة كون رافع الدعوى شخصا معنويا (جمعية شركة ...)، فإن الأهلية تتمثل في التأسيس والوجود والاعتراف القانوني، وجميع الشروط المتعلقة بهوية المؤسسة.

 

الفقرة الثانية: الصفة.

يعتبر بعض الفقه شرط الصفة ضمن شرط المصلحة، غير أنه يمكن القول بأن شرط الصفة مرتبط برافع الدعوى على مستوى علاقته الشخصية بموضوع الطعن، مثال ذلك: اشتراط توفر صفة موظف لاكتساب حق اللجوء إلى المحكمة الإدارية في قضية وضعية مهنية، فلا يسوغ للشخص أن يرفع دعوى مكان شخص آخر أو أن يدافع عنه ما لم يكن وكيلا عنه بصفة قانونية كالمحامي.

 

الفقرة الثالثة: المصلحة.

يعتبر هذا الشرط أكثر دقة وأهمية، إذ ينطلق من المبدأ القائل: «لا دعوى حيث لا مصلحة». ويقصد بها كون رافع الدعوى في حالة قانونية، خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه، من شأنها أن تجعله متأثرا به تأثيرا سلبيا مباشرا. بمعنى أنه ينبغي أن يكون الطاعن في وضعية المتضرر من قرار إداري، ولا يهم نوع الضرر الذي يحدثه، ماديا أو معنويا، فرديا أو جماعيا، محققا أو محتملا، خاصة وأنه قد يصدر قرار يطال بعض الجمعيات أو النقابات أو الهيئات أو المؤسسات المتعددة الأطراف.

هذا ويشترط وجود علاقة سببية بين القرار الإداري والضرر الحاصل أو المتوقع حصوله، للفرد أو الهيئة، فقد أقر المجلس الأعلى بوجود شرط المصلحة لجمعية المهن الاقتصادية والاجتماعية بإقليم طنجة  عندما طعنت بالإلغاء في مقرر إداري صادر عن نائب كاتب الدولة في المالية يقضي بمد تشريع يفرض ضريبة معينة على مرتبات وأجور العاملين والأجراء، فبرغم كون تلك الضريبة لا تمس الجمعية المذكورة ذاتها ولا أعضاءها بصفة أصلية، مما كان يمكن أن يدفع إلى القول بانتفاء مصلحتها، إلا أن المجلس الأعلى قضى بتوفر شرط المصلحة على أساس أن تطبيق هذا القرار سيكلف أعضاء الجمعية - وهم أرباب الأعمال - بتحصيل الضريبة المذكورة من أجرائهم لتوريدها إلى الإدارة المختصة، خاصة وأنهم معرضون لعقوبات مالية إذا أخلوا بالتزاماتهم في هذا الصدد.

وعلى العكس من ذلك، فقد قضى المجلس الأعلى - الغرفة الإدارية، بعدم توفر شرط المصلحة في حق الجامعة الوطنية لنقابات أرباب النقل العمومي عبر الطرق بالمغرب بالطعن في مقرر إداري لايهم إلا طائفة إقليمية من أعضائها ممثلة من لدن نقابة إقليمية .

والواقع أن مسألة قبول أو رفض الطعن المقدم من لدن منظمة تمثيلية أمام القضاء الإداري ما زال لم يحسم بشكل نهائي ومحدد، فخلال ترجيح مصلحة فردية، يلاحظ أن المجلس الأعلى يرفض الطعن المرفوع من قبل الهيئة، في حين أنه إذا ثبت ترجيح مصلحة طائفية، فإنه لا غنى للمجلس الأعلى من قبول الطعن المقدم من الهيئة المعنية.

ومهما كان الموقف، فإنه أمام المنظمات التمثيلية إمكانية استغلال الفصل 377 من قانون المسطرة المدنية، الذي يعطي الحق لأية جهة كانت أن تتدخل أمام المجلس الأعلى قصد تعزيز ادعاءات أحد الأطراف - المدعي أو المدعى عليه ـ ما دامت للطرف المتدخل مصلحة في ذلك. فهل ينطبق هذا التدخل على المحاكم الإدارية، الواقع أن القانون المنظم لهذه المحاكم لم يشر إلى هذا التدخل، مما يجعله مستبعدا، إلا أنه وطبقا للمادة 7 من هذا القانون القاضية بتطبيق قواعد قانون المسطرة المدنية في حالة عدم وجود نص مخالف، فإنه تسري على المحاكم الإدارية الفصول 111 إلى 118 المتعلقة بـ «التدخل الإداري ومواصلة الدعوى» من المسطرة المدنية.

 

الفقرة الرابعة: طبيعة الدفع بانعدام المصلحة.

يعتبر شرط المصلحة رابطة أساسية بين الطاعن والقرار المطعون فيه، لذا ليس من الطبيعي أن يتمتع شخص لا مصلحة له في القضية بالحق في طلب إلغاء مقرر لا يهمه في شيء. ويقصد بالمصلحة هنا كونها شخصية، لأنها بهذا الشكل تكون قرينة على جدية الدعوى، ولا يمنع أن تكون مصاحبة للمصلحة العامة والعبرة بقبول الدعوى بتوفر المصلحة يوم رفعها، أما إذا زالت المصلحة كلا أو جزءا بعد رفع الدعوى فإنه لا يؤثر على قبولها من حيث الشكل، إلا أنه من حيث الموضوع فإنه يصبح من العبث وإضاعة الوقت الاستمرار في الدعوى إذا زال الضرر وزالت المصلحة بصفة شاملة. ومهما يكن من أمر فإن معيار المصلحة الشخصية يتسم بالمرونة، ويعطي للقاضي سلطة تقديرية في كل حالة على حدة.

ومن جهة أخرى يثار نقاش حول ما إذا كان الدفع بانعدام المصلحة من الدفوع الشكلية التي ينبغي إبداؤها تحت طائلة سقوط الحق في اثارتها - قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر، أم هي من الدفوع الموضوعية التي يحق للمعني بالأمر اإثارتها في أية مرحلة من مراحل الدعوى ؟ إن القضاء والفقه في الوقت الراهن يتجهان نحو اعتبار الدفع بانعدام المصلحة ذا طبيعة موضوعية، يسوغ اللجوء إليه كلما رأى المعني بالأمر مصلحة له في ذلك ما دامت الدعوى قائمة.

 

الفرع الثاني. شروط متعلقة بموضوع الطعن.

يقصد بموضوع - أو محل - دعوى إلغاء قرار إداري، كل عمل أو تصرف قانوني يصدر من الإدارة ذات السلطة التنفيذية توجه ضده دعوى من لدن الطرف المتضرر طالبا إلغاءه وإزالة آثاره القانونية. وقد اتجه بعض الفقه أن محل دعوى الإلغاء هو القرار الإداري نفسه دون غيره، فما هي طبيعة القرار الذي يمكن الطعن فيه دون غيره ؟

 

الفقرة الاولى: قرارات لا تخضع لرقابة القضاء.

إن الرقابة القضائية على القرارات الإدارية لا تكتسي صبغة الإطلاق، فهناك نصوص وتصرفات لا يرقى القضاء الإداري إلى مراقبتها، تشكل استثناء لا يسوغ للمحاكم الإدارية ولا للمجلس الأعلى النظر فيها.

 

أولا: النصوص الملكية.

 

أصبح بديهيا أو مسلما به أنه لا تحال القوانين على المجلس الأعلى بقصد إلغائها، لأنه بذلك ستكون أمام مراقبة دستورية القوانين وليس أمام مراقبة المشروعية. فبالرغم من أنه لم تصدر لحد الآن من المجلس الأعلى مواقف إزاء النصوص الملكية، فالظهير مثلا يعتبر بمثابة قانون،

يستفاد من الأحكام القارة والمتواترة للقضاء الإداري بالمغرب منذ نشأة دعوى الإلغاء أن القرارات الصادرة عن الملك لا يمكن اعتبارها بمثابة قرارات صادرة عن مجرد سلطة إدارية، وبما أن القضاء الإداري لا يختص إلا بالنظر في الطعون الموجهة ضد قرارات السلطات الإدارية فإنه بالتالي تكون القرارات الصادرة عن الملك غير قابلة للطعن أمامه للنظر في مشروعيتها، وفي القرار الشهير الصادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (سابقا) في قضية مزرعة عبد العزيز بتاريخ 20 مارس 1970 أكد المجلس الأعلى بأن " صاحب الجاللة يمارس سلطاته الدستورية بوصفه أمير المؤمنين بناء على الفصل 19 (سابقا) من الدستور، وبالتالي لا يمكن اعتباره مجرد سلطة إدارية " ، ويتضح من القرارات القضائية الصادرة في هذا الإطار أنها تعتمد في تعليلها للحصانة القضائية للقرارات الملكية من الطعن على المفهوم

العضوي أو الشكلي وليس على المعيار المادي.

وقد أكد هذا الموقف المجلس الأعلى لاعتباره أن جميع القرارات التي يتخذها الملك في نطاق القضايا الإدارية لا تدخل في نطاق طلب الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة، سواء كانت هذه القرارات تحمل اسم مرسوم ملكي أو ظهيراو مرسوم أو قرار أو مقرر… الخ، ويمكن الإشارة هنا إلى أن طبيعة جلالة الملك فوق القضاء إذ بإمكانه اتخاذ مبادرة مراجعة الدستور عن طريق الاستفتاء، في حين أن هذه الإمكانية غير متاحة للسلطة القضائية .

 

ثانيا: أعمال السيادة.

 

وفقا للمبادئ العامة للنظام السياسي المغربي، وللأعراف التاريخية والسيادية، فإن أعمال السيادة لا تخضع لرقابة القضاء، ولا تقبل الطعن فيها بسبب الشطط في استعمال السلطة من مثل تلك الأعمال : القرارات المتعلقة بتحمل التكاليف العامة، أو بحماية الحدود، ووحدة التراب الوطني، والمقدسات الدينية والوطنية.. أو دعوة مجلس النواب للانعقاد أو إصدار قرار يفرض حالة الطوارئ، أو الأعمال المرتبطة بعلاقة الدولة مع المنظمات الدولية ولو كان من شأن ذلك أن يلحق ضررا ببعض الخواص.

 

ثالثا: النصوص التشريعية.

هي الأعمال التي تصدر عن السلطة التشريعية، وإذا كان من السهل تحديد السلطة التشريعية فإن هذه المسألة لا تبقى بهذه البساطة إذا تم النظر إلى مختلف الأعمال التي تصدر عن السلطة التشريعية لأنها ليست من نفس الطبيعة، فهناك القوانين، وهنا دعوى الإلغاء تكون غير مقبولة إذا وجهت ضدها ولو كانت مخالفة للدستور، ويلتزم مجلس الدولة الفرنسي مسلكا في غاية الصرامة في هذا الصدد فهو يمتنع عن التصدي للأعمال التي تندرج في نطاق العمل التشريعي للبرلمان سواء تمثل هذا العمل في صورة قوانين أو توصيات أو نظام داخلي للمجلس، غير أن هناك طائفة واحدة قابلة للطعن وهي التدابير التي تخص موظفي البرلمان

 

رابعا: الأعمال القضائية.

 

اعتمادا على مبدأ فصل السلطات تخص السلطة القضائية بالنظر في النزاعات والخصومات... في إطار استقلال القضاء و تطبيقا للتشريع السائد في البلاد. من هنا تكتسب أحكام وقرارات السلطة القضائية مشروعيتها وقوتها الإلزامية، فلا تقبل الطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة - أما الطعن بالاستئناف أو بطلب النقض المعمول به ضمن المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية فلا يدخل في الطعن بالإلغاء - إذ ينظر إلى أحكام السلطة القضائية بمعيار مزدوج - شكلي وموضوعي - أي باعتبارها جهة مختصة. وباعتبار قراراتها أحكاما قضائية.

غير أننا نكون في عدة حالات أمام نقاش يخلق لبسا وترددا في اعتبار قرار ما ذا صبغة إدارية أو قضائية، فيترتب عن ذلك نتائج مختلفة، ولنضرب أمثلة على ذلك:

لحن ذات صبغة قضائية :

قرر المجلس الأعلى ، أن مجلس الصيدلة يعتبر ذا صبغة محكمة إدارية متخصصة، وبالتالي فإن العقوبات التأديبية التي يصدرها تعتبر مقررات قضائية، لا يقبل الطعن فيها سبت تجاور السلطة، ومن بين الأسباب التي اعتمد عليها في ذلك كون تشكيلها يتضمن مستشار من المجلس الأعلى، أي ينتمي إلى السلطة القضائية.

لجن ذات صبغة إدارية :

في حين قرر المجلس الأعلى - الغرفة الإدارية - اعتبار اللجنة المكلفة بمنح وسحب وتحويل رخص نقل المسافرين والبضائع عبر الطرقات أنها ذات صبغة إدارية، وبالتالي يمكن الطعن في قراراتها بسبب الشطط في استعمال السلطة.

 

خامسا: الأعمال الولائية.

 

كثيرا ما يصدر القاضي قرارات تعتبر من حيث الموضوع ذات طابع إداري، غير أنها لا تقبل الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة، مثال ذلك القرار المتعلق بتعيين الوصي على القاصر، أو الإذن له بالاتجار قبل تمام سن الرشد، إذ في هذه الحالة ينظر إلى القرار من الجانب الشكلي المتعلق جهة الإصدار.

 

سادسا: قرارات المحاكم الاستثنائية.

 

قد تحدث بموجب نص محاكم استثنائية للنظر في قضايا معينة بالذات، ولا يكون بين أعضائها رجل قضاء، ورغم ذلك تعطى لأحكامها صبغة فضائية، مما يجعلها غير قابلة للطعن بسبب تجاوز السلطة.

وكيفما كان الحال، فإن القرار أو الحكم يكتسي صبغة قضائية لا تقبل الطعن بسبب تجاوز السلطنة، غير أنها تقبل الطعن وفق قواعد المسطرة المدنية أو الجنائية العادية وذلك في حالة وجود رجل قضاء في الهيئة مصدرة القرار، هذا على المستوى الشكلي، أما على المستوى الموضوعي، فإن الأمر يخضع للنص المنظم للجهة المعنية، وفي كل الظروف تعتبر قرارات اللجان الإدارية دوما ذات صبغة إدارية، تقبل الطعن بسبب تجاوز السلطة، ماعدا في حالات استثنائية منصوص عليها بالذات.

 

الفقرة الثانية: طبيعة القرار القابل للطعن.

إن قابلية الطعن بالإلغاء في قرارات الإدارة ليست مطلقة لذا، فلا يعتبر القرار الإداري قابلا للطعن بسبب تجاوز السلطة إلا إذا توافرت فيه شروط أهمها :

 

أولا: الطابع النهائي.

أي أن يكون القرار صادرا من جهة إدارية مختصة ولم يقتصر عليه في الأحرف الأولى، بل أصبح يشكل سندا قانونيا يعتمد عليه في مرحلة التنفيذ، ومن هنا يستبعد كل مشروع قرار يحتاج إلى تصديق، وكل إجراء تمهيدي غير ذي صفة نهائية، فقد رفضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الطعن بالإلغاء ضد العقوبة الإدارية المقترحة من لدن مجلس تأديبي، لكون العقوبة مازالت في مرحلة غير نهائية . ويلاحظ أن المجلس الأعلى اعتبر الطعن مقدما ضد مقرر وزير الفلاحة الذي تبنى مقترح المجلس التأديبي القاضي بعزل المعني بالأمر عن وظيفته مع احتفاظه بحقوق المعاش.

 

ثانيا: الصبغة التنفيذية.

تتحدد الطبيعة التنفيذية في كل قرار إداري من خلال نصه ذاته، إما بشكل صريح أو ضمني. وقد يكون لهذا التنفيذ أثر فوري أو أثر رجعي، إيجابي أو سلبي بالنسبة للأغيار، ويكتسي القرار الصبغة التنفيذية بمصادقة الوزير المختص المعني مثلا أو الوزير الأول..

فقد نكون إزاء قرار نهائي من حيث المضمون والإعداد، والمرور على جميع المراحل الإجرائية، ولكنه ما زال لم تتم المصادقة عليه من السلطة العليا المختصة أو لم يتم نشره بوسائل النشر القانونية.

 

ثالثا: صدوره من سلطة وطنية.

يقصد بالسلطة الوطنية الإدارة المغربية، سواء داخل أو خارج التراب الوطني.وبالتالي فإنه لا تسري دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة على قرار إداري، صادر عن جهات أجنبية مقيمة بالمغرب، مثل سفارة أو قنصلية، أو إدارة أو لجنة تابعة لهيئة الأمم المتحدة، أو للسوق الأوروبية المشتركة، أو الجامعة الدول العربية أو منظمة الوحدة الإفريقية أو المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم.... حتى ولو كان على رأس هذه الهيئة أو اللجنة مغربي الجنسية، لأنه في هذه الحالة لا يمثل السيادة الوطنية، بل يمثل الهيئة المعنية.

 

رابعا: التأثير في مركز الطاعن.

 

يعتبر هذا الشرط مرتبطا بشرط المصلحة، بحيث إذا تبين أن القرار الإداري سيلحق ضررا بمركز المعني بالأمر ماديا أو اقتصاديا أو اجتماعيا ... يصبح من حقه الطعن في القرار بسبب تجاوز السلطة، أما إذا تبين أن القرار لا يعدو أن يكون إجراء عديم الأثر القانوني على مركز المعني بالأمر، كما لو كان ذا طابع تنظيمي أو إعلامي محض، كإصدار قرار بإجراء فحص أو كشف أو معاينة ....

 

الفرع الثالث: شروط متعلقة بالمسطرة.

حدد المشرع شكليات وقواعد معينة تنظم مسطرة النزاعات الإدارية، بسبب تجاوز السلطة، بحيث تعتبر هذه القواعد من النظام العام، فلا يجوز للأطراف مخالفتها أو الاتفاق على ما يخالفها. بل للقاضي أن يراعي - من تلقاء نفسه. مدى احترامها، دون أن ينتظر دفعا من أحد أطراف النزاع صاحب المصلحة في مراعاة القاعدة المسطرة المتجاورة.

وحتى يكون موضوع الشروط المسطرية أكثر وضوحا ودقة، سنخصص تحليلا مبسطا للنقط التالية : التظلم الإداري الطعن الإداري الاستئناف لدى المجلس الأعلى.

 

الفقرة الأولى: التظلم الإداري.

يجوز للمتضرر من القرار الإداري، أن يتقدم إلى مصدره أو إلى رئيسه الأعلى - داخل أجل ستين (60) يوما من تبليغه القرار الإداري، أو علمه بصدوره بواسطة النشر العام، بتظلم إداري، يهدف حث الإدارة على إعادة النظر في قرارها قصد إلغائه أو تعديله بما يحول دون حصول ضرر مادي أو معنوي للمعنى بالأمر، مبينا أن الضرر الحال أو المنتظر حصوله غير مبني على أساس، وضرره لا مبرر له، مع الإشارة إلى الحيثيات والأسباب التي تساند موقفه.

والهدف الذي توخى المشرع تحقيقه من رفع هذا التظلم الإداري هو إتاحة الفرصة للإدارة قصد مراجعة قراراتها، وتجنب الأضرار بالأغيار ما أمكن، وحل المشاكل دون اللجوء إلى القضاء، والتقليل من المنازعات الإدارية، وتوفير كثير من الجهد والوقت.

ولنضرب لذلك مثلا : إذا صدر قرار إداري من مندوب وزارة بالعمالة أو الإقليم يحق للمتضرر منه إما أن يتظلم إلى المندوب نفسه، أو إلى الوزير الذي ينتمي إليه، وذلك اذا تبين له مثلا أن المندوب ليس لديه استعداد للتراجع عن قراره.

وإذا صدر القرار الإداري من الوزير مثلا، فإن النظام الإداري يوجه إلى الوزير نفسه وليس إلى الوزير الأول.

وبعد ذلك على المتظلم أن ينتظر مرور أجل منى (60) يوما، بمثابة مهلة تعطى للإدارة قصد قيامها بإجراءاتها في الموضوع .

وبانتهاء الأجل المذكور تكون الإدارة إما قد أجابت المعني بالأمر بالإيجاب أو بالرفض، وإما أمسكت عن الجواب، مما يعنى أنها رفضت مطلب المتظلم وفي كلتا الحالتين: الجواب بالرفض أو الرفض الضمني المتمثل في صمت الإدارة، يحق للمتضرر ان يلجأ إلى المحكمة الإدارية.

 

شروط  التظلم الإداري:

 

من أجل أن يكون التظلم الإداري معتبرا قانونا، ينبغي ان تتوافر فيه الشروط الآتية:

  أن يوجه إلى الإدارة المختصة وهي إما الإدارة مصدرة القرار أو التي تعلوها.

أن يكون التظلم بعد صدور القرار المتظلم منه صدورا رسميا ونهائيا وليس مؤقتا أو مشروعا فقط.

أن يكون التظلم واضحا ودالا على القرار المطعون فيه بكل دقة، وأن المتظلم يطلب إلغاءه أو تعديله.

أن يكون التظلم محترما الأجال القانونية المحددة المشار إليها سابقا.

أن يكون في مقدور الإدارة فعل شيء ما إزاء القرار، كسحبه أوإلغائه او تعديله.

 

الفقرة الثانية: الطعن الإداري.

عند صدور قرار إداري ذي آثار قانونية يلحق ضررا ماديا أو معنويا بالغير، يصبح من حق المتضرر أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة الإدارية المختصة - نوعيا ومحليا - داخل أجل ستين يوما من تبليغه القرار أو علمه به بواسطة النشر العالم، دون أن يلجأ إلى التظلم الإداري المشار إليه سابقا، خاصة إذا رأى أن يختصر الجهد والوقت، علما منه أن هذا النظام قد يسبب له ضياعا في الجهد والوقت (60 يوما لأجل التظلم الإداري 60 يوما لانتظار جواب الإدارة، 60 يوما لرفع الطعن النزاعي أمام المحكمة الإدارية)، خاصة إذا كانت له تأكيدات عن صحة موقفه، إذ يصبح أمامه أجل واحد فقط، هو رفع الدعوى خلال الستين يوما الموالية لصدور أو تبليغ القرار الإداري.

وإذا أخطأ الطاعن في القرار الإداري في الجهة التي تختص بالنظر في القضية، بأن يرفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة، فإن سريان الأجل ينقطع، ويبدأ احتسابه مجددا ابتداء من تبليغ المدعى الحكم الصادر بشأن الجهة المختصة. الشروط الشكلية لرفع الدعوى :

اشترط المشرع عدة شروط شكلية لرفع دعوى الطعن الإداري أمام المحكمة الإدارية، وهذه الشروط تدخل في نطاق القواعد المسطرية التي لا يسوع مخالفتها، وكل مخالفة لها تؤدي إلى بطلاب الدعوى المرفوعة ما لم يتم تصحيحها. ومن هذه الشروط : التبليغ الأجال شكليات المقال سير الدعوى.

أولا: التبليغ.

حدد المشرع لسريان ميعاد اللجوء إلى القضاء الإداري - تحت طائلة البطلان الشكلي أو المسطري - النشر والتبليغ أو الإعلان، وأضاف القضاء إليهما واقعة ثالثة تتمثل في العلم اليقيني بالقرار.

النشر :

عندما يكون موضوع القرار الإداري ذا صبغة عامة، فإن النشر العادي يصبح كافيا، ويتم عن طريق الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام كالتلفاز والإذاعة والصحف أو بواسطة نشرة أو دورية أو مذكرة تصدرها الإدارة.

أما إذا كان موضوع القرار الإداري بهم فرداً واحداً أو عدداً محدوداً من الأفراد، فإن النشر العادي المشار إليه سابقا لا يقوم حجة على المعنى بالأمر، فيتطلب الأمر إذاك التبليغ.

التبليغ أو الإعلان :

يقصد به إخبار الشخص المعني بالأمر بالقرار الإداري الصادر في حقه، إما بواسطة البريد، أو بتسليمه نظيرا (أي صورة طبق الأصل) للقرار، أو بمراسلة إسمية، وكل ما يثبت توصله بالقرار، وهنا يطرح سؤال عن مصداقية التبليغ الشفوي ومدى حجيته. وفي رأينا يقاس على ما يسمى بالعلم اليقيني.

العلم اليقيني :

يقصد به وصول القرار الإداري بنصه أو مضمونه إلى المعني بالأمر، بطريقة مباشرة، ويعتمد في هذه الحالة على القرائن المادية والسلوكية، التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك بلوغ القرار إليه. وكيفما كان الحال، فإن احتساب مدة ميعاد الطعن، يبتدئ من اليوم الموالي للنشر أو التبليغ أو العلم اليقيني، فإذا صادف اليوم الأخير يوم عطلة، يمتد الأجل إلى يوم العمل الذي يليه .

 

ثانيا: الآجال.

حدد المشرع آجال معينة تعطي الفرصة لكل متضرر من قرار إداري أن يقوم بالإجراءات الإدارية بالتظلم أو بالطعن النزاعي. وهذه الآجال التي أشرنا إليها فيما سبق تعتبر قواعد شكلية آمرة تدخل في النظام العام، وهي كما يلي :

نوع الإجراء

الأجل

الجهة

سريان الأجل

التظلم الإداري

ستون يوما

الإدارة

من يوم التبليغ بالقرار

الطعن الإداري

ستون يوما

المحكمة الإدارية

من يوم التبليغ بالجواب

 

 

قطع أو وقف سريان ميعاد الطعن الإداري :

قد تحول قوة قاهرة أو أحداث فاجعة دون تمكن المتضرر من قرار إداري للقيام برفع دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة، خلال الأجل القانوني المسموح به. ففي هذه الحالة حيث تثبت أن عدم رفع الدعوى لا يرجع إلى المعني بالأمر، بل يرجع إلى الظروف الطارئة أو القوة القاهرة، فإن سريان أجل الطعن ينقطع، ويتوقف التقادم مادامت القوة القاهرة أو الظروف الطارئة قائمة، ويبدأ من يوم زوال ذلك.

قطع التقادم :

يقصد بقطع التقادم المتعلق بأجل رفع دعوى الطعن الإداري، كل إجراء إداري أو قضائي يلجأ إليه المتضرر، ويسبب في تغيير ميعاد الطعن النزاعي المحدد في ستين يوما، إذ لا يبتدئ احتساب هذه المدة إلا بعد انتهاء آجال الإجراءات التي تم اللجوء إليها. ومن أهم هذه الإجراءات :

التظلم الإداري الذي يوجه إلى مصدر القرار الإداري أو إلى السلطة التي تعلوه.

طلب المساعدة القضائية في حالة كون المتضرر معوزا لا تسمح له ظروفه الاقتصادية والاجتماعية على أداء مستلزمات ورسوم التقاضي.

أما إذا لجأ المتضرر، خطأ، إلى جهة قضائية غير مختصة ثم أصدرت حكمها بعدم الاختصاص بعد قوات ميعاد الطعن الإداري (60) يوما) فإنه حسب اجتهاد المجلس الأعلى المغربي لا يعتد بهذا الإجراء، في حين يُعتبر القضاء المصري وكذا الفرنسي أن ذلك يقطع التقادم، ويبتدئ احتساب الأجل من تاريخ صدور الحكم بعدم الاختصاص.

 

ثالثا: شكليات المقال.

ينظر إلى هذا الموضوع من جانبين أساسيين لهما تأثير على سير الدعوى من حيث قبولها أو رفضها بسبب يعود إلى شكليات المقال، علما أن دعوى الإلغاء معفاة من الرسوم القضائية.

شكليات مضمونية :

تتعلق بالشروط والمعلومات التي ينبغي توافرها في المقال من أهمها :

أن يكون المقال مكتوبا باللغة العربية. فلا يعتد بالشكاية الشفوية ولا بمقال مكتوب بلغة أجنبية.

أن يكون المقال موقعا من لدن محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، فلا يشترط أن يكون المحامي مقيما في الدائرة الترابية للمحكمة الإدارية المختصة، كما لا تشترط فيه أقدمية مهنية معينة.

ويمكن لرئيس المحكمة أن يمنح للمدعي مساعدة قضائية، بعد أن يقوم بالتحريات والدراسة الاجتماعية اللازمة بواسطة لجنة مختصة، ويتأكد من كون وضعية المعني بالأمر المادية تتطلب تلك المساعدة.

أن يتضمن المقال الاسم الكامل للمدعي وصفته ومهنته وموطن أو محل إقامته، وإذا كان شركة وجبت الإشارة إلى اسمها ونوعها ومركزها.

الإشارة إلى موضوع الدعوى والوقائع والوسائل والحيثيات المستند إليها.

أن يكون المقال مصحوبا بنسخ لجميع المستندات والوثائق المعززة، مكتوبة باللغة العربية، إذ لا تقبل بلغة أجنبية.

إذا كان المدعى عليه أكثر من واحد، على المدعي أن يرفق المقال بعدد من نسخ المستندات يناسب مع عدد المدعى عليهم.

أن يكون المقال مصحوبا بنسخة من القرار الإداري المطلوب الغاؤه.

إذا سبق للمدعي أن قدم تظلما إداريا قبل اللجوء إلى دعوى الإلغاء، عليه أن يصحب المقال بنسخة من القرار الصادر عن الإدارة برفض التظلم، أو بنسخة من الوثيقة التي تشهد بإيداع التظلم إذا كان الرفض ضمنيا والذي يتمثل في سكوت الإدارة لمدة تفوق سنتين يوما، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الآجال.

يمكن للطاعن أن يحتفظ في المقال بالحق في تقديم مذكرة تفصيلية، شرط أن يقدمها خلال الثلاثين يوما الموالية لتاريخ رفع الدعوى، وإذا لم يقدمها خلال هذا الأجل، اعتبر متخليا عن ذلك.

يستحسن أن تكون نسخ الوثائق المرفقة مصادقا على صحتها من لدن الجهات المختصة، حتى تكون لهذه النسخ حجية الوثائق الأصلية نفسها، وتلافيا لكل طعن بالتزوير أو التحريف.

شكليات إجرائية :

ونقصد بها العمليات الاجرائية الأولى التي يخضع لها المقال الرامي إلى إلغاء القرار الإداري، وأهمها :

ترفع دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة أو (ما يسمى تجاوز السلطة) أمام المحاكم الإدارية، ضد:

الدولة :  في شخص رئيس الحكومة ، الذي له أن يكلف الوزير المختص بتمثيله.

الخزينة العامة : في شخص الخازن العام.

الجماعات :في شخص رئيس الجهة فيما يخص الجهات وفي شخص رئيس المجلس الإقليمي   فيما يخص العمالات والأقاليم. في شخص رئيس الجماعة الحضرية أو القروية بالسة للجماعات المحلية .

المؤسسات العمومية : في شخص ممثلها القانوني.

إيداع المقال بكتابة ضبط المحكمة الإدارية المختصة.

يتسلم المدعي من كتابة الضبط نسخة من المقال نفسه عليها طابع كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع الإشارة إلى الوثائق المرفقة ورقم الإيداع.

يسجل المقال في سجل كتابة الضبط.

يعين رئيس المحكمة الإدارية قاضيا مقررا للنظر والبت في القضية، بعد اتخاذ جميع التدابير القانونية اللازمة.

يسلم ملف القضية إلى القاضي المقرر وإلى المفوض الملكي في ظرف أربعا وعشرين ساعة (24 ساعة).

يبلغ القاضي المقال والمذكرة التفصيلية إن وجدت إلى المعنيين بالأمر بواسطة كتابة الضبط، الذين عليهم أن يُجيبوا خلال ثلاثين يوما الموالية لتاريخ التبليغ.

يراعي القاضي المقرر الظروف والآجال القانونية المشروطة في موضوع استدعاء الأطراف ليحدد تاريخ ابتداء الجلسات للنظر في القضية.

 

رابعا: سير الدعوى.

 

إذا انقضت الآجال المحددة للمذكرات الجوابية، ورأى القاضي المقرر أن القضية جاهزة، أصدر أمرا بتخليه عن الملف، وحدد تاريخا للجلسة التي تدرج فيها القضية.

ويسري على الدعوى الإدارية ما يسري أمام محاكم الاستئناف، خاصة ما يتعلق مقتضيات الفصل 329 والفصول 333 إلى 336 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالتبليغ والآجال الجوابية وقواعد الجلسات.

ومن أهم قواعد سير الدعوى الإدارية الرامية إلى إلغاء القرار الإداري :

علنية الجلسات : يعتبر مبدأ من المبادئ الأساسية في سائر الأنظمة القضائية. ويقصد به ضرورة خضوع جميع الاجراءات المتعلقة بالدعوى من تحقيق ومرافعات ....بشكل علني، إلا إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الأطراف. إجراءها سراً محافظة على النظام والآداب العامة أو على حرمة الأسرة.

تتولى النظر في النازلة هيئة قضائية تتألف من ثلاثة قضاة، يساعدهم كاتب ضبط.

يرأس الجلسة رئيس المحكمة الإدارية أو قاض يتم تعينه من لدن الجمعية العمومية السنوية لقضاة المحكمة الإدارية.

يحضرالمفوض الملكي جميع الجلسات للدفاع عن القانون والحق العام، بكامل الاستقلال كتابا وشفهيا. فالمفوض الملكي لا ينحاز إلى طرف دون آخر، بل يقدم -خلال الثلاثين يوما - تحليله واستنتاجاته الموضوعية، ويحق للأطراف الإطلاع على ذلك. غير أنه لا يشارك في إصدار الحكم.

يقدم المحامون ملاحظاتهم الشفهية إن رغبوا في ذلك، ثم يقدم المفوض الملكي مستنتجاته.

تحال القضية إلى المداولة بعد استنفاذ جميع الإجراءات وتلقي وجهات النظر والدفوعات كلها، وبذلك تكون القضية جاهزة لإصدار الحكم.

 

خامسا: شكليات الحكم.

 

تصدر المحاكم الإدارية أحكامها باسم جلالة الملك، ويجب أن تتضمن بيانات عدة أهمها :

الأسماء العائلية والشخصية للأطراف ووكلائهم وكذا صفاتهم ومهنهم وموطنهم الحقيقي. وبالنسبة للإدارات المدعى عليها يشار إلى اسم الإدارة أو الوزارة المعنية.

المذكرات والمقالات المدلى بها والوسائل والحيثيات المعتمدة ومستنتجات الأطراف، ومدى احترامهم للآجال القانونية.

أسماء أعضاء الهيئة القضائية الذين شاركوا في الحكم.

  كون التقرير تمت تلاوته، وتم الاستماع إلى مستنتجات المفوض الملكي.

أسماء المدافعين الذين آزروا الأطراف، وكون الهيئة القضائية قد استمعت إلى تدخلاتهم الشفوية إذا طلبوها.

القرائن والأسباب الشكلية والجوهرية التي يستند إليها الحكم.

توقيع أصل الحكم من لدن كل من رئيس الجلسة وكاتب الضبط.

 

الفقرة الثالثة: الاستئناف.

 

إذا أصدرت المحكمة الإدارية حكما في قضية معينة، ورأى أحد الطرفين أو هما معا أن الحكم لم ينصفه، ولم يستجب لما كان يتوقعه، ولم يزل الظلم أو الضرر الحاصل يحق له أن يستأنف الحكم لدى محكمة الاستئناف الادارية .

وتستأنف الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية الإدارية داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في الفصل 134 وما يليه إلى الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية، ويسري على الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الإدارية نفس أجل الاستئناف المنصوص عليه في الفصلين 148 و153 من قانون المسطرة المدنية. ويقدم الاستئناف إلى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية الإدارية التي صدر الحكم المستأنف عنها، بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام، ما عدا استئناف الدولة والإدارات العمومية حيث تكون نيابة المحامي عنها أمرا اختياريا . ويعفى طلب الاستئناف من أداء الرسوم القضائية، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 10 من القانون رقم 80.03 المحدث بموجبه محاكم الاستئناف الإدارية.

وبإيداع مقال الاستئناف بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية الإدارية المصدرة للحكم المطعون فيه، يرفع مع المستندات إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف الإدارية المختصة داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ إيداعه.

ويباشر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية أو من ينوب عنه بالنظر فيما هو مسند إليه في هذا القانون وفي قانون المسطرة المدنية أو نصوص قانونية أخرى، لا سيما ما يتعلق منها بممارسة مهام قاضي المستعجلات وإصدار الأوامر القضائية والبت فى الطلبات الوقتية والتحفظية متى كان النزاع معروضا على محكمته، فضلا عن اختصاصه في منح المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال، طبقا للمادة 6 والمادة 7 من القانون رقم 80.03 المحدثة بموجبه محاكم استئناف إدارية.

 

الفرع الرابع: الشرط المتعلق بانعدام الطعن الموازي.

 

لا يقبل الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة، اذا كان من حق الطاعن الالتجاء إلى طريقة قانونية أو جهة أخرى تتيح له الحصول على نتيجة مماثلة فقد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية «أنه ولا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد القرارات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الأمر المطالبة بحقوقهم الدين المحاكم العادية.

 

ویرى الفقه والاجتهاد القضائي أن هذا الشرط وجيه، بحيث يحدد ويحترم الاختصاصات، ويضبط التداعي، ويتجنب إرهاق المحكمة الادارية فإذا كان مثلا للمتضرر من قرار إداري الحق في اللجوء إلى المحكمة الابتدائية ثم الاستئناف ثم النقض - وهذا ما يسمى بالقضاء الشامل - فإنه يرفض طلبه أمام المحكمة الإدارية بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة. وقد أصدر المجلس الأعلى قرارات عدة في هذا المجال. ويعلق الأستاذ مكسيم أزولاي نعلى قرار المجلس الاعلى رقم 54 بتاريخ 9دجنبر 1966 قائلا : «قضى المجلس الأعلى (...) بعدم قبول طلب الإلغاء (...) لعلة أنه بإمكان المعني بالأمر مطالبة الإدارة أمام المحكمة المختصة، بتعويض عن الضرر الحاصل له من جراء إعفائه من منصبه دون سابق إخطار (...)، (ذلك) أن العلاقة التي تربط طالب الإلغاء بوزارة التربية الوطنية تخضع لأحكام القانون الخاص فيما يتعلق بإعفائه من وظيفته كمعلم مؤقت.


 

خاتمة:

 

في ختام الحديث عن دعوى الإلغاء في القانون المغربي، يمكن القول إنها تمثل أداة قانونية حيوية تتحلى بخصائص فريدة تجعلها تتمايز عن غيرها من الدعاوى القضائية. فدعوى الإلغاء ليست مجرد وسيلة للاعتراض على قرارات الإدارة، بل هي وسيلة لضمان الالتزام بالمبادئ القانونية، مما يعكس أهمية دولة القانون والمشروعية.

 

تسهم دعوى الإلغاء في تعزيز رقابة الأفراد على تصرفات الإدارة، حيث تتيح لهم إمكانية الطعن في القرارات التي تتجاوز سلطات الإدارة أو التي لا تتماشى مع القوانين المعمول بها. فعندما يلجأ الأفراد إلى المحكمة لرفع دعوى الإلغاء، فإن ذلك يعبر عن حرصهم على حماية حقوقهم وضمان التزام الإدارة بالقوانين المعمول بها.

 

علاوة على ذلك، فإن دعوى الإلغاء تؤدي إلى إلغاء أي تصرف إداري يتعارض مع الأحكام القانونية المنظمة. فهذه الدعوى ليست فقط وسيلة للتصحيح، بل تلعب دورًا هامًا في تكريس مبدأ المشروعية، حيث تضمن عدم تجاوز السلطات العليا في الدولة لأطرها القانونية.

 

من خلال ذلك، فإن دور دعوى الإلغاء في القانون المغربي يتجاوز مجرد كونها أداة للنزاع، إذ تساهم في تعزيز سيادة القانون وضمان حقوق الأفراد، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في بناء مجتمع يتسم بالحكم الرشيد واحترام القوانين. إن التأكيد على مبدأ المشروعية من خلال هذه الدعوى يؤكد أهمية حماية الحقوق والحريات، وتعزيز ثقافة القانون داخل أي نظام قضائي يسعى لبناء مجتمع عادل ومستدام.


 

أهم المراجع:

 

الكتب:

          د. المرغني المبادئ العامة للقانون الإداري مكتبة الطالب (1984) الرباط.

          د. ثورية العيوني، القضاء الإداري و رقابته على أعمال الإدارة ،طبعة 2005.

          د. كريم لحرش، القضاء الإداري المغربي ،الطبعة الأولى 2012.

          مليكة الصروخ:  القانون الاداري دراسة مقارنةـ الطبعة الرابعة 1998.

          عفاف ملوك : دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بسبب الإنحراف في تجاوز السلطة في ضوء الإجتهاد القضائي الإداري المغربي المقارن دار القلم الرباط 2006.

 

القوانين:

 

          ظهير شريف رقم 1.74.447 الصادر في 11رمضان 1394 (28 شتنبر 1974)بالمصادقة غلى نص قانون المسطرة المدنية.

          ظهير شريف رقم 1.91.225 الصادر في 22 ربيع الأول 1414 (10 شتنبر 1993) بتنفيذ قانون 41.90 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية.

          ظهير شريف رقم 1.06.07الصادر في 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون 80.03 المحدثة بموجبه محاكم الإستئناف الإدارية.


ليست هناك تعليقات:
كتابة التعلقيات