الماستر المتخصص: تدبير الموارد
البشرية والمالية للإدارة |
وحدة: منازعات الصفقات العمومية
بحث حول:
دور الوكيل القضائي في
فض منازعات الصفقات العمومية
تحت
إشراف:
الدكتور مصطفى القيطوني
من إعداد
الطلبة :
عبد الغني جرف | عبد الله بومهدي |
السنة الجامعية: 2024
/ 2025
مقدمة:
إن مبدأ
المشروعية هو المبدأ السامي والأخلاقي الذي يحكم الدولة المعاصرة، والذي يرادفه
مبدأ سيادة القانون، والدولة في مفهومها المعاصر قد استقر الفقهاء على تعريفها بأنها
"شخص من أشخاص القانون تلتزم به وتخضع له". فما يصدر عن الدولة من قرارات و أعمال
لا يكون صحيحا ولا نافدا ولا ملزما في مواجهة المحكومين إلا إذا كان مغلفا
بالقانون روحا وتطبيقا، أما تلك القرارات والأعمال التي تصدر خارج هذا الإطار
فتكون قرارات وأعمال غير مشروعة يتصدى لها القضاء إما بالإلغاء أو يوقف تنفيذها أو
بتعويض الضرر الناشئ عنها حسب الاختيار الذي أقدم عليه صاحب الحق .
وإذا كانت قواعد
المسؤولية الإدارية هي من إبداع الاجتهاد القضائي الفرنسي، الذي يعود له الفضل في
ابتكار الحلول الناجمة بسبب إثارة مسؤولية المرافق العمومية عن نشاطها الضار بحقوق
الخواص. إلا أنه بالنسبة للمملكة المغربية فالمشرع هو الذي أسس قواعد هذه
المسؤولية بمقتضى الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود الصادر سنة 1913 ،
ومن بعده المادة 8 من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية 3.
وبما أن
المسؤولية الإدارية وسيلة لجبر الضرر، فهي ليست نظاما جزئيا أو انتقاما أو غرامة،
فالأمر يتعلق بتعويض الضرر الحاصل مباشرة عن النشاط الإداري سواء كان ماديا أو
معنويا، لذلك فمن البديهي في مجال المنازعات الإدارية الخاصة بالدولة أن توجد صلة
مباشرة بين قضاء التعويض والمالية العامة، مادام هذا النوع من القضاء يعني اصطلاحا
مجموع الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية المختصة في إطار القضاء الشامل، الهادفة
إلى أداء مبالغ مالية برسم الضرر الذي قد تلحقه عرضيا بالأفراد في سلامتهم
الجسدية، أو في ممتلكاتهم و أنشطتهم والمرافق الموضوعة رهن تصرف الدولة.
فمع إقرار المسؤولية
الإدارية على المستوى التشريعي، فإنه احتراما لحقوق وحرية الدفاع للإدارة، ومن أجل
تأمين الدفاع عن مصالحه، ثم خلق مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة، كمراقب للدولة على
الدعاوى المقامة ضدها، وأناط بها المشرع من الناحية المبدئية مهمة الدفاع عن
المصالح المالية للدولة أمام القضاء سواء كانت مدعية، أو مدعى عليها وذلك بموجب
ظهير 2 مارس 1953 المنظم لوظيفة العون (الوكيل) القضائي للمملكة 5.
إن المشرع
المغربي لم يعطي تعريفا واضح للوكالة القضائية للمملكة بل اكتفى بذكر مهامها و
الأدوار الموكولة إليها فهي تقوم بالدفاع عن الإدارات والمؤسسات العمومية في جميع
الدعاوى التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو مكتب أو مؤسسة أو إدارة عمومية
تحت طائلة عدم القبول، باستثناء ما يتعلق بالضرائب والريع والأملاك المخزنية وتمتد
وظيفة مؤسسة الوكالة القضائية لتشمل بالإضافة إلى مهمة الدفاع، القيام بمهام
الوقاية من المنازعات والحد من المخاطر القانونية لأشخاص القانون العام، و القيام
بأنشطة التكوين والتحسيس، فهذه المهمة لا تقل أهمية عن المهام الأخرى لأنها تؤدي
إلى التقليل من المنازعات المعروضة على القضاء.
الإطار التاريخي:
وقد ارتأت سلطات
الحماية أمام تكاثر الدعاوى المقامة عليها ومواجهتها بالأحكام القاضية بتعويض
الأضرار الناشئة عن أعمالها وتصرفاتها أن تخلق مؤسسة مالية مهمتها الدفاع عن مصالح
الخزينة كما هو الشأن في فرنسا، وهكذا قدر لهاته المؤسسة أن تظهر للوجود بمقتضى
الظهير الصادر بتاريخ 10 - 1 1928 في شكل مصلحة بإدارة المالية التابعة لإدارة
الحماية الفرنسية بالمغرب آنذاك وسميت بمصلحة العون القضائي للخزينة.
وقد صدر بعد ذلك
ظهرين على النص التأسيسي لهذه المؤسسة، الأول صدر في 1935/12/18، والثاني في
16-03-1938 ، وأسند هذين الظهيرين إليها مهمة تمثل الدولة ومكانتها ومؤسستها
العمومية في الحالة التي تكون مدعى عليها وذلك بمقتضى
تكليف منها.
وبتاريخ 2 مارس
1953 صدر ظهير آخر جمع بين مقتضيات الظهائر السابقة وأعاد تنظيم وظيفة العون
القضائي التي أصبح يسمى العون القضائي للدولة الشريفة وهو الظهير المنظم حاليا
لعمل هذه المؤسسة، إلى جانب نصوص قانونية أخرى المتمثلة في الفصل 514 من قانون
المسطرة المدنية والفصل 28 من قانون المعاشات المدنية والفصل 32 من قانون المعاشات
العسكرية.
وقد تم تغيير
تسمية مصلحة "العون القضائي للمملكة بمصلحة" الوكيل القضائي للمملكة
بمقتضى منشور صادر عن وزير المالية سنة 81970 ، على اعتبار أن كلمة "العون القضائي" لا تدل على المهام
المخولة له ولا تلائمه.
أهمية الموضوع:
يكتسي الموضوع
اهمية بالغة سواء على المستوى النظري وعلى المستوى العملي فمن الناحية النظرية
تتجلى الأهمية في قلة الإسهامات الفكرية والنظرية التي تناولت هذا الموضوع بدراسة
مستفيضة ومعمقة، فالمراجع التي تناولت موضوع المنازعات الإدارية لم تتطرق لهذه
المؤسسة إلا بشكل عرضي أما على المستوى العملي فتتمثل في الأدوار التي تقوم بها
مؤسسة الوكيل القضائي أمام القضاء بصفة عامة وأمام القضاء الإداري بصفة خاصة وذلك
من خلال الدفاع عن الحقوق.
إشكالية الموضوع :
إلى أي حد حقق
الإطار القانوني والتنظيمي، المؤطر لعمل مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة الفعالية
اللازمة لبسط رقابته على الدعاوى المقامة ضد أشخاص القانون العام والدفاع عنهم
أمام القضاء؟ هذه الإشكالية الرئيسية تتفرع عنها مجموعة من الأسئلة:
(1)
ما هو الإطار
القانوني المنظم للوكالة القضائية؟
(2)
كيف تساهم
الوكالة في الوقاية من المنازعات؟
(3)
ماهي أهم
المعيقات التي تتخلل مؤسسة الوكيل القضائي؟
(4)
وماهي آفاق تطور
مؤسسة الوكيل القضائي؟
المناهج
المعتمدة:
للإحاطة
بالطبيعة الخاصة بدور الوكالة القضائية كان سبيلنا في ذلك اتباع منهج يتماشى
وطبيعة الموضوع و يساعدنا للإجابة عن الإشكالية، حيث تم اعتماد المنهج القانوني
التحليلي لتسليط الضوء على المعطيات القانونية وكذا رصد وتحليل الأحكام والقرارات
القضائية. إلى جانب ذلك تم الاعتماد على المنهج الوصفي
الاستقرائي لأن هذه الدراسة ستعتمد على وصف مؤسسة الوكيل القضائي وتحديد مهامه كما
سيتم استقراء بعض الأحكام والقرارات القضائية. بالإضافة إلى المنهج البنيوي في تحليل
بنية مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة.
خطة البحث:
تماشيا مع موضوع
وفي إطار وضع مقاربة شمولية للبحث فقد تم تناوله في فصلين وفق الخطة التالية:
الفصل الأول:
مجالات تدخل الوكالة القضائية للمملكة.
الفصل الثاني:
الواقع العملي للوكالة القضائية للمملكة.
الفصل
الأول: مجالات تدخل الوكالة القضائية للمملكة:
تعتبر الوكالة
القضائية للمملكة من المصالح المركزية لوزارة المالية ولا تتوفر هذه المؤسسة على
مصالح خارجية، حيث بالرجوع إلى الظهير 2 مارس 1953 المنظم لوظيفة الوكيل القضائي
للمملكة والفصل 18 من مرسوم 22 نونبر 1978، المتعلق بتنظيم اختصاصات وزارة المالية
الذي يتحدث عن المصالح الخارجية لوزارة المالية نجده لم يولي أهمية لمسألة
التمثيليات الجهوية للوكالة القضائية للمملكة.
وفيما يخص
البنية الهيكلية للوكالة القضائية للمملكة فإن إلحاقها بوزارة المالية مرده إلى
ثلاثة أسباب رئيسية:
أولا: تتجلى في
أسباب تاريخية، حيث بالرجوع لمؤسسة الوكيل القضائي للخزينة بفرنسا، الذي استقى منه
المشرع المغربي هذه المؤسسة فقد أنشأت من أجل ضمان متابعة استخلاص ديون الدولة
والمؤسسات العمومية، وهذا الاختصاص كما هو الحال بالنسبة لفرنسا لم يعد يزاوله
الوكيل القضائي للمملكة في المغرب حيث تم نقل هذا الاختصاص إلى الخزينة العامة
للمملكة.
ثانيا: خلال
تطبيقات الاختصاصات التي يزاولها الوكيل القضائي من خلال النصوص المؤطرة لعمله،
نجدها ترتكز أساسا على الدفاع عن المصالح المالية للدولة من خلال الدعاوى المدنية
الموجهة ضدها أو الدعوى الجنائية الموجهة ضد موظفيها والتي قد تترتب عنها مديونية
الدولة، بالإضافة إلى إمكانية قيامها بإقامة الدعوى على مديني الدولة من أجل
مطالبتهم بإرجاع الأموال المطلوبة لخزينة الدولة.
ينص الفصل 18 من
مرسوم رقم 2.78.539 المتعلق بتنظيم واختصاصات وزارة المالية على ما يلي، تشمل المصالح
الخارجية لوزارة المالية على المصالح الآتية:
إدارة الجمارك
والضرائب الغير المباشرة
الخزينة العامة
للمملكة
مديرية أملاك
الدولة
مراقبة
الالتزامات بنفقات الدولة
ثالثا: العديد
من التجارب في العالم تلحق هذه المؤسسة بوزارة المالية على سبيل المثال:
-
الوكالة
القضائية للخزينة بفرنسا
-
المديرية العامة
لمنازعات الدولة بإسبانيا؛
-
محامي الدولة
بإيطاليا عند بداية نشأتها 10. -
وتقوم هذه
الهيات أو الأقسام بدور مهم على أكثر من مستوى فهي التي تدافع أو تمثل أشخاص
القانون العام أمام القضاء، وتواكب سير إجراءات المسطرة القضائية، وتساهم في تدبير
المنازعات القضائية للدفاع عن المال العام والمحافظة عليه.
وتمتد وظيفة هذه
الهيات أو الإدارات في أغلب التشريعات لتشمل بالإضافة إلى في إعطاء الاستشارات
القانونية لأشخاص القانون العام والمساهمة في إبرام المصالحات وهذه المهمة لا تقل
أهمية عن المهام الأخرى، لأنها تؤدي إلى التقليل من المنازعات مهمة الدفاع
والتمثيل بالمفهوم الضيق القيام بمهام الوقاية من المنازعات المتمثلة أساسا القضائية
11.
وسنقوم في هذا
الفصل بالتطرق من جهة إلى الإطار البنيوي والقانوني للوكالة القضائية للمملكة
المبحث الأول، ثم سنتطرق لمساهمة هذه الوكالة في الوقاية من المنازعات المبحث
الثاني.
المبحث
الأول: التنظيم البنيوي والقانوني للوكالة القضائية للمملكة.
في إطار إرساء
دعائم القانون ووعي المواطنين بحقوقهم، قد ساعد ذلك على تكاثر المنازعات التي تهم
الإدارة، وبحكم العلاقة الوطيدة التي تربط المؤسسة بالجهاز الإداري فقد تم الحرص
على أن تكون هيكلة الوكالة القضائية للمملكة موازية ومتناسقة مع التقسيم الذي روعي
في تنظيم المحاكم بحسب مجال تخصصها حيث تقوم هذه الوكالة بدفاع عن أشخاص القانون
العام وتمثيلهم أمام مختلف المحاكم سواء الوطنية أو الأجنبية، مدعية كانت أو مدعى
عليها، وفي مختلف المنازعات.
وهكذا سنتطرق في
هذا المبحث إلى التنظيم الهيكلي للوكالة القضائية للمملكة (المطلب الأول) وكذلك
الإطار الوظيفي للوكالة القضائية للمملكة ( المطلب الثاني).
المطلب
الأول: التنظيم الهيكلي للوكالة القضائية للمملكة
في إطار إرساء
دعائم دولة الحق والقانون ووعي المواطنين بحقوقهم، فقد ساعد ذلك على تكاثر
المنازعات التي تهم الإدارة، وبحكم العلاقة الوطيدة التي تربط مؤسسة الوكالة
القضائية بالجهاز الإداري فقد تم الحرص على أن تكون هيكلتها موازية ومتناسقة مع التقسيم
الذي روعي فيه تنظيم المحاكم بحسب مجال تخصصها. وهكذا سنتطرق في هذا المطلب إلى مختلف
أقسام الوكالة القضائية للمملكة (الفقرة الأولى على أن نتطرق في الفقرة الثانية
إلى المصالح التابعة مباشرة للوكيل القضائي للمملكة.
الفقرة
الأولى: أقسام الوكالة القضائية للمملكة
إذا كانت هذه
المؤسسة مهيكلة قانونا بمقتضى الفصل 17 من مرسوم 22 نونبر 1978، فمن الناحية
الواقعية فقد تجاوزت المرسوم المذكور، إذ بعد أن كانت في الماضي لا تضم إلا
مصلحتين، وهي مصلحة الدراسات ومصلحة النزاعات القضائية، فقد أصبحت الآن تشتمل على
ثلاثة أقسام ومصلحتين ملحقتين بالوكيل القضائي للمملكة، ولعل مرد ذلك لتكاثر
المنازعات التي تهم الإدارات والمؤسسات العمومية والتي أصبحت مكاتب الوكالة القضائية
للمملكة تعج بالملفات المتعلقة بها، نتيجة الطلب المتزايد لخدمات هذه المؤسسة، نظرا
لتزايد المنازعات الإدارية بصفة عامة 12. وهكذا تضم الوكالة القضائية للمملكة
ثلاثة أقسام وهي 13
قسم المنازعات
القضائية
قسم المنازعات
الإدارية
قسم الدراسات
والمساطر الحبية
أ-
قسم المنازعات القضائية:
ويشمل هذا القسم
على خمسة مصالح
- مصلحة القضايا المدنية للشمال
مصلحة القضايا
المدنية للجنوب
مصلحة القضايا
المدينة للوسط
مصلحة القضايا
الجنائية
مصلحة القضايا
التجارية
ويتكلف هذا
القسم بمعالجة الملفات المرتبطة بالمنازعات التي تكون فيها الدولة وإدارتها
ومؤسساتها العمومية طرفا والتي تختص بالنظر فيها المحاكم العادية (أي المحاكم
الابتدائية، محاكم الاستئناف المجلس العلى كذلك المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف
التجارية)، وأمام محكمة العدل الخاصة سابقا، أي أن نشاط هذا القسم يشمل كل الدعوى لتي
تهم الدولة ومرافقها ولا تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية 14، ويتمثل عمل الأطر العاملة
بهذا القسم بصفة عامة فيما يلي:
تهيئ الدفاع في
الملفات بعد الحصول على الوثائق والمعلومات اللازمة المعالجة القضايا من الإدارات
المعنية بالنزاع.
- إعداد المقالات والمذكرات الجوابية والتعقيبية
والمستنتجات والطعون أمام مختلف المحاكم في القضايا التي تكلف بها الوكالة
القضائية للمملكة من طرف الإدارات المعنية بالنزاع - مراقبة الدعاوى التي يتم فيها
إدخال الوكيل القضائي للمملكة للتأكد من طرف الدفاع عن مصالح الدولة قد تم تأمينه،
وعند الاقتضاء إثارة انتباه الإدارة المعنية بالنزاع إلى وجود دعوى ضدها وإلى
ضرورة اتخاذ المبادرة من أجل تأمين الدفاع عن مصالحها.
مراقبة
الإشعارات بالمتابعة الحبية على الوكالة القضائية من مختلف المحاكم لرصد المتابعات
التي لها علاقة بالمهام الإدارية للموظفين، ثم العمل على مؤازرتهم تحسبا لما قد
يترتب عن إدانتهم من مسؤولية للدولة، والحكم بالتالي على خزينة الدولة 15.
ب:
قسم المنازعات الإدارية:
ويحتوي هذا
القسم على ثلاث مصالح وهي:
- مصلحة الطعون بالإلغاء أمام المجلس الأعلى )
محكمة النقض حاليا)؛
- مصلحة الطعون بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية ؛
مصلحة القضاء
الشامل
وتنحصر مهام هذا
القسم فيما يلي:
إعداد المقالات
الافتتاحية للدعوى إذا كلفت بذلك من طرف الإدارة المعنية بموضوع النزاع.
إعداد الأجوبة
على مقالات ومذكرات وعرائض المدعين نيابة عن أشخاص القانون العام.
- ممارسة الطعون اللازمة ضد الأحكام التي تصدر ضد
الإدارة. مراسلة الإدارات والمؤسسات العمومية والمكاتب بقصد استجماع عناصر الجواب
أو بقصد إطلاعهم على مال الملفات ونتيجة الأحكام، وتتمحور ملفات المنازعات التي
يعالجها هذا القسم في ثلاثة محاور أساسية:
- مسؤولية أشخاص القانون العام 16
- الدعاوى التعاقدية؛ 17
- الدعاوى الإستعجالية؛ 18
ج
- قسم الدراسات والمساطر الحبية
ويضم هذا القسم
ثلاث مصالح حسب قرار وزير الاقتصاد والمالية رقم 1993/11 الصادر في 15 ماي 2011
- مصلحة المساطر الحبية؛
- مصلحة المساطر القانونية
- مصلحة لجنة المنازعات.
أولا:
مصلحة المساطر الحبية.
تتكلف هذه
المصلحة باسترجاع المبالغ المستحقة للدولة بمناسبة الحوادث التي يتعرض لها موظفوها
والتي يتسبب فيها الأغيار، وبناء على الدعوى المباشرة تتم مطالبة الشركات التي
تؤمن الأغيار المسؤولين بصفة حبية في مرحلة أولى وفي حالة وجود مسطرة قضائية يتم
التدخل فيها سواء كانت المسطرة جنحية أو مدنية، وإذا ما أبدت شركة التأمين رفضا
غير مبرر لالتزاماتها يتم في بعض الأحيان اللجوء إلى إصدار الأوامر بالأداء 19
ثانيا
مصلحة الدراسات.
تتولى هذه
المصلحة القيام بالمهام التالية:
- تقديم الاستشارات القانونية التي تطلبها مختلف
الوزارات والمؤسسات العمومية وفي بعض الأحيان حتى الجماعات المحلية؛
دراسة بعض
مشاريع ومقترحات النصوص القانونية التي تحال على الوزارة؛
- معالجة بعض الملفات الضخمة التي تحتاج إلى
دراسة تأصيلية على مستوى الفقه أو القانون؛
- تهيء مجموعة الأحكام القضائية الصادرة عن محكمة
النقض (المجلس الأعلى سابقا)؛
تهيئ حصيلة
أنشطة مختلف المصالح التابعة للوكالة القضائية للمملكة؛
- السهر على تأمين التواصل بين مختلف الأقسام؛
- تهيئ ومتابعة تنفيذ برنامج العمل الإستراتيجي
للمؤسسة مع تقييم الحصيلة.
ثالثا:
مصلحة لجنة المنازعات.
حسب الفصل
الرابع من ظهير 2 مارس 1953 بشأن إعادة تنظيم وظيفة العون القضائي فإنه لا يسمح
للعون القضائي بإبرام مصالحة إلا بعد استشارة لجنة فصل المنازعات التي تجتمع بطلب
من وزير المالية. وتتولى هذه المصلحة تهيئ ومعالجة الملفات التي تعرض على هذه
اللجنة تقوم بدور الكتابة وذلك قصد عرض الملفات على اللجنة لدراستها وتحديد
التعويض المستحق لكل طالب، وفي الأخير تصفية تلك الملفات على ضوء قرارات اللجنة.
وقد عرفت هذه
الأقسام ارتفاعا في للقضايا التي تتوصل بها حيث وصلت نسبة المنازعات الإدارية لسنة
2018 إلى نسبة %63% بزيادة قدرها 2% مقارنة بسنة 2018 ) تليها ملفات المنازعات
القضائية بنسبة 34) أيضا بزيادة قدرها 2% مقارنة مع سنة (2017) فيما بلغت نسبة
القضايا المتعلقة بالمساطر الحبية 4% ويعود هذا الإرتفاع إلى مجموعة من العوامل
المرتبطة أساسا بالولوج المتاح إلى العدالة وتوسيع مجال الحقوق ومسؤولية الدولة
بموجب دستور 2011 فيما لم تتجاوز الملفات التي تمت معالجتها بطرق البديلة لفض
منازعات التحكيم أو الصلح نسبة 1% 20.
الفقرة
الثانية: مصالح الوكالة القضائية للمملكة:
هذه المصالح
تابعة مباشرة للوكيل القضائي للمملكة وتتكون من مصلحتين مصلحة الشؤون العامة
ومصلحة الإعلاميات 21
أ-
مصلحة شؤون العامة
وتتوفر مصلحة الشؤون العامة على ثلاثة مكاتب
- مكتب المحاسبة والمعدات
- مكتب التوثيق
- مكتب شؤون الموظفين والتكوين.
تتكلف هذه المصلحة كما يدل على ذلك إسمها بكل ما يكتسي صبغة عامة
لتسهيل مأمورية هذه المصلحة في أداء عملها على أكمل وجه، حيث تقوم بإعداد توقعات
الميزانية السنوية، وكذا تمثيل الوكالة القضائية للمملكة بلجان المناقصة في كل ما
يتعلق بصفقات المعدات، كما تؤمن التزود بالمعدات واللوازم المكتبية وغيرها من
الأدوات الضرورية للعمل.
وتسهر هذه المصلحة على أداء أتعاب المحامين المنصبين من طرف الوكالة
القضائية للمملكة أو أية إدارة أخرى للدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء، كما تقوم
بإنجاز الإجراءات الإدارية المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة والقاضية
بأداء مبالغ مالية التي تصرف من اعتمادات التحملات المشتركة من الميزانية العامة
للدولة.
ب مصلحة الإعلاميات
وهي تهتم بكل ماله علاقة بحاجيات الوكالة القضائية في ميدان
الإعلاميات وذلك بتنسيق مع باقي المصالح الأخرى وخاصة الشؤون العامة 22.
ووعيا منها
بأهمية الانخراط في توجهات وزارة الاقتصاد والمالية الرامية إلى تعميم التكنولوجية
الحديثة واعتمادها في تحديث مرافقها وتعزيز دورها في تبسيط المساطر وتقريب خدمات
الإدارة من المواطنين عملت الوكالة القضائية للمملكة خلال سنة (2016)على توسيع مجالات استغلال نظامها المعلوماتي النظام المندمج لتدبير
منازعات الدولة
وقد شمل هذا التوسيع الميادين التي لها علاقة باتخاذ القرار،
والوقاية من المنازعات واستثمار ورسملة تجربة الوكالة القضائية للمملكة وتشارك
المعرفة، هذا بالإضافة إلى المجالات التي لها علاقة بالعديد من الخدمات اليومية
التي تقدمها المؤسسة وتدبرها هذه المنظومة المعلوماتية منذ سنة 2015 ، ومن بين
الأهداف الأساسية التي رسمتها الوكالة القضائية للمملكة لهذه المنظومة خلال
المرحلة الممتدة من 2016 إلى 2015 نجد بالأساس تعميم استغلال هذه المنظومة على
كافة الأطر وانفتاحها على شركاتها عبر التبادل الإلكتروني للوثائق والمعطيات.
أما بخصوص استعمال المعلومات، فمن زمرت ما تم تحقيقه خلال سنة 2016
نسبة استغلال تقارب 100% ، ونسبة الولوج إلى الإنترنيت تناهز 100% كما تم الانخراط
في عدة مشاريع على مستوى الوزارة، نذكر منها على وجه الخصوص، مشروع تقوية وتعزيز
الحماية التقنية للمنظومة المعلوماتية، ومشروع المزودات الافتراضية 23 المطلب
الثاني: الإطار الوظيفي للوكالة القضائية للمملكة إن الدفاع عن الدولة أمام القضاء
يختلف عن مسألة تمثيلها قانونا، فالتمثيل غالبا ما يختلط في الأذهان بمهمة الدفاع.
فإذا كان تمثيل الأشخاص المعنوية للقانون العام يرجع إلى المشرع الذي
حدد بمقتضى نص قانوني الجهة الإدارية أو الشخص الذي يمثل الإدارة أمام القضاء، فإن
مهمة الدفاع أمام القضاء لم يتولى تحديدها المشرع، ولكن الجهة الإدارية المعنية هي
التي تكلف من يدافع عنها من بين الذين أوكل إليهم المشرع القيام بهذه المهمة 24.
فالشخص المعين
من قبل الإدارة المعنية سواء كان محاميا أو موظفا منتدبا لهذا الغرض حسب تعبير قانون
المسطرة المدنية لن يعتبر الممثل القانوني لها أمام القضاء، ولكنه سوف يتولى فقط
حضور الجلسات ومناقشة الخصوم في أقوالهم.... وهكذا سيتم تقسيم هذا المطلب إلى
فقرتين سيتم التطرق في الفقرة الأولى إلى المبدأ العام لتمثيل الدولة أمام القضاء
على أن نتطرق إلى الدفاع عن أشخاص القانون العام في ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المبدأ العام لتمثيل الدولة أمام
القضاء.
قبل صدور قانون المسطرة المدنية لسنة 1914 لم يكن ثمة نص قانوني
يعالج مسألة تمثيل الدولة أمام القضاء، باستثناء قرار المجلس الأعلى الصادر سنة
1959 (كالونديني) الذي قرر فيه أن الوزير الأول هو الممثل القانوني للدولة أمام
القضاء معتمدا على الفرمان المؤرخ في 1912 الذي أوكل إلى الصدر الأعظم مسألة إدارة
البلد واعتبر مسألة تمثيل الدولة أمام القضاء جزءا من هذه الإدارة 25 ، وفي سنة
1974 صدر قانون المسطرة المدنية الذي نص في الفصل 565 على رفع الدعوى ضد الدولة في
شخص الوزير الأول ( رئيس الحكومة (حاليا) وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند
الاقتضاء.
وعليه، فالمبدأ العام أن الوزير الأول - رئيس الحكومة حاليا - هو
وحده من يمثل الدولة المغربية أمام القضاء، وله أن يكلف بتمثيله الوزير الأول
المختص عند الاقتضاء، ونتيجة ذلك أنه يتعين أن ترفع الدعوى ضد الدولة المغربية دون
سواها ممثلة برئيس الحكومة دون سواه أيضا، وذلك في كل الدعاوى التي ترفع ضد الدولة
المغربية أو إداراتها العمومية، وأن رفع أي دعوى ضد هذه الإدارة العمومية بصفتها
هذه وبدون رفع الدعوى ضد الدولة المغربية سيكون مالها هو الحكم بعدم القبول، وأن
أي حكم سيصدر في مواجهة إدارة عمومية بصفتها هذه أو مرفق عمومي لا يتمتع بالشخصية
المعنوية والاستقلال المالي سيكون ماله هو الآخر الإلغاء 26.
وإذا كان القانون المذكور قد بين كيفية رفع الدعوى ضد الدولة، فإنه
لم يتطرق لكيفية رفع الدولة للدعوى ضد خصومها، واقتصر الأمر على اجتهادات منها أنه
طالما بإمكان ممثل الدولة القيام بإجراءات الدفاع عن الدولة، فإنه يمكنه رفع دعوى
ضد خصوم الإدارة، لكن بالرغم من ذلك يجب أن يتدخل المشرع ليوضح صفة الدولة مدعية
أو مدعى عليها.
وإذا كان رئيس الحكومة هو الذي يستطيع تمثيل الدولة، كمبدأ عام فإنها
ترد عليه بعض الاستثناءات في بعض المجالات 27 وفق المقتضيات المنصوص عليها في
المادة 515 من قانون المسطرة المدنية.
- الأملاك الغابوية يمثلها وزير الفلاحة
الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات)؛
- الملك العام للدولة يمثله الوزير
المكلف بالتجهيز ؛
- الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك
الدولة؛
- الأوقاف يمثلها وزير الأوقاف والشؤون
الإسلامية
- الضرائب يمثلها المدير العام للضرائب؛
- تحصيل الضرائب يمثلها الخازن العام
للمملكة.
أما بخصوص شركات الدولة، فيطرح سؤال حول تمثيلها ومدى تطبيق
الإجراءات المسطرية أنفة الذكر عليها، وذلك على ضوء تمتع هذه الشركات العامة
بالذمة المالية المستقلة على ذمة الدولة، وهي تخضع للقانون الخاص في عمليتها
التجارية. وبخصوص كيفية رفع الدعوى ضدها وتمثيلها فيحددها قانونها الأساسي، حتى
ولو كانت الدولة هي الشريك الوحيد في هذه الشركات، إذ لا عبرة بالأسهم التي تملكها
الدولة لكن العبرة بالشخصية المعنوية لهذه الشركات التي تتمتع باستقلال مالي
وإداري، وإن كانت تخضع للمراقبة المالية للدولة في إطار مرسوم 14 أبريل 1960 الذي
حل محله القانون رقم 2006 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1955-3-1 بتاريخ 11
نونبر 2003، المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيات أخرى،
الذي يجعل من المراقبة على هذه الشركات مراقبة إما قبلية أو مصاحبة أو بعدية 28.
وتختلف مهمة التمثيل القانوني للدولة عن تمثيل الجماعات الترابية
والمؤسسات العمومية، وعلى هذا الأساس فإن الجماعات الترابية ممثلة في شخص الولي
بالنسبة للجهات والعامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس بالنسبة للجماعات،
أما الممثل القانوني للمؤسسات العمومية فهو مديرها العام.
إن تمثيل الأشخاص هو على خلاف الدفاع عنها، فكيف يمكن الدفاع عن هذه الأشخاص
المعنوية ؟
الفقرة الثانية: الدفاع عن أشخاص القانون العام
تبنى المشرع المغربي صراحة الاتجاه الوسط فيما يتعلق بالدفاع عن
أشخاص القانون العام، حيث وردت مجموعة من المقتضيات في قانون المسطرة المدنية
وقانون المسطرة الجنائية وقانون المحاماة وظهير 2 مارس 1953 المنظم للوكالة
القضائية، حيت تم تنظيم موضوع الدفاع عن أشخاص القانون العام وفق النصوص التالية:
ينص الفصل 34 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:
"يجب على الوكيل الذي لا يتمتع بحق
التمثيل أمام القضاء أن يثبت نيابته بسند رسمي أو عرفي مصادق على صحة توقيعه بصفة
قانونية أو بتصريح شفوي يدلي به الطرف شخصيا أمام القاضي بمحضر وكيله.
غير أن الإدارات
العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد الموظفين المنتدبين لهذه
الغاية". وكذلك ينص الفصل 354 من قانون المسطرة المدنية
على ما يلي:
" ترفع طلبات النقض والإلغاء المشار
إليها في الفصل السابق بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المدافعين
المقبولين للترافع أمام محكمة النقض". يمكن للمجلس عند عدم تقديم مقال أو
تقديمه موقعا عليه من طرف طالب النقض نفسه أو من طرف مدافع لا تتوفر فيه الشروط
المقررة في الفقرة السابقة أن يشطب على القضية تلقائيا من غير استدعاء الطرف.
يبقى مع ذلك
مبلغ الوجيبة القضائية التي قد يكون ثم أدائها ملكا للدولة.
تعفى الدولة من مساعدة المحامي طالبة كانت أو مطلوبة ضدها وذلك خلافا
لمقتضيات الفقرتين 1 و 2 أعلاه. يوقع في هذه الحالة على مقالاتها ومذكرتها
الوزير المعني بالأمر أو موظف منتدب لهذا الغرض ويمكن أن يكون هذا الإنتذاب عاما
يشمل نوعا من القضايا 29.
أما في قانون المسطرة الجنائية فقد نصت المادة 529 على ما يلي:
تعفى من مؤازرة المحامي كل من النيابة العامة والدولة وسواء كانا
مدعيتين أو مدعى عليهما. ويتولى التوقيع على مذكرات الدولة عند عدم التجائها إلى
محام الوزير الذي يعنيه الأمر أو موظف مفوض له تفويضا خاصا".
كما نصت المادة 31 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على ما يلي:
" لا يسوغ أن يمثل الأشخاص الذاتيون والمعنويون المؤسسات العمومية وشبه العمومية
والشركات أو يؤازروا أمام القضاء إلا بواسطة محام، ما عدا إذا تعلق الأمر بالدولة
والإدارات العمومية تكون نيابة المحامي أمرا اختياريا".
وجاء في الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 ما يلي:
يزاول العون
القضائي وظيفته تحت سلطة مدير المالية ويكون مكلفا بالمهام التالية:
أولا: ان يتابع قبض ما تبقى على الغير من الديون للدولة الشريفة،
والمكاتب والمؤسسات العمومية التابعة لها، كما يتابع قبض ما للدولة الشريفة
والمكاتب والمؤسسات المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا بالأملاك
المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها سير على قاعدة خاصة.
ثانيا: أن يقوم رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة
الدعوى على مديني الدولة الشريفة ومكاتبها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من
ديون وتصفية حسابها، ويختص هذا الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في
ريع الأملاك المخزنية وللعون المذكور أن يقوم بهذه المهمة إذا كلفه رؤساء الإدارة
والمديرون المذكورون 30.
ثالثا: أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكانتها ومؤسستها
العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء
الإدارة والمديرين المختصين بالأمر حيث يكلفونه بذلك.
كما جاء في المادة 10 من القانون رقم 80.03 المحدث بموجبه محاكم
الاستئناف الإدارية ما يلي:
يقدم الاستئناف إلى كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم
المستأنف بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام ما عدا استئناف الدولة والإدارات العمومية
حيث تكون نيابة محام أمرا اختياريا ...
وانطلاقا من هذه النصوص فإن الدولة والإدارات العمومية بإمكانها من
أجل القيام بمهمة الدفاع عن مصالحها أمام القضاء:
- اللجوء إلى موظف منتدب من قبلها؛
- وإما اللجوء إلى مساعدة محامي خاص؛
- وإما اللجوء إلى المكيل القضائي
للمملكة.
ومن تم فإن دور الوكيل القضائي كمدافع عن الإدارة العمومية يمكن أن
يتجلى في إقامة الدعاوى باسم الدولة أو إدارتها العمومية أو في الجواب نيابة عن
هذه الجهات إذا كانت مدعى عليها، فالوكيل القضائي للمملكة وبناء على النص القانوني
المنظم له يمكنه أن يدافع عن الدولة والإدارات العمومية، كمدعية أمام جميع المحاكم
سواء كانت مدنية أو زجرية أو إدارية أو تجارية، ومن جهة أخرى فإن الوكيل القضائي
للمملكة يتدخل سواء في الميدان المدني أو الجنائي، باسم الإدارة التي تكلفه بذلك
من أجل تأمين الدفاع عن الموظفين لحمايتهم من التهديدات أو إلحاق ضرر بهم، كالسب
والشتم الذي يتعرضون له أثناء قيامهم بمهامهم، وذلك في إطار الفصل 19 من القانون
الأساسي للوظيفة العمومية، كما يتدخل أيضا بصفته تلك أمام المحاكم الإدارية وكذا
المدنية والتجارية في الدعوى التي تهدف التصريح بمديونية شخص معنوي من أشخاص
القانون العام، وحتى أمام المحاكم الزجرية حسب مقتضيات المواد 3 و 37 و 95 و 351
من قانون المسطرة الجنائية 31.
وبجانب ذلك فإن الوكيل القضائي للمملكة يمارس دور الدفاع ليس
بالنيابة ولكن بالأصالة وذلك في إطار الإدخال القانوني الوجوبي عندما يتعلق الأمر
بمنازعات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إحدى الإدارات التابعة لها أو مكتب أو
مؤسسة عمومية فقد نص الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 في فقرته الأخيرة على ما
يلي: " وكلما كانت الدعوى المرفوعة أمام المحاكم تستهدف التصريح بمديونية
الدولة أو إحدى الإدارات أو المكاتب أو المؤسسات العمومية للدولة وفي مواد خارجة
عن الضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي تحت طائلة عدم قبول المقال".
وقد نص قانون المسطرة المدنية في فصل 514 تقريبا على نفس المعنى
الوارد في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953 المذكور أعلاه وتحتم
هذه المقتضيات على كل شخص يرغب في مقاضاة الدولة أو إحدى الإدارات العمومية أو
المكتب أو المؤسسات العمومية في مواد لا علاقة لها بالضرائب أو الأملاك المخزنية
أن يدخل في دعواه الوكيل القضائي للمملكة، وقد ورد في قرار.
وتتميز مسألة إدخال الوكيل القضائي للمملكة في المسطرة القضائية
بخاصتين أساسيتين هما:
الخاصية الأولى الإلزام تكتسي هذه المقتضيات طابع الإلزامية فالمشرع
سواء في ظهير 2 مارس 1953 أو في الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية، قد عبر
بالصيغة التي تفيد الإلزام فأوجب على كل من يقوم برفع دعوى تهدف إلى التصريح
بمديونية الدولة، ولا علاقة لها بالأملاك المخزنية والضرائب إدخال الوكيل القضائي
تحت طائلة رفض الطلب، وقد سار الاجتهاد القضائي المغربي نحو ترسيخ إلزامية إدخال
الوكيل القضائي، وسندنا في هذا القرار عدد 259 الصادر بتاريخ 20-02-1983 في الملف المدني
رقم 92648، الذي جاء فيه بأن "عدم إدخال الوكيل القضائي في الدعوى التي ترمي
إلى التصريح بمديونية مؤسسة عمومية يترتب عنه عدم القبول الدعوى 32.
وقد أكد القرار عدد 308 بتاريخ 08-04-1985 ملف اجتماعي عدد 2193 نفس
القاعدة، بل أوجب المجلس الأعلى في القرار عدد 1043 بتاريخ 22-07-1997 ملف اجتماعي
عدد 95/1/4/1467 إدخال الوكيل القضائي للمملكة حتى في الدعاوى التي تكون فيها
شركات الدولة مدعى عليها، وذلك تحت طائلة عدم القبول الدعوى 33.
الخاصية الثانية النظام العام: تعتبر المقتضيات التي تنص على ضرورة
إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى المرفوعة ضد الدولة ومؤسساتها العمومية
من النظام العام، لأنها تتعلق بتمثيل الأشخاص العامة أمام القضاء.
كما تجب الإشارة إلى أن صفة الطرف المدخل في الدعوى لا تعني أنه يمكن
أن يكون الوكيل القضائي للمملكة مخاطبا بها، إذ كرس القضاء مبدأ مفاده أن الوكيل
القضائي لا يحكم له أو عليه، مما يتضح معه أن حضوره في المسطرة غايته ضمان إمكانية
تأمين الدفاع عن الجهات المعنية مباشرة بالنزاع.
أي أن الإلزام موضوع على عاتق كل من يقيم الدعوى على الإدارة، وذلك
بجعل الوكيل القضائي للمملكة على علم بكل الدعاوى الجارية في نفس الوقت الذي ترفع
فيه على الممثل القانوني، الشيء الذي يسمح للوكيل القضائي باطلاعه على الملف
وحيازة وثائق المسطرة قبل تكليفه من طرف الممثل القانوني، وحتى في حالة عدم تكليفه
فإنه يمكنه تتبع الملف ومنه يستطيع 34
- التدخل في كل وقت باسم الإدارة وبناء على طلبها؛
- تقديم ملاحظات بصفته تلك من أجل تدعيم
ومساندة موقف الإدارة؛ إثارة انتباه الإدارة المعنية في حالة تقاعسها لكي تتخذ
الإجراءات اللازمة من أجل تأمين الدفاع عن مصالحها.
يتضح إذن بأن المشرع المغربي يتبنى منهجا وسطا بين احتكار الدفاع عن
أشخاص القانون العام، وإعطاء هذه الوظيفة إلى محامي القطاع الخاص حيث ترك الحرية
لأشخاص القانون العام لاختيار الجهة التي تريد أن تكلفها بالدفاع عن مصالحها أمام
القضاء، وهي إما الوكالة القضائية للمملكة أو محام ينتمي الى هيئات الدفاع أو موظف
منتدب لهذا الغرض، وقد يتم الاستعانة بالوكالة القضائية للمملكة والمحامي معا، غير
أن هذه الحرية تم ضبطها بالإدخال الوجوبي للوكيل القضائي للمملكة في المسطرة كلما
كانت الدعوى ترمي إلى التصريح بمديونية الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
ويشمل تدخل الوكالة القضائية للمملكة، جميع مجالات نشاط الإدارة
العمومية، ويتعلق الأمر على الخصوص بالدعاوى التالية 35
- الطعن بالإلغاء ضد القرارات الإدارية -
مسؤولية السلطات العمومية في جميع مجالات تدخلها ( الاعتداء المادي ونزع الملكية،
المسؤولية الطبية الحوادث التي تسبب فيها مركبات الدولة غير المؤمن عليها، الحوادث
المدرسية، عدم صيانة المنشآت العامة، حفظ النظام .... الخ)؛
- المسؤولية التعاقدية لأشخاص القانون
العام ( المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية وغير الإدارية، النزاعات ذات
الطبيعة الاجتماعية ...)؛
- الدعوى التي ترفعها الوكالة القضائية للمملكة نيابة عن الدولة
المغربية في شخص رئيس الحكومة للمطالبة بحق من حقوق الدولة أمام محاكم المملكة؛
- معالجة إشعارات التابعة للدولة، تقديم
الشكايات، مؤازرة الموظفين ضحايا الاعتداءات أثناء ممارستهم لعملهم؛
كما أن الوكالة القضائية للمملكة تدبر مجموعة من القضايا الجنائية من
بينها تلك المتعلقة بتأمين الدفاع عن الدولة وبعض أشخاص القانون العام في القضايا
الأتي ذكرها:
- تقديم الشكايات المتعلقة بالجرائم التي
تطال المنشآت العامة للدولة من قبيل التخريب والنهب؛
- تقديم شكايات تتعلق بجرائم المال العام
من قبيل اختلاس وتبديد الأموال العامة بتكليف من الإدارة المعنية؛
- اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لضمان
ما قد يحكم به من استرداد أو تعويض؛
- تقديم شكايات بالتزوير واستعمال وثائق
إدارية لإثبات حق أو الحصول عليه؛
- تقديم شكايات تتعلق بالغش في البضائع
والمنتوجات الصناعية؛
تأمين الدفاع عن الموظفين عند تعرضهم لاعتداء أثناء ممارسة العمل 36.
إن هذا الدور مكن الوكالة القضائية من أن تكون قطبا لتجميع
الاجتهادات القضائية وتثمينها وهو ما يسمح لهذه المؤسسة بأن تساهم في توحيد العمل
القضائي من خلال تذكير المحاكم عند ممارسة الدفاع بالتوجهات الأساسية للمحاكم
العليا التي يمكنها من تنبيه الإدارات إلى المخاطر المترتبة عن بعض القرارات
الصادرة عنها أو محدودية بعض النصوص التشريعية وبالتالي فإن دور الدفاعي يمكن
المؤسسة من أن تضطلع بالدور الوقائي على أكمل وجه.
المبحث الثاني: مساهمة الوكالة القضائية للمملكة في
الوقاية من المنازعات
لقد ازداد وعي السلطات العمومية بأهمية دعم مجهودات القائمين على
تدبير ملفات المنازعات بالوسائل المادية والبشرية وتطوير أدائهم، لكن هذا الدعم
مهما كبر حجمه فإنه لن يشكل الجواب الشافي والحل الناجع لمعضلة المنازعات
القضائية، وما يترتب عنها من نتائج سلبية تكلف ميزانية الدولة مبالغ باهضة وتشكل
في بعض الأحيان عرقلة حقيقية لإنجاز البرامج المسطرة والمشاريع المقترح إنجازها،
ومن ثم انصب التفكير على البحث عن الحل في المنبع والتوجه إلى معالجة الأسباب التي
تؤدي إلى هذه المنازعات، وهو ما يسمى بالأسلوب الوقائي تكريسا للقولة المشهورة
" درهم وقاية خير من قنطار علاج". ومن سمات هذا الأسلوب ملامسة المشكل من الأساس
واستخلاص الحلول الناجمة له المواجهة هذا الوضع، بوضع سياسات ومبادرات هدفها
التقليل والوقاية من المنازعات في محاولة للتحكم قدر الإمكان في حجمها ونوعيتها،
وتجاوز السلبيات التي تترتب عيها 37.
ولا شك أن هيئات وإدارات قضايا الدولة هي المؤهلة أكثر من غيرها للعب
دور ريادي وطلائعي في ميدان الدفاع الوقائي أو الوقاية من المنازعات، بالنظر
للدروس التي تستخلصها على مر السنين من خلال تجربتها التي راكمتها في مجال
المنازعات، وفي هذا الإطار فإن الوكالة القضائية للمملكة بالمغرب تلعب دورا مهما
في تفعيل أسلوب الوقاية من المنازعات وتجسيده على أرض الواقع، بحيث تقوم على
مرتكزات أساسية من شأنها أن تسهل الدور الوقائي للوكالة القضائية للمملكة المطلب
الأول ) كما أن دور هذه المرتكزات الأساسية للوقاية من المنازعات سيسمح بإبراز
الفعالية المطلوبة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المرتكزات الأساسية للوكالة القضائية
للمملكة للوقاية من المنازعات
يبرز دور الوكالة القضائية للمملكة في الوقاية من المنازعات الادارية
وغيرها من الدعاوى التي تستهدف المال العام، في تركيز المعطيات المتعلقة
بالمنازعات أي تجميع المعطيات في مكان واحد (الفقرة الأولى وتحديد اختصاصاته
بتجويد النصوص القانونية المنظمة للوكيل القضائي (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى تركيز المعطيات المتعلقة بالمنازعات
الادارية بالوكالة القضائية
نظرا لوضعية الوكالة القضائية للمملكة كصلة وصل بين الإدارة والقضاء،
فإنها تؤمن بالإضافة إلى مهمة الدفاع أمام القضاء، دورا في تجميع ومركزة المعطيات
المتعلقة بمنازعات الدولة، مما يدعم دورها كمرصد حول جودة الحكامة القانونية
للإدارة، فكل هذه المعطيات وغيرها، تجعل من مهمة الوقاية من المخاطر القانونية
مهمة جديرة بالاهتمام والتطوير وتتجلى هذه المهمة في الرصد والتحليل، والمساهمة في
جودة النصوص القانونية.
كما أنها تتعامل مع الإحصائيات المتعلقة بالمنازعات عند تهيئها
للتقرير السنوي لأنشطة الوكالة القضائية، وقيامها بمهمة جمع وتحليل الأحكام
القضائية الصادرة في مجال منازعات الدولة، حيث تتوصل بأكثر من 4000 حكم قضائي سنوي
وهذا ما يخولها إمكانية رصد وتحليل منازعات الإدارة عن طريق استخلاص نتائج الرصد
والتحليل، ذلك أن أي منازعة تعبر عن وجود خلل مرتبط إما بجودة القانون في حد ذاته،
أو التطبيق الغير السليم له، أو حتى في عدم تطبيقه، وهذا ما نسعى إلى استخراجه من
خلال رصد وتحليل المنازعات الإدارية، والتي تؤول إلى حكم قضائي يكون إما في صالح
الإدارة أو ضدها 38.
ويأخذ هذا التحليل أحد الشكلين، إما عموديا بإنجاز دراسات مدققة
ومركزة حول بعض المنازعات ذات التكلفة المرتفعة على خزينة الدولة، ورصدها عند جميع
الإدارات مثل الاعتداء المادي، والصفقات العمومية، واسترجاع أراضي الدولة..... أو
أفقيا بإنجاز دراسات حول منازعات قطاعات معينة كوزارة التربية الوطنية، ووزارة
الصحة بشأن المسؤولية الطبية ..... وبالتالي ومن خلال تحليل ملفات المنازعات، يمكن
استخلاص النتائج المتعلقة بنوعية المنازعات الإدارية، وأسباب خسارة الدولة لها
أمام القضاء والتي لن تخرج عن أحد الأمور الآتية 39:
أسباب ترجع إلى الإدارة:
عدم احترام شكليات معينة من طرف الإدارة؛
- عدم احترام القانون من طرف الإدارة.
وهذا ما يتطلب القيام بإجراءات للتحسيس والمصاحبة، واستكمال الخبرة.
أسباب خارجة عن الإدارة
- غموض في النصوص؛
- عدم تفهم القضاء لوضعية الإدارة؛
- تضارب في التأويل والتفسير.
وانطلاقا من النتائج المحصل عليها يمكن التركيز على المنازعات ذات
التكلفة العالية على خزينة الدولة، والقيام بمجموعة من الإجراءات لتفاديها أو الحد
منها، ويمكن تصنيف هذه الإجراءات على الشكل التالي:
-إنجاز دراسات حول نتائج منازعات الدولة
ثم العمل على نشر هذه النتائج إما عبر ندوات، أو محاضرات، أو مقالات ..... وهذا ما
تم خلال يوم دراسي حول الأراضي المسترجعة من قبل الاجانب، وكذلك تنظيم لقاء حول
موضوع الاعتداء المادي وغيرها من المواضيع المهمة.
- استكمال الخبرة بالنسبة لأطر بعض
الإدارات المكلفة بالمنازعات وبناء على طلبها، ذلك للتحسيس بهذه الإشكاليات؛
- جعل الوكالة القضائية مصدر للإيحاء
التشريعي، بحيث أن أول نقطة يتعين أخذها بعين الاعتبار عند محاولة وضع نص قانوني
أو تعديله، وبما أن تحليل المنازعات قد يظهر بأن مجموعة من النصوص والقوانين أصبحت
تشكل عبء ماليا كبيرا على خزينة الدولة، وأن لها انعكاسا سلبي على الخزينة فإنه
يمكن اقتراح إما تعديل هذه النصوص أو تفسيرها، أو إنشاء نص جديد، وبالتالي تصبح
الوكالة القضائية مصدر للإيحاء التشريعي، وهي مسألة أساسية ومهمة للجهاز الإداري
مادامت تتوفر على قاعدة للمعطيات مهمة حول الدولة وتوجهات الاجتهاد القضائي بشأن
تطبيقات النصوص القانونية، وهذا ما يتعين استغلاله واستعماله لتوجيه المشرع لخدمة
توجهات الدولة والحفاظ على المال العام. - تكوين في مجال صياغة القاعدة القانونية
لتفادي المنازعات العمومية باعتبار أن أطر الوكالة القضائية للمملكة صائغين
قانونيين لمجموعة من الوثائق أو الصيغ القانونية، بحيث ان عملهم لا ينصب فقط على
صيغ التقاضي، وإنما يمتد ليشمل إعداد وتجهيز وصياغة الوثائق التي تحول دون التقاضي
وتمنع حدوث المشكلات عن طريق توقيعها ووضع الحلول اللازمة لها، ويصف بعض الفقه
مفهوم الصياغة بالقانون الوقائي، ذلك أنه من خلال تحليل المنازعات يمكن الوقوف على
مجموعة من الإشكالات المترتبة عن الصياغة المعيبة أو الناقصة لمجموعة من الوثائق
القانونية ومن أمثلة ذلك صياغة العقود بالنسبة لبعض الإدارات كعقود الكراء أو عقود
الصلح والمساهمة في صياغة بعض دفاتر التحملات 40
الفقرة الثانية: تجويد النصوص المنظمة لاختصاص الوكيل
القضائي
تساعد الصياغة القانونية الجيدة وتنفيذ مقتضياتها في تفادي الاشكالات
المثارة في المنازعات العمومية، فمعلوم أن الصياغة المعيبة تؤدي إلى حدوث نزاعات
معقدة وخسارة الدعوى من ثم يجانب الطرف الذي يفسر النص لغير صالحه، كما يؤدي
القصور في الصياغة إلى استغلال الخصم لما يعتريها من عيوب لكسب الدعوى لصالحه، ومن
أهم مبادئ وأهداف الصائغ القانوني هو الدقة والوضوح، والإحاطة بكل جوانب الموضوع واحترام
الصيغ الموروثة عن اللغة القانونية.
وهذه المسائل تدخل ضمن مجال علم أصول الصياغة القانونية بمفهومه
الواسع الذي يشمل حتى الصياغة التشريعية، أو يدخل ضمن مفهوم أصول الصياغة
التشريعية بمفهومه الواسع، ذلك أنه من الشائع مصطلح التشريع يقصد به التشريع العام
فحسب، والذي يتضمن الدستور والقانون واللوائح، لكن التشريع يمكن أن يكون خاصا
كذلك، مثل اللوائح الداخلية للشركات والعقود.... فهي تشرع أيضا ومن منظور الصياغة
لا يختلف القانون المنظم للعلاقات بين المالك والمستأجر عن عقد كراء سكني بين
طرفين، فالعقد ما هو إلا قانون صغير المناسبة خاصة، لذا يمكن القول بأنه يمكن
الاعتماد على أصول الصياغة القانونية من أجل تجويد النصوص، وبالتالي الوقاية من
المنازعات المحتملة، ويمكن أن يتم ذلك عبر 41:
صيغ التقاضي:
والتي تشمل وثائق التقاضي من مذكرات ومقالات وطعون ... وتهدف إلى
تقوية مركز الإدارة أمام القضاء استنادا على توجهات القضاء المستنبطة من تحليل
الاجتهاد القضائي.
صيغ تفادي التقاضي:
وتشمل مجموعة من الوثائق التي تهدف إلى تفادي التقاضي والوقاية من
المنازعات مثل دفاتر التحملات عقود استشارات....
الصياغة التشريعية
وذلك بالتعليق على مقترحات ومشاريع القوانين، ويمكن اقتراح إدخال
تعديلات على النصوص التي تثير إشكالات سواء من حيث الشكل أو المضمون من حيث الشكل
يتم التأكد خلال هذه المرحلة مما يلي:
- دقة ووضوح الصياغة وبساطتها؛
- تقسيم مشروع القانون على أبواب وفصول
إن كان يتطلب ذلك؛
- تقسيم المواد إلى فقرات.
. من حيث المضمون ويتم التأكد أساسا من الجدوى
من التشريع وذلك بإبداء الرأي حول ما إن كانت هناك بالفعل حاجة حقيقية للتشريع،
ويتبين ذلك خاصة من خلال مذكرة التقديم معرفة مدى انعكاسات النص على الخزينة
العامة خاصة وأن من مهما وزارة الاقتصاد والمالية حسب المرسوم المنظم لمهامها وهو
التأشير على مشاريع النصوص التي يمكن أن يترتب عليها أثر مالي، خصوصا وأن الفصل 51
من الدستور ينص على مبدأ ) عدم القبول المالي والذي يستنتج منه الرفض التلقائي لكل
مقترح قانون إذا كان قبوله يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تحفيظ الموارد
العمومية ، وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود 42.
المطلب الثاني: أدوار الوكالة القضائية للمملكة في
الوقاية من المنازعات
بالإضافة إلى تدخل الوكالة القضائية للمملكة قضائيا، فهي تقوم
بالتسوية الودية للمنازعات التي تشب بين الدولة والأغيار من خلال العديد من
الأدوار التي تقوم بها عن طريق لجنة فض المنازعات كما تضمن استرداد نفقات الدولة
لدى الأغيار المسؤولين عن الأضرار المتسبب فيها، وذلك وديا كما تقوم أيضا بتقديم
الاستشارات القانونية للإدارات بناءا على طلب منها من أجل الوقاية من المخاطر
القانونية وتعمل الوكالة القضائية للمملكة من خلال العديد من الإجراءات للحد من
المنازعات القضائية وذلك عن طريق الأدوار التي تقوم بها ( الفقرة الأولى وعن طريق
الآليات البديلة التي تستعين بها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى مهام الوكالة القضائية للمملكة
إلى جانب الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، تلعب الوكالة
القضائية للمملكة دورا هاما في الوقاية من المنازعات القضائية والمخاطر القانونية
من خلال مجموعة من المهام نوردها على الشكل التالي:
1- اليقظة القانونية
من بين المهام التي تسعى الوكالة القضائية للمملكة إلى تكريسها
والاهتمام بها، ما يصطلح عليه "ب" اليقظة القانونية"، ويتم ذلك عن
طريق حرص المؤسسة على تتبع مستجدات العمل التشريعي والقضائي ورصدها، بغية التأقلم
معها واعتمادها في المقالات الافتتاحية والمذكرات الجوابية والطعون، وإدراجها ضمن
حاجيات التكوين بالنسبة للأطر 43.
والغاية من اليقظة القانونية هو تتبع ورصد تطور القوانين والتشريعات
والاجتهادات القضائية والنظريات الفقهية، وتعتبر هذه الآلية مهمة في تدبير
الإدارات العمومية للشأن العام، خاصة وأنها تتيح الفرصة للجهاز الإداري من تكوين
ردة فعل تجعله ينتهز الفرصة والمزايا الممكنة من جراء تطبيق القوانين وتساعده على
تفادي الأخطار والتأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدثها القوانين والتشريعات
الجديدة.
وفي هذا الصدد
تقوم الوكالة القضائية للمملكة بوظيفة، اليقظة القانونية عبر وسيلتين
أولا: رصد المستجدات القانونية من خلال " الجريدة الرسمية، حيث
تتعلق مصلحة الدراسات القانونية بتتبع إصدارات هذه الجريدة، وتحليل محتوياتها والوقوف
على النصوص القانونية التي تهم عمل الوكالة القضائية للمملكة في شتى المجالات.
- ثانيا تتوفر المؤسسة على بنك للمعلومات
تسجل فيه المعطيات الخاصة بالأحكام القضائية وكل المستجدات القضائية، من خلال
تخزين كل البيانات التي تمكن من وصف حكم قضائي كموضوع النزاع، والمحكمة المصدرة
له، ومراجعه، وأطرافه، وحيثياته، ومنطوقه والقاعدة القانونية المقتبسة منه،
والتقاط صوره رقمية للحكم بهدف الاحتفاظ به داخل المنظومة، لتمكين الإطار المسؤول
على ملف المنازعة أو الاستشارة أو الدراسة القانونية من الاطلاع على آخر مستجدات
التوجهات القضائية للاستعانة بها في تهيئ مقالاته ومذكراته الجوابية 44.
ثانيا: استرجاع الصوائر من المهام المنوطة بالوكالة القضائية
للمملكة، استرجاع صوائر الدولة من الأشخاص المسؤولين عن الأضرار التي يلحقونها
بموظفي الدولة، طبقا للمادتين 28 و 32 من قانوني المعاشات المدنية والعسكرية
الصادرتين بتاريخ 30 شتنبر 1971 كما وقع تتميمها بتاريخ 4 أكتوبر 1977.
وتعني هذه الصوائر الأجور التي صرفتها الدولة للموظف بسبب ظروفه
الصحية خلال مدة عجزه عن العمل بسبب حادثة سير أو اعتداء من الغير، بالإضافة إلى
راتب الزمانة الذي تكون قد رصدته له أو لذوي حقوقه إذا ثبت أن الحادثة التي وقعت
له مرتبطة بالعمل، ومنحة الوفاة التي صرفت لورثته في حالة وفاته بسبب الحادثة .
وتطبيقا لمقتضيات المادتين الواردتين أعلاه، تقوم شركة التأمين التي
تؤمن أخطار العربة المتسببة في الحادة بإخبار الوكيل القضائي للمملكة بالحادثة
التي يكون ضحيتها موظف، من أجل تقديم مطالب الدولة المتمثلة في استرجاع الصوائر.
وبناءا على ذلك تعمل الوكالة القضائية للمملكة على جميع الوثائق
المحددة للصوائر التي أنفقتها الدولة، ومطالبة شركات التأمين باسترجاعها حبيا إلا
أن هذه العملية تعرف عدة صعوبات تتمثل في عدم استجابة بعض شركات التأمين لطلب
الوكيل القضائي للمملكة الرامي إلى الحل الحبي، مما يستلزم اللجوء إلى القضاء من
أجل استصدار أحكام تلزم الشركة بالأداء 45.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن النصوص القانونية التي تؤطر حق الدولة
تعتريها صعوبات عديدة في تطبيقاتها، مما يعرقل عملية استرجاع الصوائر المنصوص
عليها في المادتين 28 و 32 السالفة الذكر، والتي تأرجحت مواقف المحاكم بشأنها لمدة
طويلة، قبل أن تستقر مؤخرا على أن الصوائر هي الأجور التي صرفت للموظف، وراتب
الزمانة وصوائر العلاج ومنحة الوفاة، وقد استطاعت الوكالة القضائية للمملكة
استصدار عدة قرارات على مستوى المجلس الاعلى كقرارات مرجعية وتأسيسية لحق الدولة
في الحلول مكان المتضرر لرفع الدعوى ضد مسبب الضرر، لاسترجاع جميع الصوائر
التعويضات التي دفعتها للموظف أو لذوي حقوقه تكريسا لمقتضيات المادتين 28 و 32 من
قانوني المعاشات المدنية والعسكرية، للدولة عن طريق الحلول محل الموظف أو ورثته أن
تطالب الغير المسؤول عن الحادثة بإرجاعه لها ما دفعته للموظف أو ورثته 46.
كما تكون المحكمة قد خالفت نص الفصل 28 من ظهير 30 دجنبر 1971
المتعلق بالمعاشات المدنية لما رفضت طلب الدولة الرامي الى استرداد المبالغ
المدفوعة من طرفها في شكل معاش لفائدة أرملة الموظف أو يتماه "47.
وفي قرار أخر للمجلس الاعلى عدد 2600 الصادر بتاريخ 1988/10/03 في الملف
المدني عدد 7005-86 " بناء على مقتضيات الفصل 28
......
وحيث أنه بموجب الفصل المذكور، إذا كانت الحادثة تنسب لشخص أخر، فإن
الدولة تحل بحكم القانون محل المصاب أو ذوي حقوقه في إقامة الدعوى......
وحيث أنه بموجب الفصل المذكور، إذا كانت الحادثة تنسب لشخص أخر، فإن
الدولة تحل بحك القانون محل المصاب أو ذوي حقوقه في إقامة الدعوى على الشخص
المسؤول..... وشركة التأمين، بإخبار الوكيل القضائي للمملكة بالدعوى المرفوعة والوكيل
القضائي للمملكة مدام معترفا له بأنه طرف في الدعوى ويحق له أن يقيم دعوى في
مواجهة الغير لاسترجاع المبالغ التي يكون قد أداها لذوي حقوق الضحية، فإنه بالإمكان
إقامتها ولو انتهت مسطرة الدعوى المرفوعة من قبل الضحايا "48.
كما صدر قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش جاء فيه " إن الفصل 32 من
قانون المعاشات العسكري لا ينص على ضرورة أو وجوب إدخال الوكيل القضائي للمملكة في
الدعوى بل فقط ينص على أن الدولة لها الحق في أن تحل محل المصاب أو ذوي حقوقه في
إقامة الدعوى على الشخص المسؤول قصد استرجاع الصوائر، ويلزم هذا النص المسؤول
المدني بإخبار الوكيل القضائي للمملكة بالدعوى المرفوعة ضده من أجل المطالبة
بالتعويض 49.
ورغم صدور العديد من القرارات القضائية التي تقر حق الدولة ممثلة في
شخص الوكيل القضائي، بإقامة الدعوى لاسترجاع المبالغ المدفوعة كتعويض للمضرور، إلى
أن أكبر الصعوبات التي لا زالت تعترض استرجاع صوائر الدولة، تلك المتعلقة بالجهة
الملزم قانونا بإخبار الوكيل القضائي للمملكة بالحادثة التي تعرض لها الموظف
وبالدعوى الجارية بشأنها، فقد أدى إحجام شركات التأمين عن إخبار الوكيل القضائي
للمملكة بالحوادث التي يتعرض لها موظفو الدولة، والجدل الذي كان بين الوكالة
القضائية وشركات التأمين حول الشواهد الطبية المعتمدة لصرف الأجور وغيرها من
الصوائر، إلى تفويت الفرصة على خزينة الدولة لتحقيق المداخيل المتعلقة باسترجاع
هذه الصوائر 50.
وأمام هذا الوضع أصبح من الضروري تعديل المادتين السالفتي الذكر
بالتنصيص صراحة على مفهوم الصوائر، وكذا على الجهة الملزمة بالإخبار، وفي انتظار
ذلك أصبح البحث عن حلول فورية لتجاوز هذه الصعوبات أمرا ملحا، مثل اتخاذ التدابير
الإدارية التي تمكن الوكيل القضائي للمملكة من العلم بالحوادث. كتزويده مثلا بنسخ
من محاضر الضابطة القضائية التي عاينت حادثة سير يكون من بين ضحاياها موظف مدني أو
عسكري 51.
ثالثا: إبداء الرأي
إن مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة تمارس أدوار خاصة ذات طابع خاص
يتمثل في تقديم بعض الاستشارات للإدارات والمؤسسات العمومية، وذلك فيما يخص
الاستشارات القبلية أي قبل اتخاذ الإدارة لأي إجراء يشوبه غموض بشأنه، ويلتمس من
الوكيل القضائي للمملكة بتمكينه من بعض المعطيات الخاصة بالموضوع، أو فيما يتعلق
بتقديم بعض الاستشارات القانونية التي تطلبها مختلف الوزارات والمؤسسات العمومية،
وفي بعض الأحيان حتى الجماعات المحلية، ثم هناك دراسة بعض المشاريع والنصوص
القانونية التي تحال على الوزارة 52 ، كما يبدي رأيه إذا طلب منه في بعض المنازعات
التي تخص مجال الصفقات العمومية، ولو أنها غير موجودة بشكل كبير إن لم نقل أنها
منعدمة.
وتبدي مؤسسة الوكالة القضائية رأيها أو موقفها من إشكال قانوني معين،
أو في نزاع حول حق من الحقوقي، وعليه فإن الإدارة والمؤسسات العمومية تستعين بهذه الاستشارات
لحل المشاكل المطروحة خلال تدبيرها لشأن العام 53.
بالإضافة إلى كل ما سبق فإن الوكيل القضائي يبدي رأيه في جميع
المسائل التي تعرض عليه من إدارات الدولة، ومكاتبها، ومؤسستها العمومية، بالإضافة
إلى أنه يبدي رأيه بخصوص كيفية تطبيق القواعد القانونية، كما سبقت الإشارة إليه،
فإنه يضع ملاحظاته حول مشاريع القوانين عندما يطلب منه ذلك، وكثيرا ما يستدعى
لحضور اجتماعات اللجنة المكونة لنظر في تعديل بعض القوانين ويبدي رأيه فيها 54.
وتتجلى أهمية الاستشارات في مجال الوقاية من المخاطر القانونية
بالأساس في معرفة الخيارات القانونية المتاحة في كل حالة أو قضية، وتقييم المخاطر
قبل اتخاذ أي إجراء أو تصرف معين، وإسداء المشورة الناجعة لمساعدة الإدارة المهنية
في اتخاذ القرار السليم والتدخل المبكر للحيلولة دون حدوث المشاكل والتعقيدات،
وكذا صيانة الحقوق بالوسائل الإدارية والقانونية.
غير أن رأي الوكالة يبقى استشاريا وغير ملزم للإدارة، كما أن الوكالة
تقوم بهذا الدور الاستشاري في غياب النص القانوني الذي يخولها صراحة إمكانية
القيام بذلك، بالرغم من الاستثمار في الجهد والوقت الذي يتطلبه في بعض الأحيان هذا
النوع من الاستشارات، وكذا من خلال ضرورة الإلمام والرجوع إلى مجموعة من النصوص
القانونية والاجتهاد القضائية 55 والجدير بالملاحظ هنا أنه من خلال كل ما سبق فإن
هذا الاختصاص المخول لمؤسسة الوكيل القضائي للمملكة لا يستند على أي نص قانوني
صادر بشأنه.
الفقرة الثانية: الوسائل البديلة للوقاية من المنازعات
معلوم أن الوسائل البديلة لها أدوار كبيرة لفض المنازعات العمومية
كالصلح (أ) والتحكيم (ب) اللذان يعتبران من الوسائل البديلة الأساسية التي يتم
اللجوء إليها في حالة رغبة الأطراف بحل النزاع بشكل ودي.
أ : الصلح:
تعتبر المصالحة من أهم الوسائل البديلة لحل النزاعات التي يكون فيها
أحد أشخاص القانون العام هو المسؤول عن الضرر، وتلعب هذه المسطرة دورا فعالا في
التخفيف عن القضاء وتفادي تكاليف التقاضي والسرعة في فض النزاع والحفاظ على سرية
الملفات وخلق نوع من التفاعل الإيجابي بين المواطنين والإدارة 56.
وبمقتضى المادة الرابعة من ظهير 2 مارس 1955 المنظم لاختصاصات
الوكالة القضائية للمملكة يمكن للوكيل القضائي للمملكة، إبرام المصالحة في إطار
لجنة فصل المنازعات ويترأس لجنة فصل المنازعات وزير الاقتصاد والمالية أو من
يمثله، وتضم في عضويتها ممثلين عن الأمانة العامة للحكومة، ومديرية الميزانية،
والخزينة العامة للمملكة بالإضافة إلى ممثل عن الإدارة المهنية بأمر النزاع 57.
أما بخصوص القضايا التي يتم فيها الصلح فهي تهم بالأساس القضايا التي
تكون فيها مسؤولية الدولة ثابتة، أو بعض القضايا الحساسة، خاصة مثل ضحايا انفجار
الألغام بالمناطق الجنوبية 58
وتجد هذه المسؤولية أساسها في مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة،
فهو يقضي بأن يؤخذ بعين الاعتبار الثقل الذي يقع على عاتق الفرد المتضرر والذي
تسببت الإدارة له في هذا الضرر، وتقوم مصلحة المنازعات بتهيئ ومعالجة الملفات التي
تعرض على هذه اللجنة وفق المسطرة التالية 59
-1- فتح الملفات إثر الطلبات التي تتوصل
بها من الإدارة المعنية بأمر النزاع أو من طرف المعنيين بالأمر؛ 2- مكاتبة المعني
بأمر النزاع والجهات الإدارية الأخرى لتهيئ وتجهيز الملف ؛
3- ضبط الملفات ورفع لائحتها إلى الوزير
المالية قصد إخباره وطلب إذنه لتحديد تاريخ الاجتماع وتعيين ممثله الذي سترأس
اللجنة؛ -4- عوض الملفات على اللجنة قصد دراستها وتحديد التعويض المستحق لكل طالب؛
5- تحرير المحضر الذي يضبط جميع مداولات
وقرارات اللجنة؛
6- تصفية الملفات على ضوء قرارات اللجنة.
وتباشر مسطرة الصلح بناء على طلب لجبر الضرر من المتضرر أو بإحالة
هذا الطلب من الإدارة المعنية بالنزاع على الوكالة القضائية للمملكة، التي تقوم
بدراسته ثم تعرضه على لجنة المنازعات التي يترأسها السيد وزير الاقتصاد والمالية،
والتي تقرر التعويض أو عدمه وفق معايير معنية، وذلك بشرط أن تكون مسؤولية الدولة
ثابتة 60.
كما تتميز هذه المسطرة عن باقي المساطر المماثلة مثل التفاوض، لأن
إمكانية تدبير الملف تبقى يبد الإدارة ويقتصر دور طالب الصلح على تقديم طلب معزز
بالوثائق لتأكيد حقه، بعكس التفاوض الذي يكون طرفاه متساويين في مباشرة المفاوضات.
ويجدر التذكير هنا بأن مسطرة الصلح المنصوص عليها في ظهير 2/03/1953
غير مرتبط بوجود دعوى أمام القضاء من عدمها، إذ يمكن اللجوء إليها في أية مرحلة شريطة
التقيد بأجل تقديم الطلب.
وتتم مباشرة مسطرة الصلح بناء على طلب من المتضرر، وقد عرف النطاق
التصالحي لعمل اللجنة اتساعا ملحوظا، فلم تعد تقتصر على قضايا انفجار الألغام، بل
تشمل أيضا أصنافا أخرى من الملفات تتعلق بضحايا الأحداث الإرهابية التي عرفتها
الدار البيضاء ومراكش بالإضافة إلى المتضررين من أحداث تفيك مخيم أكديم إيزيك،
وبالتالي يعتبر الصلح وسيلة من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات والتي تتكرس مع
مرور الأيام وتساهم في عدم انتقال هذا النوع من المنازعات إلى القضاء 61.
التحكيم:
بالإضافة إلى الصلح فإن المشرع نحا إلى تدعيم المقتضيات القانونية
المنضمة للتحكيم وتعزيز إطاره القانوني من خلال إصداره للقانون 6208.05، بحيث أصبح
التحكيم بشقيه الداخلي والدولي أحد البدائل الفعالة لفض المنازعات، حتى ولو كان
أحد أطرافها شخصا من أشخاص القانون العام، وهو ما أدى إلى انتشار التحكيم
والاعتماد عليه لفض الكثير من المنازعات الادارية، التي يكون أحد هذه الأشخاص طرفا
فيها، مما كان له بالغ الأثر الواضح على عمل الوكالة القضائية للمملكة، التي ساهمت
في معالجة العديد من الملفات التي كانت معروفة سواء على هيأت التحكيم الدولية أو
الوطنية فعلى المستوى الدولي، فقد عرف التحكيم في المنازعات الاقتصادية الدولية
تطورا كبيرا في منتصف القرن الماضي غير أنه بعد أن بدأ " متوازنا أصبح اليوم
" تحكيم" يحاكم الدول المضيفة"، وتحول من وسيلة بديلة عن القضاء
لتسوية المنازعات إلى وسيلة بمقتضاها تفرض الشركات الكبرى شروطها على الدولة
المستقبلة للاستثمار، بل وأصبحت المنازعات المتعلقة بالتحكيم نفسها أكثر تعقيدا من
المنازعات المعروضة أمام القضاء، فبعد أن كان المستثمر الأجنبي يحتل مركز الطرف
الضعيف في نزاعه مع الدولة أصبحت هذه الأخيرة هي الطرف الضعيف 63 نتيجة التنازلات
التي منحتها لفائدة المستثمر، رغم أن الدولة تعتبر اللجوء إلى التحكيم مسا
بسيادتها و تنقيصا من حصانتها القضائية 64، وتنازلا عن الوضعية الامتيازية التي
تتمتع بها في علاقتها مع المتعاقد الأجنبي، والمتمثلة في اعتبارها قاضيا ومشرعا و
خصما في ذات الوقت 65 إلا أنها تجد نفسها مرغمة على القبول بغية الحصول على فرص الاستثمار
لتحقيق التنمية الاقتصادية ، مما أدى إلى تصليب المصالح الخاصة للمقاولات الأجنبية
على المصلحة العامة للدول المضيفة للاستثمار الأمر الذي دفع بهذه الدول إلى البحث
عن الآليات الثمينة بتفادي المخاطر الناجمة عن التحكيم والمخاطر المالية المرتبطة
به أو على الأقل التقليل من حدتها 66 .أما على المستوى الوطني فعلى سبيل المثال لا
الحصر تمكنت الوكالة القضائية مؤخرا من تجنب أداء الحكومة المغربية لمبالغ مالية
مهمة في إطار مسطرة تحكيمية، حيث عمد أحد المستثمرين إلى تقديم طلب لهيئة تحكيمية
يطلب فيه تحميل الحكومة المغربية مسؤولية تعثر استثماراته والحكم عليها بأداء مبلغ
2.342.122.000،00 درهم كتعويض عن الأضرار التي لحقته جراء توقف الأشغال، وقد تمسكت
الوكالة القضائية للمملكة، في دفاعها، بمجموعة من الدفوع، من ضمنها عدم وجود علاقة
للأطراف الإدارية المتعاقدة بالاختلالات التي عرفها تنفيذ المشروع والتي تدخل ضمن
مجال عقد الاستثمار، ملتمسة عدم اختصاص الهيئة التحكيمية للبث في النزاع المعروض
أمامها، لكون الحق الموضوعي المطالب به خارج نطاق تطبيق شرط التحكيم، وهو ما
إستجابة له الهيئة التحكيمية حيث أصدرت حكما تحكيميا قضى بعدم اختصاصها نوعيا للبث
في النزاع.
هذا وتبدل الوكالة القضائية للمملكة قصارى جهدها من أجل الاضطلاع
بمختلف هذه المهام ومواكبة تلك المستجدات والتطورات رغم قلة الموارد البشرية التي
تتوفر عليها، إذ بلغ عدد موظفها 167 موظفا حتى متم سنة 2016، بنسبة تأطير تصل إلى
70% كما شكل فئة الشباب 50% ) ما بين 30 و 39 سنة) وتشكل نسبة النساء ما يناهز
6750. وبناء على ما سبق يتبين بأن مجال أشغال الوكالة القضائية للمملكة متنوع
ويشمل مجالات قانونية متعددة فيها تدبير المنازعات القضائية ومنازعات التحكيم إلى
جانب الوقاية من المنازعات والمخاطر القانونية عبر تقديم الاستشارت القانونية
والمساهمة في دراسة مشاريع ومقترحات القوانين.
الفصل الثاني: الواقع العملي للوكالة القضائية للمملكة
بعدما تم التطرق في الفصل الأول إلى الإطار الهيكلي لمؤسسة الوكيل
القضائي للمملكة، و للإطار الوظيفي لها من خلال الأدوار التي تقوم بها كمدافع عن
أشخاص القانون العام أساسا و عن الدور الوقائي الذي تقوم به هذه المؤسسة و ذلك من
خلال البحت عن أساس المشكل و محاولة استخلاص بعض الحلول من أجل تجنب السلبيات التي
تترتب على عرض النزاع أمام القضاء.
وعليه ستتم دراسة الفصل الثاني عبر التطرق للإشكالات التي يطرحها دور
هده المؤسسة على مستوى المسطرة القضائية في المنازعات الخاصة بالدولة، سواء منها
الإدارية أو القضاء العادي، كما أن هذا العمل الذي تقوم به مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة،
كمؤسسة تهتم بمجال المنازعات الخاصة بالدولة، يواجهه مجموعة من العراقيل و
المعوقات التي تحد من عملها للقيام بدورها كاملا و كذا من أجل تحقيق الفعالية في
الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء و عن المال العام، وهذه المعوقات و
العراقيل منها ما يتعلق بالجانب الهيكلي للمؤسسة، وما يتعلق بالمهام التي يزاولها
الوكيل القضائي.
وهكذا سنقوم بإبراز المسؤولية على اعتبار أنها أهم مصدر من المصادر
التي تحمل ميزانية الدولة أعباء مالية ينطق بها القضاء من خلال رصد تدخل الوكيل
القضائي في المنازعات أمام القضاء المبحث الأول لأختم هذا الفصل بتناول واقع وأفاق
الوكالة القضائية للمملكة المبحث الثاني).
المبحث الأول: رصد تدخل الوكيل القضائي في المنازعات
أمام القضاء
بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة لوظيفة الوكيل القضائي للمملكة
يظهر أن اختصاصات هذا الأخير تهم جميع أشخاص القانون العام، لذلك يمكن القول بأن مجالات
تدخل الوكالة القضائية متعددة بتعدد نشاط أشخاص القانون العام ، ما لم يتعلق الأمر
بالضرائب والأملاك المخزنية، وبذلك تكون الوكالة القضائية حاضرة أمام المحاكم
العادية والإدارية والتجارية وأمام المجلس الأعلى بحيث أن المدى الجغرافي لتدخلها
يشمل كافة محاكم المملكة.
وتجدر الإشارة إلى أن إرساء دعائم دولة الحق والقانون ووعي المواطنين
بحقوقهم قد ساعد على تكاثر المنازعات التي تهم الإدارة، وبحكم العلاقة الوطيدة
التي تربط المؤسسة بالجهاز الإداري فقد تم الحرص على أن تكون هيكلتها موازنة
ومتناسقة مع التقسيم الذي روعي في تنظيم المحاكم بحسب مجال تخصصها، وهكذا تم تنظيم
الوكالة القضائية في شكل هيئة تضم أقسام ومصالح، من بينهم قسم المنازعات الإدارية
68، وقسم المنازعات القضائية 69 كجهاز مختص بدراسة الدعاوى القضائية، ويمهد تدخل
الوكيل القضائي في المنازعات أمام القضاء الاداري المطلب الأول وأمام القضاء
العادي المطلب الثاني).
المطلب الأول: تدخل الوكيل القضائي في المنازعات أمام
القضاء
الإداري إن مهام الوكالة القضائية للمملكة أمام القضاء الإداري لا
تنحصر في إعداد الأجوبة على مقالات ومذكرات وعرائض المدعين نيابة عن أشخاص القانون
العام أو ممارسة الطعون اللازمة ضد الأحكام التي تصدر ضد الإدارة فهي تقوم أيضا
بمراسلة الإدارات العمومية وبعض المكاتب والمؤسسات العمومية قصد استجماع عناصر
الجواب بغية اطلاعها على مال الملفات ونتائج الأحكام وفي مجال القضاء الإداري فإنه
يمكن التمييز بين قضاء الشامل (الفقرة الأولى وقضاء الإلغاء وما تجب الإشارة إليه
أنه لا توجد أحكام يتدخل فيها الوكيل القضائي أمام قضاء الإلغاء (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: القضاء الشامل
ترتبط أغلبية المنازعات المقدمة أمام القضاء الإداري بتعديل عقد أو
فسخه أو إلغائه في إطار قضائها الشامل، إذ غالبا ما تلجأ الإدارة إلى فسخ العقد
الإداري كجزاء على إخلال المتعاقد بالتزاماته القانونية، أو ارتكاب مخالفات واضحة
وخطيرة، من شأنها أن تؤثر سلبا على سير المرفق العام، وتجعل العلاقة التعاقدية
مرهقة بين الطرفين 70.
وتستمد الإدارة هاته السلطة، ليس فقط من النصوص العامة التي تمثلها،
أو المبادئ العامة لسير المرفق بانتظام بغاية تحقيق المصلحة العامة، بل تتمتع في
هذا الشأن بسلطة تقديرية في إنهاء العقد متى قررت أن الصالح العام يقتضي ذلك، وحتى
لو لم يقع أي خطأ من جانب المقاولة.
والقضاء الشامل هو القضاء الذي يخول للقاضي سلطة تصفية النزاع كلية،
فيلغي القرارات المخالفة للقانون إن وجدت، ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من
الناحية الإيجابية أو السلبية.
ويعتبر إدخال الوكيل القضائي للمملكة في دعوى التعويض إجراء إلزاميا
لقبول الدعوى التي تهدف إلى الحكم بالتعويض عن ما قد يصدر من الإدارة أو الموظف من
ضرر تجاه الأفراد.
وتحدد المادة 8 في الفقرة الثانية من القانون 41.90 الإطار العام
للاختصاص المحكمة الإدارية 71 ، فالعلاقة التي تربط بين الإدارة والمتعاقد معها
تمتاز بعدم التوازن مادامت الإدارة هي الطرف القوي في العقد حيث أنها تتمتع
بالسلطة التقديرية في إنهاء العقد أو فسخه تحت اسم المصلحة العامة، بالمقابل أقر
المشرع للمتعاقد حماية قانونية وذلك من خلال رفع دعواه أمام القضاء الإداري 72.
فبالرجوع إلى مقتضيات الفصول 51 و 514 و 515 من قانون المسطرة
المدنية نجد أن المشرع ألزم رافع الدعوى ضد الإدارة أو الموظف والتي تهدف إلى
المساس بالذمة المالية للدولة أو الجماعات الترابية، أن يدخل الوكيل القضائي
للمملكة تحت طائلة عدم قبول الدعوى.
وعليه ففي حالة ثبوت مسؤولية الإدارة عن الإخلال بالتزاماتها مع
المتعاقد يكون للقضاء الشامل الحكم بالتعويض عن ما لحقه من ضرر جراء إنهاء العقد
بشكل تعسفي وذلك وفق معايير محددة قانونا فإن لم توجد نصوص في القوانين أو العقد
ذاته، فإن القضاء الإداري سار على تتبع مجموعة من القواعد في تحديد التعويض
كانتداب خبير 73.
ولابد من الإشارة أن الإلزام الذي وضعه المشرع على عاتق من يقيم
الدعوى سواء الإدارات أو المؤسسات العمومية، والتي تستهدف التصريح بمديونية
الدولة، تجعل مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة على علم بكافة الدعوى الجارية في نفس
الوقت الذي ترفع فيه على الممثل القانوني للإدارات أو المؤسسات العمومية المعنية
بالنزاع، الشيء الذي يمكن هذه المؤسسة من الإطلاع على الملف، وحيازة وثائق المسطرة
قبل تكليفها من طرف الممثل القانوني لتلك الإدارة أو المؤسسة العمومية.
وحتى في حالة عدم تكليفها فإذا اختارت الإدارة الدفاع عن مصالحها
مباشرة بواسطة انتداب موظف أو بلجوئها إلى المحامي، فإنه يمكنها من تتبع مال الملف
وتستطيع التدخل في كل وقت باسم الإدارة وبناء على طلبها في تقديم ملاحظات بصفتها
تلك، من أجل تدعيم ومساندة موقف الإدارة، ومن أجل إثارة انتباه الإدارة المعنية
بالنزاع في حالة تقاعسها أن تتخذ الإجراءات اللازمة من أجل تأمين الدفاع عن
مصالحها، ونورد في هذا الشأن بعض الدعاوى القضائية التي استدعت تدخل الوكيل
القضائي للدفاع عن اشخاص القانون العام، كالحكم الصادر من المحكمة الادارية
بأكادير عدد 1053 الصادر بتاريخ 09/12/2014 في ملف عدد 2013/7114/277، والذي اعتمد
فيه الوكيل القضائي على آلية الطلبات المضادة لحماية المال العام، وتتلخص وقائع
النازلة في الدعوى التي رفعتها شركة ضد إدارة عمومية عرضت فيها أنها أبرمت صفقة
معها من أجل إنجاز أشغال بناية بجهة أيت ملول وأنها بالرغم من تنفيذها لجميع
التزاماتها التعاقدية وحصول عملية التسليم المؤقت مازال في ذمة الإدارة ة مبلغ
إجمالي قدره حوالي 6 ماليين درهم وهو المبلغ الذي طلبت الحكم به لفائدتها إضافة
إلى تعويض عن الضرر، كما طالبت بأحقيتها في استرجاع مبلغ الضمانة النهائية،
ليتجاوز المبلغ الإجمالي المطالب به 10 ملایین درهم.
وبعد دراسة الوكالة القضائية للملف من كل جوانبه، بعد إحالته عليها
من طرف الإدارة المعنية، تبين لها أنه علاوة على كون مطالب المدعية غير مرتكزة على
أساس قانوني سليم فإن الشركة هي المدينة للإدارة اعتبارا لمختلف العيوب الجسيمة
التي اعترت الأشغال المنجزة واعتبار كذلك لثبوت توصلها بمبالغ غير مستحقة وبناء
عليه تقدمت الوكالة القضائية بمذكرة التمست فيها أوال رفض جميع مطالب المدعية
وثانيا الحكم ضدها ولفائدة الدولة بالمبالغ التي استوفتها الشركة بغير حق
وبالتعويض عن الأضرار اللاحقة بالإدارة نتيجة تنفيذ أشغال الصفقة بكيفية معيبة.
وبعد أمر المحكمة بإجراء خبرة قضائية حرص الوكيل القضائي على حضور
جميع أطوارها وعملياتها وبعد التعقيب على التقرير الذي أعده الخبراء وبعد استنفاذ
جميع الإجراءات أصدرت المحكمة الإدارية بأكادير حكما قضت فيه برفض جميع طلبات
الشركة وبالحكم عليها بأدائها لفائدة الدولة مبلغ 7,26 مليون درهم وتحميلها كامل
صائر الدعوى.
وبعد الطعن بالاستئناف ضد هذا الحكم من طرف الشركة وتقديم الوكالة
القضائية لمذكرة جوابية مع استئناف فرعي أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش قرارا تحت
عدد 740 بتاريخ 2016/04/27 في الملف عدد 2015/7207/1046 قضت بتأييد الحكم المستأنف.
وبناء على ذلك عمدت الوكالة القضائية إلى سلوك مسطرة التنفيذ في مواجهة الشركة
المدعية بعد القيام بإجراءات التبليغ المتطلبة والحصول على نسخة تنفيذية من الحكم
المراد تنفيذه 74.
ويستخلص مما سبق أن المبلغ الذي تم توفيره لفائدة خزينة الدولة من
خلال هذه الدعوى هو 37 مليون درهم شاملا للمبالغ المطالب بها من طرف الشركة، والتي
تم الحكم برفضها وكذا المبلغ المحكوم به لفائدة الإدارة، يضاف إليها مبلغ الصوائر
التي تتحملها الشركة.
الفقرة الثانية: قضاء الإلغاء
إن الملاحظ من خلال الممارسة العملية أن أغلب الدعاوى تؤول في
النهاية إلى تعويضات مالية بسبب أن دعوى إلغاء المقررات الإدارية قد تشكل سندا
للمطالبة بالتعويض في مواجهة الإدارة المصدرة للقرار الملغي.
فمشروعية القرار الإداري تتمثل في توفر القرار على جميع أركانه
الموضوعية والشكلية 75، فعدم مشروعية القرار الإداري بأوجهه المعروفة يشكل في
حقيقته وجوهره خطأ مرفقي يرتب مسؤولية الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات
العمومية، بناء على القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 79 من قانون الالتزامات
والعقود.
وقد استقر القضاء الإداري المغربي كما هو شأن مجلس الدولة الفرنسي
بالحكم بالتعويض بصفة حتمية فقط في دعاوى الإلغاء ذات طبيعة الانحراف في استعمال
السلطة أو مخالفة محل القرار الإداري للقوانين المطبقة، أما باقي أوجه عدم
المشروعية فإن القضاء الإداري سار نحو إثارة مسؤولية الإدارة إما لجسامة المخالفة
أو عدم المشروعية القرار.
وعليه فعدم إدخال الوكيل القضائي للمملكة في دعوى الإلغاء لا يسمح له
بتتبع الملف من البداية، ويؤثر على مستوى دفاعه في مرحلة التعويض إذ ما طلب
المحكوم له بموجب الحكم الصادر بدعوى الإلغاء بتعويضات مالية 76.
وتجب الإشارة إلى أن الأصل في إلغاء مقرر إداري يعني إرجاع الحالة
إلى ما كانت عليه، ولا يتم ذلك إلا باتخاذ قرار يرجع الوضعية إلى ما كانت عليه،
وهو بذلك يخرج من قاعدة عدم رجعية اتخاذ القرارات الإدارية لأننا نكون أمام تنفيذ
أحكام كاشف للحق، وبتنفيذ الحكم الملغي بهذا الشكل يعدم هذا الأخير ويزيل الآثار
القانونية التي يكون المقرر الإداري قد رتبها أو الأعمال العادية التي تحدث لتنفذ
به 77.
لهذا يجب على المشرع التدخل وسن صراحة على ضرورة إدخال الوكيل
القضائي في دعوى إلغاء المقررات الإدارية خصوصا دعوى الإلغاء التي يمكن أن تعتبر
سندا ثابتا لرفع دعوى التعويض في مواجهة الإدارة.
المطلب الثاني : دور الوكيل القضائي في منازعات القضاء
العادي
المعالجة هذا المطلب يمكن الانطلاق من السؤال التالي ماهي أهم النصوص
القانونية التي تؤطر عمل الوكيل القضائي للمملكة؟ وذلك على ضوء قانون المسطرة
المدنية، والذي بعد مرجع لعمل هذه المؤسسة الفقرة الأولى)، ثم على ضوء قانون
المسطرة الجنائية، الذي يؤطر حدود تدخل الوكيل القضائي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تدخل الوكيل القضائي أمام القضاء
المدني
جاء في المادة 514 من قانون المسطرة المدنية ما يلي : "كلما
كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة، أو إدارة عمومية، أو مكتب أو مؤسسة
عمومية، للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية، وجب إدخال العون
القضائي في الدعوى، وإلا كانت غير مقبولة" 78 .
وحسب ما جاء في هذه المادة فإن الدعوى الموجهة ضد الدولة ترفع على
رئيس الحكومة، وبالتالي فهو طرفا في المرحلة الابتدائية، مما يخول له القيام
بالعديد من الإجراءات المتعلقة بالدعوى المرفوعة ضده، بما فيها الدفوع والطلبات
المضادة وممارسة الطعون، واتخاذ جميع الإجراءات التحفظية.
ولقد كرس قانون المسطرة المدنية هذا الطرح من خلال فصله 515 ونص ترفع
الدعوى ضد الدولة في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء .......
ولابد من الإشارة، أنه إذا كان المشرع قد ألزم كل من يريد رفع دعوى
تستهدف التصريح بمديونية الدولة بضرورة إدخال الوكيل القضائي للمملكة تحت طائلة
عدم القبول فإنه فيما يتعلق بالطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة فلا يستوجب إدخال
الوكيل القضائي، ولا يخضع لمقتضيات الفصلين 514 و 515 من قانون المسطرة المدنية،
ذلك لان دعوى الإلغاء دعوى عينية وليست دعوى بين الخصوم، بل هي دعوى ضد قرار السلطة
إدارية بقصد التوصل إلى إلغائه بأثر قبل الكافة 79.
وعند مقارنتنا لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل الأول من ظهير 2
مارس 1955 ، ومما جاء في الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية ، يتضح أن ظهير 1983
أو جب على رافع الدعوى ضد الدولة أن يقيمها ضد الوكيل القضائي للمملكة مما يعني
أنه يجب أن توجه ضده كطرف اصلي، بينما الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية أوجب فقط
الإدخال 80.
إن الدولة أو الإدارة عندما تدخل في نزاع إداري مع أحد الأفراد أو
الأشخاص وتكون مضطرة إلى الدفاع عن مصالحها أو قرارها الإداري، فإنها تكون في
وضعية متقاضي ذو طبيعة خاصة بالنظر للمسؤوليات الملقاة على عاتقها من قبل السلطة
التنفيذية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي لهذا منحها المشرع عدة امتيازات عندما
تلج باب الخصومة القضائية 81. من بين هذه الامتيازات التي تنعم بها الإدارة
أنها غير معنية أو ملزمة بتنصيب محام للدفاع عنها، في حين أن الطرف المدعي ملزم
بتنصيب محام لكي يدافع عنه كما نصت على ذلك المادة 33 من القانون المنظم لمهنة
المحاماة.
وعليه فإن الدفاع عن الدولة أمام الجهة القضائية يتم وفق فصول 34 و
154 من قانون المسطرة المدنية والمادة 10 من القانون المنظم لمحاكم الاستئناف
ناهيك عن أن الدولة معفية من تعيين محامي المادة 354 كقاعدة عامة في الاجتهاد
القضائي، أن عدم إدخال الوكيل القضائي أو العون حسب المادة 514 من قانون المسطرة
المدنية في الدعوى المقامة ضد الدولة، أو مؤسسات عمومية فإن مصير هذه الدعوى يكون
عدم القبول شكلا وهذا ما كرسه الإجتهاد القضائي للمجلس الأعلى من خلال تطبيق هذا
المبدأ في العديد من قراراته، منها القرار عدد 259 بتاريخ 1983/02/20 ملف مدني
92648 الذي جاء فيه بأن "عدم إدخال الوكيل القضائي في دعوى التي ترمي إلى
التصريح بمديونية مؤسسة عمومية يترتب عنه عدم القبول "83.
ويدخل في هذا الإطار، مختلف النزاعات التي تكون الدولة أو أحد أشخاص
القانون العام طرفا في الدعوى خارج إطار المادة 8 من قانون 90-41 كالجرائم الصادرة
من الموظفين أو قضايا حوادث السير التي تتسبب فيها مركبات مملوكة لشخص معنوي
والنزاعات التي تنشأ عن المرافق الاقتصادية وكذا النزاعات ذات طبيعة تجارية المادة
5 من قانون المحدث للمحاكم التجارية 53-95 وهذا ما أكده القرار الصادر عن المجلس
الأعلى عدد 1043 بتاريخ 1997/07/22 ملف اجتماعي عدد 1467/01/95 إدخال الوكيل
القضائي حتى في الدعاوى التي تكون فيها شركات الدولة مدعى عليها، تحت طائلة عدم
القبول 84.
وتجدر الإشارة إلى أن الدعاوى التي تدخل في اختصاص الأقسام المتخصصة
في هذه المنازعات إلى :
- دعاوى إفراغ المساكن والعقارات
المكثرات من طرف الإدارات العمومية؛
- الدعاوي المرتبطة بالحكم على المتهمين
بإرجاع المبالغ المختلسة لدولة
المنازعات المنصبة على تسبيق العقود الغير إدارية والمرتبطة
بالإدارات العمومية أو الغير 85؛
من خلال ما تم توضيحه فإن قانون المسطرة المدنية أوجب إدخال الوكيل
القضائي في جميع الدعاوى التي تكون فيها الدولة إما مدعية أو مدعى عليها من خلال
الفصل 514، وكذلك الفصل 515 من نفس القانون الذي ينص على أن الدعوى يجب أن ترفع ضد
الدولة في شخص ممثلها القانوني رئيس الحكومة"، وإلا كان مصيرها عدم القبول فهذا
الإجراء يكون شامل لجميع أنواع الدعاوى التي تستهدف مديونية الدولة والجماعات الترابية
والمؤسسات العمومية.
وعليه يتبادر الى الاذهان تساؤل حول واقع تدخل الوكيل القضائي في
الدعاوى العمومية المقامة ضد موظفي الدولة ؟ بحيث نجد المشرع المغربي كذلك نظم
تدخل الوكيل القضائي في قانون المسطرة الجنائية.
الفقرة الثانية : تدخل الوكيل القضائي أمام القضاء
الجنائي
إن تدخل الوكيل القضائي للمملكة، لا يقتصر على الدعاوى المدنية أو
الإدارية بل إنه يتدخل أيضا في الدعاوى الزجرية، ويتضح لنا ذلك من خلال قراءة
مقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة الجنائية الذي نص على أنه "إذا أقيمت
الدعاوى على قاضي أو موظف عمومي أو عون أو مأمور السلطة أو القوة العمومية، فتبلغ
إقامتها للوكيل القضائي للمملكة"، كما نص الفصل 37 من نفس القانون على أنه
"تقوم النيابة العامة بإشعار الوكيل القضائي للمملكة بالمتابعات المقامة في
حق القضاة أو الموظفين أو الأعوان التابعة للسلطة أو القوة العمومية، وتشعر كذلك
الإدارة التي ينتمون إليها".
وينص الفصل 95 من قانون المسطرة الجنائية من جهة أخرى على أنه
"إذا أقيمت الدعوى ضد قاض أو موظف عمومي أو عون تابع للسلطة أو القوة
العمومية، وظهر أن الدولة يمكن أن تتحمل المسؤولية المدنية من جراء أعمال تابعيها،
يتعين على قاض التحقيق أن يشعر بإقامتها الوكيل القضائي للمملكة 86.
وينص الفصل 351 من نفس القانون أيضا على أنه "إذا أقيمت الدعوى
ضد قاضي أو موظف عمومي أو عون تابع للسلطة أو القوة العمومية، وتظهر أو تبين
احتمال قيام مسؤولية الدولة عن أعمال تابعيها، فإنه على المحكمة إشعار الوكيل
القضائي للمملكة وفق الشكل المنصوص عليه في الفصول 37 38 39 من قانون المسطرة
المدنية"
من خلال هذه النصوص نرى أن قانون المسطرة الجنائية تعرض لإدخال
الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى العمومية على عكس قانون المسطرة المدنية 87،
وأن إشعار الوكيل القضائي بالدعوى المقامة ضد قاضي أو موظف عمومي أو عون تابع
للسلطة أو القوة العمومية يقصد به تمكين الوكيل القضائي للمملكة من قبيل المطالبة
باستبعاد المسؤولية المحتملة للدولة عن القاضي أو الموظف المتابع جنائيا كلما
أثيرت مسؤوليتها عنه بالنسبة للجريمة المطلوب عنها التعويض، وفي حالة أداءها
التعويضات يمكن لهذه المؤسسة أن تقدم طلبتها الهادفة إلى إرجاع الأموال المطلوبة
لخزينة الدولة، لذلك فتبليغ إقامة الدعويين الجنائية والمدنية إلى الوكيل القضائي
للمملكة إجراء واجب يجنب الدولة الخسائر المالية التي تدفعها كتعويضات 88.
والملاحظ فيما يخص الدعوى العمومية أن قانون المسطرة الجنائية الصادر
في 3 أكتوبر 2002 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية القديم، قد أهمل الجزاء
الذي قد يترتب على عدم إشعار الوكيل القضائي، خلافا لما كان عليه الأمر في القانون
الذي وقع إلغاؤه، والذي كان ينص صراحة على عدم قبول الدعوى العمومية في حالة عدم
إشعار الوكيل القضائي.
ثم إن القانون الجديد رقم 24.05 والقانون رقم 23.05 المعدل والمتمم
لقانون المسطرة الجنائية الصادر في 3 أكتوبر 2002، أوكل مهمة إشعار الوكيل القضائي
إلى النيابة العامة والتي يتعين عليها كذلك إشعار الإدارة التي ينتمي إليها
الأشخاص المتابعون إذا كانوا قضاة أو موظفين أو أعوانا تابعين للسلطة أو القوة
العمومية (الفقرة الثانية من الفصل 37 من قانون المسطرة الجنائية ) ولم يعد هذا
الإجراء واجب على المطالب بالحق المدني، كما أن قانون المسطرة الجنائية الجديد خول
لكل من قاضي التحقيق وهيئة المحكمة أن تقوم بتبليغ الوكيل القضائي للمملكة بهذه
المتابعات طبقا للمواد 95 و 351 من قانون المسطرة الجنائية إلا أن هذا الإشعار
يختلف حسب طبيعة الجريمة المرتكبة، فإذا كانت الجريمة لا علاقة لها بالنشاط
الإداري للموظف، فإنه يتم إشعار الوكيل القضائي للمملكة وكذا الإدارة التي ينتمي
إليها الموظف قصد ترتيب النتائج الإدارية التي تفرضها طبيعة المخالفة المرتكبة،
أما إذا كانت الجريمة لها علاقة بالمهام الإدارية للموظف فإنه ينبغي التمييز أيضا
بين حالتين :
الحالة التي يكون فيها الخطأ الذي يتابع من أجله الموظف متعمدا و
جسيم وبالتالي يتحمل الموظف تبعاته شخصيا فيكون الهدف إذن من الإشعار نفس الهدف من
الإشعار في الحالة الأولى.
الحالة التي يكون فيها الخطأ الذي يتابع من أجله الموظف غير جسيم على
المستوى المهني، فيكون الهدف من إشعار الوكيل متابعة المسطرة بغية الدفاع عن
الموظف المتابع عنه تجنبا لإثارة الخطأ المرفقي للإدارة.
وتدخل كذلك في إطار تدبير المنازعات الجنائية مجموعة من القضايا ذات
الارتباط بتأمين الدفاع للدولة وبعض أشخاص القانون العام، حيث خول لها المشرع
الجنائي تقديم شكايات تتعلق بجرائم المال العام؛ وجرائم التخريب والنهب، وجرائم
التزوير واستعمال وثائق إدارية، وكذلك تقديم شكايات بالغش في البضائع والمنتوجات
الصناعية 89.
المبحث الثاني : واقع وآفاق الوكالة القضائية للمملكة
يواجه العمل الذي تقوم به مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة، كمؤسسة تهتم
بمجال المنازعات الخاصة بالدولة، مجموعة من العراقيل والمعيقات التي تحد من عملها
للقيام بدورها كاملا وكذا من أجل تحقيق الفعالية في الدفاع عن أشخاص القانون العام
أمام القضاء وعن المال العام، وهذه المعيقات والعراقيل منها ما يتعلق بالجانب
الهيكلي للمؤسسة، تتمثل أساسا في ضعف البنية التنظيمية وكذا الإمكانيات والوسائل
اللوجستيكية التي تتوفر عليها هذه المؤسسة.
كما أن هناك معيقات مرتبطة بالمهام التي يزاولها الوكيل القضائي،
التي تتمثل أساسا في قدم النص المنظم لمؤسسة الوكيل القضائي للمملكة الذي لا يساير
التطورات التي عرفها محيط هذه المؤسسة ( المطلب الأول، واعتبارا لتحديات التي
تواجه الوكالة القضائية للمملكة ورغبة منها في تجاوزها، فإن الضرورة تقتضي بإعادة
النظر في هياكل هذه المؤسسة للاستيعاب ومواكبة جميع المنازعات الخاصة بالدولة
(المطلب الثاني).
المطلب الأول : معيقات تدبير المنازعات
سيتم التطرق في هذا المطلب للمعيقات التي تحد من نجاعة الدفاع
القضائي عن الدولة، ويتعلق الأمر بمعيقات ذات صبغة قانونية الفقرة الأولى ومعيقات
ذات صبغة عملية الفقرة الثانية، بحيث تطرح مسألة تطبيق بعض النصوص العديد من
الإشكالات للإدارة المغربية وتحد من تدبير الفعال لمنازعاتها، وبالتالي سنحاول طرح
بعضها لإثارة الانتباه لما تؤدي إليه من نتائج سلبية.
الفقرة الأولى : معيقات ذات صبغة قانونية
يمكن التحدث في هذه النقطة عن طبيعة الصياغة القانونية للنصوص
المنظمة للوكالة القضائية (أ) على أن نبين معيقات العلاقة بين الادارة والوكالة
القضائية (ب)
أ-
القانون المنظم للوكالة
القضائية للمملكة
إن الأدوار التي خولها القانون للوكالة القضائية للمملكة لم تعد
كافية للقيام بما يلزم الدفاع عن المال العام، مما يستوجب إجراء مراجعة شاملة
لاختصاصاتها، وذلك لاستكمال صرح هذه المؤسسة وجعلها تقوم بدور الذي أنشئت من أجله
في دعم المشروعية وحماية المصلحة العامة والمال العام، وهذا لن يتأتى إلى بمراجعة
القانون المنظم للوكالة القضائية للمملكة والذي يعود كما سبقت الإشارة إلى ذلك
لسنة 1953 ، ويطلق الظهير المذكور على الوكيل القضائي للمملكة اسم العون القضائي
للدولة الشريفة، وهو اسم متجاوز بالنظر لما ذهب إليه المشرع في قوانين أخرى أبرزها
قانون المسطرة الجنائية الذي كرس اسم الوكيل القضائي للمملكة في المواد 3 و 37 و
95 و 351 و 540 منه.
كما أن الحديث عن الوكيل القضائي للمملكة نفسه بدل الوكالة القضائية
للمملكة كمؤسسة موحدة، يطرح إشكاليات لدى قيام أطر الوكالة القضائية للمملكة بمهام
التمثيل القانوني للدولة والدفاع عنها أمام المحاكم، لأن ذلك يستوجب حصولهم مسبقا
على تفويض التوقيع.
إضافة إلى ذلك يعتمد ظهير 1953 مصطلحات رسمية أخرى من قبيل مدير
المالية والمستشار القانوني للحماية التي أصبحت متجاوزة، كما نص ظهير 1953 على
مجموعة من الاختصاصات للوكيل القضائي للمملكة إلا أنه منذ 1970 لم يعد يزاول بعضا
منها فقد حدد الفصل الأول من ظهير 1953 المهام الموكولة للوكيل القضائي، من بينها :
أن يتابع قبض ما بقي على الغير من الديون للدولة الشريفة والمكاتب
والمؤسسات العمومية التابعة لها كما يتابع قبض ما للدولة الشريفة والمكاتب
والمؤسسات المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا تدخل في الأملاك
المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها التمشي على قاعدة خاصة 90.
إلا أنه في سنة 1970 أصدر وزير المالية دورية تحمل رقم 1306 نقل
بمقتضاها مهام التحصيل المنصوص عليها في ظهير 1953 إلى الخازن العام للمملكة، دون
أن يتم تعديل مقتضيات الظهير المذكور.
ومن خلال دراسة النصوص القانونية المؤطرة لعمل الوكالة عند انتصابها
كمطالبة بالحق المدني في قضايا اختلاس الأموال العمومية، سجل المجلس غياب التنصيص
التشريعي على إمكانية قيام الوكالة بالتدابير التحفظية والاحترازية حفاظا على
المال العام من الضياع وخوفا من أن يعمد المتهمون في مثل هذه القضايا إلى بيع ما
يسلكونه للتهرب من أداء ما يمكن أن تحكم به المحكمة، وفي هذا الصدد سجل المجلس
صدور العديد من الأحكام القضائية التي تقضي برفض طلبات الوكالة لإيقاع الحجز على
ممتلكات المتابعين في قضايا اختلاس الأموال العمومية، الأمر الذي يشكل خطرا على
إمكانية استرداد هذه الأموال المختلسة.
ومن أجل ذلك، يوصي المجلس بتحيين القانون المنظم للوكالة القضائية
للمملكة وتخويلها الوسائل القانونية الكفيلة بتمكينها من القيام بالإجراءات
التحفظية ضمانا لتنفيذ الأحكام القضائية عند صدورها.
ت معيقات في تعامل الإدارات العمومية مع الوكالة القضائية للمملكة
رغم أن ظهير 1953 نص على المهام الأساسية التي أنيطت بالوكيل القضائي
للمملكة، إلا أن هذا النص، بغض النظر عن اشتراطه تكليف الوكيل القضائي للمملكة قبل
قيامه بمهام الدفاع، لم يحدد العلاقة التي تربط بين الوكيل القضائي والإدارات
المعنية بالنزاعات حيث جاء منطوق الفصل الأول من هذا الظهير عاما وغير دقيق على الشكل
التالي:
"أن يقوم الوكيل القضائي للمملكة بمقام
رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة الدعاوى على مدين الدولة
الشريفة ومكاتبها ومؤسستها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من الديون وتصفية
حسابها ويختص الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في الأملاك
المخزنية، وعلى الوكيل القضائي المذكور أن يقوم بهذه المهمةإذا كلفه رؤساء الإدارة
والمديرون المذكورون أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها
العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء
الإدارة والمديرون المختصين بالأمر حيث يكلفونه بذلك، و من أجل ذلك يوصي المجلس
الأعلى بتحديد دقيق لعلاقة الإدارات المعنية بالمنازعات القضائية بالوكالة
القضائية للمملكة 91.
يتضح من خلال مقتضيات ظهير 1953 أن المشرع لم يلزم الإدارة المعنية
بالنزاع بتمكين الوكيل القضائي للمملكة من عناصر الجواب الكفيلة بقيامه بمهام
الدفاع، خاصة وأنه يكون طرفا أصليا في المنازعات التي أوجب القانون إدخاله الوجوبي
في الدعوى وقد تبين من خلال الاطلاع على ملفات العناصر الكفيلة بتقوية الدفاع
وكنتيجة لعدم تحديد العلاقة بين الوكيل القضائي للمملكة والإدارات المعنية
بالمنازعات القضائية، ومن خلال الاطلاع على ملفات الوكالة القضائية للمملكة، تبين
أن هذه الأخيرة تتوصل في بعض الأحيان بتكليف من طرف بعض الإدارات للقيام بمهام
الدفاع أمام المحاكم في مراحل متأخرة من مسطرة التقاضي، الأمر الذي ينعكس سلبا على
فعالية الدفاع عن مصالح الدولة والذي قد يؤدي إلى خسارة ملفات، كان بالإمكان
تفاديها.
بالإضافة إلى اللجوء المفرط إلى الطعون حيث أكد مسؤولوا الوكالة
القضائية للمملكة أن هذا السلوك راجع لطلبات الإدارات المعنية لتقديم الطعون رغم
انعدام الجدوى، إضافة إلى عدم توفر الوكيل القضائي للمملكة على سلطة تقريرية في
اللجوء إلى الطعن أو التنازل عنه تفاديا لإطالة هذا النزاع دون طائل 92.
الفقرة الثانية : معيقات ذات صيغة عملية
تتمثل هذه المعيقات من جهة في تركيز مؤسسة الوكيل القضائي بالعاصمة،
ومن جهة أخرى في غياب استقلاليتها عن الجهاز التنفيذي بصفة عامة وعن الجهة التي
تدافع عنها على وجه الخصوص.
ففيما يتعلق بمركزية الوكالة القضائية بالرباط، التي تصطبغ بها هذه
المؤسسة فان ظهير 2 مارس 1953 ، وكذا مرسوم 1978 المنظم لاختصاصات وتنظيم وزارة
المالية لم يولي أهمية لمسألة التمثيلات الجهوية لهاته المؤسسة، مما يخلق صعوبات
عملية ترتبط خصوصا باحترام الآجال القانونية واستجماع عناصر الجواب في القضايا
التي يتكلف بها، وكذا بتبليغ الأحكام بالنظر لبعد أغلب المحاكم عن مقر وجود هذه
المؤسسة.
حيث يلاحظ أن هذه المؤسسة كما أرادها المشرع أن تكون، قد جعل مختلف
السلطات الإدارية في شخص الوكيل القضائي للمملكة مما يوجب عليه التوقيع على جميع
المراسلات والمقالات والمذكرات الصادرة عن هذه المؤسسة بالإضافة للمهام الأخرى
المتمثلة في توحيد استراتيجية الدفاع التي تنهجها هذه المؤسسة الإدارية، وهذا يثقل
من المهام التي يمارسها مدير هذه المؤسسة 93.
كما أن إخضاع الأطر العاملة داخل هذه المؤسسة لنظام الوظيفة العمومية
لا يشجع ولا يحفز هذه الأطر للقيام بدورها كاملا، كما لا يساعد على توظيف ذوي
الخبرة من المحامين وأساتذة ... وهذا يطرح بحدة مسألة وضع نظام خاص لأطر هذه
المؤسسات.
وإذا كانت هذه الأخيرة قد أناط لها المشرع المغربي من الناحية
المبدئية الحفاظ على المال العام من خلال الدعاوى المقامة ضد الدولة والإدارات
والمؤسسات العمومية، وفي إمكانية قيامها بإقامة الدعوى على مديني الدولة قصد
المطالبة باسترجاع المبالغ المطلوبة لخزينة الدولة، أو في الجواب نيابة عنها أمام
القضاء فإنه يطرح مسألة استقلال هذه المؤسسة عن السلطة التنفيذية عموما وكذا
استقلاليتها عن الجهة التي تدافع عنها.
ذلك أن عدم إمكانية رفض مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة الملفات
المعروضة عليه من الإدارات والمؤسسات العمومية أو الانسحاب من الدعوى إبان مراحلها
إذا تبين أن الاختصاصات الاستثنائية الموكولة لبعض الإدارات، علما أن تتبع هذه
المؤسسات لباقي مراحل التقاضي يمكن أن يفضي إلى القول بانعدام الصفة، وهو ما يحتمل
معه أن تخسر الدولة الدعوى، وبالتالي تحميل خزينة الدولة مبالغ مالية باهضة لذلك
فمنح هذه المؤسسة هامش من الاستقلالية من شأنه تزكية مجموعة من الاعتبارات الذاتية
والموضوعية.
وعليه إذا تم منح هذه المؤسسة سلطة تقديرية في رفع بعض الدعاوى مثلا
أو عدم رفعها أو الاستمرار في المسطرة القضائية يمكن من تحقيق الفعالية في الدفاع
عن أشخاص القانون العام، وإذ في بعض الأحيان قد لا يكون في صالح الإدارة رفع
النزاع أمام القضاء إذا كان من الممكن تسوية النزاع حبيا، وفي حالات أخرى قد يصدر
حكم ابتدائي ضد الإدارة ويرى الوكيل القضائي للمملكة أن لا مصلحة للإدارة للطعن في
الحكم إذا كانت مسؤوليتها ثابتة مثلا، لتجنب خزينة الدولة المزيد من المصاريف التي
يتطلبها الطعن في الحكم، ومن جهة أخرى سيساهم في حث الإدارة على تنفيذ ذلك الحكم
لا محالة في تقويم سلوكها لمراعاة المشروعية في أعمالها وتصرفاتها، باعتبار أن
التغيرات التي عرفها المحيط السوسيو اقتصادي والثقافي أدت إلى تغيير مفهوم الدفاع
عن الدولة وبالتالي يجب تمكين مؤسسة الوكيل القضائي من الوسائل القانونية لحل المشاكل
والنزاعات المثارة بين الإدارة والأفراد بالطرق والوسائل الحديثة أو البديلة 94.
ومن بين المعيقات العملية التي تعترض هذه المؤسسة أيضا، فإنه يلاحظ
أن أغلب الوزارات والمؤسسات العمومية لا تتوفر على مصالح للمنازعات، تعتمد في
الغالب على الوكيل القضائي للمملكة الذي قد تغيب عنه ذلك في بعض الأحيان نظرا
للعناصر والعوامل المرتبطة بالقضية المطروحة أمام أنظار القضاء، نتيجة عدم مده
بالوثائق والمستندات اللازمة في القضية سواء عن قصد أو بدون قصد، أو نتيجة تأخير
في إمداده بتلك الوثائق والمستندات في الوقت المناسب نتيجة لطبيعة العمل الإداري
الذي يتطلب سلسلة من المشاورات على الصعيد المركزي للإدارة قبل تسليمه بتلك
الوثائق، مما يؤثر على مستوى دفاعه في القضية، وحيث أن دفاع الوكيل القضائي
للمملكة في حالة عدم توفره على العناصر الكاملة للملف، فإنه يقتصر في مستوى دفاعه
على إثارة الدفوع القانونية وعدم الدخول في الموضوع مما يجعل دفاعه في القضية حرجا.
ومما لا يخفى على أحد بأن أغلب الملفات الرائجة في المحاكم قد ترتبط
بشخص معين في الإدارة مما يصعب معالجتها بالشكل المطلوب عند انتقال أو غياب الموظف
المعني لسبب من الاسباب ، ويحصل هذا كثيرا نتيجة المغادرة الطوعية.
وكما سبق القول فإذا كانت مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة يعود إنشاؤها
إلى ما قبل الاستقلال، فإن محيط هذه المؤسسة عرف تطورا خصوصا في العقد الأخير
المتمثل في تزايد حجم المنازعات والدعاوى المقامة ضد الدولة، وكذا تعقدها بسبب
النمو الاقتصادي والاجتماعي، وكذا الإصلاحات الإدارية والقضائية المتمثلة في إنشاء
المحاكم المتخصصة وما صاحب ذلك من تخصص القضاة الذين أصبحوا أكثر إلحاحا على مستوى
الأجال وعلى مستوى نوعية الدفوعات التي يثيرها الأطراف.
كل هذه الخصوصيات والإكراهات تفرض على هذه المؤسسة مضاعفة جهودها حتى
تكون اكثر سرعة وتفاعل وابتكار ومهارة، إلا أن الملاحظ رغم تزايد العمل اليومي
للمؤسسة فإن الموارد البشرية لا تساير هذا التوجه، بالإضافة إلى أنه كلما كانت
السلطات المحلية القائمة على مصالح الدولة الغير الممركزة مؤهلة، فسيكون لها حظوظ
أكبر المعالجة المشاكل المطروحة بفعالية، وقريبة وأكثر سرعة من مسطرة طويلة من المشاورات
على الصعيد المركزي 95.
المطلب الثاني: آفاق اشتغال الوكالة القضائية للمملكة
كما هو معلوم يعرف المغرب منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي
إلى الآن تحولات مهمة وعميقة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
كنتيجة حتمية للمتغيرات التي عرفتها المنظومة الدولية، ومن أهم مظاهرها تزايد
المطالب الدولية باحترام قواعد الديموقراطية واحترام قواعد حقوق الإنسان، وكذا
تحرير الأسواق والليبرالية والخوصصة.
ومن أجل مواكبة هذه التحولات فتحت أوراش عدة، منها ماهو اقتصادي من
أجل الإقلاع، ومنها ما هو اجتماعي لحل المعضلة الاجتماعية، ومنها ما هو سياسي
وقانوني وإداري في نفس الوقت كتقوية المؤسسات الدستورية والإدارية لبناء صرح دولة
الحق والقانون، كذلك فتحت عدة أوراش كبرى لتأهيل المنظومة القانونية وتحديث
الإدارة وإصلاح قطاع العدل.
وإذا كان الظهير المنظم للوكالة القضائية للمملكة يعود إلى ما قبل
الاستقلال، والذي لا يزال ساري المفعول لحد الآن، فإن المشرع المغربي مدعو الآن
أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم لهاته المؤسسة
وتجميع النصوص الخاصة بها، وكذا انفتاح المؤسسة على محيطها الفقرة الأولى بالإضافة
إلى توسيع دائرة الاستعانة بمحامي وتبني مقترح بإحداث هيئة قضايا الدولة (الفقرة
الثانية).
الفقرة الأولى : توضيح مهام الوكيل القضائي للمملكة
وتعزيز الوسائل القانونية المخولة له
كما هو معلوم فإن الإجراءات التي تقوم بها مؤسسة الوكيل القضائي
للمملكة كمدافع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، وما يعرفه دفاعه من إثارة
لصفته في التقاضي من طرف دفاع الخصم، فإن على المشرع التدخل لإزالة الغموض ولتوضيح
مهام هذه المؤسسة بدقة في المسطرة القضائية كما أنه يجب على هذه المؤسسة الإنفتاح
على محيطها سواء الداخلي أو الخارجي من أجل تعزيز دورها.
أ- توضيح المهام المخولة للوكيل القضائي للمملكة
إن مؤسسة الوكيل القضائي لمملكة تقوم بدفاع عن أشخاص القانون العام
أمام القضاء لكن مهام هدم المؤسسة يشوبها الكثير من الغموض و هذا ما يستدعي تدخل
المشرع لإزالته و توضيح مهم هذه المؤسسة بدقة.
وهذا ما حاولت المادة الثالثة من مشروع القانون تجاوزه عندما نصت على
ما يلي: يمكن للوكيل القضائي للمملكة في إطار الدفاع عن أشخاص القانون العام
وبتكليف من هؤلاء أن يقوم بكل الإجراءات القضائية والغير القضائية وعلى الخصوص:
إقامة الدعاوى القضائية باسم الدولة وإدارتها أو مؤسساتها العمومية
التدخل باسم هؤلاء الأشخاص في الدعاوى المدنية والانتصاب باسمهم
كمطالب بالحق المدني أمام المحاكم الزجرية الجواب نيابة عنهم أمام مختلف المحاكم؛
ممارسة الطعون في جميع القضايا التي تهم الدولة أو إدارتها أو
المؤسسات العمومية؛
ويقوم الوكيل القضائي للمملكة بهذه الإجراءات دون الإدلاء بتوكيل
خاص". الملاحظ هنا أن المشرع قد استغنى كذلك عن مسألة التفويض الكتابي من طرف
الإدارة سواء لإقامة الدعاوى القضائية باسم الدولة وإداراتها ومؤسساتها العمومية،
أو في الجوانب نيابة عنها أمام القضاء.
وذلك بالنظر لما تطرحه تلك الشكلية من إشكال على الصعيد العملي على
مستوى تدخل هذه المؤسسة في المسطرة القضائية، إذ قد لا تفوض الجهة المعنية الوكيل
القضائي للمملكة ولا تقوم بتنصيب محام، وفي نفس الوقت لا تجيب على مقال المدعي مما
قد يؤدي إلى الحكم عليها غيابيا وبالتالي تحميل خزينة الدولة تكاليف مالية كان من
الممكن تجنبها أو على الأقل التخفيض من قيمة التعويض المحكوم عليه لو تم تامين
الدفاع عن تلك الإدارة بالشكل المطلوب.
وفيما يتعلق بتعزيز الوسائل القانونية المخولة للوكيل القضائي فإنه
بالرجوع للمادة 28 من قانون المعاشات المدنية والمادة 32
من قانون المعاشات العسكرية، نجده يلزم المسؤول المدني عن الضرر الجسماني الذي
يصيب الموظف أو ذوي حقوقه بسبب وفاته بإخبار الوكيل القضائي للمملكة بالدعوى
المرفوعة ضده من طرف المصاب أو ذوي حقوقه 9لكن هذا الإلزام كما سبق القول غير كاف
للمحافظة على حقوق الدولة المالية في مثل هذه النوازل لأنه يتعلق من جهة بالمسطرة
القضائية فقط، ولا يمتد إلى المسطرة الحبية التي أصبحت الزامية حسب مقتضيات الفصل
18 من ظهير 2 أكتوبر 1984 معتبرا بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث
تسببت فيها عربات برية ذات محرك، ومن ثم فإن النزاع يمكن أن يتم فضه في غيبة
الدولة تماما دون أي جزاء يذكر 97.
ومن جهة أخرى، لأن النصين المذكورين أعلاه يلزمان بالإخبار بالدعوى
فقط دون تحديد تاريخ ذلك ولا الكيفية التي يجب أن يتم بها ولا المعلومات التي يجب
أن يتضمنها.
لذلك نجد المادة السابعة من مشروع القانون المتعلق بوظيفة الوكيل
القضائي للمملكة قد حاولت سد النقص الحاصل في هذا المجال حيث نصت : "إذا تسبب
الغير في وفاة موظف أو في إصابته بعاهة فإن الدولة تحل محل المصاب أو ذوي حقوقه
لاسترجاع ما دفعته من مبالغ بسبب حادثة في شكل أجور ومصاريف وراتب الزمانة.
ويجب على المتضرر وعلى الغير المسؤول وكل من يحل محله إخبار الوكيل
القضائي للمملكة بكل مطالبة قضائية وغير قضائية صادرة عن المصاب أو ذوي حقوقه. كما
يجب عليهم إدخاله في المسطرة عند كل مطالبة قضائية تحت طائلة عدم قبول الدعوى.
وكل صلح أبرم دون إخبار الوكيل القضائي للمملكة يكون غير نافذ في
موجهته. ويمكن أن يتم الاسترجاع بجميع الطرق القانونية بما فيها الانتصاب كمطالب
بالحق المدني".
ب انفتاح المؤسسة على محيطيها
يعتبر انفتاح الوكالة القضائية للمملكة على محيطها علامة من علامات
رقي بمستوى عملها، حيث يخول لها إمكانية الاستفادة من التجارب الأخرى، وكذلك من
أجل إحاطة الرأي العام بالعمل الذي تقوم به.
إن الانفتاح الخارجي، أي الانفتاح على المؤسسات المشابهة في الدول
الأخرى فإنه سيساعدها على الاستفادة من تجارب هذه الدول في مجال الدفاع عن أشخاص
القانون العام، وكذا المستوى المتطور للفقه والتشريع وأحكام القضاء في هذه الدول.
أما بالنسبة للانفتاح الداخلي، أي الانفتاح على الإدارات والمؤسسات
العمومية خاصة التي تتوفر على مكاتب المنازعات وذلك بغية تقوية هذه المكاتب
للتخفيف من حجم الملفات التي تطالب فيها الإدارات نيابة للوكالة القضائية للدفاع
عنها، وسيساهم ذلك في التخفيف من الضغط المتزايد على هاته المؤسسة، كذلك يجب
الانفتاح على هيئة المحامين بالنظر لتشابه المهام فيما بينهم وكذلك تطوير العلاقة
عن طريق تنظيم لقاءات وندوات وأيام دراسية 98.
وبالإضافة لما سبق، فإن على هذه المؤسسة الانفتاح أكثر على الرأي
العام الوطني وعلى الجامعة المغربية لإحاطتها بالعمل الذي تقوم به، وفي إطار تقوية
انفتاح على المحيط الأكاديمي والمهني، ونشر المعلومات والمعطيات المشتقاة من
الممارسة العملية في معالجة المنازعات والمساهمة في تعميق النقاش القانوني بين
الممارسين سواء فيما يتعلق بالمواضيع القانونية الجديدة أو تلك التي تثير
الإشكاليات، كما أن المؤسسة تقوم بإصدار مجلة قانونية متخصصة، بالإضافة إلى ذلك
فإنها ستساهم في تأطير وتنظيم مجموعة من الندوات أو الملتقيات العلمية والتي تهم
بعض المواضيع المرتبطة أساسا بمنازعات الإدارة والهدف هو المساهمة في الرفع من
مستوى النقاش القانوني، وتبادل وجهات النظر مع الباحثين والقضاة والممارسين بصفة
عامة، وتحقيق الحكامة القانونية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الحكامة
بمفهومها الشامل 99.
الفقرة الثانية: إصلاح الهياكل الأساسية لمؤسسة الوكيل
القضائي للمملكة
إن مقاربة إصلاح الهياكل الأساسية لمؤسسة الوكيل القضائي للمملكة
تنطلق من خلال تحليل بعض جوانب هذه المؤسسة، عن طريق إعادة النظر في هياكل هذه
المؤسسة من أجل استعاب ومواكبة جميع المنازعات الخاصة بالدولة و ذلك عن طريق تبني
مقترح بإحداث هيئة قضايا الدولة و كذا توسيع دائرة الإستعانة بمحامي.
أ- تبني مقترح قانون بإحداث هيئة قضايا الدولة
في إطار التطورات والانفتاحات التي تعرفها الدولة، أبانت مؤسسة
الوكيل القضائي للمملكة عن ضعفها في عدم مواكبتها للتحولات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية التي يعرفها المغرب الشيء الذي يجعل من اللازم إعادة النظر في الإطار
القانوني والمؤسساتي لهذه المؤسسة، وبالتالي تبرز الحاجة الملحة لإحداث هيئة
مستقلة، تسمى "هيئة قضايا الدولة" على غرار ما هو معمول به في بعض
الدول، كما هو الشأن بالنسبة للنموذج المصري، الذي أحدث هيئة قضايا الدولة، وجعل
منها هيئة قضائية مستقلة والنموذج الأردني الذي أحدث إدارة قضايا الدولة، والنموذج
التونسي الذي هو حاليا بصدد تحويل الإدارة العامة لنزاعات الدولة إلى هيئة قضايا
الدولة، الشيء الذي يجب تفعيله أيضا في المغرب كهيئة مستقلة تتكلف بضبط تصرفات
أشخاص القانون العام، وجعلها ملائمة لمبدأ المشروعية، والدفاع عن مصالحها وأموالها
العمومية أمام الأجهزة القضائية الوطنية والدولية 100
ويتألف هذا المقترح من ثلاث أقسام يتعلق القسم الأول بأحكام عامة تنص
على الغرض والمبادئ التي تحكم إحداث هيئة قضايا الدولة، في حين يرتبط القسم الثاني
بالاختصاصات والتنظيم ويتكون من بابين تناول الباب الأول الاختصاصات الموكولة
لهيئة قضايا الدولة التي تتمثل أساسا في التمثيل والدفاع وتنفيذ الأحكام القضائية
ومحاضر الصلح والوقاية من المخاطر القانونية، وإبرام المصالحات، والتحكيم بين
الهيئات الإدارية ويتضمن الباب الثاني تنظيم هيئة قضايا الدولة من خلال أحكام
التأليف وصلاحيات الرئيس الأول وكيفية تعيينه ودور الكتاب العامة في تسيير الشؤون
الإدارية للهيئة وطريقة سير العمل ووضعية الأعوان الإداريين والتقنيين العاملين
بها.
أما القسم الثالث : فمخصص للنظام الأساس لمستشاري هيئة قضايا الدولة،
إذ يحتوي على المقتضيات العامة المنظمة لسلك المستشارين المقررين، وعلى وضعية
المستشارين الملحقين توظيفا وتدريبا وتأديبا، بالإضافة إلى الأحكام القانونية
المطبقة على المستشارين المقررين، المتعلقة بالحقوق والواجبات والترقية والأجور
والوضعيات والتأديب ...
هذا فضلا عن الأحكام المرتبطة بمجلس هيئة قضايا الدولة، من حيث
تركيبته واختصاصاته المتمثلة أساسا في النظر في الشؤون الوظيفية لأعضاء الهيئة وفي
إعداد النظام الداخلي الضابط لقواعد تسيير الهيئة وفروعها، وفي التقدير السنوي
للنفقات اللازمة له ثم نجد في الأخير بابا مخصصا لمقتضيات انتقالية وختامية.
ويمكن إجمال
المقتضيات الجديدة التي أتى بها المقترح الجديد في ماي لي 101
-1- استبدال تسمية الوكالة القضائية
للمملكة أو العون القضائي بهيئة قضايا الدولة لتكون منسجمة مع تكوينها ووظائفها. 2
- منحها صفة الاستقلالية صراحة، الأمر الذي سيجعلها أكثر فعالية في ممارسة مهامها.
- الجمع بين التمثيل والدفاع عن الدولة
وإدارتها ومؤسساتها العمومية والجماعات الترابية. وهذه المهمة ستعفيها من إلزامها
الحصول على تفويض من الإدارات المعني بموضوع النزاع. -4- توسيع اختصاصات الهيئة من
حيث الجهات التي تدافع عنها وتمثلها أمام القضاء وهي الإدارات والمؤسسات العمومية
والجماعات الترابية والشركات التي تساهم فيها الدولة ... إلخ.
5- توسيع اختصاصاتها من حيث
نوع القضايا، لتشمل جميع القضايا المتعلقة بالدولة كالنزاعات الضريبية والدستورية
وقضايا أملاك الدولة ... إلخ.
-6- منحها مهمة الدفاع عن الموظفين، أي عن الأشخاص الذاتيين، الذي لا
ينص عليه القانون الحالي.
7- مراقبة الإدارة المعنية
بموضوع النزاع وسلطة اتخاذ القرار فيما يتعلق بتدبير المنازعات. ذلك أن الإدارة
ملزمة بإجابة الهيئة في أجل محدد، حول عناصر الدعوى المطلوبة منها، ويبقى للهيئة
أن تقرر مواصلة الدعوى أو اقتراح حل ودي بين الإدارة والطرف الآخر أو حفظ الملف.
-8 مراقبة الموظفين المسؤولين عن الأخطاء
الشخصية التي تؤدي إلى قيام مسؤولية الدولة إذ يكون من واجب الهيئة إشعار الإدارة
التي ينتمي إليها الموظف الذي يتبين أن الدعوى أقيمة بناء على خطئه الشخصي.
9- تخويل الهيئة اختصاصات تتعلق بتنفيذ الأحكام و محاضر الصلح.
10 - تكريس مقتضيات ظهير 1944 المتعلق
بتنفيذ الأحكام، حيت نص المقترح على أن الطعن بالنقض في قرار مكن طرف الهيئة يوقف
تنفيذه بقوة القانون.
11 - تقوية الدور الوقائي من المنازعات
القضائية و المخاطر القانونية من خلال تقديم استشارات قانونية وإعطاء الملاحظات
حول مشاريع و مقترحات القوانين وكذا مواكبة ومصاحبة الإدارات العمومية أثناء إبرام
عقودها واتفاقاتها بالإضافة إلى التحكيم بين الإدارات العمومية و إبرام المصالحات.
12 - توسيع هيكلة الهيئة وجعلها وحدة إدارية
قائمة بذاتها تتكون من عدة أصناف من الموظفين كالمستشارين والموظفين الآخرين.
13 - وضع نظام خاص لموظفي هذه الهيئة، يحدد حقوقهم وواجباتهم ويبين
طريقة عملهم وترقيتهم وعلاقاتهم فيما بينهم، مع الإحالة في العديد من المقتضيات المتعلقة
بهذا الشأن على النظام الأساسي الخاص بالقضاة. 14 - فتح المجال أمام عدة كفاءات
قانونية مؤهلة للالتحاق بالهيئة، قصد الاستفادة من خبراتها ومؤهلاتها، مع إدماجها
في نظام واحد وموحد يخضع له جميع العاملين بالهيئة.
15 - منح ضمانات هامة للعاملين بالهيئة، سواء أثناء ممارسة مهامهم أو
في علاقتهم مع الغير خاصة مع المحاكم.
16 - إنشاء فروع جهوية ودوائر للهيئة.
17 - تشديد المراقبة وآليات التقييم
والتفتيش في مقابل الحوافز الممنوحة للعاملين في الهيئة.
هذه إذن بعض المقتضيات التي أتى المقترح الجديد، وتدعيما لهذا
المقترح نتمنى أن يخرج إلى الوجود في أسرع وقت ممكن 102.
ب توسيع دائرة الاستعانة بمحامي
بالنظر لما تتسم به ظروف العمل المادية والبشرية لمؤسسة الوكيل
القضائي للمملكة الغير الملائمة لحاجيات المتعاملين معها، واستحالة تتبع هذه
المؤسسة لجميع الملفات المدرجة أمام المحاكم وما يتطلبه ذلك من دقة وعناية عبر
مختلف مراحل التقاضي فإن الضرورة تقتضي توسيع دائرة استعانة هذه المؤسسة وباقي
إدارات ومؤسسات الدولة بخدمات المحامين للاستفادة من الجوانب الإيجابية في عمل
المحامي والذي يتميز به عن الموظف مهما بلغ إلمام هذا الأخير بمجال المنازعات
الإدارية وضبطه لآليات الاشتغال بالإدارة التي ينتمي إليها، التي تتجلى أساسا في
البراعة والاحترافية التي يتمتع بها المحامين خاصة في الجانب المسطري والإجابة على
مقالات المدعين في آجال معقولة والحضور المستمر في جلسات المحاكم ... 103. ...
فمن شأن توسيع دائرة استعانة مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة وباقي
الإدارات بخدمات المحامين التسريع من وثيرة العمل القضائي في مجال المنازعات
الإدارية وعدم إطالة أمد النزاعات، وسيحقق ذلك المجال فائدة لخزينة الدولة بتوفير
الحماية اللازمة للمال العام، خاصة أن التقاضي في مجال المنازعات الإدارية يكلف
خزينة الدولة أموال باهضة من جراء الحكم بالتعويضات والغرامات وتراكم الفوائد
القانونية، كما من شأن ذلك أيضا الحفاظ على مصداقية الإدارة وثقة المواطنين بها،
بالإضافة لتوسيع دائرة الاستعانة بالمحامين فإنه يجب أيضا ضبط آليات توزيع القضايا
على المحامين وفق معايير موضوعية مضبوطة، لأن الأمر مرتبط بموقف عمومي ومن حق
الجميع الاستفادة منه وفق شروط وآليات محددة 104 .
خاتمة
لاشك أن الوكالة القضائية للمملكة باعتبارها مؤسسة تدافع عن أشخاص
القانون العام الدولة المؤسسات والإدارات العمومية ( باسمها وهي تلعب دورا رياديا
في إرساء دعائم منظومة متكاملة للحكامة القانونية، فخبرتها المعرفية في الحقل
القانوني وما راكمته من رصيد في مجال المنازعات أمام القضاء يؤهلها لتموقع كفاعل
مركزي في ميدان تدبير المنازعات الإدارية.
وبالنظر إلى التقلبات والتطورات التي يعرفها المحيط الداخلي والخارجي
وتداعيات العولمة، فإن مؤسسة الوكالة القضائية للمملكة مدعوة إلى وضع استراتيجية
لمواجهات هذه التحديات وهذا لن يتأتى إلا بتبني رؤية واضحة تنبني على رسم الأهداف
المنشودة وتحديد الخطوات الواجب اتباعها للوصول إلى الهدف، كذلك الاستفادة من
تجارب الدول الرائدة في هذا المجال، وبالتالي لابد من إصلاح هذه المؤسسة وإعطائها
اختصاصات بواسطة تمكنها من تدبير قضايا الدولة بمختلف أنواعها يظل هاجس تفعيل دور
هذه المؤسسة في حماية المال العام وتدبير المنازعات والوقاية منها لن يتم بالشكل
المطلوب إلا بتدخل يرتكز بالأساس على :
(5) وضع مدونة خاصة بالمقتضيات القانونية
المنظمة لمهام واختصاصات الوكيل القضائي.
(6) اعتماد أسلوب اللاتمركز، لأن الإدارة
المركزية لا يمكنها لوحدها مهما بلغت كفاءتها وإمكانيتها أن تضطلع بمهمة تأطير
فعال لمختلف المنازعات المرتبطة بالجهات والأقاليم والعمالات، لذلك فإن منطق
الأمور و مقتضيات المصلحة العامة تستوجب إقامة قنوات لتصريف الشؤون العامة على
صعيد مختلف مستويات الإدارة الترابية.
(7) توسيع وعاء التسوية الودية للمنازعات
الإدارية.
(8) سن قانون يلزم أطراف الخصومة والوكالة
القضائية على اللجوء للوقاية من المنازعات كإجراء أولي قبل عرض النزاع على القضاء
وتجويد وتقديم الاستشارات ستساعد على تقليص عدد من المنازعات أمام القضاء.
(9) انفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي،
وذلك من خلال الاستفادة من التجارب الأخرى وكذا الانفتاح على الرأي العام الوطني.
(10) منح الوكالة القضائية سلطة تقديرية من شأنها إلزام الإدارة
بمراجعة الوكالة القضائية قبل عرض النزاع على القضاء.
وبعملها هذا ستساهم المؤسسة بشكل أو بآخر في تدعيم وترسيخ دعائم دولة
الحق والقانون في تكريس الديموقراطية في البلاد المتمثلة في إيجاد مخاطب للمواطن
الذي يقاضي الإدارة قصد إبراز مشروعية العمل الإداري واستخلاص ما ينبغي استخلاصه لتحسين
أداء المرافق العامة عند الاقتضاء.
لائحة المراجع
الكتب :
سليمان الطماوي
"الوجيز في القضاء الإداري، مطبعة 1974 طعيمة الحرف "المشروعية وضوابط
خضوع الإدارة العامة للقانون"، دار النهضة العربية للطبع والنشر، الطبعة
الأولى. عباس الدكالي، تمثيل الدولة أمام القضاء"، كتاب من إصدار وزارة
الشؤون الإدارية، مديرية الإصلاح بقسم التعريب سنة 1997 عبد الله حداد،
"تطبيقات الدعوى الإدارية بالمغرب، مطابع منشورات عكاظ الطبعة الثانية 2002
عبد الوهاب رافع
محمد بالهاشمي التسولي، مقاضاة أشخاص القانون العام على ضوء القانون المحدث
للمحاكم الإدارية"، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة الأولى 1995.
أمينة جبران
البخاري، القضاء الاداري دعوى القضاء الشامل، الجزء الأول الطبعة الأولى، سنة 1994.
عبد الكبير
العلوي الصوصي الوجيز في تمثيل أشخاص القانون العام والدفاع عنهم أمام القضاء،
مطبعة سجلماسة، بدون طبعة، سنة 2014.
الاطروحات:
حماد حميدي،
المسؤولية الإدارية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام الجزء الثاني
جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، سنة1989
جلال أشرف
بوخالف تمثيل الشخص المعنوي العام أمام القضاء - الدولة نموذجا دراسة مقارنة
أطروحة في القانون العام جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية و
الاقتصادية والاجتماعية سلا سنة 2015\2016.
الرسائل:
مجيدة الشوتي،
دور الوكالة القضائية للمملكة في فض المنازعات العمومية، بحت لنيل شهادة الماستر
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس
2013\2014 محمد جري، مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة والدفاع عن أشخاص القانون العام
أمام القضاء، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية
و الاقتصادية والاجتماعية ، الرباط 2008-2009 هاشمي مولاي رشيد الوكالة القضائية
للمملكة، رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون المنازعات جامعة مولاي إسماعيل، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس سنة 2007-2008
المقالات :
دور مؤسسة
الوكيل القضائي للمملكة في تدبير منازعات الدولة والوقاية منها مجلة الوكالة
القضائية للمملكة العدد الأول ماي 2018
زكرياء عبد
الرحيم أو غودي، التحكيم بناء على اتفاقيات الاستثمارات وتأثيره على حصانة الدولة
في التقاضي مجلة الوكالة القضائية للمملكة العدد الأول ماي 2018. مجلة المالية العدد 16 ، 1999
محمد الأعرج،
المنازعات الإدارية في تطبيقات القضاء الإداري المغربية، المجلة المغربية للإدارة
المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد 57، الطبعة الأولى .2007 محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، الجزء الثاني منشورات المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 74 مكرر 2011،
الطبعة الثالثة 2011
محمد الزياتي
الوكيل القضائي للمملكة، تمثيل الشخص المعنوي العام أمام القضاء، جزئية من جزئيات
مسطرة مقاضاة الشخص المعنوي ، مجلة المعرفة القانونية 31 مارس 2014
محمد كمو
التقرير السنوي للوكالة القضائية للمملكة برسم سنة 2011، المجلة المغربية للإدارة
المحلية والتنمية، عدد 107 ، نونبر ، دجنبر 2012 نبذة موجزة عن المهام الموكولة
لهيئات قضايا الدولة والوكالة القضائية للمملكة المغربية مقال منشور بمجلة مغرب القانون
العدد 3 سنة 2009. وزارة الاقتصاد والمالية مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد
الأول، ماي 2018
كريم الحرش
القضاء الاداري المغربي، سلسلة اللامركزية والادارة المحلية، عدد مزدوج 16-17 ،
الطبعة الأولى 2012
الندوات :
إدريس فجر،
فعالية تمثيل الإدارة بين الموظف والمحامي ندوة تمثيل الدولة أمام القضاء وكيفية
تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية منشورة بكتاب من إصدار وزارة الشؤون الإدارية،
مديرية الإصلاح الإداري بقسم التمييز القرارات والأحكام القضائية:
قرار المجلس
الاعلى عدد 523 الصادر بتاريخ 2/03/1978 في ملف مدني عدد 8745
قرار المجلس
الاعلى عدد 259 الصادر بتاريخ 20-02-1983 ملف مدني عدد 92648
. قرار المجلس الاعلى عدد 308 الصادر بتاريخ 08-04-1985 في ملف اجتماعي عدد
2193
قرار للمجلس
الاعلى عدد 2600 الصادر بتاريخ 1988/10/03 في الملف المدني 7005-86عدد
قرار محكمة الاستئناف
بمراكش عدد 7797 الصادر بتاريخ 2/11/1993، ملف 33.1467/92
جنحي عدد
قرار المجلس
الاعلى عدد 1043 بتاريخ 1997/07/22 ملف اجتماعي عدد 4/1/95
قرار محكمة
النقض عدد 5/311 المؤرخ في 21 أبريل 2015 ملف عدد 2014/5/1/5353
النصوص
القانونية :
الظهير الشريف بتاريخ
15 جمادى الثانية 137 (2) مارس (1953) بشأن إعادة تنظيم وظيفة العون القضائي
للدولة الشريفة الجريدة الرسمية عدد 2109 بتاريخ .1953/03/27
الظهير الشريف
رقم 225 -11 الصادر في 22 من ربيع الأولى 1414 (10) سط بتمبر (1998) ، بتنفيذ
القانون رقم 90.41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية
الجريدة الرسمية
عدد 4227 بتاريخ 3 نونبر 1993 ، ص 2168 ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447
بتاريخ 11 رمضان 1394 الموافق ل 28 شتنبر 1974 بالمصادقة على نص قانون المسطرة
المدنية، الجريدة الرسمية عدد 2303 مكرر بتاريخ 30 شتنبر 1974.
ظهير الشريف رقم
1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 الموافق ل 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم
22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ ذي القعدة 1424
الموافق ل 30 يناير 2003، كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم 23.05 والقانون رقم
24.05 ، الجريدة الرسمية عدد 5374 بتاريخ 28 شوال 1426 الموافق لفاتح ديسمبر 2005
القانون رقم
08.05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 169-07-11 بتاريخ 30 نونبر 2007 ( الجريدة
الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 ديسمبر 2007 ص : 3894
بمقتضاه ثم نسخ
وتعويض أحكام الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية.
القرارات
الوزارية
قرار لوزير
الاقتصاد والمالية رقم 1993/11 في 21 يونيو من جمادى الأخيرة 30 ، 1432 1432، 25
ماي 2011 الجريدة الرسمية عدد 5956-27 رجب 2011
يونيو
قرار لوزير
الاقتصاد و المالية رقم 1993 ، 11 الصادر في 21 جمادى الثانية 25/1432 ماي 2011
الجريدة الرسمية عدد 5956-27 ، رجب 30/1432 يونيو .2011
التقارير
السنوية:
وزارة الاقتصاد
والمالية وإصلاح الإدارة التقرير السنوي لنشاط الوكالة القضائية للمملكة لسنة 2004
وزارة الاقتصاد
والمالية وإصلاح الإدارة، التقرير السنوي لنشاط الوكالة القضائية للمملكة لسنة
2012
وزارة الاقتصاد
والمالية وإصلاح الإدارة التقرير السنوي لنشاط الوكالة القضائية للمملكة لسنة 2015
وزارة الاقتصاد
والمالية وإصلاح الإدارة، التقرير السنوي لنشاط الوكالة القضائية للمملكة لسنة
2017
وزارة الاقتصاد
والمالية وإصلاح الإدارة، التقرير السنوي لنشاط الوكالة القضائية للمملكة لسنة
2018
تقرير المجلس
الأعلى للحسابات حول تقييم تدبير المنازعات القضائية للدولة نشر في الاتحاد
الاشتراكي 2015/12/22
ليست هناك تعليقات:
كتابة التعلقيات