الجمعة، 12 يناير 2024

منازعات العقود الإدارية

 

الماستر المتخصص: تدبير الموارد البشرية والمالية للإدارة

وحدة:  العقود الإدارية

بحث حول:


على تحت إشراف: الدكتور الشريف الغيوبي

من إعداد الطلبة:

👈 عبد الغني جرف👈  مراد لكحل👈  عبد الحميد آيت أها👈  حفيظ مينو

السنة الجامعية:  2023  - 2024


مـقـدمــــــــــــــة

شهدت وظائف الدولة تقدماً ملحوظاً حيث تحولت من نظام احتكاري في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية إلى نظام يفتح الباب أمام مشاركة متنوعة من الجهات المعنية في إدارة الشأن العام. تجلى هذا التحول بشكل خاص من خلال استخدام العقود الإدارية بشكل واضح.

حيث يعرف المغرب نظام يميز بين نوعين من عقود الإدارة، عقود إدارية وعقود إدارية خاصة على أساس القانون المطبق على كل منهما، فعقود الإدارة الخاصة تخضع لقواعد القانون الخاص المنصوص عليها في قانون العقود والالتزامات الصادر في12-08-1913.

في هذا النوع من العقود تتصرف الإدارة فيه كالأفراد العاديين تبيع وتشتري بمقتضى عقود تخضع للقانون المدني، وتخضع بالتالي للقضاء العادي، كما قد تتصرف في تعاقدها مع الغير كسلطة عامة محتفظة بصفتها الأصلية وباختصاصاتها ومسؤولياتها، حيث ان العقود التي تبرمها في هذه الصفة يطلق عليها بالعقود الإدارية.

ونظرًا للطبيعة القوية للإدارة في هذه العقود، يمكن أن يؤدي الاستخدام السيء لهذه السلطات إلى انتهاك حقوق الطرف الآخر. لذلك، منح المشرع المغربي حق اللجوء للمتعاقد مع الإدارة إلى القضاء الإداري لحسم أي نزاع يتعلق بالعقد الإداري. ويأتي هذا اللجوء تحديدًا إلى المحاكم الإدارية، ومحاكم الاستئناف، ومحكمة النقض، وفقًا لأحكام القانون المتعلق بالمحاكم الإدارية. تمنح هذه المادة المتعاقد حقوقًا وسلطات واسعة للتمتع بالعدالة وتوجيه المطالبات ضد الإدارة.

حيث تنص المادة الثامنة من قانون 41.90 المتعلق بالمحاكم الإدارية على ما يلي : ” تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون بالبت ابتدائياً… وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية “، ويسمى القاضي الذي يبت في مضمون العقد من حيث تكوينه أو إنشاؤه أو صحته أو إنهاؤه، بقاضي العقد، إذ يملك نفس الصلاحيات التي يتوفر عليها القاضي العادي، فيمكنه النظر في جميع الطلبات والدفوعات المتولدة عنها وله سلطات واسعة من أجل إرجاع الحق لصاحبه وتقرير التزامات على الطرف الآخر، وتسمى الدعوى المرفوعة في هذا الشأن بدعوى القضاء الشامل أو الكامل، تمييزا لها عن دعوى الإلغاء التي توجه ضد قرار إداري من أجل إلغائه، حيث يملك القاضي فقط سلطة إبطال القرار وإلغائه إذ ثبتت عدم شرعيته أو رفض الطلب إذا كان سلمياً من الناحية القانونية.

ونظرا للتطورات الحديثة في سياق التجارة والاستثمار، يظهر أن هناك حاجة ملحة إلى ضمانات قانونية لحماية المتعاقدين مع الدولة. وفي هذا السياق، قام المشرع المغربي بتعديل قانون المسطرة المدنية لتضمين آليات بديلة لتسوية المنازعات، مثل التحكيم والوساطة. يأتي هذا التعديل لتحفيز الاستثمارات وتقديم وسائل فعالة لتجنب التعقيدات القضائية.

فما هي طبيعة منازعات العقود الإدارية؟ و كيف يتدخل قاضي المستعجلات في حالات العقود الإدارية؟ و ما هي النتائج الممكنة لدعوى الإلغاء في القضايا المتعلقة بالعقود الإدارية؟ و كيف يسعى المشرع المغربي إلى تحقيق توازن بين المصلحة العامة وحقوق المتعاقدين في العقود الإدارية؟ و ما هو دور التحكيم في حل المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية في المغرب؟

المبحث الأول: القضاء في العقود الإدارية

 ترتبط النزاعات في عقود الإدارة بشكل حيوي بالاختصاص القضائي، حيث يفرض إسناد الاختصاص إلى المحاكم العادية تطبيق قواعد القانون الخاص عندما يكون عقد الإدارة ذو طابع خاص. وينشأ الاختصاص للمحاكم الإدارية عندما يكون العقد إداريًا، خاصة في الدول التي تتبنى نظام ازدواجية القضاء.

ونظرًا لأن فرنسا تُعَدُّ مهدًا للقضاء الإداري، وكان المغرب تحت تأثيرها، فإن هذا التأثير قد أثَّر بشكل كبير على التنظيم القضائي بشكل عام، وعلى النطاق الإداري بشكل خاص في المغرب.

 

المطلب الأول: الإطار التاريخي لمنازعات العقود الإدارية

شهد تطور الاختصاص القضائي في مجال العقود الإدارية في فرنسا تلاحمًا وثيقًا مع تقدم القضاء الإداري بشكل عام. فقد عمل كل من الفقه والقضاء بشكل متزامن على تطوير مجموعة من النظريات التي تساهم في تمييز العقود الإدارية عن العقود المدنية. وهذا التمييز لم يكن مجرد محاولة لتحديد طابع العقود بل كان له أثر كبير في تحديد حدود اختصاص كل من القضاء الإداري والقضاء العادي في مجال العقود.

 

الفرع الأول: تطور منازعات العقود الإدارية بفرنسا، المغرب قبل وفي عهد الحماية.

عمل الفقه والقضاء يلقي الضوء على الفصل بين القضاء العادي والقضاء الإداري في سياق العقود الإدارية من خلال تبني عدة نظريات. بعد تلقي النقد اللاذع الذي وجه إلى نظرية السلطة العامة بسبب عدم قدرتها على تحديد حدود دقيقة بين أعمال السلطة العامة والتصرفات الإدارية العادية، وتقييدها لمجال القانون الإداري، قام القضاء الإداري باعتماد معيار آخر، وهو معيار المرفق العام.

وفقًا لقرار محكمة terrie لسنة 1903، فإن اختصاص القضاء الإداري يمتد إلى كل ما يتعلق بتنظيم وسير المرافق العامة، سواء كانت هذه المرافق وسيلة للسلطة العامة أم تصرفًا عاديًا، مع الاحتفاظ بحق الإدارة في اللجوء إلى وسائل القانون الخاص إذا اعتبرت هذه الوسائل أكثر فعالية في إدارة المرافق العامة.

ومع ظهور المرافق العامة ذات النفع العام التي يديرها الأفراد والأشخاص المعنوية الخاصة، تم التراجع عن معيار المرفق العام لصالح معايير أخرى مثل معيار المنفعة العامة (مارسيل فالين)، وكذلك المعيار المختلط (أندريه ديلوبادير). وبناءً على ذلك، أصبح من ضروري أن يتضمن العقد لإعتباره إداريًا وبالتالي إحالة النزاعات المتعلقة به إلى القضاء الإداري:

 

1. وجود سلطة عامة في العقد.

2. ارتباط العقد بنشاط المرفق العام.

3. اتباع أساليب القانون العام، ويظهر ذلك من خلال تضمين شروط استثنائية في العقد يمكن استنتاجها من تحليل شروطه وبنوده، أو من خلال النظام القانوني الذي يخضع له العقد في حال عدم وجود تلك الشروط في نصوص العقد نفسه.

قبل إعلان الحماية في المغرب، ظل القاضي الشرعي، كرمز للقضاء ذي الاختصاص العام، يتعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالمغاربة دون تفريق بين أنواع النزاعات التي قد تنشأ بين الأفراد. بعد ذلك عرف القضاء تحولًا جوهريًا بعد إعلان الحماية. استنادًا إلى اتفاقية 4 نونبر 1911، التي منحت فرنسا الحق في إجراء جميع الإصلاحات اللازمة. كما جاءت اتفاقية فاس لعام 1912 لتأكيد حق الدولة الحامية لتجسيد ازدواجية القانون، قبل أن يتم تأسيس نظام قضائي مزدوج بموجب القانون في عام 1993.

ميدان القضاء الإداري الذي أحدثته سلطة الحماية كان محدودا جدا وكان في جملته تابعا للسياسة العامة التي طبقتها هذه السلطة الاستعمارية للاستفادة أكثر ما يمكن من كل ما يمكن انتزاعه من المغرب6)

يُعد ظهير 12 غشت 1913، الذي يرتبط بتنظيم القضاء، هو نص قانوني يشبه في مضمونه وشكله مرسوم 27 نونبر 1888 الذي اعتمدته فرنسا سابقًا لصالح تونس. يُعتبر هذا الظهير، وخاصة المادة الثامنة منه، الأساس القانوني لفحوى المنازعات الإدارية بشكل عام في المغرب. وفي هذا السياق، نصت المادة الثامنة على "تختص جهات القضاء الفرنسية المنشأة في ايالتنا، وذلك في حدود الاختصاص الممنوح لكل منها، بنظر جميع الدعاوى التي تهدف إلى تقرير مديونية الإدارة العامة بسب تنفيذ العقود المبرمة من جانبنا أو بسبب الأشغال العامة التي أمرت بها أو بسب الأعمال الصادرة منها والضارة بالغير، وتختص نفس الجهات بالنظر في الدعاوى المرفوعة من الإدارات العامة على الأفراد..". يمكن اعتبار هذا النص أساسًا للنزاعات في المغرب، حيث يحدد اختصاص المحاكم الحديثة التي تأسست حديثًا ويُكلفها بفض المنازعات ذات الصلة بالمادة الإدارية.

 

الفرع الثاني: القضاء في العقود الإدارية بعد استقلال المغرب.

مع صدور ظهير شريف 27 شتنبر 1957، تم إنشاء المجلس الأعلى بهدف تحقيق وحدة القضاء. كانت هذه الخطوة محاولة لسد الفجوة الكبيرة التي كانت تعاني منها المنازعات الإدارية نتيجة غياب التنظيم السليم. حيث سعى المشرع المغربي إلى تفويض هذا المجلس بصلاحيات الإلغاء لتجاوز الاختلالات السلطوية. ومن خلال هذا النظام القضائي، كان من الضروري تحديد معايير العقوبات الإدارية، التي لم تُطرح عملياً منذ صدور الظهير الشريف في عام 1913، والذي لم يسفر عن أي مشاكل عملية على مستوى القضاء المختص. وظلت الاختصاصات القضائية موكلة إلى المحاكم، وفقاً للفصل 8 من المرسوم السلطاني الصادر في عام 1913. "فطبيعة العقد لم تكن له أهمية حقيقية إلا من جهة معرفة القانون الواجب التطبيق"8)

أتى إنشاء المجلس الأعلى كخطوة هامة لتعزيز وحدة القضاء وتجنب الازدواجية في القانون الذي تم وضعه خلال إصلاحات عام 1913. ومع ذلك، فإن إقرار المسطرة المدنية في 28 سبتمبر 1974 يعتبر تأكيداً لوحدة هذه المسطرة. كانت السمة البارزة لهذه المسطرة هي نسخ المادة 8 من الظهير الصادر عام 1913، مما أدى إلى الالتزام بإلغاء المادة الإدارية. وهكذا، جاءت المادة 18 في قانون المسطرة المدنية لتخصص المحاكم في المرحلة الأولى لفض جميع النزاعات، سواء كانت مدنية أو تجارية أو اجتماعية أو إدارية.

 إن إحداث المحاكم الإدارية في بلادنا بموجب قانون 90.41 يعد خطوة مهمة نحو تعزيز رقابة القضاء على شرعية الأعمال التعاقدية، وخاصة تلك التي قد تكون مجحفة. يبرز ذلك بشكل خاص في المادة الثامنة من القانون المذكور، حيث تخول هذه المادة المحاكم الإدارية الاختصاص في فحص النزاعات المنبثقة عن العقود الإدارية. وهذا أدى إلى طرح تحديات تتعلق بصراع الاختصاص، حيث أُسنِدَ للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الفصل في تنازع الاختصاص.

يجدر بالذكر أن المشرع المغربي قد قام بتعزيز استقلالية القضاء الإداري من خلال تفعيل مبدأ التقاضي على درجتين الأولى والثانية في المنازعات الإدارية، بإنشاء محاكم الاستئناف الإدارية في عام 2006 وفقًا لقانون 03.08. وتنص المادة الخامسة من هذا القانون على أنها تؤكد على أهمية تلك المحاكم في فض النزاعات الإدارية على أنه "تختص محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مختلفة" .

 

 المطلب الثاني: تخصص القضاء الإداري في العقود الإدارية

تتطلب قضايا الخلافات الناشئة عن تنفيذ العقود الإدارية في كل جوانبها تحكيماً قضائياً شاملاً، حيث يكون اللجوء إلى النظام القضائي الشامل ضروريًا دون قضاء الإلغاء. يعود ذلك إلى أن العقد يتألف من اتفاق بين طرفين يتفقان بإرادتهما، وفي ظل عدم ارتباطه بوسائل الطعن المتبعة في دعوى الإلغاء، يظل القضاء الشامل هو السبيل المتاح. ومع ذلك، يمكن النظر إلى إمكانية اللجوء إلى قضاء الإلغاء للطعن في القرارات، بهدف التصدي لتجاوز استعمال السلطة في مجال العقود الإدارية، سواء كان ذلك في القرارات السابقة لتكوين العقد أو فيما يتصل بعمليات التوقيع أو المصادقة على العقد، وحتى فيما يتعلق بقرارات تنفيذ أو إنهاء العقد الإداري.

 

الفرع الأول: دعاوى القضاء الشامل في العقود الإدارية.

 

الفقرة الأولى: دعوى بطلان العقد:

دعوى بطلان العقد الإداري هي اللجوء إلى القضاء من قبل الأطراف المتعاقدة بهدف إثبات عدم صحة العقد نتيجة للعيوب التي قد تظهر في تكوينه أو صحته، أو لعدم انطباقه على الضوابط القانونية المعمول بها. يتم رفع مثل هذه الدعاوى عندما يكون العقد مصابًا بعيوب في تكوينه، سواء بسبب نقص في أحد أركانه أو عدم امتثاله للشروط اللازمة لكونه صحيحاً.

على عكس الأحكام المنصوص عليها في القانون المدني، يتم تأسيس مفهوم البطلان في السياق القانوني الإداري على عدم استيفاء أحد الأركان الأساسية للعقد، وهي الرضا، المحل، والسبب. فيما يتعلق بعدم استيفاء ركن الرضا، يُعَدّ الرضا أساسًا لصحة العقد، إلّا أن وجود أي عيب في هذا الركن يمنح المتعاقد مع الإدارة حق المطالبة ببطلان العقد. وفيما يتعلق بركن المحل، يكون لزامًا أن يكون مكان العقد حاضرًا وقابلًا للتنفيذ. أما بالنسبة لركن السبب، فيجب أن يكون السبب حاضرًا وقانونيًا، وإذا فشل في الوفاء به، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان العقد الإداري.

 

الفقرة الثانية: دعوى فسخ العقد الإداري:

أولا: الفسخ القضائي بسبب القوة القاهرة:

تفضي القوة القاهرة إلى تحرير المتعاقد من التزاماته، حيث يصبح غير قابل للإكراه من قبل الإدارة لتنفيذ التزاماته، وتفتقر الإدارة إلى الصلاحيات لفرض غرامات تأخير عليه. وفي سياق مماثل، ينص القانون المغربي على أن القوة القاهرة تتعلق بكل ما يفوق توقعات الإنسان، مثل الظواهر الطبيعية وأي عوامل قد تجعل من الصعب أو حتى مستحيلاً تنفيذ الالتزام المتفق عليه.

ثانيا: الفسخ القضائي كعقوبة لاختراق الالتزامات التعاقدية:

في حالة انتهاك أحد المتعاقدين لالتزاماته في العقد، يحق للطرف الآخر المتأثر أن يتقدم بطلب للقضاء لفسخ العقد، خاصة إذا كانت تلك الانتهاكات تترتب عليها تأثيرات جسيمة. وفي هذا السياق، يتباين الموقف بين الإدارة والمتعاقد، إذ تحتفظ الإدارة بحقها في فسخ العقد من خلال قرار إداري في حالة تأكد من إخفاق المتعاقد في الوفاء بالتزاماته. على الجانب الآخر، يكون على المتعاقد الضرير اللجوء إلى القضاء للمطالبة بفسخ العقد، حيث يتعين عليه تقديم حجج قانونية وإثبات فشل الطرف الآخر في الامتثال للالتزامات المتفق عليها.

الفقرة الثالثة: قضاء التعويض وقضاء الأمور المستعجلة في منازعات العقود الإدارية:

أولا: منازعات العقد الإداري في نطاق قضاء التعويض

في حال تكبُّد المتعاقد أي ضرر نتيجة لتنفيذه للاتفاق مع الإدارة، يحق له أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بالتعويض، بشرط أن لا يكون هو المتسبب في هذا الضرر. يوجد عدة أسباب قد تتسبب في تكبُّد المتعاقد لأضرار، مما يمكنه من المطالبة بالتعويض، ومن هذه الأسباب:

1. إلغاء العقد نتيجة لعدم اكتمال أو عدم صحة أحد أركانه، حيث تتحمل الإدارة المسؤولية عن الخروقات غير التعاقدية، مما يمنح المتعاقد الحق في المطالبة بتعويض عن الخسائر التي تكبدها خلال فترة سريان العقد.

2. حالة وقوع خطأ من قبل الإدارة يؤدي إلى إلحاق ضرر بالمتعاقد، وفي هذه الحالة، يجب على الإدارة تحمل المسؤولية وتعويض المتعاقد وفقًا للقواعد المتعارف عليها في حالات التعويض عن الأضرار الناجمة عن تقصير في الأداء.

3. إذا قام المتعاقد بأعمال إضافية غير ملزم بها ولكنها أثبتت جدوى وأهمية للإدارة.

4. إذا تعرض المتعاقد لظروف غير متوقعة وصعبة مالياً أثناء تنفيذ العقد.

5. في حال تغيُّر توازن المالية الخاصة بالمتعاقد نتيجة لأسباب تتعلق بالإدارة أو بأحداث طبيعية غير متوقعة.

يتيح للقاضي الإداري التحقق من وجود الضرر والحكم ضد الإدارة بتعويض المتعاقد، ويتمتع بصلاحيات تقديرية في تحديد قيمة التعويض. يُلاحظ أن القضاء يلعب دورًا هامًا في حماية حقوق الأطراف في النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية.

ثانيا: القضاء الاستعجالي في منازعات العقود الإدارية:

القضاء الاستعجالي يُعرَّف على أنه قضاء يقوم بفصل في النزاعات التي يُخشى من فوات الوقت فيها، ويُراد بذلك فصل مؤقت لا يمس جوهر الحق، ويقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي يلزم الطرفين به للحفاظ على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين. في منازعات العقود الإدارية، يُلجأ إلى قضاء الأمور المستعجلة بشكل شائع، وقد اتفق القضاء الإداري على أن تلك المنازعات تُخضع لاختصاص القضاء الشامل نظرًا لكونها منبثقة عن العقد الإداري.

 

يلعب القضاء الاستعجالي دورًا فعّالًا في حماية المراكز القانونية لأطراف الخصومة عندما يحرم الوقت القضاء الموضوعي من توفير تلك الحماية. وتكون الدعوى الإدارية بحاجة إلى القضاء المستعجل بشكل أكبر نظرًا لاحتياج الإدارة إلى حماية في أعمالها الإدارية.

في مجال منازعات الأمور المستعجلة في العقود الإدارية، يشير قانون المسطرة المدنية إلى ثلاث شروط أساسية لنظر القضية كمستعجلة:

1. توفر عنصر الاستعجال: يعتبر الاستعجال شرطًا أساسيًا لقبول طلب الاستعجال، حيث يجب على المدعي أن يثبت وجود خطر محدق بحقه يجب درؤه بسرعة لتكون ممكنة في التقاضي غير الاستعجالي.

2. عدم مساس الطلب بجوهر الحق: يُحظَر على قاضي المستعجلات أن يمس بجوهر الحق في نظر الدعوى الاستعجالية.

3. الجدية: يجب أن يكون الطلب المستعجل مستندًا على أسباب جدية، أي أسباب ترجح للقضاء الإداري فيما بعد إلغاء القرار.

 

يضيف الفقه المصري شرطًا إضافيًا، وهو أن يكون الطلب المراد البث فيه استعجاليًا على أسباب جدية، مما يعني أن يكون مستندًا لأسباب ترجح للقضاء الإداري فيما بعد إلغاء القرار. تُترك تقدير جدية الطلب إلى السلطة التقديرية للقاضي، حيث يقوم بنظرة سطحية دون التعمق الكامل في الموضوع.

 

الفرع الثاني : دعاوى الإلغاء في العقود الإدارية

دعوى الإلغاء لا يمكن توجيهها ضد العقود، حيث يشترط وجود قرار إداري كجزء من شروط قبول هذه الدعوى، حيث يُعتبر هذا القرار تعبيرًا عن إرادة الإدارة. في سياق الإلغاء القانوني، لا يمكن الاستناد إلى انتهاك الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب لتقديم طلب إلغاء القرار الإداري. تُعَد دعوى الإلغاء عقوبة وليست نتيجة لمبدأ المشروعية، وتُعتبر الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية التزاماتً شخصية.

تنص القاعدة العامة على أن الطعن بالإلغاء يكون ضد القرارات الإدارية فقط، مما يعني استثناء العقود الإدارية كصفقات معقدة. يتألف العقد الإداري من عدة مراحل، يشمل كل مرحلة العديد من القرارات الإدارية. ورغم هذه القاعدة، هناك استثناءات تتعلق أساسًا بإمكانية الطعن بالإلغاء ضد القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد، خاصة في مرحلة انعقاد العقد. يُسمح أيضًا للغير بالطعن بالإلغاء على أساس أن دعوى القضاء الشامل تتعلق بأطراف العقد فقط.

تكمن قيود الإدارة في مجال إبرام العقود في التزامها بإجراءات محددة مسبقًا، حيث تسعى إلى حماية المصلحة العامة وتعزيز مبدأ المساواة بين المتعاملين. تُعَد القرارات الإدارية التي تُصدر قبل التعاقد أفعالًا منفصلة يمكن الطعن فيها في حالة عدم الامتثال للإجراءات والشروط القانونية المفروضة. يحق للمتعاقد والأفراد ذوي المصلحة الطعن في هذه القرارات، ولكن يجب أن يكون أساس الطعن قضية عدم شرعية القرار الإداري، دون الخصوص إلى حقوقهم الفردية المتعلقة بالعقد نفسه.

تعتمد فكرة القرارات والأفعال المنفصلة على توسيع نطاق الطعن القانوني ليشمل القرارات الإدارية الفردية التي تُصدر قبل الاتفاق على العقد، وحتى القرارات الناتجة عن تنفيذه. تشمل هذه القرارات قرارات الهيئات التداولية المتعلقة بالتعاقد، وقرارات لجان الفحص والبت، والقرارات الرئاسية أو الوصائية المتعلقة بالتصديق على التعاقد.

ومع ذلك، يجدر بالذكر أن إلغاء القرارات المنفصلة لا يؤدي إلى إلغاء العقد بشكل تلقائي، فالعقد يظل ساريًا، ويمكن للأطراف اللجوء إلى القضاء للحصول على النتيجة المناسبة نتيجة لحكم الإلغاء. وبناءً على ذلك، يحق لقاضي العقد أن يقرر إلغاء العقد بناءً على حكم بالإلغاء أمامه.

الفقرة الأولى: إلغاء القرارات المنفصلة المقدمة من قبل الغير

تعد دعوى الإلغاء ضرورية للأفراد الذين لا يمكنهم اللجوء إلى القضاء الشامل لإلغاء العقد أو الحصول على النتائج المترتبة على إلغائه. هناك تأكيدات قضائية متكررة تؤكد حق الأفراد غير المتعاقدين في التماس إلغاء القرارات الإدارية المنفصلة. فعلى سبيل المثال، كان هناك حكم من مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 9 نوفمبر 1934 في قضية دعوى إلغاء قدمتها غرفة تجارية ضد قرار المحافظ بإبرام العقد. كما كان هناك طلب آخر لإلغاء قدمته نقابة التعليم الزراعي ضد قرار وزير إبرام اتفاق يمنح بعض الامتيازات لمؤسسات التعليم الزراعي.

أكد القضاء الإداري المغربي هذا التوجه في حكم أصدرته المحكمة الإدارية بأكادير في 3 أبريل 2008. جاء في هذا الحكم: "تُعتبر القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد الإداري قابلة للطعن بالإلغاء بشكل مستقل عن العقد نفسه. وبالتالي، يُعتبر القرار الذي يصدر عن الإدارة بإلغاء اتفاقية تسليم المحلات التجارية المبرمة مع الغير قرارًا منفصلًا عن العقد ويمكن الطعن فيه بالإلغاء."

يظهر أن الطعن بالإلغاء ضد القرارات الإدارية المنفصلة في مرحلة انعقاد العقد يمكن توجيهه أولاً من قبل الأفراد الذين يستفيدون من هذه النظرية. مجلس الدولة لم يتبع هذه النظرية إلا لحمايتهم، حيث يمتلك المتعاقد مع الإدارة وسيلة أخرى وهي دعوى القضاء الشامل.

من بين الشروط التي يجب توفرها في دعوى إلغاء القرار الإداري المنفصل:

- يجب أن يكون الطالب شخصًا غير متعاقد.

- يجب رفع الدعوى في الميعاد المحدد لرفع دعوى الإلغاء وفقًا للشروط والإجراءات القانونية.

- يجب أن يكون أساس الدعوى على أساس عدم مشروعية القرار المستهدف، وليس على أساس انتهاك الإدارة لالتزامات تعاقدية.

القرارات التمهيدية.

في مجال الصفقات العمومية والقانون الإداري، تلعب القرارات التمهيدية دورًا حيويًا في تكوين وتنفيذ العقود الإدارية. هذه القرارات تُصدر من قبل الجهات الإدارية وتأتي قبل عملية إبرام العقد نفسه. يتعلق هنا بقرارات تحضيرية تهدف إلى تهيئة الأرضية لعملية التعاقد وتحديد الإجراءات اللازمة لضمان شفافية ومرونة العمليات.

على سبيل المثال، يُصدر قرار الترخيص بالعقد بوضوح للجهة المعنية بإبرام العقد. هذا القرار يحدد شروط ومتطلبات إبرام العقد ويمهد الطريق للمراحل اللاحقة. بالإضافة إلى ذلك، يُصدر قرارات أخرى مثل قرار تعيين طريقة لبرم العقد أو الإعلان عن طلبات العروض.

ما يميز هذه القرارات التمهيدية هو أنها تُعتبر منفصلة عن العقد النهائي نفسه. بمعنى آخر، يمكن الطعن في هذه القرارات بالإلغاء من قبل الأطراف المعنية إذا كانت هناك مخاوف بشأن مشروعيتها أو شفافيتها. يعني هذا أنه بإمكان الأفراد أو الكيانات القانونية الاعتراض على هذه القرارات إذا كانوا يعتقدون أنه تم اتخاذها بشكل غير قانوني أو بمخالفة للقوانين واللوائح.

يجدر بالذكر أن هذه القرارات تلعب دورًا مهمًا في تشكيل الصفقات العمومية وضمان الشفافية والعدالة في العمليات الحكومية. تعتبر فهم هذه القرارات وأثرها على العقود الإدارية أمرًا أساسيًا لأي شخص يتعامل مع القطاع العام أو يتطلع إلى مشاركة في مناقصات حكومية. بالتأكيد، إليك نصك المُعدل:

في هذا السياق، أكدت المحكمة الإدارية بأكادير أن القرارات المتعلقة بتمهيد عقود الصفقات العامة تُعتبر قراراتٍ منفصلة عن العملية العقدية نفسها وبالتالي يمكن الطعن فيها بواسطة دعوى الإلغاء. وجاء في إحدى أحكام المحكمة أن قرار استبعاد الجهة المطالبة بالتعاقد هو قرار مسبق لإبرام الصفقة ويُعتبر مستقلاً عن العملية العقدية، وبالتالي يُعدُّ قرارًا نهائيًا صادرًا عن سلطة إدارية ويؤثر بشكل أساسي على الموقف القانوني للجهة المطالبة بالتعاقد.

ومع ذلك، قد تم رفع استفسار حول هذا النوع من القرارات على أساس أنها قرارات تحضيرية وليست نهائية بالمعنى الكامل، وبالتالي لا يجوز الطعن فيها بواسطة دعوى الإلغاء نظرًا لأن هذا النوع من القرارات يجب أن يتعامل معه بطرق أخرى. ومن ناحية أخرى، اعتمد مجلس الدولة الفرنسي في تقرير له أن قضية «société anonyme touristique de la vallée du Lautaret موقفًا يسمح بالطعن بالإلغاء ضد هذا النوع من القرارات، حيث اعتبرها قراراتٍ نهائية. وقد شرح مفوض الدولة " BOUDIOUN" هذا المفهوم في تقريره، موضحًا أن جدل مجالس البلديات يمكن أن يكون نموذجًا لقرارات واجبة التنفيذ والتي تعتبر منذ نصف قرن تقريبًا قابلة للفصل عن العقد الذي تندرج ضمنه بسبب طابعها كقرارات تصدر عن إرادة واحدة.

إن هذا التفسير يوضح كيف يمكن أن تكون هذه القرارات مستقلة ونهائية فيما يتعلق بالمركز القانوني للجهة المطالبة بالتعاقد.

الفقرة الثانية: قرارات إبرام العقود وقرارات الوصاية

"التحكم في عمليات إبرام العقود واتخاذ قرارات الوصاية يمتد لاختصاص قاضي الإلغاء. حيث يشمل هذا الاختصاص القرارات المتعلقة بالتوقيع والمصادقة على العقود عندما يكون هذا الإجراء ضروريًا. يُقبل من المحكمة الإدارية الطعون المقدمة ضد هذه القرارات، نظرًا لأن أي انتهاك للقوانين التعاقدية يُعتبر انتهاكًا للقوانين ويشكل انتهاكًا للشرعية.

في قضية "communedeousseSusan"، أصدر مجلس الدولة قرارًا في 18 إبريل 1911 يميز بين العقد نفسه - أي عملية تبادل الرادتين - والقرار الذي سبق عقد العملية. تم اعتبار القرار الأخير كقرار مستقل قبل تنفيذ العقد.

الفقيه هوريو أشار إلى أنه "عندما تبرم السلطة الإدارية عقدًا، فإن جميع الأمور تسير وفقًا لقرار مسبق يُعلن به للجميع أنها ستقوم بإبرام هذا العقد. يتم النظر في هذا القرار الضمني قبل عقد العملية ويمكن التفريق عنه.

قرار الوصاية يُعتبر مثالًا كلاسيكيًا على القرار الذي يخرج عن العملية التعاقدية بغض النظر عن لحظة تدخله في هذه العملية. يُفحص قاضي الإلغاء كل طلب بالإلغاء لمثل هذا القرار، سواء كان متعلقًا بإبرام العقد أو تنفيذه."

 

القرارات التنفيذية للعقود

قرارات تنفيذ العقود تمثل جزءًا أساسيًا من العلاقات القانونية بين الأطراف. يتعين على الأطراف الالتزام بأحكام العقد والقوانين ذات الصلة. ومن المهم مراعاة أن الإلغاء في هذا السياق يمكن أن يكون مقيدًا بظروف معينة ووجود دعاوى موازية.

يجب على الأفراد والكيانات التجارية أن يكونوا على دراية بشروط العقد وأحكامه، ويجب عليهم أيضًا الامتثال للقوانين واللوائح ذات الصلة. في حالة وجود أي انتهاكات أو خلافات تتعلق بتنفيذ العقد، يجب على الأطراف البحث عن حلول قانونية لحل هذه الخلافات.

إذا كان هناك قرارات صادرة من الإدارة تؤثر على تنفيذ العقد، يجب على الأطراف النظر في الإجراءات القانونية المتاحة لهم للدفاع عن حقوقهم. من الممكن أن تكون هذه الإجراءات تشمل دعوى الإلغاء بناءً على القوانين واللوائح ذات الصلة.

بشكل عام، يجب على الأطراف في العقود الإدارية والمالية الالتزام بالإجراءات القانونية المنصوص عليها في النصوص القانونية والعقود. يمكن للمحكمات والجهات القانونية المختصة تقديم التوجيه والقرارات المناسبة لحل الخلافات وفقًا للقوانين واللوائح المعمول بها.

تأثير إلغاء القرارات الإدارية القابلة للانفصال عن العقد الإداري

في الفقه المغربي، يُعتبر عادةً أن إلغاء القرارات الإدارية القابلة للانفصال عن العقد الإداري لا يؤثر على صحة العقد نفسه. حتى إذا كان الهدف من إلغاء القرار هو الوصول إلى بطلان العقد الإداري، فإن العقد يظل ساريًا. هذه النتيجة تثير تساؤلات حول الغرض من إلغاء القرار الإداري المنفصل وكيف يؤثر ذلك على استمرارية العقد.

للإجابة على هذا السؤال، يجب دراسة الفقه والأحكام القضائية في هذا السياق، والتي قد تكون قليلة نسبياً مما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا. من الواضح من القراءة الأولية لآراء الفقهاء أن هناك تضاربًا كبيرًا في وجهات نظرهم، مما يجعل من الصعب الوصول إلى رأي محدد.

 

تأثير إلغاء القرارات الإدارية القابلة للانفصال عن العقد الإداري

من الآراء القانونية والقضائية:

في القانون الفرنسي، قرر مجلس الدولة في حكمه في القضية 1905 - MARTIN أن إلغاء القرار المنفصل في حالة العقد الإداري لا يترتب عنه إلغاء العقد نفسه. ويبقى العقد ساريًا حتى يُطلب فسخه أمام قاضي العقد.

من الفقه الفرنسي:

يُعتبر القرار المنفصل جزءًا من العملية المركبة التي تؤدي إلى عقد إداري، ويترتب على سلامة القرار تأمين سلامة العملية بأكملها. ونتيجة لذلك، فإن إلغاء القرارات المنفصلة يمكن أن يؤدي إلى إبطال العقد الإداري.

محمد سليمان الطماوي:

يُشدد على أن القرار المنفصل هو جزء من العملية المركبة ويؤثر على سلامتها بشكل عام. لذا، إلغاء القرارات الإدارية المنفصلة يمكن أن يؤدي إلى إبطال ما يترتب عليها. ويُمكن تلخيص آثار إلغاء القرارات المنفصلة عن العقد في حالتين:

1.إصدار حكم بالإلغاء قبل تنفيذ العقد الإداري: في هذه الحالة، يؤدي إلغاء القرار المنفصل إلى إبطال العقد الإداري الذي ينبني عليه.

2.إصدار حكم بالإلغاء بعد تنفيذ العقد: في هذه الحالة، يمكن أن تكون آثار الإلغاء نسبية وتتوقف على مدى تمسك الأطراف بحكم الإلغاء أمام قاضي العقد الإداري.

يمكن القول أن تقدير آثار إلغاء القرارات المنفصلة عن العقد يعتمد على توقيت إصدار الحكم بالإلغاء، وهل تم تنفيذ العقد أم لا. وتظل هذه القضايا معقدة نسبياً وتحتاج إلى تفسير وتطبيق دقيق من قبل القضاء.


 

المبحث الثاني: الوسائل الودية لتسوية منازعات العقود الإدارية

المطلب الأول: التظلم الإداري واللجاني

الفرع الأول: التظلم الإداري

تقوم فكرة التظلم الإداري على المبدأ العام الذي يسمح للفرد بحرية اختيار التقدم بتظلم أو عدم التقدم به، حيث يحق له التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة قبل رفع قضية قانونية، بهدف تجنب مشقة الإجراءات القانونية الطويلة. يُعرف التظلم الإداري بأنه عرض الفرد لاستفساره أو شكواه إلى الإدارة التي اتخذت القرار الإداري، مطالبًا بالعدالة من خلال إعادة النظر في القرار الذي اتخذ بشكل غير قانوني.

فيما يتعلق بشكليات سلوك مسطرة التظلم الإداري، فإن المادة 169 تنص على ضرورة تقديم شكاية مكتوبة إلى صاحب المشروع، والذي يتولى مسك سجل لتتبع الشكايات، حيث يُسجل فيه تفاصيل كل شكاية بما في ذلك أسماء المشتكين وتاريخ استلام كل شكوى ومضمونها وما إذا كانت قد حُلت أم لا.

أما المادة 81 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، فتنص على أن المقاول الراغب في التظلم يجب عليه تحديد النزاع وتأثيره على تنفيذ الصفقة، وفي حال الضرورة يجب تحديد تأثير هذا النزاع على الجداول الزمنية والتكاليف. ويتعين عليه أيضًا إرفاق شكواه بمذكرة توضح مطالبه، ويقوم بإرسالها إلى صاحب المشروع من خلال رسالة مضمونة مع التوصل بإشعار بالتوصل بها.

 

الفرع الثاني: الجنة الوطنية للطلبيات العمومية

تكوين اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية في المغرب واختصاصاتها، وحالات اللجوء إليها بخصوص الشكايات، تتمثل في تشكيل تلك اللجنة من رئاسة وجهاز تداولي ووحدات إدارية. يترأس اللجنة شخصية ذات كفاءة قانونية وتجربة، وتنفذ المهام المحددة في المرسوم الخاص بها.

الجهاز التداولي يتألف من اثني عشر عضوًا، بما في ذلك ممثلين عن وزارة الاقتصاد والمالية ومهنيين يعينون بمرسوم. اللجنة تتكون من أربع وحدات: وحدة الشكايات، وحدة الاستشارات والدراسات، وحدة المنظومة المعلوماتية، ووحدة التكوين والشؤون الإدارية. كل وحدة تعمل وفقاً لمهامها المعينة.

بالنسبة للاختصاصات، تتعامل اللجنة مع دراسة الشكايات المتعلقة بالطلبيات العمومية من الأفراد والكيانات. وتقوم وحدة الشكايات بتحضير الملفات والطلبات وتقديمها للرئيس والمقرر العام. وتُحدد حالات اللجوء المباشر للجنة في المادة 30 من المرسوم، مثل عدم احترام قواعد الصفقات العمومية.

يُسهم اللجوء المباشر للجنة في تسريع إجراءات الشكايات، حيث يُمكن توجيه الشكايات مباشرة دون الحاجة إلى الإدارة المختصة، وفقًا للمادة 170 من مرسوم الصفقات العمومية.

 

فيما يتعلق بمرحلة التنفيذ، يجب على المتعاقد في حال وجود نزاع أثناء التنفيذ اللجوء إلى التظلم الإداري قبل اللجوء إلى الطعن القضائي، وهو ما يتم تأكيده في المادة 81 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال.

 

المطلب الثاني: التحكيم في العقود الإدارية

في المملكة المغربية، شهدت مفهوم التحكيم عدة تغييرات عبر الزمن، ويمكن تقسيم هذه التغييرات إلى فترات زمنية مختلفة، بما في ذلك ما قبل صدور قانون 08.05 المعدل لمسطرة المدنية لسنة 2007 وما بعده. يعتبر التحكيم مجالًا مهمًا لفهم التطورات القانونية في المملكة المغربية وكذلك العالم.

 

الفرع الأول: الإطار العام للتحكيم في منازعات العقود الإدارية

 الفقرة الأولى: الإطار المفاهيمي للتحكيم في العقود الإدارية.

لفهم هذا الموضوع بشكل شامل، يجب أولاً تعريف مفهوم التحكيم. التحكيم هو نظام بديل لحل النزاعات يتيح للأطراف في النزاع إخضاع النزاع لجهة غير القضاء العام، حيث يتم الفصل في النزاع بواسطة أفراد مستقلين تم تعيينهم بموجب اتفاق بين الأطراف. هذا يمنح الأطراف حرية أكبر في اختيار الخبراء الذين سيديرون النزاع وتحديد قواعد الإجراء والقوانين المطبقة على النزاع.

يتعين أيضًا التركيز على التحولات القانونية الرئيسية في مجال التحكيم في المملكة المغربية. قبل صدور قانون 08.05، كان هناك تشريعات تحكيم محدودة، ولم يكن هناك إطار قانوني شامل للتحكيم في العقود الإدارية. بعد صدور هذا القانون، تم توفير إطار قانوني أوسع وأكثر وضوحًا للتحكيم في المملكة المغربية.

واحدة من أهم المستجدات القانونية في مجال التحكيم هي تنظيم التحكيم في العقود الإدارية. يعني ذلك أن الجهات الحكومية والأفراد أو الكيانات القانونية الأخرى يمكنها الآن اللجوء إلى التحكيم لحل النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية. هذا يسهم في تحقيق العدالة والفصل العادل للنزاعات في هذا السياق.

بالنظر إلى الفقه الاقتصادي، يمكن تصنيف التحكيم كعملية تسوية للنزاعات خارج نطاق القضاء العام. يعتمد التحكيم في هذا السياق على العقود والقوانين المالية والاقتصادية. ويمكن للأطراف الاقتصادية اللجوء إلى التحكيم لحل النزاعات بشكل فعال وخارج نطاق القضاء العام.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ننظر إلى العلاقة بين التحكيم والقضاء. يمكن القضاء التدخل في الأحكام التحكيمية في حالة وجود أخطاء قانونية أو إذا تم طلب إلغاء الحكم التحكيمي. هذا يضمن تطبيق القوانين بشكل صحيح ويمنح الأطراف ضمانًا إضافيًا للعدالة في النزاعات.

عند مناقشة أنواع التحكيم، يجب النظر في مفهوم التحكيم الاختياري والإجباري. التحكيم الاختياري هو الذي يتم بناءً على اتفاق الأطراف، حيث يتم اختيار التحكيم كوسيلة لحل النزاع. أما التحكيم الإجباري، فيتم تحكيم النزاع بغض النظر عن إرادة الأطراف إذا كانت هناك قوانين تلزم به.

هناك أيضًا التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي. التحكيم الداخلي يشمل النزاعات التي تنشأ داخل البلاد، بينما يتعامل التحكيم الدولي مع النزاعات العابرة للحدود والتي تشمل الجوانب الدولية.

من الجوانب الأخرى التي يجب النظر فيها هي التحكيم الخاص والتحكيم المؤسساتي. التحكيم الخاص يتيح للأطراف إقامة التحكيم بمناسبة نزاع معين، ولديهم حرية في اختيار المحكمين وتحديد القواعد واللوائح التي ستحكم النزاع. أما التحكيم المؤسساتي، فيتم تنظيمه بواسطة منظمة دولية أو وطنية وفقًا لقواعد محددة مسبقًا.

 

التحكيم بالقانون والتحكيم مع التفويض بالصلح هما أيضًا مفاهيم مهمة. التحكيم بالقانون يعني أن المحكم يعتمد على القوانين المعمول بها لإصدار حكمه، بينما في التحكيم مع التفويض بالصلح، لا يلتزم المحكم بالقوانين المعمول بها ولديه حرية أكبر في إصدار قرار يعتبره عادلا ومنصفا بناءً على ما يراه مناسبًا لمصلحة الأطراف.

 

يمثل التحكيم أداة قانونية مهمة لحل النزاعات في مجموعة متنوعة من السياقات، بدءًا من العقود الخاصة وصولاً إلى العقود الإدارية. فهو يوفر للأطراف القدرة على تحقيق العدالة وحل النزاعات بطريقة فعالة ومرونة، ويسهم في تعزيز التسوية وتقليل الضغط على القضاء العام.

 

الفقرة الثانية: الإطار التاريخي للتحكيم في العقود الإدارية في المغرب.

في النظام المغربي، تمثل قوانين التحكيم أحد الأدوات الرئيسية لتسوية النزاعات بين الأطراف، وهي تتيح للأفراد والمؤسسات حلاً فعالاً لحل النزاعات خارج النظام القضائي التقليدي. تاريخيًا، شهد النظام المغربي تطورًا في مجال التحكيم عبر مراحل مختلفة.

ما قبل القانون 08.05:

في هذه الفترة، لم يكن هناك قانون محدد ينظم مسائل التحكيم في المغرب، وكان التحكيم يعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية وبعض القوانين المدنية. تم تطبيق قوانين المسطرة المدنية 9131 و1974 لتنظيم بعض جوانب التحكيم.

ما بعد القانون 08.05:

بعد صدور القانون 08.05، تغيرت القواعد وأصبحت تنظم التحكيم بشكل أفضل وأدق. وفي هذا السياق، أصبح من الممكن التحكيم في النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية، ولكن لا يُسمح بالتحكيم في النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية. كما تمنح هذه القوانين المؤسسات العمومية القدرة على إبرام عقود التحكيم وتحديد الإجراءات والشروط اللازمة بموافقة مجالس إدارتها.

 

   الفرع الثاني: تدخل القضاء الإداري في الحكم التحكيمي

الفقرة الأولى:  تنفيذ الحكم التحكيمي .

التحكيم الداخلي:

القانون 08.05 يحدد أسسًا عامة للتحكيم في المغرب، من بينها استقلالية هيئة التحكيم واحترام إرادة الأطراف والسرعة في إنهاء الإجراءات لإصدار حكم التحكيم واحترام حقوق الدفاع. يجب أن يتم تشكيل هيئة التحكيم بمحكم واحد أو مجموعة محكمين، وتتيح الأطراف حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم. يجب أن يُبرم اتفاق التحكيم كتابة ويحدد موضوع النزاع والهيئة التحكيمية وإجراءات التحكيم.

الأسس العامة للتحكيم في القانون 08.05:

استقلالية هيئة التحكيم:

يتطلب التحكيم وجود هيئة مستقلة غير تابعة لأي طرف، حيث يجب أن تكون الهيئة محايدة وغير متأثرة بأي جهة خارجية.

احترام إرادة طرفي التحكيم:

يجب أن يُحترم التحكيم إرادة الأطراف، ويتعين على الهيئة التحكيمية العمل وفقًا للاتفاق التحكيمي الذي اختارته الأطراف.

السرعة في إنهاء الإجراءات لإصدار حكم التحكيم:

يشدد على أهمية إنهاء الإجراءات بسرعة لضمان صدور حكم التحكيم في الأجل المحدد وتجنب التأخير غير المبرر.

احترام حقوق الدفاع:

يجب أن يتيح النظام التحكيمي للأطراف فرصة متساوية للدفاع وتقديم وسائل الدفاع اللازمة.

الطبيعة الثنائية للتحكيم:

يعكس التحكيم العلاقة الثنائية بين الأطراف، حيث يتم تشكيل هيئة التحكيم بموافقة الطرفين أو وفقًا للقوانين والأنظمة المعمول بها.

 

مسطرة التحكيم في القانون 08.05:

ينص القانون 08.05 على الإجراءات والشروط التي يجب اتباعها في التحكيم، بما في ذلك تشكيل هيئة التحكيم وإبرام عقد التحكيم وضبط إجراءات التحكيم.

 

فيما يخص تشكيل هيئة التحكيم:

تشكيل هيئة التحكيم:

يمكن تشكيل الهيئة التحكيمية من محكم واحد أو مجموعة محكمين، ويتيح الاتفاق التحكيمي للأطراف حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم. يمكن أن يكون هذا التعيين بناءً على الاتفاق التحكيمي أو وفقًا لنظام التحكيم المعتمد.

ابرام عقد التحكيم:

يُشدد على ضرورة توثيق اتفاق التحكيم كتابةً وتضمين التفاصيل الرئيسية، مثل موضوع النزاع وتعيين الهيئة التحكيمية، ويُحدد مكان التحكيم.

ضبط إجراءات التحكيم:

تقوم الهيئة التحكيمية بضبط الإجراءات وفقًا للقانون واتفاق الأطراف، مع مراعاة أن تكون هذه الإجراءات ملائمة ومناسبة دون أن تلتزم بالقواعد المتبعة في المحاكم، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

 

فيما يتعلق بالقضاء في الحكم التحكيمي فيما يتعلق بالعقود الإدارية.

 يمكن للمحكمة الإدارية تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية بناءً على طلب من إحدى الأطراف وضبط مسطرة معينة للحصول على الصيغة التنفيذية.

يُتخذ الإجراء الخاص بالحصول على الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي عبر اتباع إجراءات مُحددة. يجب أولاً أن يُطلب الحكم التحكيمي بكتابة ضبط المحكمة لمنح الصيغة التنفيذية، ويُجرى هذا الإجراء عادةً عن طريق أحد المحكمين أو الطرف الذي يظهر استعجاله في خلال فترة لا تتجاوز سبعة أيام.

يُرفق الحكم التحكيمي باتفاق التحكيم، ويُقدم طلب لرئيس المحكمة للحصول على الصيغة التنفيذية. يجب أن يلتزم الطلب بجميع الشروط المنصوص عليها في المقالات والطلبات التي يُقدمها إلى رئيس المحكمة، بما في ذلك ذكر الأطراف والحقائق وموضوع الطلب، فضلاً عن دفع الرسوم القضائية.

بالنسبة للحكم التحكيمي الصادر خارج المغرب، يجب على الطالب تقديم أصل الحكم التحكيمي واتفاقية التحكيم، مع ترجمتها إلى اللغة العربية إذا كانت مكتوبة بلغة أجنبية. يتم تقديم هذه الوثائق للجهة المختصة بمسطرة التذييل.

تتضمن مقتضيات القانون رقم 05-08 إشارات إلى الإجراءات المطلوبة للتذييل في حالة التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي. يُشير القانون إلى اختصاص المحكمة الإدارية المعنية ورئيس المحكمة التجارية، ويُلزم بالاعتراف بهذا الحكم بشرط أن يكون متوافقًا مع النظام العام الوطني أو الدولي.

بهذا السياق، تظهر القوانين الدولية المعنية، مثل اتفاقية نيويورك لعام 1958، والتي تتطلب تقديم أصل الحكم التحكيمي واتفاقية التحكيم مع ترجمة إلى اللغة العربية في حالة كتابتها بلغة أجنبية.

تتطلب المقتضيات العامة للتذييل الرعاية النسبية لمراجعة الشكل الخارجي للحكم التحكيمي، دون البحث في عدالته أو صحة قضائه، حيث لا يعتبر المحكم تحكيمًا هيئة استئنافية.

 

الفقرة الثانية: الطعن في الحكم التحكيمي.

بالإضافة إلى ذلك، يُسمح بالطعن في الحكم التحكيمي وتدخل القضاء في تلك الحالات، وهناك تفاوت في الأنظمة القانونية حول جواز الطعن في الحكم التحكيمي. يتطلع القانون في هذا السياق إلى توفير توازن بين استقلالية القضاء وفعالية التحكيم.

الاتجاه الذي يرفض اللجوء إلى الطعن في القرارات التحكيمية:

تعتبر بعض الأنظمة القانونية، مثل النظام المصري للتحكيم الصادر بالقانون رقم 27 لعام 1994، من الأنظمة التي تؤمن بعدم جواز الطعن في القرارات التحكيمية بأي طريقة كانت، وفقًا للمادة 52 من هذا القانون. يركز هؤلاء على أنه من غير المسموح اللجوء إلى وسائل الطعن المحددة في قوانين المرافعات، حيث يعتبرون أن فكرة الرقابة القضائية على قرار المحكمة تجعل عملية التحكيم بلا جدوى، ويشيرون إلى إمكانية سوء استغلال الإجراءات القضائية من قبل الأطراف المتنازعة.

من جهة أخرى، يظهر الاتجاه الموسع الذي يسمح بأشكال متعددة من الطعن في القرارات التحكيمية، والذي يستند إلى نظرة تعتبر القضاء العام أصليًا للفصل في النزاعات. يتسم هذا الاتجاه بالمرونة ويسمح بالطعن بأشكال متاحة في الأحكام القضائية، مثلما هو الحال في القانون الفرنسي.

 

من ناحية أخرى، يظهر الوسط في هذا النقاش، حيث يُسمح بالطعن في القرارات التحكيمية أمام القضاء، ولكن بشروط محددة، كما هو الحال في القوانين الكويتية والسعودية، حيث يُشترط اتفاق الأطراف وعدم وجود نص يمنع الطعن.

التشريع المغربي يفصل عندما يكون للطعن في القرار التحكيمي البطلان، ويشير إلى حالات معينة، مثل صدور القرار بعد انتهاء أجل التحكيم أو في حالة تشكيل هيئة التحكيم بشكل غير قانوني.

يظهر أن النظام القانوني في المغرب يتجه نحو تعزيز التحكيم كوسيلة لتسوية النزاعات في مجال العقود الإدارية، ورغم وجود بعض القيود على الطعن في القرارات التحكيمية، إلا أن التحكيم يظل وسيلة واعدة وإيجابية لتخفيف الضغط على القضاء وتسريع تسوية النزاعات.

الطعن في التشريع المغربي بناءً على البطلان يمكن تناوله من خلال عدة حالات محددة:

1. **غياب اتفاق التحكيم أو انتهاء أجل التحكيم:**

   - في حال صدور الحكم التحكيمي بدون وجود اتفاق تحكيم صحيح أو بعد انتهاء فترة التحكيم، يكون ذلك سببًا للطعن بالبطلان.

2. **تشكيل هيئة التحكيم بشكل غير قانوني:**

   - إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم بصورة غير مشروعة أو خلافًا لاتفاق الطرفين، يُعتبر ذلك سببًا للبطلان.

3. **تجاوز الهيئة التحكيمية لصلاحياتها:**

   - إذا تخطت الهيئة التحكيمية حدود الاتفاق وتدخلت في مسائل لا تشملها التحكيم، يمكن رفع طعن بالبطلان، خاصة إذا كان بإمكان فصل الأجزاء ذات الصلة بالتحكيم عن الأجزاء الأخرى.

4. **تعذر تقديم دفاع بسبب تبليغ غير صحيح:**

   - في حال عدم تلقي أحد الأطراف إشعارًا صحيحًا بتعيين المحكم أو إجراءات التحكيم، يُعتبر ذلك سببًا للبطلان.

5. **صدور الحكم التحكيمي خلافًا لقواعد النظام العام:**

   - إذا كان الحكم يتنافى مع أحكام النظام العام، يكون لديك أساس للطعن بالبطلان.

6. **عدم الالتزام بالإجراءات المسطرية المتفق عليها:**

   - في حالة عدم التقيد بالإجراءات المسطرية التي تم الاتفاق عليها، يمكن رفع طعن بالبطلان.

7. **تعرض حقوق الغير الخاضع للنزاع:**

   - إذا كان هناك انتهاك لحقوق الأطراف الغير المتنازعة، ولم يتم استدعاؤها أو تمثيلها بشكل صحيح، يُعتبر ذلك سببًا للبطلان.

يجدر بك أن تلاحظ أن تحقيق البطلان يتطلب إثبات موجبات محددة وفقًا للتشريع المغربي، وهذا يتطلب استشارة قانونية لضمان التعامل الصحيح مع القضايا ذات الصلة.

 


 خاتمة

في الختام، يبرز القضاء المغربي بشكل عام والقضاء الإداري بصفة خاصة كتجربة ناجحة في فض منازعات العقود الإدارية. فقد قام بتكريس مجموعة من المبادئ الأساسية والضمانات التي تهدف إلى حماية حقوق أطراف العقد الإداري، وذلك بغرض إيجاد توازن في العلاقة التعاقدية. تضاف إلى ذلك دور الآليات البديلة في تسوية النزاعات، كما في حالة التحكيم الذي أصبح يلعب دورًا بارزًا إلى جانب النظام القضائي. ورغم أن التشريع المغربي قد كرس دور التحكيم، إلا أن الدولة والأفراد العامون يجدون أسبابًا لعدم اللجوء إليه، حيث يبرر بعضهم عدم التحكيم بالقول إن حماية المصلحة العامة يمكن تحقيقها بشكل أفضل عن طريق القضاء الإداري. وعلى الرغم من ذلك، يظل التحكيم وسيلة واعدة وإيجابية، وتُعزز حياديته في تخفيف العبء عن النظام القضائي وتسريع إجراءات تسوية النزاعات في ميدان العقود الإدارية.

 


 

 لائحة المراجع

الشريف الغيوبي الوسائل القانونية لعمل الإدارة وفق التشريع والاجتهاد القضائي المغربي والمقارن،

ثورية العيوني "القضاء الإداري ورقابته على أعمال الإدارة " دار النشر الجسور وجدة الطبعة الأولى 2005،

        ثورية لعيوني ،القضاء الاداري،الطبعة الاولى ، دار النشر جسور،وجدة 2015

        كريم لحرش، القضاء الإداري المغربي، طوب بريس ،الرباط، الطبعة الأولى، 2012

محمد خلف الجبوري: العقود الإدارية، الطبعة الثانية 1998،

عبد القادر باينة: القضاء الإداري، الأسس العامة و التطور التاريخي، دار تبقال للنشز، الطبعة الأولى 1988،

أحمد أبو الوفا: "التحكيم الاختياري و الاجباري دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية، الطبعة الثانية 2007

عبد العزيز عبد المنعم خليفة: التحكيم في المنازعات الإدارية الداخلية والدولية، دار الفكر الجامعي، الطبعة الأولى الإسكندرية، 2006

نجلاء حسن سيد أحمد خليل: "التحكيم في المنازعات الإدارية، دار النهضة العربية بالقاهرة، الطبعة الثامنة 2003  2004

السيد المراكبي: التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي ومدى تأثيره بسيادة الدولة دار النهضة العربية القاهرة 2001

د.الميلود بوطريكي، القرارات الإدارية المنفصلة على ضوء الإجتهاد القضائي منشورات مجلة العلوم القانونية، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2014

حمد الاعرج، نظام العقود الادارية والصفقات العمومية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 88 الطبعة الثالثة 2011

محمد محجوبي، دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي و المقارن، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 86 ، سنة 2009 .

منية بنمليح، دور القاضي الإداري في مراقبة المشروعية في المجال العقدي، المجلة المغربة للإدارة والتنمية المحلية، عدد 83 ،نونبر دجنبر 2008

فتيحة ساسي، الوسائل البديلة لفض المنازعات و علاقتها بالقضاء ، مجلة المحاكم المغربية العدد 110 شتنبر اكتوبر 2007 .

أحمد الورفلي: "القضاء في الدول المغاربية والتحكيم التجاري الدولي بين الرقابة و المساعدة " -العدد 41 منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية سلسلة مواضيع الساعة 2003 -

عبد الرحمان المصباحي، في المادة التحكيمية أو قابلية النزاع للتحكيم، مجلة القضاء و الفقه العدد 154

         القوانين:

        ظهير 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) المتعلق بالمسطرة المدنية والنصوص

        ظهير شريف رقم 1.07.169 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 ( 30 نوفمبر 2007 ( بتنفيذ القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية؛

        ظهير شريف رقم 07 - 06 - 1 صادر في 15 من محرم 1427 ( 14 فبراير 2006 ( بتنفيذ القانون رقم 03 - 80 المحدثة بموجبه محاكم استئناف إدارية؛

        ظهير شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 ( 10 سبتمبر 1993 ( بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية؛

        قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 28 سبتمبر 1974 ؛

        قانون المسطرة المدنية الفرنسي؛

        القانون 27 - 1994 المصري.

        مرسوم 27نونبر 1888 التونسي المتعلق بالنزاع الإداري

        مرسوم رقم 349-12-2 صادر في 8 جمادى الأولى 1434) 20 مارس 2013 (المتعلق بالصفقات العمومية.

ليست هناك تعليقات:
كتابة التعلقيات