الماستر المتخصص: تدبير الموارد البشرية والمالية للإدارة
مادة:
منازعات الصفقات العمومية
عرض تحت عنوان:
منازعات الصفقات العمومية بين القضاء الشامل وقضاء الإلغاء
من إعداد الطلبة تحت إشراف:
·
هشام
الدريسي الأستاذ مصطفى القيطوني
·
رشيد
القاضي
·
كنزة
زرو
·
حسن
الإبراهيمي
·
عزيز
حسني
السنة
الجامعية: 2025 -2024
تشكل الصفقات العمومية،
الأداة الأساسية والرئيسة لتدخل الدولة وأشخاص القانون
العام
في صرف النفقات العمومية الهادفة إلى تحقيق المصلحة العامة، سواء من خلال
إشباع
الحاجيات الفردية والجماعية لأفراد المجتمع، أو من خلال ضمان استمرارية
المرفق
العام المنتج للخدمة المرفقية، وتظهر أهمية الصفقات العمومية، بكونها من الموضوعات
ذات الأهمية في مجال القانون الإداري ولاسيما فيما يخص إنجاز
الأشغال أو الخدمات أو التوريدات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي[1].
وعرفها المشرع المغربي من
خلال مرسوم الصفقات العمومية لـ 09 مارس 2023 أنها: "كل عقد يبرم بين صاحب
مشروع من جهة (المتمثل في الدولة،........)[2]
، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى، يدعى مقاول أو مورد أو خدماتي، يهدف إلى تنفيذ
أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات"، وقبله مرسوم 20 مارس 2013
الذي تقدم بمقتضيات تتمثل في ضمان الشفافية في تعاملات الإدارة والمساواة بين
المتنافسين وكذا فعالية الصفقة.
والمغرب كباقي دول العالم،
يحاول إدماج الصفقات العمومية في صلب اهتماماته الاقتصادية
ومجهوداته لتقوية مكونات الاقتصاد الوطني حتى يتمكن من خوض غمار
المنافسة
الدولية بأوفر حظوظ النجاح. [3]
وتعد الصفقات العمومية
عقودا إدارية تبرمها الهيئات العمومية مع المقاولين بحيث عرفها الفقيه
الفرنسي - أندريه دولو بادير-[4] André
de Laubadére على
أنها: عقود
بمقتضاها يلتزم المتعاقد القيام بأعمال لفائدة الإدارة العمومية مقابل ثمن محدد.
ويترتب عن أبرام الصفقات
العمومية علاقات تعاقدية بين الإدارة والمقاولين أو الموردين الذين
يعهد إليهم بإنجاز الصفقات العمومية، مما قد يتسبب في حدوث منازعات
نتيجة
للصعوبات التي تعترض مختلف مراحل تنفيذ الصفقة، فالإدارة من واجبها استنادا إلى
مبدأ
انتظام المرفق وضرورة استمراريته وأن تسهر على حسن تنفيذ عقد الصفقة
والتزاماته
التعاقدية.[5]
وقد جاء المرسوم الجديد
وسابقه بعدة مستجدات: حث المشرع على اعتماد وسائل الطعن واللجوء
للمصالحة لتسوية النزاعات المتعلقة بإبرام الصفقات كما نص على اللجوء
الى
اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية[6]
من أجل الحل الودي للنزاعات وهذا الأمر من شأنه أن يعزز التعديل الذي
عرفه قانون المسطرة المدنية والمتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، واعتماد
هذه
الوسائل يفضي إلى عدة نتائج مهمة تجنب الصفقات العمومية جملة من المعيقات
والمشاكل،
وبذلك يكون هذا المرسوم قد أعطى مكانة هامة لتسوية منازعات الصفقات
العمومية
بطريقة ودية وعبر سلك المساطر الإدارية عوض التركيز على حلها قضائيا.
أما اعتماد المسطرة
القضائية التي تتمثل في مجموعة من الإجراءات الشكلية المتبعة في
رفع
الدعوى الإدارية وفي تبادل الدفوعات وإصدار الحكم وتنفيذه، وذلك بإلزام المتعاقدين
بالتقيد،
وبتنفيذ ما تم الاتفاق عليه والتعاقد بشأنه، فالإدارة بالرغم من أنها الطرف الذي
يحظى
بالامتياز في العقد الإداري بصفة عامة سواء من حيث سلطتها في التوجيه والمراقبة،
أو تخويلها توقيع جزاءات في حق المتعاقد معها. وسلطتها في حق التعديل
الانفرادي
لشروط العقد. لكن بالرغم من ذلك فأعمال الإدارة تظل مقيدة باحترام القانون. ويبقى تدخل
القضاء الغاية منه حماية حقوق الإدارة والمتعاقد معها بهدف تحقيق المصلحة
العامة.[7]
إن موضوع منازعات الصفقات
العمومية يكتسي أهمية بالغة تتجلى في معرفة قدرة المسطرة
الإدارة والقضائية على حماية حقوق أطراف العلاقة التعاقدية والتي تجمع
بين
طرف قوي يمتلك الوسائل الكفيلة لضمان مصلحته وطرف ضعيف لا يمتلك سوى
اللجوء
إلى جهة أخرى غير الإدارة نفسها من أجل حماية حقوقه.
ويعتبر القضاء الإداري من
أهم الآليات الممنهجة في سبيل إحقاق الحق وسيادة القانون، خصوصا
عند التقاضي في مواجهة الإدارة (صاحب المشروع في دراسة الصفقات العمومية) والتي
تمثل السلطة العامة بخصوص العقود المبرمة معها.
وتمثل الصفقات العمومية،
الفئة الأكثر تمثيلية للعقود الإدارية، حيث تحتل مكانة أساسية ضمن
العقود التي تبرمها الإدارة، فالعقد الإداري يستمد قواعده إما من
نصوص تشريعية أو تنظيمية تنظم جانبا أو أكثر من جوانبه، وإما أحكام القضاء
الإداري التي يمارس القاضي من خلالها دورا بارزا في خلق واستخلاص
المبادئ القانونية التي تحكم هذا العقد دون التقيد في ذلك بأحكام القانون
المدني.[8]
لقد أوكل قانون 90.41 [9]
الذي
أحدثت بموجبه المحاكم الإدارية في المادة 8، الاختصاص بالنظر في النزاعات المتعلقة
بالعقود الإدارية للمحاكم الإدارية، سواء تعلق الأمر بدعوى القضاء الشامل أو بدعوى
الإلغاء. وكذلك بناء على الفصل 52 من دفتر الشروط الإدارية العامة[10]
الذي أحال كل نزاع بين الإدارة والمقاول على المحاكم ذات الاختصاص الإداري.
إذن لابد من وجود عقد
إداري تتوافر فيه جميع مقومات العقد الإداري الثلاث:
– وجود الشخص
المعني العام.
– ارتباطه
بالمرفق العام ويهدف إلى تحقيق منفعة عامة.
– الأخذ في العقد
بوسائل القانون العام.
إن القضاء الإداري له
رقابة على القرارات المنفصلة عن العقد والقرارات المتصلة به.
ويمكن التمييز بين منازعات إبرام الصفقات العمومية،
التي تشمل الخصومات القضائية الناجمة عن عملية تنظيم المنافسة وشفافية الإبرام،
وبين منازعات تنفيذ الصفقات بعد نشوء العقد والشروع في القيام بالالتزامات
التعاقدية المتبادلة بين أطرافه، هذا التمييز يقابله تمييز آخر بخصوص توزيع
منازعات الصفقات العمومية بين قضاء الإلغاء، الذي يتم اللجوء إليه كلما تعلق الأمر
بقرارات منفصلة عن العقد، وبين القضاء الشامل الذي يبت وفق مقوماته القاضي الإداري
في الدعاوى التي ترتبط بتنفيذ مقتضيات عقد الصفقة.[11]
انطلاقا مما سبق، تطرح الإشكالية
التالية:
إلى أي حد ساهم القضاء الإداري
الشامل وقضاء الإلغاء في التوفيق ما بين المصلحتين العامة والخاصة
في إطار منازعات الصفقات العمومية؟
تتفرع عن هذه الإشكالية، مجموعة
من الأسئلة الفرعية من قبيل:
-
ما هي
أشكال رقابة القضاء الشامل على منازعات الصفقات العمومية؟
-
ما هي
مظاهر الحماية التي يوفرها القضاء الشامل وقضاء الإلغاء للمتعاقد مع الإدارة؟
-
ما هي
العراقيل التي تعيق عمل القضاء الشامل وقضاء الإلغاء في رقابته على عقود الصفقات العمومية؟
للإجابة عن الإشكالية الرئيسية، والأسئلة المتفرعة عنها، سيتم
اعتماد التصميم التالي:
المبحث
الأول: دور قضاء الإلغاء في نزاعات الصفقات العمومية
المطلب الأول: مرحلة الإعداد لإبرام
عقد الصفقة
الفقرة الأولى: شروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون
ضد القرارات المنفصلة
الفقرة الثانية: بعض القرارات الصادرة عن قاضي الإلغاء
في مرحلة إبرام عقود الصفقات العمومية
المطلب الثاني: مرحله التنفيذ عقد
الصفقة وآثار الإلغاء
الفقرة الأولى: القرارات الصادرة عن الإدارة كسلطة
عامة
الفقرة الثانية: الآثار المرتبطة بإلغاء
القرار الاداري المنفصل
المبحث الثاني:
تجليات تدخل القضاء الشامل في منازعات الصفقات العمومية
المطلب
الأول: منازعات تنفيذ الصفقة العمومية
الفقرة الأولى: إخلال الإدارة بالتزاماتها
الفقرة الثانية: إخلال نائل الصفقة بالتزاماته
المطلب الثاني: منازعات
انتهاء عقد الصفقات العمومية
الفقرة الأولى: دعوى الحصول على المقابل المالي للصفقة
الفقرة الثانية: دعوى فسخ العقد
المبحث الأول: دور قضاء
الإلغاء في نزاعات الصفقات العمومية
تعد
دعوى الإلغاء أهم الدعاوى القضائية الإدارية، فهي تهدف إلى الحفاظ على مبدأ
المشروعية من خلال إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون، يرفعها صاحب الشأن
المخاطب بالقرار للمطالبة بإلغائه أو إعدامه نظرا لمخالفته للقانون، فدعوى الإلغاء
باعتبارها دعوى المشروعية يكون موضوعها دائما قرارا إداريا يفصل القاضي في مدى
مشروعيته أيا كانت السلطة التي أصدرته، ويمكن القول بأن دعوى الإلغاء تخاصم القرار
الإداري وليس جهة الإدارة التي أصدرته.
أي
أن دعوى الإلغاء توجه ضد القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارة بإرادتها المنفردة
على خلاف العقد الإداري الذي ينتج عن توافق إرادتين وهي كذلك دعوة عينية وتتعلق
بأوجه المشروعية المنصوص عليها بالفصل 20 من القانون 41.90 المتعلق بالمحاكم الإدارية.[12]
وبالحديث
عن المنازعات في الصفقات العمومية، باعتبارها عقود إدارية سواء ما تعلق بهذه
العقود من حيث الإنهاء، الصحة أو الفسخ. فإن الأصل عدم خضوع العقود الادارية لقضاء
الإلغاء بل هي من اختصاص القضاء الشامل، لكن الجديد في هذا الشأن هو اعتماد مجلس
الدولة الفرنسي نظرية جديدة سميت بنظرية الأعمال الإدارية المنفصلة[13]،
بحيث أن عملية التعاقد تعرف عدة عمليات مركبة تتكون من عدة إجراءات وقرارات منفصلة
قائمة باستقلال عن عمليات تنفيذ العقد، وقابلة لأن تنتج أثارا قانونية مساهمة في إحداث
العقد، بحيث أن هذه القرارات تتخذ من طرف الإدارة بإرادتها المنفردة .
وبما
أن دعوى الإلغاء توجه ضد القرارات الإدارية
الصادرة عن الإدارة، فإن قضاء الإلغاء يتدخل في الصفقات العمومية حتى قبل الدخول
في المنافسة وذلك إثر وجود عيب في مسطرة الإعلان عن المنافسة أو خلال دراسة ملفات
المتنافسين وما إلى ذلك.
وفي
هذا السياق يجب أن نفرق بين:
القرارات التي تكون في مرحلة الإعداد لإبرام عقد
الصفقة (المطلب الأول) والقرارات الصادرة خلال مرحلة تنفيذ عقد الصفقة (المطلب
الثاني)
المطلب الأول:
مرحلة الإعداد لإبرام عقد الصفقة
كما أسلفنا سابقا، أن
العقد الاداري الخاص بالصفقة يمر من عدة مراحل أثناء إحداثه ومن ضمنها القرارات الإدارية
التي تتخذ من طرف الإدارة بإرادتها المنفردة باعتبار أنها قرارات منفصلة عن بنود
العقد الإداري سواء ما تعلق بالقرارات المتعلقة بالإقصاء من المنافسة، القرارات
المتعلقة برفض المصادقة على عقد الصفقة
والقرارات المتعلقة بالتراجع عن المصادقة عن العقد، إلى غير ذلك من هذه
قرارات التي يجوز الطعن فيها بالإلغاء لتجاوز السلطة، أي أنها من اختصاص قضاء الإلغاء
الذي يلغي أو يعدم القرار الغير مشروع و لا يمكنه تجاوز ذلك انسجاما مع قاعدة
"قاضي الإلغاء يقضي ولا يدير"[14]، وفي هذا الصدد سنعرض شروط اختصاص قضاء الإلغاء
بالطعون ضد القرارات المنفصلة (الفقرة الأولى) و لبعض القرارات الصادرة عن قاضي الإلغاء
في مجال الصفقات العمومية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: شروط اختصاص قضاء
الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة
القرار الإداري المنفصل عن العقد الإداري، شأنه في ذلك شأن كافة القرارات
الإدارية التي يخضع الطعن فيها لولاية قضاء الإلغاء، بحيث أ ن لهذا الطعن شروطا
يتعين توفرها، منها:
· أن يكون القرار الإداري نهائيا وباتا: أي أن
يصدر عن السلطة المعنية بشكل نهائي ونافذ بحيث يتم استبعاد:
ü
الأعمال التمهيدية كالأعمال التحضيرية للقرار
والتعليمات والمنشورات الدورية
والآراء الاستشارية سواء
من الأفراد أو الهيئات، وإجراءات التحقيق السابقة على تحرير العقد[15]
ü
القرارات غير النهائية، مثل إجراءات
الإعلان عن المناقصات ونماذج المناقصات والمزايدات [16]
· أن يكون
القرار الإداري المنفصل مشوبا بأحد عيوب عدم المشروعية، والمتمثلة في:
ü عيوب عدم
الاختصاص ومخالفة القوانين؛
ü صدور القرار
في غير الأشكال التي نص عليها القانون؛
ü
مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة؛
ü
عيب السبب لعدم استناد القرار الإداري
المنفصل على أسباب قانونية ومشروعة.
فالقرار الإداري المنفصل لا يختلف في تكوينه ومشروعيته عن القرارات الإدارية
التي تصدرها الإدارة بصفة عامة، وعليه فقد يستند الطعن في القرار الإداري المنفصل
على عيب ذاتي أصاب القرار وخاص به،
بصرف النظر عن سلامة العملية التعاقدية
ذاتها التي قد تكون صحيحة في جميع مراحلها.
·
إقامة دعوى الإلغاء في الميعاد: يتطلب من صاحب طلب إلغاء القرار الاداري المنفصل القيام بإجراءات الدعوة في
اجل ستين يوما من تاريخ نشره أو إعلام المعني بالأمر به، أو علمه بصدوره علما
يقينيا.
الفقرة الثانية: بعض القرارات
الصادرة عن قاضي الإلغاء في مرحلة إبرام عقود الصفقات العمومية
لقد زكى القضاء الإداري هذا التوجه في
العديد من القرارات الصادرة عنه نذكر منها:
1. الحكم
الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط رقم 1059 بتاريخ 25/10/2024 وهي تلغي قرار إقصاء الطاعنة من المنافسة
و الذي جاء فيه : "حيث إنه
من المتفق عليه فقها وقضاء أن أي قرار إداري يجب أن يكون على سبب يبرره، وهذا
السبب هو الحالة القانونية والواقعية التي تبرر صدوره، لكن حيث أن المدعى عليها لم
تثبت قيام السبب المتذرع به من حيث الواقع مما يكون قرارها قد بني على وقائع غير
صحيحة وبالتالي متسما بتجاوز السلطة لعيب السبب ويتعين التصريح بإلغائه" [17]
2.
الحكم الصادر عن المحكمة الادارية بأكادير
عدد 279 بتاريخ 26/7/2007 وهي تكرس هاته
القاعدة ما يلي: "حيث إنه
من الثابت من وثائق الملف أن المدعية سبق لها أن شاركت في طلب عرض مفتوح أعلن عنه
المجلس البلدي لأولاد تايمة لاجل بناء حديقة بحي شراردة و تم رفض العرض المقدم من
طرفها رغم أنه كان الأقل، فاستصدرت حكما عن المحكمة الادارية بأكادير يقضي بإلغاء
قرار المجلس البلدي لأولاد تايمة وهو الحكم الذي تم تأييده من طرف الغرفة الإدارية. وحيث أن مسؤولية المجلس البلدي
لأولاد تايمة عن الضرر اللاحق بالمدعية ثابتة في الحدود المشار إليها أعلاه، وحيث
إن المحكمة انطلاقا من سلطتها التقديرية وبعد الأخذ بعين الاعتبار حرمان المدعية
من الربح الذي كان من الممكن أن تحققه من الصفقة التي تم إقصاؤها منها، قررت الحكم
على المجلس البلدي لأولاد تايمة بأداء للمدعية
250.000 درهم" [18]
المطلب الثاني:
مرحله التنفيذ عقد الصفقة وآثار الإلغاء
باعتبار ان الإدارة مسؤولة عن ادارة المرفق
العام، فهي تتمتع بسلطة الرقابة والتوجيه والتعديل اثناء تنفيذ العقد في مجال
الصفقات العمومية وكذا توقيع الجزاءات المترتبة عن الاخلال بالتزامات التعاقدية مع
المتعاقد حتى ولم يتم الإشارة اليها في العقد على اعتبار ان الهدف هنا هو الحفاظ
على النظام العام وفي هذا السياق يمكن ان تصدر قرارات عن الإدارة بإرادتها
المنفردة خاصة في ما يتعلق بفسخ العقد دون الرجوع الى القضاء وهنا يمكن ان نطرح
الاشكال التالي من هو القضاء المختص في الطعن في مثل هذه القرارات هل هو من اختصاص
قضاء الالغاء ام هو من اختصاص القضاء الشامل؟ بحيث
انه يجب ان نميز في القرارات المرتبطة بالفسخ بين القرارات الصادرة عن الادارة
كسلطة عامة والتي هي من اختصاص قضاء الالغاء وبين القرارات التي تصدر عن الادارة
تنفيذا لبنود العقد او المؤسسة على بنود العقد المبرم تصدر ضد المتعاقد كجزاء
لإخلال بالالتزامات العقدية بحيث يمكن الطعن فيه امام قاضي العقد في إطار القضاء
الشامل و التي تعد خارج اختصاصات قاضي الالغاء.
لذلك
نحاول ان نتطرق لهذه القرارات الصادرة عن الادارة كسلطة عامة (الفقرة الاولى) وكذا
الآثار المرتبطة بإلغاء القرار الاداري المنفصل (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: القرارات الصادرة
عن الإدارة كسلطة عامة
و
هي القرارات التي ترتكز عن النصوص القانونية والتنظيمية والتي تعتبر قرارات منفصلة
عن بنود العقد الذي يسمح بالطعن فيها بالإلغاء بحيث تكون هذه الوضعية مثل سابقتها
السالفة الذكر سواء من ناحية الشروط[19]
التي تتمثل في:
ü أن يكون
القرار الإداري نهائيا وباتا،
ü ان يكون
القرار الإداري المنفصل مشوبا بأحد عيوب عدم المشروعية،
ü إقامة دعوى
الإلغاء في الميعاد،
او على مستوى الاحكام الصادرة عن المحاكم الادارية في تخصص قضاء
الالغاء سواء:
o
في
القضاء المقارن كما هو الحال في ما جاء به القضاء المصري في الحكم رقم 197 بتاريخ 27 يناير 1957 بشأن قرار فسخ
العقد الإداري الذي جاء فيه "إذا كان الإلغاء مستندا إلى نص القانون فقط
وبالتطبيق لأحكامه كان القرار الصادر بالإلغاء قرارا إداريا ويطعن فيه أمام محكمة
القضاء الإداري بدعوى الإلغاء ويدخل في نطاقها ويرد عليه طلب وقف التنفيذ الخاص
بالقرارات الإدارية، أما إذا كان إلغاء العقد مستندا إلى نصوص العقد نفسه وتنفيذا
له فان المنازعة بشأنه تكون محلا للطعن أمام محكمة القضاء الإداري على أساس
الولاية الكاملة لهذا القضاء"[20]
o
او في القضاء المغربي الذي كرس هذا
الاتجاه القضائي المقارن بحيث اصدر العديد
من الاحكام نذكر منها:
قرار الغرفة الإدارية عدد 66 بتاريخ 12/09/1967 في قضية الشركة الكهربائية
المغربية ضد وزير الأشغال العمومية. بمحكمة النقض الذي جاء فيه:
"إن وزير الأشغال العمومية
بقراره الانفرادي المؤدى إلى الزيادة في الأعباء المالية
التي يتحملها صاحب الامتياز قد
اشتط في استعمال السلطة"[21]
بحيث تم الغاء القرار
باعتباره قرارا إداريا منفصلا عن العقد
الإداري وليس متصلا به
قرار محكمة النقض عدد 191 المؤرخ في 16 مارس
2005 الصادر في الملف رقم 2233-2234/4/1/2003 (قضية الدولة المغربية ومن معها ضد
شركة مقاولة مغربية للأعمال TME
ومن معها) جاء فيه:
"لما كان طلب إلغاء مقرر فسخ
صفقة عمومية يجادل في المقتضيات والمبادئ التي تنظم الصفقات العمومية (المستند
إليه المقرر المطلوب إلغاؤه) فإن الأمر يتعلق بطعن في مقرر إداري منفصل "[22]
ومن جانبها سارت المحاكم
الإدارية في نفس الاتجاه في العديد من الأحكام الصادرة عنها.
الفقرة الثانية: الآثار المرتبطة
بإلغاء القرار الاداري المنفصل
الأصل أنه تكون لقاضي
الإلغاء سلطة مميزة تؤهله لإلغاء القرارات الإدارية سواء بشكل كلي أو بشكل جزئي
حسب الحالات المعروضة عليه، فالمعروف ان إلغاء القرار يرتب حتما آثارا تتجلى بالأساس في إزالة
الأثر الرجعي له، بحيث يصبح كأنه لم يوجد، وتنمحي بذلك آثاره حتى في الماضي.
بالإضافة الى ان قرار الإلغاء يلزم الجميع بحيث يكتسب قوة الشيء المحكوم به.
لكن في الوضعية
المرتبطة بالصفقات العمومية يطرح التساؤل بخصوص أثر إلغاء القرار الإداري المنفصل
عن سريان العملية التعاقدية،
بحيث يمكن القول بأنه في حالة إلغاء القرار فإن الرابطة التعاقدية لا تتأثر بسبب ذلك، رغم أن
الهدف من دعوى الإلغاء – عادة – هو الإبطال وإعدام كافة الآثار إلا أن هذا الإلغاء
لا ينصب مباشرة على العقد الذي لا يمكن أن يمسه قاضي الإلغاء، وإنما يقتصر على
إبطال القرار المنفصل عن العقد.[23]
و في هذا السياق،
ذهبت المحكمة الإدارية بأكادير في الحكم الصادر بتاريخ 23 فبراير 1995 تحت عدد 95-19 في الملف 1-94 ع [24]إلى اعتبار أن:
"القاضي
الإداري و هو يبت في الدعوى بصفته قاضي الإلغاء يقتصر دوره على إلغاء القرار دون
أن يحل محل جهة الإدارة المختصة بإصدار القرار الصحيح قانونيا بخلاف دعوى القضاء
الشامل التي يملك القاضي فيها إضافة إلى إلغاء قرار الإدارة تصحيح المركز القانوني
و بيان الحل الصحيح في المنازعة ولا يكتفي بإلغاء ما انتهت إليه الإدارة بل يتعداه إلى إملاء الحل الصحيح على الإدارة و الحكم به"
وكذلك ما جاء في مستنتجات المفوض روميو حول قرار Martin الشهير الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي بأن
قيمة إلغاء القرار المنفصل تبقى "طوباوية" أو "أفلاطونية"
فالعقد يبقى نافذا بالرغم من إلغاء القرار الإداري المنفصل[25].
ويرى الفقه بأن إلغاء القرار المنفصل ليس
من شأنه أن يؤثر على نفاذ العقد بل إن الفائدة التي يمكن أن يتم الحصول عليها من
الإلغاء لا تعدو أن تكون ذات طابع معنوي أو
مالي وهو نفس الموقف الذي اتخذه القضاء الإداري الفرنسي في العديد من القضايا .
و ينبغي التمييز
– بخصوص أثر حكم الإلغاء – بين:
§
حالة حكم القاضي
بالإلغاء الصادر قبل إتمام
إجراءات التعاقد: و
هي حالة نادرة، يتعين على
الإدارة أن تتقيد بحجية الشيء المقضي، و أن تمتنع عن إتمام إجراءات التعاقد و إلا
تكون قد خالفت القوة المطلقة لحكم الإلغاء و يستوي في هذا الشأن أن يكون الطعن
بالإلغاء قد قدم ممن سيصبح طرفا في العقد أو الغير
§ حالة حكم
القاضي بالإلغاء الصادر بعد إبرام العقد بصورة نهائية: و هي الحالة
الأكثر شيوعا في الواقع، فإنه تثار عدة
إشكالات بهذا الخصوص. فكما أسلفنا الذكر فإن إلغاء القرارات المنفصلة في حالة
العقود الإدارية لا يمكن أن يؤدي بذاته إلى إلغاء العقد، بل يظل سليما و نافذا حتى
يتمسك أحد أطرافه بالحكم الصادر بالإلغاء بناء على أثر الحكم أمام قاضي العقد، و
حينئذ يجوز لهذا الأخير أن يحكم بإلغائه استنادا إلى سبقية إلغاء القرارات
المنفصلة التي ساهمت في إتمام عملية التعاقد.
المبحث الثاني: تجليات تدخل القضاء الشامل في منازعات
الصفقات العمومية
يعتبر القضاء الشامل هو الأصل في
ما يتعلق بالمنازعات في ما يتعلق بالمنازعات التي تنتج في الصفقات العمومية
اذ يشمل اختصاص المحاكم الإدارية كل ما يتصل بعملية التعاقد وبجميع الصفقات
العمومية هو اختصاص شامل ومطلق للمنازعات العقدية وما يتفرع عنها ، اذ
متى توافرت في المنازعة حقيقة العقد الإداري سواء اكانت المنازعة خاصة
بانعقاد الصفقة او صحتها او تنفيذها او انقضائها فإنها
تندرج كلها في نطاق اختصاص القضاء الشامل [26].
وبذلك تكون للقاضي المعروض عليه النزاع
صلاحية تصفيته كليا فله ان يقوم بإلغاء كل القرارات التي تشكل خرقا في
القانون وله بذلك ان يرتب الآثار الكاملة سواء في جانبها الإيجابي او السلبي.
وتتنوع المنازعات المرتبطة بعقد
الصفقة العمومية التي هي من اختصاص القضاء الشامل بين منازعات تنفيذ العقد
ومنازعات انهائه.
المطلب
الأول: منازعات تنفيذ الصفقة العمومية
تعتبر الإدارة صاحبة المشروع هي
الجهة المخولة لها قانونا السهر على عملية تنفيذ الصفقة العمومية وفق الشكل
والكيفية التي تحقق من خلالها المصلحة العامة وفي سبيل ذلك قد تتنازع مع
المقاولة نائلة الصفقة مما يترتب عنه حصول منازعات قد يكون
سببها عدم التقيد بالالتزامات سواء من جانب الإدارة أو من جانب نائل الصفقة[27].
الفقرة
الأولى: إخلال الإدارة بالتزاماتها
يتجلى إخلال الإدارة بالتزاماتها
وذلك من خلال قيامها بتغير أحد بنود العقد المنعقد بينها وبين المتعاقد ويتحقق ذلك
من خلال حالتين:
ü الحالة الأولى: هي
عندما تقوم الإدارة بالتعديل قبل شروع في تنفيذ عقد الصفقة، حيث أن هذا التعديل
يعتبر بمثابة صياغة جديدة للصفقة.
ü الحالة الثانية: عندما
تعمد الإدارة الى تعديل بند من بنود العقد بعد تنفيذ العقد حتى لا تبقى سلطة
الإدارة مطلقة، فقد حدد دفتر الشروط الإدارية العامة النسب التي يجب على الإدارة
التقيد بها، وهذه النسب تحدد انطلاقا من الحجم الأولي للأشغال وذلك طبقا للمادة
57 من نفس الدفتر.
ويتحقق إخلال الإدارة
بالتزامها عندما تتهاون أو تقصر في مهامها، ومن صور هذا الإخلال نجد قرار
تأجيل تنفيذ الاشغال إذ يحق للمقاول الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه
جراء ذلك وهو ما تم التنصيص عليه في المادة 48 من دفتر الشروط الإدارية العامة،
ومن صور هذا الإخلال كذلك نجد قرار توقيف الأشغال الصادرة من طرف الإدارة، اذ يحق
للمقاول الحصول على تعويض بطلب منه إذا تمت معاينة حصول ضرر له بصفة
قانونية وهو ما نصت عليه المادة 49 من نفس الدفتر المذكور ، وقد جاء
في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط ما يلي[28] :
حيث إنه من الثابت من وثائق
الملف أن تلك التوقفات كانت بأمر من الإدارة باعتبارها صاحبة المشروع وكان
عليها تنظيم عمل المقاولات المستغلة بشكل لا يؤدي بتوقف الاشغال أو تقطعها مما يجعل تطبيق الشروط
المقتضيات المشار الهيا أعلاه متوفرة ويجعل المدعية محقة في
المطالبة في التعويض عن الضرر اللاحق بها خلال التوقفات.[29]
الفقرة
الثانية: إخلال نائل الصفقة بالتزاماته
لما كانت الإدارة تتوفر على
العديد من الامتيازات في العقود الخاصة بالصفقات العمومية فإنها لها الحق متى رأت أن
تنفيذ هذه الأخيرة تعترضه عراقيل من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة أن تلجأ إلى إصدار
قرار بفسخ العقد، ومن تم تكون هذه الإخلالات المتعلقة بتنفيذ الصفقة العمومية
منشئة لمنازعات خاضعة لرقابة القضاء الشامل نظرا لكونها تتعلق بتنفيذ عقد إداري.
المطلب
الثاني: منازعات انتهاء عقد الصفقات العمومية
تشكل المنازعات التي تطرحها مرحلة
انتهاء عقد الصفقة العمومية حيزا وافرا من منازعات الصفقات العمومية وتندرج هذه
المنازعات في اختصاص القضاء الشامل نظرا لتعلقها بفحص الوثائق التنفيذية للصفقة
وبتقدير شرعية الإجراءات التي باشرتها الإدارة ونائل الصفقة، وتعتبر المنازعات
المرتبطة بالمقابل المالي ودعوى فسخ العقد أهم هذه المنازعات.[30]
الفقرة
الأولى: دعوى الحصول على المقابل المالي للصفقة
يجب التمييز في إطار المنازعات التي
يمكن أن تثار بخصوص المقابل المادي بين ثمن الصفقة وثمن المنشآت والأشغال
الإضافية والتغييرات أثناء تنفيذ الصفقة.[31]
ثمن
الصفقة
يقصد
بالمقابل المالي للصفقة الثمن الذي يلتزم صاحب المشروع بتسديده للمقاول ويشمل هذا
الثمن حسب المادة 53 من دفتر الشروط الإدارية العامة على جميع النفقات
المرتبطة بتنفيذ الصفقة والتي تشمل كل الحقوق والضرائب والرسوم
والمصاريف العامة والمصاريف الطارئة ولعل أهم منازعة يمكن أن تثار بهذا الخصوص هي
تلك المتعلقة بامتناع الإدارة عن أداء مقابل الصفقة، بذلك يحق لنائل هذه الأخيرة أن
يلجأ إلى القضاء قصد الحصول على مستحقاته المالية وذلك في إطار القضاء الشامل. وقد
جاء في حكم المحكمة الإدارية بأكادير” …. حيث تهدف الدعوى إلى الحكم على
مركز المستشفى الإقليمي لتارودانت (مستشفى المختار السوسي بتارودانت) في شخص مديره
بأدائه لها مبلغ 289.768.05 درهم أصل الدين الذي يمثل قيمة الوجبات الغذائية
التي تم تزويدها للمستشفى في طار الصفقة عدد 12 / 2013 مع الفوائد
القانونية منذ تاريخ انتهاء عملية التزويد أي 20/11/2015 إلى غاية التنفيذ
كما تلتمس الحكم على المدعى عليه بأدائه لها تعويضا قدره 20.000.000
نظرا للتماطل .
في الشكل
حيث قدمت الدعوى وفق الشروط الشكلية
المتطلبة قانونا فهي لذلك مقبولة شكلا .
وفي الموضوع
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بما فصل
أعلاه وحيث أنه من الثابت من وثائق الملف أن المدعية أبرمت مع المستشفى الإقليمي
لتارودانت (مستشفى المختار السوسي تارودانت) صفقة رقم 2/13 بهدف تزويد المرضى
المكلفين بالحراسة بالمستشفى المذكور بالأكل كوجبات غذائية يومية أن قيمة
الصفقة المذكورة حددت في مبلغ 2.219.250.00 كحد أقصى.
وحيث أن المدعية وبموافقة وطلب
من الجهة المتعاقدة معها استمرت في تزويد المستشفى بالوجبات الغذائية بعد تجاوز
سقف المبلغ المحدد في الصفقة.
وحيث أن الفترة المشمولة
بالخدمات المقدمة من طرف المدعية بعد انتهاء الصفقة هي الفترة الممتدة من 20/11/2015
إلى غاية 16/09/2016 …
وحيث إنه إذا بلغ أجل أداء مستحقات المقاول وجب
على صاحب المشروع دفع ما بذمته وفي حالة تماطل دون مبرر قانوني يصبح من حق نائل
الصفقة المطالبة بفوائد التأخير…
المنطوق ….
حكمت المحكمة الإدارية علنيا
وابتدائيا وحضوريا
شكل بقبول الدعوى
في الموضوع على الدولة المغربية في
شخص رئيس الحكومة ( وزارة الصحة – المستشفى الإقليمي لتارودانت ) ان تدفع
للمدعية مبلغ قدره مئتان وتسعة وثمانون الف وسبع مئة وثمانية وستون درهما خمس
سنتيمات مع فوائد التأخير وقدرها أربعة عشر الف واربع مئة وواحد وسبعون درهما
وثلاثة وسبعون سنتيما إلى تاريخ 31/12/2017 وبتحميل الدولة المحكوم عليها الصائر
ورفض باقي الطلبات.[32]
ثمن
الاشغال الإضافية والتغييرات اثناء تنفيذ الصفقة
يقصد بالمنشئات أو الاشغال الإضافية
حسب المادة 55 من دفتر الشروط الإدارية العامة تلك الغير المدرجة في الصفقة
والتي يأمر بها صاحب المشروع أو المقاولة استنادا إلى العقد الملحق حسب
المادة 12 من نفس الدفتر[33] ،
وقد يثير هذا العقد منازعات في الحالة التي تمتنع فيها
الإدارة من تسديد ثمن هذه الاشغال والمنشئات وهو ما يدفع بالمقاول صاحب
الصفقة اللجوء إلى القضاء للمطالبة بمستحقاته المالية ، الا ان
الحكم وفق ذلك يستوجب توفر ما يلي :
·
ان يتعلق
الامر بأشغال إضافية أي لم تكن مدرجة بالعقد الأصلي للصفقة
·
ضرورة اتفاق
طرفين وأن يأخذ هذا الاتفاق شكل عقد ملحق يحدد طبيعة هذه المنشئات
واثمانها وعند الاقتضاء آجال تنفيذها
·
الا يتجاوز
مبلغ هذه المنشئات والاشغال %10 من مبلغ الصفقة الأصلي التي ترتبط بها
الفقرة
الثانية: دعوى فسخ العقد
ان الفسخ كجزاء من الجزاءات المقررة يؤدي
بشكل مباشر إلى انتهاء الصفقة العمومية بين المتعاقدين اذ يحق للإدارة كما يحق
لنائل الصفقة أن يطالب في حدود مؤطرة قانونا بفسخ هذا العقد إذ أن الدعوى في
هذا الإطار تندرج ضمن القضاء الشامل وتتخذ هذه الدعوى ثلاثة صور:
الفسخ
القضائي بسبب القوة القاهرة
بالرجوع إلى المادة 47 من دفتر
الشروط الإدارية العامة أوجبت على المقاول الذي يحتج بحالة قوة قاهرة أن يوجه
بمجرد ظهور هذه الحالة وذلك داخل أجل 7 أيام إلى صاحب المشروع تبليغا بواسطة رسالة
مضمونة الوصول تتضمن للعناصر المشكلة للقوة القاهرة وتأثيرها المحتمل على انجاز الصفقة،
إلا أنه بالرغم من ذلك يجب على المقاول اتخاد جميع التدابير
الضرورية لضمان الاستئناف العادي بأقرب الآجال بتنفيذ التزاماته. وتعتبر حالة
القوة القاهرة من بين الأسباب التي يمكن لنائل الصفقة من خلالها أن يخل من
التزاماته المتمثلة في تنفيذ بنود العقد، كما تضع حدا في توقيع غرامات التأخير
وذلك إذا ما تحققت بعض الشروط وهي:
استحالة التوقع واستحالة الدفع أثناء
إبرام العقد وأن تكون هذه الصعوبات التي تعترض المتعاقد ماديا وأن تكون استثنائية
وغير مألوفة.
وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم
من توفر حالة القوة القاهرة فان المقاول يستمر في انجاز اعماله حتى لا يتعرض
للجزاء كما له أن يحصل على تعويض في حدود ما أنفقه.
الفسخ القضائي كجزاء للإخلال
بالالتزامات التعاقدية
يحق لكل طرف في العلاقة التعاقدية
تضرر بسبب عدم وفاء طلب الآخر بالتزاماته التعاقدية أن يطالب قضائيا بفسخ العقد إذا
بلغت المخالفة درجة جسيمة لا يمكن أن تواجه بأي إجراء آخر، وفي هذا الإطار لا بد
من الإشارة أن موقف الإدارة بهذا الخصوص يختلف عن موقف صاحب صفقة ، فبالنسبة
للأخير يكون دائما مضطرا باللجوء إلى القضاء قصد استصدار حكم يقضي
بفسخ العلاقة العقدية.[34]
أما بخصوص الإدارة فلها إمكانية فسخ
العقد عن طريق قرار إداري صادر عنها مستندة في ذلك على خطأ المتعاقد في تنفيذ
التزاماته التعاقدية كما لها أن تتنازل عن هذا الحق وأن تلتجأ شأنها شأن المتعاقد
إلى القضاء حتى تقطع على الطرف الآخر طريق الرجوع عليها بالتعويض
بدعوى إساءة استعمال الحق آو الاستعمال الغير المشروع.[35]
ومجمل القول فإنه
ان كان المشرع في مجال الصفقات العمومية
جاء بضمانات قانونية لتحقيق المساواة بين المتنافسين أمام الطلبيات العمومية، فإن
القضاء الإداري المغربي بشقيه قضاء الالغاء و الشامل يحرص على تكريسها بتفادي أي
تجاوز أو انحراف، كما يسهر على ضمان الحفاظ على المال العام بتقييد السلطة
التقديرية للإدارة حتى لا تحيد عن غايات المصلحة العامة.
وانطلاقا مما سبق
فقد حاول القاضي الإداري المغربي في إطار سلطة الرقابة على القرارات الممهدة
لإبرام العقود الإدارية وقرارات فسخها من جانب الإدارة أن يوفر من جهة الحماية
اللازمة للمتعاقد مع الإدارة من كل شطط أو تعسف في فسخ العقد الإداري بما يترتب
على ذلك من آثار قانونية، ومن جهة أخرى إقرار التوازن بين الحفاظ على المصلحة
العامة والمال العام وسير المرفق العام بانتظام، وحماية حقوق ومصالح المتعاقد مع
الإدارة.
v
الكتب
§
مليكة الصروخ، الصفقات
العمومية في المغرب (الاشغال، التوريدات والخدمات) طبعة الأولى، سنة 2009.
§
مولاي هاشم عالمة، الصفقات
العمومية بالمغرب- النظام القانوني والرقابة القضائية -
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار
البيضاء، الموسم الجامعي 2003/2004.
§
محمد باهي منازعات الصفقات
العمومية للجماعات امام المحاكم الإدارية مطبعة النجاح الجديدة 2015، الجزء الأول.
§ محمد
قصري، الوكيل القضائي للمملكة، القضاء الاداري ومنازعات الصفقات العمومية.
§ يوسف
ادريدو، رقابة القضاء الإداري المغربي على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية.
§ بوسلهام
الشمعة، رقابة قاضي الالغاء على قرارات اقصاء المتنافس في الصفقات العمومية.
§ هشام
الوازكي، الدور الاستثنائي لقاضي الالغاء في منازعات العقود الادارية.
§
يوسف مصار
v رسائل
§
محمد بوحجة رقابة القضاء الإداري على منازعات الصفقات العمومية –
صفقات الوحدات الترابية نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر جامعة محمد الخامس
اكدال كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية
2013/2014.
v مجلات
§ مجلة
الوكالة القضائية للمملكة، العدد الثاني 2018.
v المقالات
§
لمياء زايد، منازعات في
الصفقات العمومية، مقال منشور على موقع: www.droitetentreprise.com.
§
عادل الهرسة، منازعات في الصفقات
العمومية، مقال منشور على موقع: www.marocdroit.com.
§
يوسف ادريدو، اختصاص القضاء الإداري بمنازعات
الصفقات العمومية، مقال منشور بفضاء المقالات
القانونية والإدارية والاقتصادية والتدبيرية والسياسية.
v المواقع الإلكترونية
v النصوص القانونية
§ ظهير
شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية.
§ مرسوم
رقم 2.14.394 صادر في 6 من شعبان 1437 (13ماي 2016) بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات
الأشغال.
§ مرسوم
2.22.431 صادر في 15 شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية.
v أحكام قضائية
§ قرار
المحكمة الادارية بالرباط رقم 1059 بتاريخ 25/10/2024
§ قرار
المحكمة الادارية بأكادير عدد 279 بتاريخ 26/7/2007.
§ حكم عدد 277 بتاريخ 27/02/2018 صادر عن المحكمة
الإدارية باكادير في ملف عدد 502 /7114/2017 غير منشور.
المبحث الأول: دور قضاء الإلغاء في نزاعات الصفقات العمومية
المطلب الأول: مرحلة الإعداد لإبرام عقد الصفقة
الفقرة الأولى: شروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات
المنفصلة
الفقرة الثانية: بعض القرارات الصادرة عن قاضي الإلغاء في مرحلة
إبرام عقود الصفقات العمومية
المطلب الثاني: مرحله التنفيذ عقد الصفقة وآثار الإلغاء
الفقرة الأولى: القرارات الصادرة عن الإدارة كسلطة عامة
الفقرة الثانية: الآثار المرتبطة بإلغاء القرار الاداري المنفصل
المبحث الثاني: تجليات تدخل القضاء
الشامل في منازعات الصفقات العمومية
المطلب الأول: منازعات تنفيذ الصفقة العمومية
الفقرة الأولى: إخلال الإدارة بالتزاماتها
الفقرة الثانية: إخلال نائل الصفقة بالتزاماته
المطلب الثاني: منازعات انتهاء عقد الصفقات العمومية
الفقرة الأولى: دعوى الحصول على المقابل المالي للصفقة
الفقرة الثانية: دعوى فسخ العقد
[1] . مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب (الاشغال، التوريدات
والخدمات) طبعة الأولى، سنة
2009 صفحة 29.
[2] . المادة 2 من مرسوم 2.22.431 صادر في 15 شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، ج.ر. عدد 7176، صفحة 2961
– 2861.
[3] . مولاي هاشم عالمة، الصفقات العمومية بالمغرب- النظام القانوني و
الرقابة القضائية -
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة،
جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بالدار البيضاء، الموسم
الجامعي 2003/2004 ص. 1 .
[4] . قاضي وأستاذ القانون، فرنسي متخصص في القانون الإداري.
[5] . عادل الهرسة، منازعات في الصفقات العمومية، مقال منشور على موقع:
www.marocdroit.com، زيارة الموقع يوم 2024.11.09 على الساعة 10.15 صباحا.
[6] . المادة 164 من مرسوم 2.22.431 صادر في 15 شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، ج.ر. عدد 7176، صفحة 2952.
[7] . عادل الهرسة، مرجع سابق.
[8] . لمياء زايد، منازعات في الصفقات العمومية، مقال منشور على موقع: www.droitetentreprise.com
، زيارة الموقع يوم 2024.11.09 على
الساعة 11.43
صباحا.
[9] . ظهير شريف رقم 1.91.225
صادر في 22
من ربيع الأول 1414 (10سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم
41.90 المحدث
بموجبه محاكم إدارية، جريد رسمية عدد 4227، ص. 2168.
[10] . مرسوم رقم 2.14.394 صادر في 6 من شعبان
1437 (13ماي 2016)
بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، جريد رسمية
عدد 6470،
ص. 4111.
[11] . يوسف ادريدو، اختصاص القضاء الإداري بمنازعات الصفقات العمومية، مقال منشور بفضاء المقالات
القانونية والإدارية والاقتصادية والتدبيرية والسياسية، تاريخ الزيارة 2024_10_31 الساعة 11:36.
https://espaceconnaissancejuridique.com/2023/11/01/%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D9%82/
[12] . محمد قصري، الوكيل القضائي للمملكة، القضاء الاداري ومنازعات
الصفقات العمومية ص 20
[13] . مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد الثاني 2018 ص 204
[14]. مجلة الوكالة القضائية للمملكة، مرجع سابق
[15]. يوسف ادريدو، رقابة القضاء الإداري المغربي على
القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية
[16] يوسف ادريدو،
رقابة القضاء الإداري المغربي على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية
[18] . قرار المحكمة الادارية بأكادير عدد 279 بتاريخ 26/7/2007.
[19] . يوسف
ادريدو، دكتور في القانون العام مرجع سابق ص 4.
[20] . محمد قصري، مرجع سابق، ص 25.
[21] . هو نفسه، ص 25.
[22] . هو نفسه، ص 26.
[23] . يوسف ادريدو، دكتور في القانون العام مرجع سابق 15
[24] . بوسلهام الشمعة، رئيس مصلحة منازعات المسؤولية
الإدارية بالوسط والجنوب بالوكالة القضائية للمملكة، رقابة قاضي الالغاء على
قرارات اقصاء المتنافس في الصفقات العمومية.
[25]. هشام الوازكي مستشار بمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط واستاذ زائر بكلية الحقوق بالدار البيضاء،
الدور الاستثنائي لقاضي الالغاء في منازعات العقود الادارية ص 170.
[26] . محمد باهي منازعات
الصفقات العمومية للجماعات امام المحاكم الإدارية طبعة النجاح الجديدة 2015،
الجزء الأول صفحة 222.
[27] . يوسف مصار، صفحة
81- 82.
[28] . عادل الهرسة، مرجع سابق.
[29] . حكم المحكمة
الإدارية بالرباط عدد 1241 أورده محمد بوحجة رقابة القضاء الإداري على منازعات
الصفقات العمومية – صفقات الوحدات الترابية نموذجا، رسالة لنيل دبلوم
الماستر جامعة محمد الخامس اكدال كلية العلوم القانونية الاقتصادية
والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 2013/2014 صفحة 47 .
[30] . عادل الهرسة، مرجع سابق.
[31] . محمد باهي، مرجع
سابق، صفحة 271 .
[32] . حكم عدد 277
بتاريخ 27/02/2018 صادر عن المحكمة الإدارية باكادير في ملف عدد 502 /7114/2017
غير منشور.
[33] . تنص المادة 12 من
دفتر الشروط الإدارية العامة على ان:
1 - العقد الملحق هو عقد إضافي
للصفقة الاصلية ، يعاين اتفاق إرادة الطرفين ، ويهدف الي تغيير او تتميم بند او
عدة بنود من الصفقة المذكورة دون تغيير موضوعها او محل تنفيذها مع احترام بنود هذا
الدفتر .
-2 يجوز لصاحب المشروع
والمقاول ابرام عقود ملحقة في الحالات التالية
:
أ- لمعاينة
التغيرات في شخص صاحب المشروع او في الاسم التجاري او اسم المقاول او في محل
الوفاء البنكي للمقاول ،
ب-
لتصحيح الأخطاء الجلية التي تمت معاينتها في وثائق الصفقة خلال التنفيذ ،
ح –
في حالة تفويت الصفقة طبقا للشروط المنصوص عليها في المقطع الأخير من المادة 43 من
هذا الدفتر
ه-
في حالة قوة قاهرة لتحديد اجل إضافي للتنفيذ المنصوص عليه في الفقرة 10 من المادة
48 من هذا الدفتر ،
ز-
للاستمرار في تنفيذ الصفقة من طرف الورثة او أصحاب الحقوق في حالة وفاة المقاول
عندما تسند الصفقة لشخص او عدة اشخاص ذاتيين طبقا لمادة 50 من هذا الدفتر ،
ح-
لانجاز منشات او اشغال إضافية طبقا للمادة 55 من هذا الدفتر
.
[34] . يوسف مصار مرجع
سابق صفحة 88.
[35] . يوسف مصار مرجع
سابق صفحة /8988.
ليست هناك تعليقات:
كتابة التعلقيات